اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صور: رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى معتمدية الدهماني: التفاصيل    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمليّة تغرير حوّلت البحّارة المنقذين إلى حرّاقين
الشعب ترصد أبعاد قضيتهم و تكشف حقائق جديدة: وفد تونسي يزورهم في السجن ويلتقي والي سيسيليا
نشر في الشعب يوم 15 - 09 - 2007

أكثر من (103) برلماني أوروبي و عشرات المنظمات الحقوقية و الهيئات الإنسانية والتيارات الاجتماعية و قوى المجتمع المدني الأوروبية و الإيطالية و التونسية عبرت عن تعاطفها الإنساني و تضامنها القانوني و الإنساني مع قضية البحارة التونسيين السبعة المحتجزين في السجون الإيطالية على خلفية إنقاذهم (44) حارقا إفريقيا كانوا وشك بلوغ المياه الاقليمية الايطالية و بالأحرى كانوا على شفا الهلاك غرقا و جوعا ونسيانا في مرحلة الموت في موسم الهجرة الى شمال يقطر حريات و يبرق حقوقا و يلمح احلاما... فكان مصير الجميع- البحارة المنقذين و الحارقين الافارقة - غياهب السجون الايطالية و اشياء اخرى .
منذ 8 أوت 2007 ، تاريخ الحادثة ، ما انفك الرأي العام التونسي و الدولي ايضا يتفاعل مع قضية جلبت تعاطف الناس في الداخل و الخارج و أثارت المشاعر الانسانية خاصة وان الدوائر الرسمية الايطالية تعاملت مع البحارة التونسيين على نحو يُشْتَم منه التغرير و الرغبة في التوريط و من ثم الادانة بتهمة كيدية لا صلة لها بالواقع و لا بحقيقة الاشياء و مجريات الاحداث ولا في سياقات ردود الافعال رفضا و تنديدا و شجبا و ادانة و استنكار و احتجاجا ...
جبهة التضامن و التعاطف قادتها حساسيات جماهرية و فعاليات شعبية اكدت أهمية الحراك الاجتماعي لقوى المجتمع المدني في عصر العولمة.
قضية البحارة التونسيين و الحراك الاجتماعي:
على الرغم من التحركات الرسمية و التي تسلك في العادة مسالك القنوات الديبلوماسية و الحوار بين البلدان و الاتفاقات البينية و المعاهدات الدولية و القوانين الحقوقية و المواثيق الانسانيّة ، جاءت مبادرات تنظيمات المجتمع المدني التونسي مستقلة عن السياسات الرسمية في مبادرات تلقائية و جدت صداها لدى التنظيمات و القوى و الحساسيات المستقلة في ايطاليا بل وفي أوروبا و في العالم أيضا و لتتعاقب الاحداث و من ثم ردود الافعال لتمارس ضغوطات مختلفة على الدولة و القضاء الايطالي و على عموم قطاعات الرأي العام في هذا البلد العضو التأسيسي في الاتحاد الاوروبي و الذي يرتبط مع بلادنا باتفاقيات شراكة متعددة الاوجه و المجالات الاقتصادية و العلمية و الثقافية و الاجتماعية و الانسانية ايضا، اتفاقية تشهد في هذه المرحلة تطبيق آخر فصول بنودها بحلول العام2008 ، اتفاقية مازال المواطن العادي في تونس متشوقا لمراعاة ابعادها الانسانية المساوية بين انساننا و انسانهم حقوقا و حريات و كرامة ماديا و معنويا ، اتفاقية قد تهتزّ بسببها ثقة ذلك المواطن في صدقيتها و مصداقيتها في ظل تفاعلات قضية الحال بما لفها من غموض و ما أعقبها من تبعات كانت بمثابة الرِّدَّة عن كل الحقوق و الحريات الانسانية الملزمة للافراد و الدول بمقتضى الاعلانات الدولية و المواثيق الاممية و في مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1945 و العهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية و الحقوق الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية لعام 1966.
جوهر القضية و جزاء السنمار ...
باختصارو كما تداولته مختلف الصحف الوطنية و حتى الدولية والمواقع الالكترونية ان جوهر القضية يعودإلى يوم 8 أوت 2007 حين اكتشفت احدى وحدات الصيد بالأضواء (اللامبارة) التونسية قاربا مطاطيا تائها تتخاطفه الأمواج وعلى متنه شحنة زائدة من الأشخاص الأفارقة في حالة من الأعياء و الإنهاك و هم يطلبون العون و الاستغاثة حيث بدا و ان» الزودياك» المضغوط هوائيا قد تعرض الى ثقب وهو يهدد بغرق ركابه الاربعة و الاربعين ان لم يهلكوا قبل ذلك جوعا و معاناة خاصّة و ان بين الركاب نساء منهن وامرأتان حبليان و كذلك أطفال ... إزاء هذا الوضع الانساني الملح و حالة التهديد الخطير تحركت العواطف الانسانية لدى البحارة التونسيين بتلقائيتهم المعهودة فوجهوا نداء استغاثة الى البحرية التونسية و هو ما لم يتسنّ تقنيا بفعل البعد عن المياه التونسية و في ظل سوء الاحوال الجوية و الظروف الطبيعية و هو ما اضطر الطاقم الى توجيه نداء آخر الى البحرية الايطالية و التي طلبت من البحارة التونسيين انقاذ الحارقين الافارقة في انتظار التحاق وحدات خفر السواحل الايطالية الى الموقع، و هو ما تمّ فعلا . غيران عملية نقل المواطنين الافارقة من القوارب التونسية الى متن الزوارق العسكرية الايطالية لم تكن ممكنة بفعل التفاوت في الارتفاع، وفي ظل ظروف الطقس السيّء مما جعل الايطاليين يطلبون من البحارة التونسيين مرافقتهم مع الاربعة و الأربعين ناجيا افريقيا الى داخل المياه الاقليمية الايطالية بل و الى التراب الايطالي على امل افراغ تلك الشحنة البشرية و من ثمّ العودة الى البلاد التونسية. و هكذا تلقت الوحدة الرئيسية للصيد بالأضواء التعليمات للعودة الى التراب التونسي على أمل ان تلتحق بها فيما بعد الوحدتان الفرعيتان للاستكشاف بالاضواء و اللتين قامتا بعمليات الانقاذ و نقل الحارقين الى التراب الايطالي. و لكن لم يكن في حسبان البحارة التونسيين انه فور وصولهم الى مرفئ بجزيرة لامبيدوزا الايطالي ان يجازوا على انسانيتهم باقتيادهم الى مركز حجز أمني من اجل محاكمتهم باحدى مدن جنوب جزيرة سيسيليا ، فيما تمّ ضمّ الحارقين الى مركز ايواء للنظر في امرهم و مصيرهم و لتتتالى الوقائع و تبعات الحادثة في سياق ردود الفعل المتضامنة مع هؤلاء الصيادين ...
المجتمع المدني في واجهة الأحداث :
بالتوازي مع تحركات الدوائر الرسمية خاضت بعض قوى المجتمع المدني التونسي مبادرات جدية بالتنسيق مع بعض التنظيمات الإيطالية و الحساسيات الأوروبية و الدولية للقناعة بعدالة قضية الصيادين التونسيين، و جاءت هذه المبادرات في سياق ممارسة اقصى الضغوط على دوائر القرار الايطالي للتراجع عن تلفيق التهم الجزافية في ملاحقة التونسيين بعد توريطهم في انقاذ الحارقين و من ثم استدراجهم الى المواني الايطالية و بعد مقاضاتهم من أجل تهمة «المساعدة على تهريب مهاجرين سريين».
حملة التضامن الوطنية و الدولية مع البحارة السبعة التونسيين خاضتها منظمات تونسية و ايطالية و أوروبية اختارت مختلف هذه التنظيمات ممارسات اشكال احتجاجية مختلفة بدء من يوم الخميس الفارط حيث انتظم اجتماع بالبرلمان الايطالي بروما دعت اليه كتل و احزاب يسارية و شيوعية و حزب الخضر الايطالي بمشاركة اكثر من 20 نائبا ايطاليا بعضهم اعضاء بالبرلمان الاوروبي رغم ان البرلمان الايطالي دخل في عطلة برلمانية تستمر الى غاية 20 سبتمبر . و ساعدت في تفعيل هذا التحرك منظمة (ARCI) الجماهيرية المشتغلة في مجال الحقوق و الهجرة. و قد اعقب هذا الاجتماع البرلماني الذي تناول بالحوار قضية البحارة التوانسة انتظام ندوة صحفية في بهو البرلمان الايطالي حضرها ممثلو عديد وسائل الاعلام الايطالية و مراسلوها في جزيرة سيسيليا و قد شارك في هذا اللقاء الصحفي السيد ناجي مرزوق ممثلا عن الرابطة التونسية لحقوق الانسان بصفته مسؤولا عن العلاقات العربية و الهجرة و السيد أُمَيَّة صديق و السيد طارق باللهيبة ممثلين عن منظمة الفدرالية الدولية لمواطني الضفتين.أما السيد عبد الجليل البدوي الخبير النقابي الناشط في الإتحاد العام الت،نسي للشغل،و أصيل مدينة طبلبة فقدم نفسه ممثلا عن المنتدى الاجتماعي و المجلس الاعلى للحريات .
دوليا حضر الندوة الفرنسية «مارغريت تهول» ممثلة عن الرابطة الفرنسية لحقوق الانسان و عن الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان .و قد سلطت الندوة الصحفية الاضواء على عدالة قضية البحارة التوانسة في اطار من التركيز على المجال الحقوقي الانساني و المواطني و ان الواجب الانساني هو الذي حتم على هؤلاء الملاحة التدخل لانقاذ الحارقين الأفارقة، هذا من الجهة الانسانية الصرف ، اما من جهة القانون الدولي البحري فإنّه في فصله (12) يلزم كل المراكب البحرية بواجب ايواء أي مستغيث من تهديد الغرق او الموت و الى ايوائه الى اقرب ميناء او مرفئ بعد واجب الاعلام للسلطات المعنية.
الجلسة البرلمانية و الندوة الصحفية اثمرتا التزام الكتل البرلمانية و القوى السياسية و الاجتماعية المشاركة بهدفين اساسين: اولا توجيه لائحة استجواب الى الحكومة الايطالية حول قضية البحارة التونسيين و ثانيا طلب لقاء مع وزير الداخلية لتحديد موقف الوزارة ازاء مختلف وقائع القضية و ملابساتها. و كشف الندوة الصحفية النقاب عن توجيه نداء الى السلطات الايطالية لاطلاق سراح البحارة التونسيين ممضاة من قبل 103 برلماني اوروبي في خطوة اولى بحكم العطلة السياسية والبرلمانية ، وهي خطوة تعكس اهتمام الراي العام الايطالي و الاوروبي بهذه القضية و ما لفّها من غموض في لائحة التهم فضلا عن التعاطف و التضامن الانساني الذي ما انفكت تغنمه قضية البحارة السبعة.
في مكتب الوالي :
في الساعة الحادية عشرة من صبيحة يوم الجمعة 7 سبتمبر 2007 ، انتظم تجمع احتجاجي امام مقر ولاية ( أرجنتو Argento ) و المدينة الواقعة جنوب غرب جزيرة سيسيليا و هي المدينة التي أُعتُقل فيها البحارة السبعة باعتبار قربها من جزيرة لامبيدوزا التي اودع فيها اللاجئون الافارقة. و قد شاركت في هذه التظاهرة الاحتجاجية بالاضافة الى المواطنين التونسيين المقيمين بالجزيرة ممثلو جموع من التجمعات التونسية في ايطاليا و الاطارات الديبلوماسية بالقنصلية التونسية ببلارمو عاصمة سيسيليا، و قد لقيت هذه المبادرة الاحتجاجية معاضدة و مساندة من لدن القوى الانسانية والحساسيات السياسية اليسارية والتيارات الاجتماعية المناهضة للعولمة حيث رفعت شعارات و لافتات تنادي بالحرية للبحارة التوانسة والتصدي للظلم المسلط عليهم وعدالة قضيتهم وانسانيتها. وعلى اثر تلك الوقفة الاحتجاجية تشكل وفد لمقابلة والي أرجنتو لتسليمه لائحة احتجاجية و قد تشكل الوفد من 3 برلمانيين ايطاليين و رئيسة الجمعية الاوروبية (Migreurop) الفرنسية كلير روديي و محاميين إيطاليين و ممثلة الشبكة المتوسطية لحقوق الانسان السيدة مارغريت تهول و نائبة رئيس الاحزاب الاشتراكية الايطالية باسكلينا نابوليتانو و هي المرأة العجوز التي اقسمت انها لن تتخلّى عن هذه القضية العادلة الا بعد نهايتها الطبيعية و المنطقية و هي تحرير الملاحة التونسيين السبعة و لترافقهم الى عائلاتهم في تونس و لتتذوق ثمار صيدهم على موائدهم.
و من الجانب التونسي حضر الموفدون التونسيون السادة عبد الجليل البدوي و ناجي مرزوق و أُمَيَّة صديق و كذلك ممثل قنصلية تونس ببلارمو السيد سامي بن عبد اللالي ليتبادل الطرفان مختلف المسائل الناجمة عن قضية اعتقال البحارة و حجز مركبيهم و الاشكالات القانونية و الحقوقية ليطلب الوفد تبعا لذلك و مبدئيا بتمكين المعتقلين من خط هاتفي يصلهم بأهاليهم في تونس مع النظر في امكانية الافراج عن المعتقلين في حال صراح مؤقت بضمان السفارة ما دام الامر قد صار بين يدي القضاء الايطالي على امل الحكم بالبراءة في جلسة 20 سبتمبر .
من جهته ابدى والي اغريجنتو تفهمه للقلق الذي ينتاب الوفد التونسي في ظل الملابسات و الغموض الذي يكتنف عملية الاعتقال والمقاضاة و قد عبر عن الامل في أن لا تهدد هذه القضية واقع العلاقات الودية العريقة بين ايطاليا وتونس والقائمة على حسن الجوار و التعاون و الشراكة و الاحترام المتبادل واعدا بالنظر في تحقيق اهم تلك المطالب.
مفاجأة الجلسة تمثلت قطعا في التحاق وفد من مالكي السفن بمد ينة مادزارا دالفالو الذين ناشدوا الوالي التدخل بكل ما يتيحه له القانون لايجاد حل في قضية الملاحين التونسيين مشيدين بالبحارة التوانسة و الذين تربط معظمهم بالمدن الساحلية الايطالية علاقات احترام و تعاون مع نظرائهم الايطاليين، اذ يعدون من أهم القوى العاملة في مجال الصيد البحري و لا سيما في مدينة Mezzara Delvallo التي يقيم بها تجمع هام من البحارة اصيلي مدينة الشابة التونسية ممن عرفوا بتفانيهم و جديتهم.
في السجن :
في اعقاب اللقاء الذي جمع الوفد الحقوقي التونسي الايطالي و الدولي بوالي ولاية اغريجنتو تحول التجمع الاحتجاجي الى واجهة سجن المدينة مصحوبا بلافتات احتجاجية و اعلام وطنية تونسية و مضخمات صوت ... حيث امتنعت سلطات السجن عن قبول ممثلي الوفد التونسي، و بعد اكثر من ساعة من الاحتجاجات و في ظل رفض الوفد الايطالي الاوروبي زيارة المحتجزين السبعة دون الوفد التونسي ، تدخل الوالي من جديد ليمنح تصريحا خاصا للوفد التونسي حتّى يتمكن من زيارة البحارة و يطمئن على احوالهم و ظروف اعتقالهم و ليصغي الى تفاصيل احتجازهم و توريطهم في قضية الجميع مقتنع ببراءتهم من تهمها عدا ما اقتضته انسانيتهم و ضرورات المساعدة و التضامن و التعاون بين بني البشر و ما يمليه العقل و الضمير و هو امر يؤكده نقاء سجلات سوابقهم ازاء النظام القضائي التونسي. فلماذا يجدون انفسهم مدانين ازاء القضاء الايطالي بتهم وهمية او كيدية او باطلة... ؟ و لذلك تشبَّث البحارة بعدالة قضيتهم شاكرين كل من تعاطف معهم و خاصة الوفد الحقوقي على ما بذله من جهد لانارة الرأي العام التونسي والايطالي و العالمي مطمئنين ذويهم الى نهاية سعيدة مرتقبة لهذه الازمة.
الزيارة التي استمرت اكثر من ساعتين ركز خلالها الوفد على محاولة الرفع من معنويات البحارة و التأكيد على البعد التضامني الوطني و الدولي مع عدالة قضيتهم، و من جهة اخرى شدد الوفد على ضرورة استجواب الحارقين الاربعة و الاربعين الافارقة فهم الذين بوسعهم تأكيد حقيقة ما جرى وفق رواية الصيادين المنقذين لهم و الذين جادوا بما عندهم من عدة طعامهم و ما جزاء الاحسان الا الاحسان لا جزاء السنمار .
لا ضاع حق وراءه طالب ...
البحارة السبعة ، 5 منهم اصيلي مدينة طبلبة الساحلية وواحد من رجيش و السابع من ضواحي مدينة السواسي، كلهم كانوا في اعقاب رحلة صيد بحرية باستخدام الاضواء الكاشفة و هي تقنية معتمدة في صيد الاسماك الزرقاء و هم من هذه الناحية مضطرون للعمل عبر زوارق صغيرة تقوم بجرّ اسراب الاسماك الزرقاء عبر الاضواء الكاشفة الى الشباك التي تنصبها السفينة الكبرى التي تكون بانتظار ذلك الصيد، و حسب القانون التونسي فانه يمنع على هذه الزوارق الصغيرة ان تصطحب معها أي نوع من انواع الشباك او معدات الصيد البحري الاخرى باستثناء الاضواء الكاشفة . و لعل خلو الزورقين التونسيين اللذين انقذا الحارقين الافارقة من أي نوع من الشباك مثلت بالنسبة للقضاء الايطالي سندا و حجة لتوجيه الاتهام للبحارة السبعة من اجل المساعدة على الهجرة السرية! و هو ما جعل القضية في ظل ملابساتها يُشْتَم منها رائحة العنصرية و المعاداة للعرب و المهاجرين ، فلماذا يعرض هؤلاء البحارة على انظار القضاء الايطالي دون استكمال الابحاث حيث خلت لوائح الاتهام من أية استجوابات للحارقين الذين كان من المفيد تضمين تصريحاتهم في اتجاه الادانة او الابراء... وبعيدا عن الوجهة القانونية للأزمة، فان البعد الانساني للحادثة تؤكده أطوار القضية و تفاصلها، فأحد البحارة طالبُ علم جامعي دفعته الضرورة المادية الملحة الى معاضدة والده المحتجز هو الاخر قصد تأمين الضرورات المعيشية و مستلزمات العودة المدرسية لمجابهة مصاريف شهر رمضان المعظم و العيد و هي مناسبات متزامنة هذه السنة.
البحارة المورطون في قضية لا صلة لهم بها سوى القدر و الحظ السيّ من جهة ثمّ إنسانيتهم و تلقائيتهم و الروح التضامنية التي تمتّعوا بها من جهة أخرى ، إضافة الى سوء نية من استدرجهم للدخول بالأفارقة الحارقين الناجين إلى داخل المياه و التراب الايطالي و تلفيق التهمة على النحو الذي ذكرنا.
مداخلة السيد عبد الجليل البدوي خلال الندوة الصحفية أكدت ان الصيادين في اغلبهم و مراكبهم ترجع إلى مدينة طبلبة الساحلية وهي منطقة بها أكثر المواني البحرية حركية في تونس بعد ميناء الصيد البحري بصفاقس و ان ملاّحي مدينة طبلبة عرفوا بتفانيهم في النشاط البحري و لم يعرف عنهم ان تواطئوا او تورطوا في قضايا عبور الحدود خلسة أو الحرقان «أو تحريق أشخاص» وهو ما يلقي بالكرة في الجهة الايطالية للعمل الجاد على الكشف عن الأخطاء التي أدت إلى توريط هؤلاء الصيادين في قضية لا صلة لهم بها أو مصلح ولا بنتائجها الدرامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.