قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصحات تنقية الدم سند للمستشفيات العمومية أم بوّابة للإثراء الفاحش؟
تضاعفت مراكز تنقية الدم في العشر سنوات الأخيرة لتصل 101 مركزا
نشر في الشعب يوم 25 - 06 - 2011

يعد مرض القصور الكلوي المزمن من أخطر الامراض الآخذة في الانتشار والتي تمثل تهديدا لحياة الانسان بل انها تتجاوز الفرد في اضرارها لتمس مصالح المجموعة الوطنية نظرا للتكلفة الباهضة لعمليّة تنقية الدمّ او تصفيته وتخليصه من الشوائب (بلغت مصاريف تصفية الدم بتونس لسنة 2009 / 72530 ألف دينار). ويتحقق ذلك بطريقتين الغسيل الاصطناعي أو الغسيل الصفاقي. ولعلّ من اهمّ مزايا العلاج بطريقة تنقية الدمّ تمكين آلاف المرضى من البقاء على قيد الحياة وانقاذهم من موت محقق ولكن في مقابل ذلك يبقى المريض عبدا تابعا لآلة التصفية متعاقدا معها بمعدل ثلاث حصص في الاسبوع تدوم الحصة الواحدة 4 ساعات على الاقل وهو ما يتسبب له في صعوبات مهنية ودراسية اضافة إلى التكلفة الباهضة على المستوى المادي، لذلك فإنّ تنقية الدمّ، على اهميتها، ليست بالطريقة المثلى للعلاج اذ يبقى زرع الكلى دون شك احسن وسيلة لعلاج القصور الكلوي المزمن.
قد يبدو الامر طبيعيا لا يستدعي الخوض فيه الا من زاوية انسانية او توعوية تقوم على ارساء ثقافة وقائيّة تعتمد التحسيس وانارة الرأي العام والمواطنين بمخاطر عدّة امراض ومنها القصور الكلوي او الدعوة الى تحسين الامكانيات الاستشفائية ودعمها وتجويد الكادر الطبّي ورفع تكوينه حتى يوفق في إسداء خدمات أكثر ملاءمة لحاجيات المريض.
غير ان تعدّد مراكز تصفية الدمّ التي وصلت إلى مائة وتحوّل هذه الوظيفة الانسانية النبيلة الى سلعة للإتجار والاثراء ببعث عشرات المراكز الخاصة، قد طرح اسئلة حارقة حول ما يحدث في هذا الاختصاص الطبي الحسّاس ومدى مراعاة مراكز التصفية الخاصة لشروط السلامة الصحية واستجابتها لكراس الشروط المهنية والمعايير الاستشفائية الدولية في حدودها الدنيا على الاقل ومدى كفاءة وتخصص، الكادر الطبّي المشرف على هذه المراكز وتوفر المتابعة الدقيقة لكافة مراحل العملية العلاجية لمرضى القصور الكلوي المزمن خاصة مع غياب او تغييب المستشفيات الجامعية وأطباء الاختصاص عن هذه العملية العلاجية واحتكارها في الغالب على اصحاب المراكز الخاصة واطباء تنقية الدم، وما قد يعنيه ذلك من غلبة المنطقة التجاري الرّبحي على القيم المهنية والاعتبارات الانسانيّة.
أمام الجدل الواقع مؤخرا في الساحة الطبيّة حول هذا الموضوع والذي وصل حدّ نشر مقالات على اعمدة الصحف تتناوله بالتحليل والتشخيص وأمام تزايد القلق في صفوف مرضى الكلى وهو ما انعكس في تخوفات رئيس جمعيتهم، رأت جريدة الشعب ان تفرد ملفًّا خاصًّا لموضوع »مرض القصور الكلوي المزمن بين الاعتبارات الاستشفائية والخدمات التجارية« حاولنا من خلاله ان نسلّط الضوء على واقع هذا الاختصاص وننير الرأي العام حول اسباب الجدل القائم بين اطباء المستشفيات الجامعية واصحاب المؤسسات الخاصة بتنقية الدم، مستأنسين في ذلك بشهادات جمعناها إثر حديث بمستشفى شارل نيكول مع أطباء جامعيين مراقبين ولقاء جمعنا مع رئيس الجمعية التونسية لمرضى الكلى رضا هميلة، وتوضيح من عضو الهيئة الادارية الوطنية بالاتحاد العام التونسي للشغل وممثله بمجلس إدارة الكنام الاخ قاسم عفيّة.
❊ تنقية الدم من التخصص إلى التخصيص
يعتبر الاستاذ حسونة بن عيّاد أول من ادخل اختصاص تنقية الدم إلى المستشفيات التونسية خلال سبعينات القرن الماضي فهو الذي أخذ على عاتقه كل ما يهم هذا الاختصاص متحملا كامل المسؤولية فيما يخص المراحل العلاجية والموازنة المالية المخصصة لها.
ولكن ومع الثمانينات بدأت مراكز تنقية الدم في الظهور حتى وصلت الاربعة مراكز في حدود سنة 1987 ورغم ذلك فقد بقيت تحت سيطرة المستشفيات الجامعية واطباء الاختصاص خاضعة إلى مراقبتهم كما تم تحديد تكلفة التنقية ب 89 دينارا قسمت من خلال دراسة انجزت في السبعينات بين تكلفة الحمْيَةِ الخاصة بالمريض وتكلفة التحاليل وتكلفة المصفاة الخاصة بالتنقية وتكلفة المراقبة الخاصة (الممرض) وخصّصت 9 دنانير للطبيب المكلّف بمراقبة المريض ومتابعة حالته باستمرار وهو ما يعني في المحصلة ان التكلفة توزع الى 80 دينارا تذهب إلى المركز و9 دنانير للطبيب المتابع (والمراقب) والذين لم يتجاوز عددهم في ذلك التاريخ الاربع اطباء.
لكن بعد 1987 تنبه البعض إلى أهميّة هذا الاختصاص خاصة من ناحية مردوديته المالية فمع مطلع التسعينات كتب أحدهم مقالا في جريدة »لوتون« (بتاريخ 29 اكتوبر 1992 ص: 5) قدم فيه مشروع اعادة هيكلة مراكز تنقية الدمّ ضبط فيه استراتيجيته للاستثمار في هذا الاختصاص معتمدا في مقاربته على مجموعة من الحجج مثل: عجز المستشفيات عن تقديم علاج جيّد، وتردي الوضع الصحي للمرضى نظرا إلى الإكتظاظ في المستشفيات العمومية، وضرورة تقريب الخدمات للمرضى من خلال فتح مراكز في الجهات الداخلية وخاصة في الشمال الغربي الذي يشهد ارتفاع حالات العجز الكلوي المزمن. وانتهى الى ان الحلّ يكمن في فسح المجال للقطاع الخاص لبعث مراكز لتنقية الدم ومراجعة التكلفة المادية لعملية التصفية لتحسين نوعية العلاج.
وقد وصل عدد المراكز في موفى التسعينيات المائة ممّا يعني ان هذه المراكز قد تضاعفت خلال عشر سنوات، خمسًا وعشرين مرة.
❊ صراع القيم والمصالح
كانت أولى لقاءاتنا في مستشفى شارل نيكول وهو أوّل مستشفى جامعي تجرى فيه عمليّة تنقية الدمّ تحت اشراف الدكتور حسونة بن عياد، هناك عاينا أوضاع المرضى وتحدثنا إلى أحد الاساتذة الجامعيين المختصين في طبّ الكلى والذي شرح لنا الوضع واقترح بعض الحلول التي يراها مناسبة لتجاوز واقع الاختصاص.
يؤكد محدثنا انه وأمام حالة الاكتظاظ في المراكز المتوفرة فكرت الوزارة بالإستعانة بأطباء الاختصاص في حلّ يراعي مصلحة المرضى ويضمن عدم خروج هذه المراكز عن المراقبة واستقر الرأي على تكوين مجموعة من الاطباء يمثلون ضمانة داخل هذه المراكز لمراقبة عملية تصفية الدم يعودون بالنظر الى المستشفيات ويكون دورهم مراقبة المرضى داخل هذه المراكز فأخذنا مجموعة من اطباء الطبّ العام وقمنا بتدريبهم لمدّة سنة على كيفيّة مراقبة المرضى أثناء عملية التنقية والقيام بالتنسيق بين المراكز وأطباء الاختصاص بالمستشفيات لمتابعة المريض، وسميناهم بأطباء تنقية الدّم. ووصلت عملية التكوين الى توفير العدد الذي تحتاجه المراكز غير اننا فوجئنا بالمستشفى العسكري يصرّ على مواصلة تكوين اطباء في اختصاص تنقية الدم مما ادّى الى ظهور اعداد كبيرة من الاطباء تتجاوز حاجيات مراكز تنقية الدم وتفشي معضلة بطالة داخل هذا الاختصاص استغلتها مراكز تصفية الدمّ لمساومة الاطباء(300 طبيب عام تنقية الدم تم تكوينهم في ظرف 3 سنوات). ومع كثرة عدد اطباء التنقية وتحولهم الى كتلة مهمة بدؤوا التفكير في التنظم وبعثوا نقابة لاطباء تنقية الدمّ شكلت مع اتحاد الصناعة والتجارة والغرفة النقابية لاصحاب المصحات الخاصة شبكة مصالح همشت اطباء الاختصاص والمستشفيات الجامعية وتمردت عن الرقابة وبدأت بتغذية الصراع بين أطباء تنقية الدم ومن قام بتكوينهم وأشرف على تدريبهم لمدة سنة كاملة من أطباء الاختصاص.
ووقعت القطيعة التامة مع هؤلاء الاطباء وتوقفت عملية التكوين داخل مستشفى »»شارل نيكول«.
يضيف محدثنا أنه ورغم توقف اسناد تراخيص المصحات الخاصة لتنقية الدم أواخر التسعينات بأمر رئاسي نظرا للصراعات التي وقعت بين المقربين من السلطة الراغبين في بعث مصحات جديدة (وصلت المطالب 200 مطلب) ودعوة الوزارة الى بعث مراكز تصفية داخل المستشفيات الجهوية فوجئنا كأطباء مختصين مراقبين برغبة في اقصائنا كطرد بعض الاطباء كما وقع في مركز جندوبة او ما تعرضت له احدى الطبيبات في مستشفى منوبة وقد وصل الأمر حدّ الشتم والتشهير وهتك الاعراض.
❊ رضا هميلة: تطهير دمائنا ليس على حساب تسميم حياتنا
ولمزيد الاستفاضة في الاحاطة بموضوعنا توجهنا إلى منزل السيد رضا هميلة باعتبار ان الجمعية التونسية لمرضى الكلى ليس لها مقر رسميّ وحاولنا من خلاله وبوصفه الرئيس وأحد المؤسسين لهذه الجمعية ان نتعرف إلى اهداف هذه الجمعية والظروف التي يعيشها مرضى الكلى، وتقييمهم لأداء المستشفيات الجامعية والجهوية والمصحات الخاصة لتنقية الدّم.
❊ تأسيس الجمعيّة وأهدافها
ذكر الأخ رضا هميلة أن الجمعية التونسية لمرضى الكلى قد تأسست سنة 1982 وينضوي تحتها كل من يعالج مرض الكلى المزمن النهائي (السيّد رضا هميلة يخضع إلى حصص التنقية منذ 30 سنة) ومن اهمّ مشمولاتها تحسيس كل اصحاب القرار والمتدخلين لضمان نوعية علاج افضل تمكن مرضى الكلى من نوعية حياة أفضل. وتوعية المرضى بأهمّ السلوكيات الواجب اتباعها مثل (النظافة، الحمية) وتحسيس المريض بكيفية التعاطي مع مرضه خاصة وهو مضطر إلى تكييف حياته مع آلية تصفية الدمّ بمعدل حصّة كل 48 ساعة. واعتبر السيد هميلة انه رغم المجهودات التي يقدمها الاطار الطبي وشبه الطبي لتعهد المرضى والسهر على راحتهم فإنّ حالة الاكتظاظ في المستشفيات والمصحات جعلت من الاحاطة المستمرة بكل المرضى مهمة صعبة وهو ما يستوجب تدخل الجمعية لتستكمل بعض النقائص خاصة ان اغلب اعضائها من المرضى بالقصور الكلوي المزمن وهم على معرفة دقيقة بهذا المرض وما يتطلبه من عناية طبيّة ونفسية واجتماعية، يواصل السيد هميلة موضحا أنّ الجمعية موقعة على عقد شراكة مع وزارة التكوين المهني والتشغيل ومتعاقدة مع ستة متعاونين منهم إثنان مختصّان في علم النفس ويعد دورهما مهما في الاحاطة بالمريض خاصة في المرحلة الاولى من مرضه حيث تكون حالته النفسية مهتزة ومضطربة ويعاني من توتر بسبب عدم القبول بالمرض وهو ما يجعله في حاجة الى طبيب نفسي لتجاوز هذه المرحلة حتى يتعايش مع مرضه ويقبله ومن المنتظر ان نجدد العقد هذه السنة مع وزارة التكوين المهني ونوقع عقدين مع وزارة الصحّة ووزارة الشؤون الاجتماعية وهذه العقود تمكننا من ضمان كفالة المريض من حيث الحمْية التي تعتبر اهمّ مستلزمات العلاج واسباب ضمان محافظته على التوازن الجسدي.
وأضاف السيد هميلة أن من وظائف الجمعية الاخرى، ان لها هيئة تنمية مستديمة تتمثل مهمتها في اعانة صغار المرضى وذلك بادخالهم في تربصات تسهّل حصولهم على عمل مناسب والدفاع عن اعضائها المباشرين للعمل في المؤسسات الخاصة ضدّ الطرد التعسفي على خلفية مرضهم وعدم قدرتهم على العمل بانتظام نظرا إلى نظام حصص التّنقية الضروري والذي يستوجب ثلاث حصص اسبوعية بمعدّل حصة كل 48 ساعة، هذا مع عمل الهيئة على ضمان موطن شغل لمن لا شغل له من المرضى من خلال أكشاك او مشاريع اخرى مثل تعهد الحدائق.
ولمزيد الاحاطة بالمرضى والعمل على الاطلاع على كل جديد في علاج مرضى الكلى لضمان نوعيّة العلاج الافضل لدينا هيئة طبيّة استشارية وطنية وهيئة طبية استشارية دولية تمكننا من ضمان استشارات في كل المعضلات التي تعترضها.
وأكدّ السيد هميلة ان الجمعية احبّ من أحبّ وكره من كره هي الاولى التي بدأت التحسيس بالتبرع بالكلى، لان اكثر التبرعات بالاعضاء تشمل الكلى، خاصة ان عدد المرضى يبلغ 8200 مريضٍ في تونس مُقَسَّمين على 101 مركز خواص و43 مركزا بين استشفائي جامعي واستشفائي جهوي وتخصص المراكز الاستشفائية الجهوية لمرضى الكلى للذين ليست لهم تغطية اجتماعية ويتضاعف عدد المرضى سنويا بين 1200 و1500، في حين أن عمليات الزرع لا تبلغ سنويا إلاّ مائة حالة. والسبب في ذلك يعود إلى اسباب تعرفها وزارات الصحة المتعاقبة ومنها وزارة صحة ما بعد 14 جانفي جيدا لكنها تصرّ على اغلاق الابواب في وجوهنا ومقابلتها للحديث في ذلك وبإلحاحنا على السيد هميلة لذكر الاسباب التي ادت الى تقلّص نسبة عمليات زرع الكلى اجاب بان السبب يعود إلى غياب الحوار والاستماع إلى الجمعية من قبل الوزارة التي لا تتحاور إلا مع من يعتصم ويضرب وتوصد الابواب في وجهنا لاننا لا نستطيع بحكم وضعنا الصحي الدخول في الاضرابات والاعتصامات التي تمثل تهديدا مباشرا لحياتنا.
❊ نحن في خضم صراع على حسابنا
ذكر السيد هميلة أن اكثر الاسباب المساهمة في تدني نسب عمليات زرع الكلى تعود إلى الصراع المحتدم بين اطباء القطاع الخاص الذين سرعان ما يتحولون الى اصحاب مراكز لتنقية الدم وبين الاطباء الجامعيين المتخصصين في طبّ الكلى.
وسبب هذا الصراع الذي لاناقة لنا فيه ولا جمل هو الاستثمار في دمائنا فحين طرح موضوع الاكتظاظ في مراكز تصفية الدمّ بالمستشفيات الجامعية في اواخر السبعينات تم التنصيص على: أنه »ونظرا إلى الإكتظاظ في المستشفى يقع كفالة المريض لمركز خاص لتنقية الدمّ ولكن يبقى المريض استشفائيّا وهو الامر المعمول به في كافة دول العالم اذ يجب ان يكون المريض تحت اشراف المستشفى حتى لا يقع التلاعب به من قبل مراكز تنقية الدم وهو ما دفعنا في الجمعية الى التأكيد على ان أول كفالة طبية للمريض يجب ان يمضي عليها طبيب استشفائي مختص وأن يكون هذا الطبيب المختص من مرضى القصور الكلوي.
وتعود الاهمية في بقاء المريض استشفائيا إلى ان الطبيب المختص بإمكانه ان يساهم في تأخير خضوع المريض إلى التصفية من خلال العلاج وضبط حِمْية مناسبة له والسهر على مراقبة ومتابعة حالته باستمرار حتى لا يتمّ اخضاعه مباشرة إلى عملية تنقية الدمّ كما يؤكد السيد رضا هميلة ان الوقاية من هذا المرض ممكنة اذا ما تنبهنا إلى أسبابه مثل السكري وضغط الدمّ والوراثة وذلك بان لا يخصص يوم واحد في السنة (اليوم العالمي لمرضى الكلى) بل يجب أن يوضع طبيب جامعي مختص في كل المراكز الجهوية (ومن المفارقات ان 15 طبيبا جامعيا مختصا في حالة بطالة وهم على استعداد للذهاب الى المراكز الجهويّة للقيام بواجبهم) في حين تصرّ الوزارة على وضع اطباء تنقية الدمّ وهم غير مختصين ولم يتجاوز تكوينهم السنة الواحدة.
❊ الحل في التخصّص والمراقبة وتطبيق القانون
أمّا الحلول المقترحة من قبل الأطباء الجامعيين المراقبين المختصين في مرض الكلى ومن الجمعية التونسية لمرضى الكلى فهي:
خضوع السلسلة الاستشافئية لمرضى الكلى إلى مراقبة الاطباء المختصين في مرض الكلى ووقف التكوين لاطباء الطبّ العام مع توفر عدد مناسب من المختصين القادرين والمستعدين لتغطية النقص في المستشفيات والمراكز الجهوية وفي المصحات الخاصة مثل مراكز جندوبة وغار الدماء وعين دراهم.
مراقبة المراكز الخاصة في اطار الكفالة المسندة إليها طبق كراس الشروط خاصة مع التأكد من ان هذه المراكز تحقق ارباحا تصل 200 الف دينار سنويا خلاف ما تدعيه والدليل على ذلك وجود اكثر من 100 مطلب لفتح مراكز جديدة.
احترام الوزارة المقاييس الدولية التي تشترط ان لا يتجاوز المركز 40 مريضا في حين ان المعمول به حاليا انها تصل الى حدود 90 مريضا وهي الضوابط المحددة في كراس الشروط التونسية التي تحدد عدد الآلات بحسب المساحة (كل آلة 6 متر2)، وهي تجاوزات يؤكد السيد هميلة قائلا: »نبهنا إليها عدّة مرات من خلال مجلسنا القانوني واعضاء مكتبنا الوطني ومتفقدينا غير المشكوك في تقاريرها«.
مراجعة رخص عديد المراكز التي اسندت إلى غير اهل الاختصاص بسبب الولاءات السياسية التي لا تحترم كراس الشروط ويذكر السيد هميلة انه نفس موقف السيد رئيس عمادة الاطباء نجيب الشعبوني الذي ساند مطالبنا بضرورة التصدي لكل من يتجاوز اخلاقيات المهنة ولا يطبق المعايير المحددة في كراس الشروط.
ضرورة الفصل بين المتفقّد والطبيب المراقب نظرا إلى اختلاف وظيفتهما ودورهما.
إنهاء العمل التكميلي الخاص الذي يفتح الباب لعديد التجاوزات.
❊ حتى لا تتحول دماءنا إلى سلعة
كما أكد السيد رضا هميلة رئيس الجمعية التونسية لمرضى الكلى في آخر حديثنا معه، أن الدور الذي ينتظر وزارة الصحّة كبير لاصلاح القطاع الطبي وخاصة اختصاص تنقية الدم ونرجو من السيدة الوزيرة ان تفتح لنا ابواب الوزارة لنقدم لها شرحا مفصلا بوضع المستشفيات الجامعية والجهوية والخاصة حتى نضمن ان لا تتحوّل دماء المرضى إلى سلعة يثري على حسابها البعض ممن تجاوزوا كل أخلاقيات مهنة الطب النبيلة.
لقد حررت الثورة الشعب ونحن مرضى الكلى جزء من الشعب ومواطنون نحب وطننا رغم آلامنا، وما نطلبه ان يقف الجميع الى جانبنا حتى لا يستمر تلاعب البعض بدمائنا.
❊ الأخ قاسم عفيّة: برنامج الإصلاح الهيكلي أتى على الأخضر
واليابس اجتماعيا
وكان لابد لنا أن نتوجّه إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ممثلا في احد ممثليه في مجلس ادارة »الكنام« للحديث عن تكلفة الخدمات الصحية خاصة أنّنا قد علمنا من بعض محدثينا من اطباء الاختصاص في امراض الكلى ان نيّة العديد من اصحاب المراكز الخاصة بتنقية الدم تتجه إلى المطالبة بزيادة مساهمة الصندوق في تغطية كلفة حصّة التنقية من 89 دينارا الى 150 دينارا.
وقد أفادنا الاخ قاسم عفيّة بالحديث التالي الذي اكد فيه ان برنامج الاصلاح الهيكلي الذي انخرطت فيه تونس سنة 1986 قد أتى على الاخضر واليابس خاصة فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية التي تم تحويلها كما ذكر تدريجيا الى بضاعة بعد ان كان من المسلم به اعتبار الخدمات الاجتماعية احدى مقومات شرعية الدولة غير ان ما يلاحظ ان الدولة بدأت تتخلى عن دورها متذرعة في ذلك بمحدودية الامكانيات وعدم قدرتها على تحملها بمفردها.
ومن هنا جاء الحديث عن تكلفة الخدمة الصحيّة والتفكير في استرجاعها من متلقيها الذي تحول تعريفه من مريض الى حريف، وتم ذلك من خلال خطط ابتدأت بالتأمين الاجباري في مرحلة اولى اردفت بعد ذلك بالتأمين التكميلي الاختياري.
اما في علاقة بمراكز تنقية الدمّ التي يثار حولها جدل بين الاطباء الجامعيين المختصين والجمعية التونسية لمرضى الكلى من ناحية وأطباء التنقية واصحاب المراكز من ناحية ثانية فقد ذكر الاخ قاسم عفيّة: انه في اطار تفويض الدولة لبعض الخدمات او جزء منها للقطاع الخاص شهدت فترة التسْعينات طفرة في اسناد رخص تصفية الدمّ لم يواكبها تطوّر هذه المراكز في القطاع العام ليتجاوز معدل عدد المرضى في بعض المستشفيات الستين (60) مريضا والحال ان بعضها يشكو من عدم ملاءمتها للشروط الصحية الضرورية مثل توفر العدد الكافي من الاطباء لتغطية كافة مراحل حصص التصفية وتوفير الفضاءات الضرورية لايواء عدد المرضى اضف الى ذلك بعض التجاوزات فيما يتعلق بحقوق العاملين بهذه المراكز.
❊ الحل المراقبة ودعم القطاع العام
وعن الحلول المقترحة لتحسين وضعيّة مراكز تصفية الدم كما يراها الاتحاد العام التونسي للشغل أكد الاخ قاسم عفيّة على انه من الضرورة ان يتجه اهتمام الحكومة ولو كانت مؤقتة إلى توفير المزيد من هذه المراكز في القطاع العام وتقريبها من المواطن بما يستجيب لتزايد اعداد المصابين بمرض القصور الكلوي المزمن سنويا والقيام بالدراسات العلمية الضرورية لتحديد اسباب هذا التزايد وضبط الطرق الكفيلة بالوقاية منه تجاوزا لمضاعفاته على كافة الاصعدة انطلاقا من معاناة المريض الى التكلفة الباهضة للعلاج ومنها ايام العمل التي تتطلبها حصص التصفية (من يومين الى ثلاث اسبوعيا) وهي تعد خسائر بالجملة وأكد الاخ قاسم انه في انتظار ذلك لابدّ من مزيد الحرص على توفير المواصفات الصحية الضرورية بمراكز التصفية ودعم مراقبتها سواء في القطاع العام او الخاص خاصة أمام تنامي تشكيات هؤلاء المرضى من ظروف خضوعهم الى حصص التصفية.
❊ عدل منفذ في مركز لتصفية الدم
حصَلت جريدة الشعب على محضر معاينة بتاريخ 4 جوان 2011 محرر من قبل الاستاذ الاسعد المنديلي العدل المنفذ لدى دائرة قضاء المحكمة الابتدائية ببنزرت افاد فيه بأنه توجّه الى مركز تصفية الدم برأس الجبل الكائن بطريق الشاطئ وسجّل أمام مقر المركز حضور الدكتور فتحي اليونسي الذي كان في انتظار تمكينه من الدخول إلى المركز للقيام بمهمة المراقبة الدوريّة، الا ان الابواب بقيت موصدَةً ولم يجب اي شخص.
ان ما يمكن ان نستشفه من خلال هذا المحضر ان الامور وصلت إلى طريق اللاعودة بين الاطباء الجامعيين المختصين المكلفين بالمراقبة وبين مالكي بعض المراكز وأطباء تنقية الدم الذين تحول بعضهم إلى اصحاب مراكز خاصة فمنع مراقب من مباشرة مهامه وواجباته التي كلف بها من قبل وزارة الصحة العمومية يعدّ تجاوزا للقانون وتكريسا لمنطق تصوّرنا أن ثورة 14 جانفي قد قطعت معهُ، فضلا عن انه يؤشر الى امكانية وجود تجاوزات في بعض المراكز الخاصة وعدم التزام أصحابها بكراس الشروط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.