رقم ثقافي جديد ينضاف إلى رصيد التظاهرات بالكاف والتي تعدّدت بعد الثورة وأخذت نفسًا جديدًا يقوم على إيلاء مطلق الحريّة في الإبداع الفنّي وفسح المجال لكل المبدعين من مختلف الفئات العمرية والألوان الفنية لإبراز وتقديم منتوجهم للجمهور العريض من أحبّاء الثقافة بولاية الكاف وهو توجّه جديد ارتآه المندوب الجهوي للثقافة السيد منير الماجري موظّفا كلّ خبرته في المجال باعتباره أستاذ تنشيط ثقافي مختصّ وله خبرة كبيرة في إدارة المؤسسات الثقافية، وفي هذا الاطار وتحت شعار »صرخة ثائر« نظّمت المندوبية الجهوية للثقافة أوّل ملتقى وطني للشعر أطلق عليه اسم »ملتقى بومخلوف الوطني للشعر« وذلك يومي 28 و29 ماي 2011 وهو ملتقى افتتحه المندوب الجهوي بكلمة رحّب فيها بالحضور مثنيا على دور المبدعين في تأثيث المشهد الثقافي معبّرا عن استعداد المندوبية للتجاوب والتواصل الايجابي مع جميع المعنيين بالانتاج الفنّي والابداعي وفي اطار هذا الملتقى عقدت ندوة فكرية تضمّنت مداخلتين الأولى بعنوان »زبيدة بشير: سيرة ومسيرة« تناول خلالها الأستاذ الصحبي العلوي السيرة الذاتية للشاعرة زبيدة بشير المحتفى بها خلال هذا الملتقى متعرّضا للجانب النضالي حياة هذه الشاعرة الثابتة على كلمتها والواثقة من خطوتها وعبّر المحاضر خلال تطوافه عبر سيرتها عن تنوّع مجالات نشاطها وغزارة ثقافتها التي تكوّنت انطلاقا من العائلة حيث كان تواصلها المعرفي الأوّل بالقرآن والحديث وكتب التراب التي حرص والدها على أن تنهل منها رغم أنّها لم تزاول تعلّمها بالمدارس أو المعاهد التونسية لتكون مجموعتاها الشعريتان »حنين« و»آلاء« محطّتين بارزتين تعرّض إليهما المحاضر دون أن يغوص في خصوصياتها السينمائية والابداعية كما أشار إلى دور الشاعرة في العناية بالكلمة من خلال المصدح والمنبر الاعلامي (الاذاعة الوطنية) أمّا المداخلة الثانية فتناول من خلالها الأستاذ أحمد رضا حمدي »الثورة التونسية من خلال نماذج أدبية« معرّجا على نماذج من أشعار محمود درويش، خالد الوغلاني وسالم المساهلي مبيّنا ما تميّزت به نصوصهم من مواكبة للحدث ومعايشة لمسيرة الثورة في وجدان هؤلاء الشعراء وفي واقعهم الاجتماعي وشهدت هذه الندوة التي ترأس جلساتها الأستاذان سالم المساهلي ومراد الخضراوي نقاشا ثريّا تراوح بين التشجيع والمجاملة واالنقد والانتقاد وكان النقاش حماسيا دون أن يخرج عن إطاره الأدبي وتخلّلت أشغال الملتقى أمسيات شعريّة أثثها الشعراء حسين العوري، جمال الصليعي، فوزية العلوي، الصحبي العلوي، محي الدين الشارني، لطفي البرهومي، شاكر بن ضيّة، منير الوسلاتي ، نورالدين عبيدلي، سالم المساهلي وكوثر خليل وشهدت هذه القراءات حضورًا مكثّفا وتفاعلا ثريّا وتجاوبًا كبيرا ليكون الموعد خلال اليوم الأول من الملتقى مع سهرة موسيقية أحيتها فرقة الكرامة ذات الطابع الغنائي الملتزم والتي شنفت الآذان بأعذب الألحان وأنبل المعاني والكلمات وأرقّ المشاعر الفيّاضة والثورية وفي اليوم الثاني من الملتقى كان موعد الجمهور مع الشعراء الهواة المشاركين في المسابقة الشعريّة التي خصّصها الملتقى حيث تقدّمت 30 مشاركة أفرزت قبول 12 شاعرًا هاويا ضمن المسابقة وتد اول هؤلاء على المصدح لتكون الكلمة الفصل للجنة التحكيم التي ترأسها الدكتور حسين العوري والتي اختارت 4 نصوص توّجت ب 4 جوائز تراوحت بين ال 500 دينار الأولى و150 دينار الرابعة وبرّرت اللّجنة في تقريرها الختامي مقاييس اختيارها بتوفر عنصر الجودة والوفاء للغة العربية وتميّز الصورة الشعرية لدى الفائزين والتي قامت على مفاهيم الحرية والثورة واختتم الملتقى بتكريم الشاعرة زبيدة بشهر أصيلة ساقية سيدي يوسف التي حلّت ضيفة شرف على الملتقى وكانت مرفوقة بالإعلامي والشاعر أحمد العموري وقبل تكريمها ألقت الشاعرة زبيدة بشير بعضا من شعرها الذي تفاعل معه كل الحاضرين في الملتقى ليقدّم من جانبه الشاعر أحمد العموري قصيدًا جديدًا كهدية تكريمية من هذا الشاعر للمحتفى بها والتي تفضّل السيد والي الكاف بتكريمها في أجواء مؤثرة كانت مناسبة للسيد الوالي للاحتفاء بالإبداع ليؤكد من خلال حضوره حرصه على التنمية الثقافية شأنها شأن التنمية الاجتماعية وليكون بذلك من بين أوّل الولاة الفاعلين والداعمين للفعل الابداعي بعد متابعات ومشاغل يوميّة لمطالب المواطنين في تكامل تمام بين الدور الاجتماعي والدور الثقافي لولاة ثورة الكرامة، ونشير في الختام إلى أنّ الشاعرة زبيدة بشير نوّهت وأثنت كثيرًا على هذه البادرة الثقافية التي تنتظم في دورتها الأولى للاحتفاء بها وعبّرت خاصة عن إعجابها الكبير بالمعرض الوثائقي الذي انتظم خلال الملتقى للتعريف بهذه الشاعرة لدى الأجيال الأدبية الشابةالجديدة عبر الصور والمقالات الصحافية.