لأنّ الضوء يساوي الحياة، أو هو معناها ومكنونها الأزلي الأبديّ كان لابدّ له أن يطلبه ويترصّد منافذه، ولان النوافذ هي الكوة التي منها نطل على الشرفات البعيدة والقصيّة... نبثّ منها رؤيتنا وزوايا نظرنا إلى ما نحن فيه ويشبهنا وأيضا لما نبتغيه ونطلبه بأقل عتمة وأكثر نورا كان لابد له ان يختار نوافذه ليشع من فتحاتها على دواخله المثخنة بألوان اخرى لتهويمات أبعد وأنقى... ربّما هكذا بدا لي الرسام التشكيلي التونسي حسين مصدّق من خلال لوحاته المتدليّة كالايقونات الكريستالية برواق فضاء التياترو في معرضه الشخصي والذي تخيّر له من العناوين ما يُشبه حكاياته اللّونية «نوافذ الضوء» والذي أفتتح يوم الخميس 18 جانفي ليتواصل الى يوم 5 فيفري 2007. «نوافذ الضوء» قدّمت لزائري معرض حسين مصدّق 45 نافذة / لوحة نثر من خلال قماشاتها وأصباغها، الرسام أهم المراحل التشكيلية والفنية والتقنية والانسانية التي عبرت منها تجربته الفنية التي انطلقت منذ التسعينات بعد دراسة اكاديمية بدمشق وبعد سلسلة طويلة من المعارض الفردية والجماعية خاصة في الاروقة السورية واللبنانية وقد كتب حسين مصدّق عن لوحاته هذه فقال: «هذا المعرض نافذة جسدية وروحية في نفس الان على ما تخفيه كل اشياء حياتنا وتفاصيلها المبعثرة في النسيان ذاكرة الانسان السابحة بين الارض والسماء والماء وهو تلك النوافذ التي تتراكم في ذاكرتي منذ طفولتي الى الزمن الذي اعيشه اللحظة الانية الممتدة في المستقبل، مستقبل الجسد والروح والاحاسيس المنفلتة من كل ما ذكرت... فالوجع الساكن في نوافذي والمطل من لوحاتي، يشكل تعبيري التشكيلي في كل تنوعاته وتلاوينه على ما يعانيه الانسان المعاصر في رحلته المستمرة في التراب والماء باحثا عن سبيل للانعتاق من ارهاصات العولمة...»