يطيب لي وبلادي تنعم بالحرية بعد ثورة شعبيّة فاح عطرها في كافة أرجاء الدّنيا. ثورة أذهلت العالم كان وقودها حماسة الشباب. وقد تابع العالم بأسره مختلف الأحداث التي عاشتها تونس منذ 14 جانفي 2011، وتهافتت وكالات الأنباء والقنوات التلفزية والصحف والمجلاّت على نقل ما يجري في تونس بكل إعجاب وصل إلى حدّ الذّهول ورفعت مئات المطالب والشعارات التي تنادي بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وفي تقديري المتواضع تصبّ كلّها في خانة واحة ألا وهي »الشعب يريد إسقاط التخلّف«، التخلّف بما يعنيه من ظلم وقهر وجبروت وكبت للحرّيات وإقصاءم وتهميش لكلّ الفئات والجهات، تخلّف في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والرياضي. وعلى الأحزاب السياسية التونسية أن تدرك جيّدا أنّ الشعب التونسي متيقّظ دومًا ولن يسمح بهزّات أخرى أو ألاعيب أو تحيّل سياسي يجهض أحلامه وآماله. فلا حاجة لنا إلى حزب أو تنظيم همّه الجلوس على كرسيّ الحكم نحن في حاجة إلى فكر سياسي نيّر على حدّ تعبير »ديكارت« فكر ناضج وواع بخطورة المرحلة. نريد سياسة تقضي على البطالة وعلى الفقر والاحتياج، نريد سَاسَةً بإمكانهم أن يصنعوا ربيع مجد ورخاء وأمن وأمان. نريد خططا واستراتيجيات مدروسة ومضبوطة تدفع بعجلة التنمية إلى الأمام. نريد جهات نامية مزدهرة ونريد فئات متوازنة وواعية تعيش في كنف الوئام والاحترام. نريد مصانع ومشاريع عامرة بيد عاملة وبعقول وبعيون ساهرة حتّى نعمّر هذا الوطن العزيز الذي ضحّى من أجله شهداء أبرار لننعم نحن اليوم باستقلال البلاد. وهذا الاستقلال لا يجب أن نفرّط فيه بأيّ شكل من الأشكال. دعونا من التّناحر السياسي وسياسة المدّ والجزر وتعالوا إلى وطن جميل يتّسع للجميع. إنّ الشعب التونسي، شعب كريم ومتحضّر جدير بحياة ملؤها النّماء والخير والتقدّم والازدهار وهو شعب قادر على تجاوز هذا الظّرف الصّعب من تاريخه شريطة أن نجتمع كلّنا حوله. فكلّ تونسي غيور يريد لهذا الوطن الأمن والأمان مطالب الذّود عن المكاسب والإنجازات بشتّى الوسائل الممكنة. ونحن اليوم مطالبون بمزيد بذل الجهد كقلب رجل واحد لإرضاء اللّه والوطن والشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف لإسقاط البؤس والاحتياج والكبت والظّلم. ثورتنا مجيدة لن تنطفئَ جذوتها وهي نبراس لشعب أبيّ يسعى لافتكاك مقعد ضمن نادي الشعوب المتحضّرة. عاشت تونس حرّة مستقلّة آمنة أبد الدّهر، ولا عاش من ليس جندها.