ما خلقه النظام البائد والديكتاتوري السابق، نظام السابع من نوفمبر خلال السنوات الماضية من مغالطات وتمويه وكذب ونفاق وتزوير للحقائق عن طريق امتلاكه لجلّ وسائل الاعلام واحكام السيطرة عليها جعل المواطن التونسي غير قادر على أن يضع نفسه مجددا فيها ممّا اضطره الى اللجوء إلى الفضائيات الاجنبية للبحث عن الحقيقة ومواكبة جلّ التطورات بأكثر مصداقية على حدّ تعبيره. فصورة الإعلام التونسي اليوم في عيون مواطنيه لا تزال تلك الصوة القديمة التي تعتمد على التعتيم والتضليل. ❊ نورة الشنيتي 22 سنة طالبة بالسنة الرابعة بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار : تصفها بالصورة السيئة قائلة: إنّ دار لقمان لا تزال على حالها حيث شهدنا تغيّر الوجوه دون أن يتغير المضمون وتخصّ بالحديث وسائل الإعلام المرئية. وتؤكد أنّ قنواتنا التلفزية تغيرت بالفعل ولكنّها تغيرت من بوق دعاية لحكم بن علي وتمجيد لبرامجه الانتخابية المزيفة إلى بوق آخر لسب وشتمه واظهار مساوئ هذا النظام السابق ومؤيد لنظام الحكومة الجديدة مهللا مستبشرا ببرامجها. كما أنّ هذه المؤسسات تضمّ عديد الدخلاء خاصة في المجال السمعي والبصري حيث نرى تارة تهريجا وتارة أخرى افتعالا في تركيب بعض الاحداث مما زاد الطينة بلّة وعمّق الازمة التي يعيشها الاعلام في تونس. ❊ إشراق 22 سنة حاصلة على شهادة تقني سامٍ في فنون الإعلامية والملتميديا: تقول بأننا لم نستطع الى حدّ الآن ان نصدق ما وصلت اليه البلاد وما حققته الثورة من نجاحات وما كرّسته من حريّة فوسائل الإعلام لا تزال إلى اليوم تعيش لحظة الفرحة بالحريّة لكنّها لم تُجِدْ استعمالها وصياغتها في شكلها الصحيح فنحن لم نعرف طعم الحريّة يوما لذلك فإن وسائل الاعلام تعيش حالة فوضى عارمة نظرا إلى الكبت والحرمان الذي عرفته طيلة حكم الديكتاتور بن علي وهذا ليس بالامر الغريب. ❊ الحبيب بن محمد الصغير 47 سنة ميكانيكي: يقول إنّ هناك فوضى كبيرة في نقل الاحداث وغياب التلقائية نحسّ بوجود »فبركة 7 نوفمبر« هناك أحداث مصطنعة غير صحيحة أصبحنا نلتجئ غَالَبَ الاحيان إلى الشبكة الاجتماعية مع أبنائنا لمشاهدة وقائع ما يحدث دون »قُصْ ولَصِّقْ«. فوسائل الإعلام لم تتخلص إلى حدّ الآن من مخلفات الماضي بشكل نهائي ولم تتعامل مع الاحداث بموضوعية. كما يقول: نبيل بلحسن 32 سنة: إنّ وسائل الإعلام تغيرت قليلا وأصبحت تتحدث بجرأة أكثر وتسلط الاضواء على مواضيع اجتماعية تهم عديد الحالات وأصبحت تتوجه إلى داخل الجهات وتبحث أكثر في مشاغل المواطن على غير العادة ولكنّ ذلك شكل جديد من أشكال التمويه والتضليل والتعتيم والابتعاد عن المشاغل السياسية التي أصبحت الشغل الشاغل لكل مواطن تونسيّ. نحن لسنا في حاجة إلى التمعن والتثبت فيما ما سرقه بن علي وما جناه أولاد الطرابلسي وما تملكه زوجته من عقود ألماس وجواهر نحن في حاجة إلى بعث الطمأنينة في قلوب أبناء شعبنا ومعرفة ما يجري على الساحة السياسية ومواكبتها بكل موضوعية وحيادية نحن في حاجة ماسة إلى معرفة ما ستؤول اليه بلادنا وهل ستتم المحافظة على مكاسب ثورة الاحرار. ❊ سيف اللّه 19 سنة تلميذ بالبكالوريا: يصف وسائل الاعلام بعدم التزامها بالحياد في نقل الحدث والتجرّد نهائيا فما نراه اليوم هو نوع من أنواع التشفي والسخط على النظام السابق يجب على الإعلام أنْ يلتزم الحياد. والموضوعية نحتاج اليوم الى معرفة الحقيقة بعد أن فقدناها طيلة 23 سنة من نظام سابق توجه للاعتماد على التضليل والتكتم على الحقائق فالأوضاع داخل جل المؤسسات الاعلامية لا تزال تعتمد على أياد خفيّة يصعب الوصول إلى معرفتها أو التكهن بصحتها تقوم بدور المحرك والموجّه، أياد جديدة انسلخت عن ثوبها القديم لتظهر بحلة جديدة حسب المقاييس التي يطلبها الشعب التونسي مع مرعاة فارق الاحداث الفاصل بين حكم المحسوبية والتضليل والسرقة والغش وثورة الحرية والكرامة. هذا ما عبّر عنه جلّ الذين توجهنا لهم بالسؤال عن وسائل الاعلام اليوم بعد ثورة 14 جانفي 2011 التي راح ضحيتها مئات الشهداء لنيل حريتهم وكرامتهم.