هكذا بقدرة قادر تغيّر كل شيء داخل القنصلية التونسية بالبلد الاوروبي الذي هاجرت إليه وأقمتُ به منذ 25 عاما.. لا.. لا... المعذرة عن الخطإ.. ليس بقدرة قادر لكن بفضل الخضار الذي أطاح بالجنرال الجبّار... بفضل الشهيد المرحوم ابن سيدي بوزيد محمد البوعزيزي. قصدت قنصليتنا اليوم لاستخراج وثيقة، فاستقبلوني بالترحاب وبكلمة لم أسمعها من قبل: تفضل.. عوضًا عن »آش بيك... آش تحب« يا إلاهي هل انا في حلم ام في يقظة؟ لم يشترطوا عليّ كالعادة المساهمة في صندوق 26/26 قبل ان استخرج أو أترجم وثيقة ولم يطلبوا مني الاستظهار ببطاقة انخراطي بالتجمع قبل طلب تجديدي لجواز سفري، لم يطلب مني عون القنصلية مغادرة مقر القنصلية لشرب قهوة والعودة بعد ساعة أو ساعتين... بل قال لي هذه المرة: مرحبا بك.. انتظر قليلا... سبحان مغيّر الأحوال... يا رب أَدِمْ علينا هذه النعمة. كانوا يشترطون على التونسي المهاجر ان ينخرط في التجمع، وهو لا يعرف عن التجمع شيئا... كانوا يطلبون منا المساهمة في صناديق كثيرة ومختلفة نجهلها ونجهل مآل الاموال التي ندفعها، فهذا صندوق 26/26 وهذا صندوق 21/21 وكنا نخاف ولا نستغرب ان يصل بنا الأمر الى صندوق 30/30، وكانوا يجبروننا على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ونحن غير مقتنعين والويل كل الويل لمن يفوّت الفرصة ولا يقوم بواجب الاقتراع ويتغيب.. لكن لا بأس ان يتغيّب عن العمل »وينقب« له مشغّله يوما من مرتبه الشهري اما تلك الاموال التي تنفق على الانتخابات فحدّث ولا حرج يظن اصحاب القرار في القنصلية ان التونسي المهاجر انسان بسيط يجهل كل شيء، ومستعد لتطبيق الاوامر وهم يجهلون اننا نعرف ونعلم ومتأكدون ان نتيجة الانتخابات هي.. هي في كل مرة أنها ستكون 99.99 بالمائة، لكن لماذا هدر كل هذه الأموال ونحن نعرف أكثر منكم انها انتخابات صورية ومزيّفة؟ ألا تخلق هذه الاموال المهدورة عشرات الآلاف من مواطن الشغل؟ كلنا نعرف ان أموالاً طائلة تصرف بهذه المناسبة في كل قرية وفي كل مدينة من البلاد التونسية... وكذلك في كل قنصلية وسفارة من القنصليات والسفارات التونسية في جميع أنحاء العالم... وعندما تذهب في هذه الفترة المقدسة لاستخراج وثيقة هامة وأكيدة ومستعجلة يقولون لك: »أرجع بعد الانتخابات..« اما تلك الحفلات التي تقام بمناسبة الاحتفال بالذكرى المجيدة.. ذكرى السابع فلا يمكن سوى ان نطلق عليها انها ذكرى مهزلة السابع. أذكر مرة ان تونسيا قطع اكثر من 500 كم ودخل القنصلية لتجديد جواز سفره وجوازا سفر أفراد عائلته استعدادا للعودة الى مسقط رأسه بمناسبة العطلة الصيفية فقالوا له: »ارجع غدوة«! ولم يفده الالحاح ولم يجد آذانا صاغية حتى من طرف القنصل، وكان عليه أن يقضي ليلته صحبة عائلته بأحد الفنادق »ورجع غدوة« تصوّروا... واذا بي التقيه صدفة اليوم غرة فيفري 2011 وقد جاء إلى القنصليّة لغرض ما وقطع نفس المسافة.. ولم يقولوا له: »ارجع غدوة« بل قالوا له: انتظر قليلا »رحم الله محمد البوعزيزي«.. وتحيّة لشباب تونس صانع ثورة الكرامة التي أدهشت العالم و.. يا أعوان قنصليات وسفارات عهد السابع.