تعيش بلادنا اليوم مرحلة تاريخية حسّاسة سيتحدّد من خلالها مصير تونس للعقود القادمة، بعد ان أطاحت ثورة 14 جانفي 2011 بنظام الفساد والاستبداد الذي كبّل الطاقات واعدم الحريات وجرّ البلاد إلى حافة الهاوية. وشعورا منّا بمسؤولياتنا الوطنية في اتجاه تحقيق اهداف الثورة وحمايتها من مخاطر الردّة والانتكاس، فإننا نعتقد ان القطع النهائي مع كل اشكال الاستبداد وأساليب الحكم البائد والحيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتصحر الثقافي، يتطلب منا جميعا ومن كافة القوى المؤمنة بالديمقراطية كقيمة حضارية، وبالعدالة الاجتماعية وبالمبادئ الكونية لحقوق الانسان، ان نعمل معا على تحقيق اهداف الثورة في اتجاه بناء دولة ديمقراطية عصرية وعادلة تقوم على الاسس التالية: 1 الوفاء لارواح شهداء الوطن الذين واجهوا رصاص الاستعمار في سبيل استقلال تونس، والوفاء لأرواح شهداء ثورة 14 جانفي الذين سقطوا دفاعا عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. 2 صيانة وتطوير المكاسب الحداثية والعقلانية على أساس التكامل بين الجوانب النيرة التي يزخر بها تراثنا العربي والاسلامي والتي عمقتها حركة الاصلاح التونسية وبين القيم والحقوق الكونية، وبالخصوص المساواة الكاملة بين المرأة والرجل. 3 التفريق الهيكلي بين السلط وضمان استقلال القضاء وحرية الصحافة والاعلام وحرية الفكر والابداع. 4 الفصل بين الدين والسياسة بتحييد الفضاءات الدينية عن ممارسة العمل السياسي وتحييد الفضاءات العمومية عن الممارسات الدينية، مع نبذ التعصّب وارساء قيم التسامح والاعتدال، فالمساجد والجوامع مرافق عمومية وفرتها الدولة للجميع، وقد جعلت للتعبد لا للسباق السياسي »وان المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدا«. 5 التأكيد على قيم التضامن بين شرائح المجتمع والتآزر بين المواطنين، مع حماية وتطوير قطاع المرافق العمومية وسن سياسة جبائية عادلة وناجعة في إطار اقتصاد يضمن التنافس النزيه والشفاف ويوفّر المناخ الملائم لتحقيق التنمية الشاملة والعادلة بين الجهات والفئات. 6 اعتبار حماية المحيط من أوكد الاولويات الوطنية وسن سياسة بديلة تعتمد الاستغلال المحكم لمواردنا الطبيعية بما يجنّب البلاد مصادرة مصالح الاجيال القادمة ويضمن التوازن بين التنمية المستدامة وبين جودة الحياة والمحيط. 7 التشديد على ضرورة تحييد المدارس والنّأي بها عن السباق السياسي وذلك بالتزام القيم التربوية السليمة التي تحفظ التلميذ من جميع اشكال التسلط على العقول والوجدان فضلا عن التجنيد الانتخابي والتعبئة الايديولوجية كما يجب اخضاع جميع المؤسسات التربوية ما قبل المدرسية إلى التفقد البيداغوجي والصحّي. ونظرا إلى ما سيخوّل للمجلس التأسيسي من صلاحيات واسعة، مع امل ان تحدّد ولايته بسنة، فإنّ الانتخابات القادمة المزمع تنظيمها في 24 جويلية 2011 تكتسي اهمية بالغة ومصيرية لذا، فإننا نتوجّه بنداء ملح الى كافة الاحزاب والقوى السياسية والنقابات والمنظمات المهنية وتنظيمات المجتمع المدني وكافة المواطنين والمواطنات المؤمنين بنفس المبادئ المذكورة اعلاه، كي نعمل معا على تكوين جبهة وطنية موحّدة لخوض انتخابات 24 جويلية 2011 ضمن قائمات مشتركة تحت شعار واحد تضع مصلحة البلاد ونجاح الانتقال الديمقراطية الحداثي فوق كل اعتبار. ونعلن عزمنا على الاتصال في القريب العاجل بمجمل هذه الاحزاب والقوى السياسية والفعاليات المدنية، النقابية والحقوقية والمهنية، لحثها على الاستجابة لهذا النداء والمساهمة في الفعلية في انجاح هذه المبادرة وايجاد الآليات العملية لبعث هذه الجبهة الانتخابية وبلورة برنامجها الانتخابي واختيار مرشحيها في كافة الدوائر الانتخابية حتى نضمن التعبئة الشاملة لقوى التقدم والديمقراطية التي يفرض عليها الواجب الوطني اكثر من اي وقت مضى تجاوز التشتت الذي اضرّ بها وبالبلاد ولم يعد يبرّره اي خلاف سياسي او حزبي، حتى تفوز في هذه الانتخابات بأغلبية اعضاء المجلس التأسيسي وتتمكن من وضع مشروع مجتمعي يكرس خيار الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية، عبر انتخابات حرّة، نزيهة وشفافة. ❊ أول الامضاءات: فوزية الشرفي سامي بن ساسي سعد الدين الزمرلي