هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    دورة مدريد: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة العاشرة عالميا    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    انتشار ''الإسهال'' في تونس: مديرة اليقظة الصحّية تُوضح    تقلبات جوية في الساعات القادمة ..التفاصيل    مفزع: 17 حالة وفاة خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    الكشف عن توقيت نهائي رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي و الأهلي و برنامج النقل التلفزي    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    غار الدماء: قتيلان في انقلاب دراجة نارية في المنحدرات الجبلية    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنّ منارة ضدّ الرجعيّة
مبدعون يلتحمون بثورة الشعب علينا تطوير خطابنا المسرحي
نشر في الشعب يوم 29 - 01 - 2011

اجتمعت في قاعة »الفنّ الرابع« صباح السبت الثاني والعشرين من هذا الشهر، النّخبة التونسية ممثلة في مسرحيّيها وكتّابها وسينمائييها وفنانيها وتشكيلييها تتقدّمهم نقاباتهم التي وحّدتهم لأوّل مرّة، وذلك لتدارس الشأن الثقافي في ظلّ أدقّ لحظة تاريخية في بلادنا إثر نجاح الثورة الشعبية التي أطاحت بدكتاتور الخوف أخيرًا، وبذلك الوحش القاتل في داخلهم بعد أن عصفت بهم رياح ثورة أوّل تغيير حقيقي قاده الشعب التونسي مخلفا وراءه جملة من المتخاذلين والمتطفلين والصامتين والبائعين ضمائرهم والمصفقين والمناشدين والمهرّجين والعاطلين عن الحياة والمترفين وأصحاب البطون الكبيرة...
أخيرا اجتمعت هذه النّخبُ على بيانات هي عبارة عن بيانات ترقيع بكارات فنية وثقافية تجاه هذا الشعب الأبيّ. لأنّ أعظم وأبلغ بيان كان بيان الشعب التونسي بنفسه يوم 14 جانفي 2011 في شارع حريته وكان لجريدة الشعب لقاءات مع جملة من ممثلي هذه النخب من خلال حوارات مختلفة...
حسين مصدّق (فنان تشكيلي)
❊ أجمعت كل بيانات النقابات الفنية على جملة من المطالب التي تخصّ الشأن العام فماهو رأيك في المشهد الثقافي الراهن بعد الثورة؟ وكيف ستنعكس المطالب مستقبلا على قطاع الفن التشكيلي؟
ان مشكلات قطاع الفن التشكيلي في تونس لا يمكن تجزئتها عن بقية مشكلات الشأن العام الذي ساد على امتداد سنوات في المؤسسة القائمة منذ الاستقلال وتواصلت مع حكم الدكتاتور المخلوع... فالنظرة إلى الفن التشكيلي والفن بشكل عامّ كانت نظرة اقصائية تهميشية لذلك الدور الحقيقي الذي وجد الفن من أجله داخل المجتمعات الانسانية. ونتيجة هذه النظرة كانت المؤسسة الثقافية تلعب دور تجنيد واستقطاب الفنانين للعب دور تزييني لمؤسسات السلطة القائمة حتى حاد أغلب الفنانين عن دورهم الحقيقي والتف جزء كبير منهم الى مكتسبات ذاتية يحققونها من خلال التطبيل والعلاقات الشخصية للحصول على فوائد ذاتية... وقلّة من الفنانين الاحرار قاوموا هذه المغريات وانزووا يواصلون مشاريعهم الفنية الجادة بعيدا عن تمويلات السلطة فتعرّض أغلبهم الى حالة من الاقصاء والتهميش وصلت الى حدّ التجويع...
وانا كفنان تشكيلي كان لي الوعي الكافي لمواصلة تجربتي في هذه الظروف القاسية حيث واصلت انشغالي الفني بإمكانياتي الذاتية وحملت كل معارضي التي قدمتها نظرة تحليلية لهذه الظروف السائدة ورافضة لوقائعها ويكفي ان أذكّر بعناوين معارضي الشخصية التي قدمتها »نوافذ الضوء« ومعرض »وجوه وألوان تربية« وانجزت شريطا قصيرا بعنوان »زاوية مغلقة« تناولت فيه ما يقع اليوم. الآن وبعد هذه الثّورة المجيدة التي قدمت قوافل الشهداء من أجلنا نتمسّك بأحقية هذه الثوة في تلبية كلّ مطالبها وعلى أساسها سقوط رموز السلطة البائدة وتكريس الديمقراطية البرلمانية وعدالة اجتماعية تعيد لنا مناخات الفعل الإبداعي الحرّ لنرتقي بالفن ونجعل منه منارة لشعبنا ضدّ الرجعية والتخلّف وكل الممارسات الجماعية والفردية المحبطة.
عبد الله شامخ (مخرج سينمائي)
❊ اجتمعت العائلة الفنيّة الكبيرة أمس في قاعة الفنّ الرابع وكانت لها عديد المطالب التي تهمّ الشأن السياسي والفني والثقافي عموما فماهي المعوّقات التي عانت منها السينما سابقا؟
كانت السينما تعاني من الانتهازية البيروقراطية والتخلّف السياسي الذي لا يحمل برنامجا واضحا ينهض بالقطاع السينمائي فسينما »ما بعد الاستقلال« كانت حكرًا على الأقلية التي ما انفكّت تصفّق وتنظم التقارير منها تقارير للمستعمر الفرنسي ومنها تقارير للمستعمر الوزاري (لجان مراقبة، رخص تصوير، دعم مقتصر على الاطراف التي تخدم المصالح الديبلوماسية الضيقة) كلّ هذا جعل من القطاع السينمائي غير وفي لواقعه الرديء الذي يعاني من ذلك الانعكاف خارج فضيحة الواقع فمثلا البحث عن الدعم من الدول الاجنبية الذي يتبعه التنازل عن عدّة قضايا تهمّ الشارع التونسي والهوية التونسية فسح المجال لنوع من الاستعمار الثقافي الجديد والتبعية للمستعمر الغربي ليوظف هذا الاخير السينما كوسيلة لتسويق مشاريعه الاستعمارية وتكريس ثقافة القتل والارتكاس.
❊ كيف ترى المشهد السينمائي بعد الثورة في ظلّ بلد حرّ وديمقراطي؟
سأتحدّث عن الراهن، فوجئت بعدّة أسماء كانت تعزف الدّف ولم أر من السينما سوى »السّي« الذي يمشي على البساط الاحمر فأقول له: ستبقى عابرا في كلام عابر لانّك لم تتصالح مع جهلك وخوفك ورفضك لواقعك، بهذه الصورة المعتّمة وغير الواضحة الى حدّ الان على مستوى الجمعيات السينمائية وشركات الانتاج وغياب برنامج وطني واضح له مشروعه المستقبلي... تبقى الانتهازية تستغلّ هذا الفراغ من خلال ركوبها على الأحداث وانسلاخها من ماضيها العقيم، لتبرّر بذلك وطنيتها المزيّفة من هنا أدعو كل القوى النزيهة والشريفة إلى الوقوف ضدّ هذه المشاريع التطبيعية التي عمقت أزمة الهوية وكثفت نوعًا من الشيزوفرينية في الشارع التونسي.
الرجاء من كلّ الشرفاء أن يكونوا يدًا واحدة من أجل هذا الوطن العزيز ويسرعوا بإنجاز نصّ قانونيّ واضح مستقلّ عن العمل السياسي وتكوين لجان وطنية تجمع بين أهل الثقافة وأهل القانون لفتح ملفّ التحقيق في الفساد المالي والإداري.
وأختم بما قاله العظيم »غارودي«: إنّ الفن ليس انطواءً على الذات بل هو نظرة موضوعية وتلاق مع الآخرين فالفنّ المنطوي على ذاته غير جدير بأن يُشاهد.
حاتم المرعوب (مخرج مسرحي)
❊ كان للنقابات عديد المطالب بعد الثورة. كيف ترى مستقبل المسرح التونسي كتابة وإخراجا في ظلّ بلد حرّ وديمقراطيّ؟
اعتقد ان المسرح الآن عليه أن يستوعب اللحظة التاريخية الراهنة وأن يدخل معها في جدل عميق..
فهذه التحوّلات الاجتماعية كانت وراءها حركة شعبية تلقائية انسانية أدّت الى تحولات سياسية عميقة ممّا يستوجب التعامل مع هذه التحوّلات بشكل جادّ على مستوى إنتاج الخطاب الحاليّ. الآن على المسرح أن يغيّر الاشكال الجمالية التي كان يتعامل بها سابقا ويبحث عن شكل جمالي آخر يكون وليد هذه التحوّلات، أمّا على مستوى المرجعيات الفكرية فإنّها ستتغير بالضرورة بحكم أن الارضية اصبحت تمكنّ من ذلك في بلد حرّ وديمقراطي.
عبد القادر بن عثمان (قاصٌ)
❊ كيف ترى المشهد الثقافي التونسي بعد الثورة؟
في الحقيقة يحتاج السؤال إلى إعادة البناء على النحو التالي: كيف يرانا المشهد الثقافي بعد الثورة؟ لأنّنا كنا قبلها نراه متورّطًا في صناعة كلّ فساد وكلّ قذارة ممّا جعلنا نبحث عن الريف هروبا من حالة تصحّره وافقراره خاصة بعد أن تواطأ مع أنظمة الفساد في كل القطاعات على تهجيرنا عنوة من العاصمة بعد سقوط جريدة الرأي العام اليومية لنعيش أكثر من عشر سنوات بعد اعتصام دام ثلاثة أشهر دون أن يجبرنا أحد لما كنا نستغيث ودون أن يمدّ لنا أحد العون من الإعلاميين المثقفين فهل مثل هذا المواقف التي لمسنا خطورتها بشكل مبكّر منذ سنة 1998 يمكن أن نؤسس لمشهد إبداعي وثقافي جديد؟ لقد كنا في قصصنا وكتاباتنا النقدية التي أنجزناها في منزل تميم نشر لمثل هذا اليوم الذي تأخر كثيرًا وكان كلّ يوم يمرّ علينا فيه هو محرقة جديدة بعد أن جربّنا الانتحار الحقيقي والمجازي ونحن نعتبر أن هذه المرحلة من عمر الثورة كانت مفاجئة ومبهرة ولكنها كانت متوقّعة وقيمتها الحقيقية فيما يبدو أننا قد أهملناه في هرولتنا الشديدة نحو إعادة بناء المطلق / مطلق تموقعنا في الصفوف الأمامية الوهمية بعد أن أثبتت النخبة أنها تعيش في الجحور خلف كلّ فعل ثوري، والمطلوب هو إعادة مراجعة جميع المسلّمات ونقد ثوابتنا، فالبناء قد وقع على من فيه ومن فيه هم مجرمون بامتياز.
لبنى نعمان (فنانة)
❊ ماهي المعوّقات التي كانت البلاد تعاني منها في القطاع الموسيقى والغنائي؟
بالنسبة اليّ كانت أهمّ المعوّقات متعلّقة بالانتاج والدعم المحكوم بالعلاقات والتوجّه السياسي حتّى أنّ وزارة الثقافة كانت لاَ تتعامل مع الفنان الجدّي الذي يملك برنامجًا، وكانت المؤسسة الثقافية تنظّر لثقافة تجارية بحتة فالانتاجات الموسيقية كانت تبقى في الرفوف.
والاعلام كان مقصّرًا جدّا يعتّم على الفنّ الراقي ذي التوجهات المدروسة القائمة على المعرفة والبحث. إضافة إلى غياب المشاريع الفنية الكبرى، وهذا ما همّش الفنّ وقضاياه وصارالفنان متحيّلا على المتفرّجين.
❊ كيف ترين المشهد الفني في ظلّ بلد حرّ وديمقراطي؟
أوّلا سيكون الفن حرّا بالضرورة لأنّه مرتبط جوهريّا بالحريّة، فبقدر ما يكون الفن حاملاً لايديولوجيا لابدّ أن تكون له رؤى وأفكار وأحلام.
ولابدّ من إعادة صياغة المنظومة الثقافية وضرورة احترام الفنانين أصحاب المشاريع، ليكونوا فاعلين في الداخل والخارج، نحن كنا نعاني من أزمة هوية ولابدّ أن يكون المسؤولون في القطاع الثقافي والفنّي على مستوى من الكفاءة بما يملكونه من برامج ورؤى وتصوّرات تنهض بالعملية الفنيّة فالفنان لابدّ له من حمل مشاريع تؤثر في البنية الذهنية والفكرية للجماهير، وذلك بالابتعاد عن منطق الإسهال والتهميش والإسفاف بالدخول في علاقة وطيدة مع أحلام الجماهير التي تحلم بأشياء أكبر تلبّي طموحاتها.
❊ باعتبارك ممثلة مسرحية أيضًا كيف سيكون دور المسرح في النهوض بالحركة الثقافية مستقبلا؟
سيتخلّص المسرح من »شيخوخته« مع احترامي الكبير للفنّانين الكبار حقّا لابدّ من إبراز الطاقات الجديدة لدى الشباب فلجنة مراقبة ومنح التأشيرات لابدّ لها أن تُحذف نهائيّا، والقطاع المسرحي كان يتجه نحو السقوط، حتى صارت العروض مرتبطة بالعلاقات الشخصية مع المندوبين والمسؤولين يجب أن تعود العلاقة المتينة بين المسرح والجمهور، في إطار مسرح جادّ وهادف، لخلق تصالح حقيقي قائم على احترام الفنان المسرحي أوّلاً لابدّ من بناء نوتات جديدة لإحداث رجّة جديدة في المسرح التونسي، لابدّ من جمهور يفكّر ويكون فاعلاً ولابدّ لنا من احترام هذا الجمهور ونفس الأمر ينسحب على الفنون الأخرى التي لابدّ لها أن تنهض من جديد لقد عاشت الثقافة في الحضيض خلال ثلاث وعشرين سنة لابدّ من تغيير حقيقي للمنظومة الثقافية برمّتها: »حيث الفكر الذي لا يعرف الخوف، وحيث الرأس مرتفع عاليا شامخًا، حيث المعرفة حرّة والعالم غير ممزّق داخل الجدران المألوفة الضيّقة، حيث تنبثق الكلمات من أعماق الحقيقة وحيث القلب يمدّ ذراعيه نحو الكمال، وحيث نهرُ البلد الصّافي لا يضلُّ طريقَهُ في رمال صحراء العادات البالية، وحيث تقود الفكرة إلى الأمام، نحو أعمال تزداد رحابة على الدّوام في ذلك الجوّ من الحرّية اجعلْ بلادي تنهضُ يا حبّ!«
[من كلمات طاغور وألحان رضا الشمك.]
مهدي شقرون (عازفٌ موسيقيٌ)
❊ التقت النقابات الفنية أمس في قاعة الفن الرابع على مطالب كثيرة تهمّ الشأن العام والشأن الفني بالخصوص. كيف ترى المشهد الفنّي في المستقبل انطلاقًا ممّا تحمله من مشاريع ورؤى فنية متعلّقة بالألحان والجمل الموسيقية؟
أعتقد أننا الآن سنخرج من منطق التصنيفات النمطية للجمل الموسيقية والمسارات اللحنية وستكون الموسيقات كونية بشكل أكبر وستظهر حقّا الامكانات الموسيقية الجديدة التي يحملها الشبان الجدد فبداخلهم آلاف المشاريع اللحنية الموسيقية، وسيجد العازفون حريّة أكبر لاخراج طاقاتهم الكامنة.
لابدّ من تغيير الأفكار القديمة، لأنّ هناك فنانون كبار مثل رضا الشمك عانى من التهميش والإقصاء المتعمّد في حين أنّ فناني الملاهي و»العرابن« كانت تمنحهم وزارة الثقافة دعمًا كبيرا من أجل مشاريع تجارية بحتة لا علاقة لها بالفنّ وبالرؤية الفنية ولا تجديد فيها على مستوى الاشكال الموسيقية وعلى مستوى الكلمة.
ظلّت النخبة في مجال الموسيقى مهمشة ومقصاة بشكل تامّ عن المنظومة الفنية في البلد وعن الشباب الجديد الذي يتقد حيوية ونشاطا فهدف الشباب الجديد هو البناء لخلق رؤى وتعبيرات موسيقية أخرى وهذا من شأنه أن يخلق إبداعًا جديدًا ولصيقًا بهموم الجماهير وثقافتها. فمن حقها الإنصات إلى أغنيات وموسيقات جديدة تنهض بروحها وفكرها، حتى تصبح الموسيقى مفتوحة على العالم وفي نفس الوقت تكرس الاختلاف واحترام الآخر. وواجبنا هو إثراء الساحة الثقافية في البلد لخرق السائد والمألوف.
صابر العبسي (شاعر)
❊ عانت الأجيال الشعريّة الجديدة من معوّقات كثيرة في ظلّ مؤسسة ثقافية قامعة تقيّدت بنظام استبدادي كمّم الأفواه. فماذا أنجز جيلكم الشعريّ في مثل تلك الظروف؟
إذا كان الشعر خلاصة الثقافة فإنّ نظام الراية البنفسجية هتك بالعقل وفعل ببنيته الأفاعيل الزرقاء!إذ أنّ التجارب اللاّشعرية لأصحاب المواهب المتلعثمة سيطرت على المشهد وقُدّمت لنا رموزًا هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت إنسانيا وإبداعيّا إلاّ أنّ جيلي الشعري كان متفطّنا يقظًا لممارسات فقاقيع »ثقافة التحوّل« وخير دليل على ذلك نصوصنا الملتصقة بتراب هذه الأرض وهوائها وأغاني كادحيها وبصفة خاصّة كان الجماليّ يتعانق والهمّ السياسي واليومي في القصيدة تعبيرا عن آمال وآلام مجتمعنا، ليس فينا من يكتب ترفَا ولا لهوًا ولا مرضاة للسّلطان وإنّما كنّا نكتب والكتابة لا تكون إلاّ بالعرق والدّم.
قاطعنا عديد التظاهرات والصّحف والمنابر موقفًا من أنّها جوقات للتطبيل والتّصفيق.
كنّا نعاني من انعدام الدّعم وغياب جوائز محترمة تشرف عليها بلجان مستقلّة وعانينا أيضا من الاعلام التونسي الذي يختزل صورة الشاعر في أنّّه عربيد ولصّ وقذر وسيء الهندام! إنّ جريمة الإعلام الثقافي هي أكبر جريمة من المؤسسة الثقافية التي يديرها البيروقراطيّون وأشباه الصحفيين والكتّاب المخبرون، إنّ جريمة الاعلام هي أسوأ من النظام نفسه!!
❊ كيف ترى المشهد الشعري الجديد بعد الثورة في ظلّ بلد حرّ وديمقراطيّ؟
أذكّر بأن هذه الثورة قادها الشباب وهي أشبه بالموجة العارمة التي فتّتت صخرة الرّدة والقهر الأمر الذي يستوجب حماية هذه الثورة من المتسلّقين وأشباه المثقفين والمخبرين بالأمس والمصفقين والمناشدين (وأسماؤهم معروفة وموثقة في الصحف الصفراء).
لابدّ من دعم ثقافة الكتاب ورصد تمويلات ضرورية لدفع حركة الكتابة ورصد جوائز محترمة بإشراف لجان مرموقة مستقلة وذات كفاءة أدبية وعلمية، ومن هنا تتأتّى ضرورة إشراك المنظمات والنقابات والاتحادات في حفظ مكانة الشعر والشاعر معًا.
وعلينا هذا اليوم إزاحة كل الشيوخ من شعراء مدجّنين ركبوا أو حاولوا الاستئثار بغنيمة الثورة (اتحاد الكتاب، بيت الشعر، كرسي بن علي للحضارات...) ولا مجال للتعتيم واستغفال المتلقّي ولابدّ من حذف وإلغاء كل اشكال الرقابة وعلى المبدع الحقيقي اليوم أن يطوّر تجربته لا فوق الواقع وإنّما انطلاقا منه تفجيرًا للمسكوت عنه بجميع أشكاله وتمظهراته. وعلى الأجيال الشعرية الجديدة ان تعي أنّه لا حياد عن مسار الثورة ولا تراجع عن مسار الحداثة والتحديث والتنوير والانفتاح على التجارب الكونية الكبرى لا تابعين بل فاعلين تأثرا وتأثيرًا.
إنّ الثورة لم تنته بعدُ وإنّما انطلقت للتوّ وإنّي متفائل حدّ التخمة. أنّ ما أنجزه الشعب التونسي أسقط كل التوقعات والمشاريع الامبريالية والاستعمارية بكلّ أشكالها. فكرامة التونسيّ عملة عالية القيمة في كلّ البورصات العالمية، وسيكون لهذه الثورة صدى واسع في محيطها العربي والمتوسطي والافريقي. والعالم متعطش جدّا هذا اليوم بعد السنوات العجاف لقراءة منجزاتنا الشعرية والادبية بصفة عامة التي لا بدّ أن تكون في حجم انتظارات هذا الشعب الأبيّ وبحجم انتظار كلّ الشعوب المتعطشة للحرية.
وعلى وزارة الثقافة ان تخصّص جائزة شعرية تحت اسم »جائزة شهداء الحرية«.
توفيق ڤسّومي (موظف بوزارة الثقافة)
❊ كنت حاضرًا أمس في قاعة الفن الرابع في لقاء كبير ضمّ كلّ النخب الفنية والثقافية في تونس التي أصدرت بيانات مختلفة تطالب بتغييرات كثيرة تهمّ الشأن السياسي والشأن الفنّي، ماهي المعوّقات الإداريّة التي كان يعاني منها القطاع الثقافي وموظّفو وزارة الثقافة؟
في البداية، لابد من الإشارة الى المسائل الهيكلية بوزارة الثقافة وأقصد بذلك الشبكة الادارية المعقّدة التي تدير وتسيّر المنجز الثقافي (سينما، مسرح، كتاب، فن تشكيلي...)
أوّلا: يعاني الموظفون الاداريون من ضبابية في مسألة الخطط الادارية المتّبعة من ذلك أنّه ولمدة تقارب خمسة عشر سنة لم يقع تسمية مدير: إدارة الفنون الدرامية على رأس ادارة المسرح.
ثانيا: غياب قانون أساسي لأغلب المؤسسات الادارية من ذلك دور الثقافة، إضافة الى أنّ قُرابة أربعين بالمائة من مديري دور الثقافة غير حاصلين على شهادة الباكالوريا ثم إنّّه عندما يقع تعيين احد المديرين فإنّه ضرورة يجب أن يكون حاملاً لبطاقة حزبية وكثيرون هم الذين وقع الزّجّ بهم في »الفريڤو« إضافة الى ان الصعود إلى السلم الاداري يقتضي سنوات وسنوات من خلال مناظرة داخلية معتّمة يقع انتقاء الاشخاص فيها بصفة المحسوبية هذا ونشير الى انّ أغلبية منشطي دور الثقافة هم غير مختصّين في قطاعات مثل السينما والمسرح بل هم عملة يقع انتدابهم وفق آليّة الحضائر الظرفية.
على المستوى الهيكلية أيضا تسيطر على وزارة الثقافة شبكة أخطبوطية بما يسمّى اللّجان الوطنية والجهوية والمحلية للثقافة.
هذه اللّجان التي تعتبر صندوقًا أسود لمال المجموعة الثقافية حيث يقع فيها غسل الأموال لفائدة أذناب الحزب الحاكم والاشخاص المحسوبين صُدفةً على القطاع الثقافي فمثلا اللجنة الثقافية الجهوية بكلّ ولاية يشكّلها رئيس لجنة، أمين مال، إلخ... وكلّّهم متورّطون عن بكرة أبيهم في نهب أموال وزارة الثقافة التي كان من الأجدر بها أن تذهب إلى المبدع والمثقف مباشرة.
أخيرًا، طالبت جلّ النقابات الفنية باستقالة المندوبين الجهويين للثقافة باعتبارهم ينتمون الى جهاز إداري فاسد إلاّ الشرفاء منهم وهم قلّة.
وعلى هذا بصفتي موظفا في وزارة الثقافة لم يقع ترسيمي بعد خمس سنوات وكثيرون هم أسوأ حالاً منّي يمرّون بنفس الوضعية، أبعث ببيان عبر جريدة الشعب إلى كلّ موظفي وزارة الثقافة، لتشكيل »نقابة موظّفي وزارة الثقافة« التي فكّر بها الكثيرون قبلي من ذلك الصديق الشاعر: عمار شعابنية وله قصيدة مشهورة في ذلك...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.