العجز الطاقي لتونس ينخفض مع موفى جويلية الفارط بنسبة 5 بالمائة    اجتماع تحضيري للقمة العربية الإسلامية في الدوحة    وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة    تصعيد في لندن: إصابات خطيرة بين الشرطة واعتقالات جماعية في احتجاجات اليمين    طقس اليوم: الرصد الجوي يتوقّع ارتفاعا طفيفا في الحرارة    منظمة شنغهاي للتعاون تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على قطر    وزير الخارجية المصري يوجه انتقادا لاذعا لدول غربية    وزيرة الأسرة تشرف على فعاليّات الحفل السنويّ للكشافة التونسيّة    قائمة الأكثر كسبا للأرباح.. رونالدو الأول ورام يتفوق على ميسي    من متبرّع واحد.. نجاح 4 عمليات زرع أعضاء    كرة القدم العالمية : برنامج أبرز مباريات الأحد و النقل التلفزي    إيقاف تمديد هذه العقود    الرابطة الاولى.. نتائج الدفعة الاولى من مواجهات الجولة 5 للبطولة    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي أمام امتحان صعب    الشركة التونسية للملاحة .. إلغاء سفرة تونس مرسيليا المبرمجة اليوم على متن السفينة «قرطاج»    طقس الليلة    حادث مرور قاتل بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    "مواسم الريح" للأمين السعيدي رواية الإعترافات والبحث في أعماق الذات البشرية    «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية في قاعاتنا ..صوت الطفلة الغزّاوية الذي فضح صمت العالم    في اختتام المهرجان الجهوي لنوادي المسرح بولاية المنستير .. ترشح شباب المكنين ، سيدي عامر والمنستير للمسابقة الإقليمية    بطولة اسبانيا:مبابي يتألق في فوز ريال مدريد بعشرة لاعبين 2-1 على سوسييداد    ليلة منعشة بانتظار التونسيين    عاجل: نشرة خاصة لأسطول الصمود...رياح قوية وأمواج عالبة    السينما التونسية تسجل حضورها في المهرجان الدولي للفيلم الفرنكوفوني بنامور    الإنفلونزا ليست موسمية فقط.. قد تدمّر رئتيك من الداخل!    الشركة التونسية للكهرباء والغاز: انقطاع التيار الكهربائي ببعض المناطق بإقليم الكاف اليوم السبت وغدا الأحد    عاجل: هذا ما قرره القضاء في حق صاحب مؤسسة أنستالينغو    جسر بنزرت الجديد...جاهز للاستغلال في سبتمبر 2027    8 دول عربية تتأثر بالأمطار الرعدية والبَرَد هذا الأسبوع    بنزرت: إعادة ضخ 21 طنا من الخضر والغلال في المسالك القانونية اثر حملة رقابية مشتركة    بطولة العالم لألعاب القوى: المنتخب الامريكي يفوز بذهبية 4 × 400 متر تتابع مختلط    كاس ديفيس للتنس (المجموعة الاولى) تونس تنهزم امام السويد 2-0 في مباراة الزوجي    عاجل: إبحار أول سفينة من أسطول الصمود من بنزرت نحو غزة    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    تمتيع 120 ألف تلميذ من العائلات المعوزة ببرنامج المساعدات المدرسية    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    إحياء أربعينية فاضل الجزيري الأسبوع القادم    أضواء على الجهات:جمعية صيانة مدينة بنزرت أفضل مثال على تكاتف الجهود بين المجتمع المدني و مؤسسات الدولة    تصريح / مشروع جسر بنزرت الجديد لم يواجه أي مشكل عقاري ،وقيمة تعويض أصحاب المنازل المزالة بلغت 45 مليون دينار    زلزال بقوة 7.5 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    ارتفاع عجز ميزان الطاقة الأوّلية بنسبة 16% مع نهاية جويلية 2025    السبت: حالة الطقس ودرجات الحرارة    الديوانة: حجز بضائع مهرّبة تفوق قيمتها 19 مليون دينار خلال الأسابيع الفارطة    فيديو اليوم... شيخ تونسي ينهار فرحا بخروج اسمه في قافلة الصمود    البرلمان العربي يثمّن اعتماد الأمم المتحدة "إعلان نيويورك" ويؤكد دعمه لحل الدولتين    وزارة الصحة تحذر    عاجل/ فرنسا تمنح تونس 3 قروض وهبتين.. وهذه قيمتها    عاجل/ "فيتش رايتينغ" ترفع تصنيف تونس    تحت شعار "نعدو من أجل تونس أكثر خضرة ": هذا موعد الدورة 38 لماراطون كومار تونس قرطاج الدولي..    تونس: حجز أكثر من 15 ألف كرّاس مدرسي    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأفق مدْلِهمّ لكنّ وراء الحلكة النّور!
٭ بقلم الصادق بن مهني
نشر في الشعب يوم 26 - 11 - 2011

لم أكن يوما لا عرّافا ولا قارئ كتاب أو كفّ أو فنجان، ولم أفلح يوما في الاستشراف والتوقّع. لكنّني أرى الآن، أو يخيّل لي أنّي أرى، أفقا مدلهمّا : خُطبًا ملغومة، وجُمَلا تغتالُ، وطاعونا أسودّ يجتَاحُ دون أن يُلْحَظَ، وضِحْكات اختيالٍ خبيثة، وإصرارًا -إلحاحا- ثباتا- مداومة على الخطإ، وتدحرجًا بل تدهورا بالغ السرعة نحو الماضي السحيق الأغبر... وأرى دموعا، أسمع صراخا، تخنقني الغازاتُ، وتقطّع جلدي الهرم السيّاط...أرى دموعا، أسمع دماء تنزف، ويؤرّقني سوس ينخر كياننا، سمّ يتسرّب إلى وجداننا من مسامَنا، ويضنيني إصرارٌ على أن تخيّم علينا وفينا عتمةٌ كالدّياجير، كالقحط، كالطوفان المهلك الذي ما بعده صلاحٌ...
أرى بلاءً شرقيً الكلمات لكنّه غزانا من غرب، أي ومعه جحافلُ. من خبراء لا يفصحون عن هويّاتهم، ومستشارون ظاهرهم ليس كباطنهم، وأموالٌ خبيثةٌ لا تلسعُ بل تدمِّرُ في تأنٍ ولكن في العمق... أرى انقلابا على انتقال فتحَ الدّرب أمامَه فتيةٌ قضَوْا، وشباب جرحوا، وأوفياء هتفوا / وكتبوا / وصوّروا / وأخبروا / وتظاهروا / وحملوا أرواحهم على أكفّهم وساروا باتّجاه الشمس... أرى بنتِيَ التي مرّت عبر الهراوات والاستجوابات والملاحقات والتجسّس والترهيب وخيانة الأجوار وإصراري على عدم الفهم بل غياب فطنتي، أراها تنحو إلى قنوط-تبكي حظّ شعب يثور على النّهب فتنهَبُ ثورتُه-تعرّضُ غدها-جسمها-عمرها-لأخطار قدمت من وراء البحر أو هبّت من جحورها قد تكون أخطر وأفظع وأحلك وأدهى من عنف بوليس خبرناه وشراسة صبَّابةٍ أَلِفناهم ومكر أدعياء على السياسة انتهوا بأن «انخلعوا» فخلعوا... أرى صديقات ابنتي- أصدقاءها تنفسخ ألوانهم- يخبو إشعاع نواظرهم - يتلعثمون- تتعثّر خطاهم- تشتدّ بهم الحيرة- ومنهم من ينثني أو يخفت أو ينقلبُ... أرى نداءات نساء قاومن وقاومن وقاومن لا يفهمن إلى أيّ منقلب انقلبنا ولا كيف هانت تضحياتنا وتكاثفت الخياناتُ علينا... أرى ساسةً لا يرعوون - لا يخجلهم لا كيف ارتقوا ولا كيف يؤمنون ديمومتهم ولا من أين جاؤوا وكيف ولا إلى أين نمضي يلقون بنا - ينصّبُون جلاّديهم وأبواقهم باسم الربّ- يستبطنون شرّا، يعضّون بنواذجهم على سلطة كي لا تنزاح عنهم- معاولهم أموالٌ وحدهم يعلمون من أين جاءت ورفوشهم كَلِمٌ يسرقونها من كتب قديمة- حقيقتهم ادّعاءُ امتلاك الحقيقة حتّى الاعتقاد إيمانا باِمتلاك الحقيقة كلّها - سيؤلمون ويظلمون ويؤخّرون ويسدّون الأفق الذي أردناه فسيحا مشرقا ويسلّطون علينا شيئا كثيرا ممّا سُلِّطَ عليهم وعلينا من قَبْلِهم... أرى رياحا عاتية سموما لا تذرُ... أرى تناحرا وتدافعا وعناقا غادرا وتآلفا لا ألفة فيه... وأرى شعبنا مرّة أخرى يُغدَرُ ويُستَبْلَهُ وتُفعَلُ به الأفاعيل...
لم أكن يوما لا عرّافا ولا قارئ كتاب أو كفّ أو فنجان لكنّني...
أرى فخرنا وتيجان رؤوسنا / نساءنا : الأمّهات والرفيقات والأخوات والصديقات والبنات والزميلات يتهدّدهن البؤس ويَضربهنّ الحمق في كلّياتهن ومعاهدهنّ ومستشفياتهنّ ومصانعهن ومكاتبهنّ وفي الطّريق... أرى فتية يسعون إلى العلم، يجتاحهم جهلٌ منظّم يدّعي أن الصلاة أولى من الدّرس ويهاتف بدل أن يعمل ويعظّ بدل أن يفسّر... أرى شعبا ترابية ومهنية تنقضّ على الحريّات، تنفض الغبار عن شعب ترابية ومهنية عفا التراب عليها أوخلناه فعلَ تبرزُها في ثوب جديد بدَّلَ البنفسجيّ سوادًا ولحىً وحجُبًا على كلّ ما هو جميل وبريء... أرى السّجن يتّسع... أرى الشعوذة والتدجيل يسكتُ عليهما... أرى أرهاطا ألهتها الكراسي والرغبة في الثأر تلسعنا سياطها تغتالنا ألسنتُها تهلكنا غطرستها... وأرى رأس مال خوّاف مكّار بهيم يضيع فرصَتُه التي منحها إيّاه شعبنا ليتحرّر ينقاد مرّة أخرى ويختارُ ما يحسبه أسلم السُّبل ويصطفّ مع من يحسبه أقوى فيدعمه ويبوس لحاه ويأتمر بأمره... وهو بالماضي القريب لا يتّعظ... أرى حلفا فيه أفّاكون وفيه شيء من محترفي اغتيال أحلام الشعوب وفيه أثرياءُ لا يرغبون في أن يُعْرَف كيف جمّعوا ثرواتهم وفيه سلطة قديمة متنفّذة لا تزال وفيه قوم أضاعوا بوصلاتهم.
لم أكن يوما لاعرّافا ولا قارئ فنجان أوكفّ أو كتاب لكنّني...
أرى جراحا وعذابات وبطالة تتضخّم وجوعا يستفحل... وأرى شابّات لا يستسلمن- وفتية طلّقوا الخوف بل روّضوه- وشعبا لم يعد يقبل لا بالعسف ولا بالقصف ولا بالصّمت المسلّط- ولا بالأوامر والتعليمات الجائرة حتّى وإن غُلِّفت بأغلفة قُدَّت من زيف يستفرد بالسّماء ويستحوذ على الأخلاق والقيم... أرى ما لا يراه المتهافتون والمتكالبون والمتحاملون والأدعياء وطلاّب الاستبداد : أرى حراكا لا ينثني، وأمواجا لا تنكسر، وغضبًا يستحكم، وتمرّدا يفيضُ... أرى تاريخا لا ينعطف- لا يتراجع بل يزحف / يتقدّم / يجرفُ...
لم أكن يوما لا عرّافا ولا قارئ كفّ ولا كتّاب ولا فنجان لكنّني...
أرى وراء الضباب المدلهمّ والرياح العاتية انفراجًا وحبّا وودّا وضياء وألوان قوس قزح وبسمات الرّضيع وهدوء الأمّ الحانية واندفاع الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.