اطلعت يوم الاربعاء 26 جانفي 2011 على بيان القيادة العامة للكشافة التونسية. ويا عجباه! وسبحان من غيّر الاحوال بين عشية وضحاها؟ اذ نعتت النظام السابق بالاستبدادي والقمعي وبكبت الحريات والغريب في الامر ان مؤتمرها الاخير الذي انعقد في شهر اوت 2010 وضع تحت سامي اشراف الرئيس السابق المخلوع بارادة شعبية ولا توجد برقية واحدة اليه في اي مناسبة كانت منذ توليه الحكم لا تنص على هذه الجملة : »يا سيادة الرئيس، ثقوا ان الكشافة التونسية ستكون على العهد دوما من اجل مواصلة المسيرة الموفقة بهديكم وبقيادتكم الصائبة وخيارتكم الاستشرافية الرائدة«. هذا الموقف لا يستغرب من قيادتنا العامة، فكان الأجدر بها ان تصمت او ان تقرّ خاصة قائدها العام بوضعه الحقيقي وعدم التنكر لماضيه وماضي منظمتنا وللظروف السياسية السائدة انذاك بالبلاد وأن يستبشر ويتفاعل مع الثورة منذ لحظاتها الاولى وان يوجه نداء الى كافة القيادات للتعامل مع التغييرات والتوجهات الوطنية بأسلوب ديمقراطي وبحرية مسؤولة وتفكير عقلاني. الآن وبعد سقوط النظام السابق وفجرت ثورة تونس الشبابية الشعبية »ثورة 14 جانفي الرائدة« ماذا ينتظر قادتنا من تحديات ونضالات لنجاح هذه الثورة المجيدة؟ وما هي الاجراءات العاجلة للتفاعل الديمقراطي والعقلاني مع التغيرات والتوجهات الوطنية التي أقرتها حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية؟ يسعدني ان أتوجه الى القيادة العامة باقتراحي هذا الذي أتمنى ان يجد لديها العناية والاعتبار: على القيادة العامة للكشافة التونسية التوجه بدعوة كل قائداتها وقادتها للفرق والافواج والجهات بكل ولايات الجمهورية لتنظيم ندوات في اقرب اجل ممكن للتشاور والتحاور في كيفية تغيير ومراجعة فصول النظام الداخلي للجمعية وتقديم نظرة استشرافية للبرامج والمناهج التربوية لكل الاقسام في كنف الاحترام المتبادل وبأسلوب حضاري دون تشفّ وأحقاد وتشنج وتعصب ثم رفع التقاير التأليفية اليها، وحينا، يضبط موعدا لانعقاد مؤتمر وطني استثنائي لتحيين وإقرار والتفعيل الفوري للاجراءات والتنقيحات الجديدة لتعاطي النشاط الكشفي والذي لا يكون الا متماشيا ومتفاعلا مع الوضع الجيد للبلاد، وتكون مرجعيته الاساسية اهداف ثورة 14 جانفي الخالدة، لا غير، ثم على ضوء هذه التنقيحات والاجراءات يقع ضبط روزنامة لانعقاد مؤتمرات كل الافواج والجهات لانتخاب اعضائها. إن المعضلة الكبرى التي يجب ان تدرس وأن يعطى لها حقها اللازم من الوقت للتحليل والتمحيص هي: في كيفية وضع آليات لتكريس ثقافة التعامل الديمقراطي في أوساط شبابنا واطفالنا وتعويدهم تدريجيا على اتقان وكسب تجارب وتقاليد في الاختيار النزيه والحر لكل هيئات هياكلنا بمختلف مستوياتها دون اي تزكية او تدخل فآن الأوان للانتخاب المجدي والحر والنزيه بكل استقلالية ووعي: للقادة المعروفين بتطوعهم الملتزم والجاد والساعيين لتطوير أساليبهم القيادية ووسائلهم التنشيطية ومؤهلاتهم الاشعاعية وقدراتهم الشخصية للتمويل الذاتي والاعتماد على الذات وذلك لتحقيق اهداف جمعيتنا العريقة من خلال اهداف ثورتنا التاريخية، وهكذا نستطيع القضاء نهائيا على التجاوزات والتصرفات المشبوهة واللاأخلاقية والانفرادية بالقرار وعبادة الاشخاص. لنناصل من اجل كشفية وطنية مستقلة بعيدة كل البعد عن اي احتواء حزئي ضيق رافضة كل ممارسة جهوية، متعاونة بكل حرية وشفافية مع كل مكونات المجتمع المدني، دافعة للانخراط الواعي والفعلي لتنميته، غارسة عقلية النقد البناء مدافعة على مصلحة المجموعة قبل اي مصلحة اخرى، مبعدة الاستكانة والانتظار في صفوف منخرطيها، مكرسة روح المبادرة والتطوع والتحفيز.