سارة بالي، ممثلة عن جمعية »إفريقيا معا« لاعانة المهاجرين في إيطاليا، التقينا معها صدفة رفقة بعض الاصدقاء في إطار مهمة اجتماعية تقوم بها الجمعية في بلادنا، الزيارة جاءت مواكبة بالصدفة لزيارة برلسكوني إلى تونس في خضم الجدل القائم حول الضغوطات الايطالية على بلادنا بخصوص الهجرة، فاستغللنا الفرصة وتحدثنا مع الصديقة سارة عن أحوال المهاجرين وخاصة السريين في إيطاليا وعن سياسة النظام السياسي الايطالي بخصوص الهجرة. ❊ لو تُعرّفين القراء بجمعيتكم وأهدافها؟ لقد تأسست جمعيتنا صدفة في أواخر 1987، عندما عاين أستاذ وزوجته الشرطة البلدية وهي تعتدي على مهاجر غير شرعي ذي أصول إفريقية فقرّرا تقديم شكوى الى القضاء، وهنا نصحهما محاميهما بضرورة تكوين جمعية حتى يكون لشكواهما الصدى اللازم، وبالفعل تأسست »إفريقيا معا« على أساس الدفاع عن حقوق المهاجرين بفة عامة وإعانتهم على فهم قانون الهجرة واعطاء دروس في اللغة الايطالية فضلا عن تقديم اعانات مادية في عديد الاحيان للمهاجرين من أجل تكوين ملفات اقامتهم. ❊ وماهي مصادر تمويلكم؟ يقتصر التمويل في الجمعية على جمع التبرعات خلال تنظيم مهرجانات وتظاهرات ثقافية وخلال اقامة مآدب غداء، وللعلم إن جميع اعضائها متطوّعون. ❊ هل تواجهون مصاعب ومشاكل تعرقل مهامكم وأهدافكم؟ طبعا، فالحكومة الايطالية تسعى جاهدة الى عدم تسهيل مهامنا وذلك بالتعتيم الاعلامي حول أوضاع المهاجرين المزرية وبعدم مدّنا بالمعطيات. ❊ هذه الأيام شاهدنا في وسائل الإعلام أوضاعا لا إنسانية للمهاجرين السريين في »لامبادوزا« وانتهاكا صارخا لحرمتهم الجسدية، لو تلخّصين لنا المعاناة التي يواجهها المهاجر مثلما عانيتموها كجمعية؟ انها معاناة انسانية باتم الكلمة يعيشها المهاجر منذ ان تطأ قدماه ارض ايطاليا بحثا عن الشغل وهربا من جحيم بلده، فالجوع والمرض والمعاملة السيئة تتربّص به علاوة على أنه سيواجه غرامة مالية تقدر ب 5 آلاف أورو والسجن من 8 أشهر الى 4 سنوات. أما المهاجرون الذين يريدون تجديد اقامتهم، فعليهم خوض امتحان في الثقافة العامة دون تحديد مدارس خاصة للتكوين تسبق اجراء هذه الامتحانات ونحن كجمعية ليس من صلاحياتنا تقديم شهائد علمية للمهاجرين الذين يتلقون دروسا عندنا، كما أريد ان الاحظ ان رجال الاعمال وأصحاب رؤوس الاموال عندنا يحاولون عرقلة هذه الامتحانات حتى لا يتسنى للمهاجر الحصول على اقامة وبذلك تبقى وضعيته غير قانونية وهذا ما يريده اصحاب رؤوس الاموال باعتبار ان المهاجر السري سيضطرّ إلى العمل عندهم بأجور زهيدة وفي إطار استغلال ومهانة. وفي هذا المستوى تحاول جمعيتنا التدخل لتوعية المهاجر والدفاع عنه عن طريق محامين متطوعين. ❊ وهذه إحدى عناصر السياسة غير العادلة للحكومة الإيطالية بخصوص الهجرة؟ إنها سياسة عنصرية بكل امتياز، فالقوانين المتعلقة بالهجرة والمهاجرين يصدرها أقصى اليمين الماسك بزمام الدولة، إنها قوانين لا تعترف بان المهاجر مواطنا له حقوقه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والانسانية عموما، وهذه من مميزات النظام الرأسمالي الاستغلالي. ❊ لو نتحدث عن النقابات الإيطالية وعلاقتها بالهجرة، ماهو دورهم في هذا الواقع الرديء للهجرة والمهاجرين؟ أغلبية النقابات لدينا لاتهتم بالشكل المطلوب بأحوال المهاجرين بجميع اصنافهم وخاصة السريين. اما بالنسبة إلى الذين تحصلوا على عقود شغل، فإن النقابات تتدخل نسبيا لفائدتهم وذلك بعد ان يتصل بها المهاجرون بما انها لا تسعى إلى الاتصال بالمهاجرين او بمحاولة تأطيرهم وتحسيسهم ولا يتم ذلك الا بطلب من المهاجرين نفسه. والغريب ان هذه النقابات دائمة التصريح بانه لا مشاكل للمهاجرين باعتبارهم محميين من خلال عقود شغلهم وهذا خطأ فادح، فهذه العقود تفقد مضامينها الحمائية مع تقدّم السنوات بفعل بحث أصحاب رؤوس الاموال عن الربح الاقصى من خلال الاستغلال الاقصى وهو ما شكت في شأنه أغلب النقابات في إيطاليا، وعندما يفقد عقد الشغل معناه وخصوصا العقود محددة المدة سيفقد المهاجر إقامته بعد انتهاء مدة العقد وهذا كما قلت ما يبحث عنه أرباب العمل حتى يتسنى لهم استغلال المهاجرين الذين فقدوا اقامتهم. ❊ كيف ترون نشاطكم وأحوال المهاجرين بعد ثورة 14 جانفي في تونس؟ حلمنا الذي نسعى إلى تحقيقه هو ان الحكومة المرتقبة التي سيقع انتخابها مع مكونات المجتمع المدني ان يضغطوا على الحكومة الايطالية كي تحدّ من عنصرية القوانين واختيار سياسة عادلة في علاقة بالهجرة والمهاجرين. كما اننا نهدف كذلك إلى ربط علاقات متينة مع مؤسسات المجتمع المدني في تونس لتنسيق الجهود في الدفاع عن المهاجرين في إيطاليا، فالمهاجر لا يجب ان يرتبط مفهومه بالعمل والاستغلال بل يجب ان يكون نقطة وصل لتبادل الثقافات وأن يكون مواطنا ذا قيمة عالية. ❊ سارة بالي