جُودة دحمان: أسلاك التربية تدقّ ناقوس الخطر وتحذّر من تصعيد قد يصل إلى مقاطعة الامتحانات    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة    طقس اليوم: ارتفاع في درجات الحرارة    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    تطوير خدمات الطفولة المبكرة محور لقاء وزيرة الأسرة ورئيسة غرفة رياض الأطفال    فاطمة المسدي تنفي توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية في شكل وشاية بزميلها أحمد السعيداني    الفنيون يتحدّثون ل «الشروق» عن فوز المنتخب .. بداية واعدة.. الامتياز للمجبري والسّخيري والقادم أصعب    أمل حمام سوسة .. بن عمارة أمام تحدّ كبير    تحت شعار «إهدي تونسي» 50 حرفيّا يؤثّثون أروقة معرض هدايا آخر السنة    قيرواني .. نعم    كأس إفريقيا للأمم – المغرب 2025: المنتخب الإيفواري يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف دون رد    الغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة..    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    من الاستِشْراق إلى الاستِعْراب: الحالة الإيطالية    عاجل : وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    قفصة: إصدار 3 قرارات هدم لبنانيات آيلة للسقوط بالمدينه العتيقة    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل الحقيقة
نشر في الشعب يوم 17 - 12 - 2011

ان حركتنا النقابية التي تعمل دون كلل او ضعف من اجل تحقيق المبادئ النقابية العظمى تجسمت فيها آمال الطبقة الشغيلة وجعلتها أهلا للثقة بنفسها وتصميمها على الانتصار وجعلت الشعب ينظر الى تحقيق آماله العميقة ويتوجه اليها عن طريق فلسفته الخاصة دون حاجة للالتجاء الى نظريات اخرى.
فرحات حشاد... مؤتمر العمال الامريكان
سان فرانسيسكو 1951
ستون عاما تمر على خطاب زعيمنا الراحل فرحات حشاد وتبقى مقولاته خالدة لتنير سبيل كل من اختلطت عليه السبل وتعطي كل مؤمن بالرسالة النقابية الوطنية دفعا جديدا الى ترسيخ قواعد تطور العمل النقابي للوصول الى مرحلة النضج دون الالتجاء الى النظريات القديمة وقوالبها التي اندثرت ولم تعد تتماشى وعصرنا الحديث.
خمس وستون عاما قاربت على ذكرى تأسيس الاتحاد بحلوها ومرها ولم تتمكن عديد الفصائل من تجاوز عقدة الانتماء الفئوي الذي لا يحمل في طياته تنمية قدراتنا على التعايش النقابي الوطني السليم الذي لم يستقر بعد في عقولنا بما يكفي من النفاذ.
هذا ليس يسرا... انما المأساة هو ان نرضى بتفاقم هذا الوضع وان لا نسعى الى تحقيق النهضة الشاملة خصوصا بعد التغيير الجذري للوضع السياسي والاجتماعي وراء الثورة المباركة 14 جانفي والذي باركته كل القوى المقموعة من قِبل النظام البائد.
ولبلوغ الاهداف الذي ناضل من اجلها كل الديمقراطيين ومحبي الحرية والسلام وكل من يؤمن بوجوب تركيز دولة القانون وارساء علاقات مهنية تراعي تكامل الرأس المال المادي مع الرأس المال البشري وهي حكمته لازدهار الاقتصاد قصد توفير مواطن الشغل وتحسين وضع الشغالين من جهة اخرى.
ولبلوغ هذه المرحلة ويتحتم علينا اليوم ان نحدد بوضوح وحدته الارضية النقابية التي لا يمكن ان تكون لا مشتركة تتلاقى فيها مشاغل وجهود الجميع بترسيخ او تعميق الحوار البناء ومن المفيد التذكير بجملة من البديهيات والمقومات التي تعتبر حسب رأي مكمن السر في نجاح الاتحاد العام التونسي للشغل الذي عز على الكثير منا على أن لا يعيش دونه.
) ان العمل النقابي في حاجة الى اطارات كما ان تبتسم بالنجاعة والفعالية ولا يمكن ان تحصل هذه النجاعة وهذه الفعالية اذا كان المسؤول النقابي على جهل بالارضية التي يعمل على جهل بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه محيطنا.
) ان نحرص جميعا على ان تظل المنظمة الشغيلة وطنية بالدرجة الاولى ومجمع كل الافكار دون اقحامها في اي صراع سياسي.
) ان نحرص على تنمية مكاسب العمال وحمايتهم من كل استغلال وهو شيء حتمي تفرضه طبيعة العمل النقابي ومقتضيات التقدم والتوجهات التاريخية للاتحاد وانما الوصول الى هذه الاهداف بأقل التكاليف ودون هزات عنيفة متوقف على طرق العمل الموصلة من طرف النقابيين من جهة ومن تفهم وتبصر المؤسسات المشغلة من جهة اخرى.
) ان يتعاون الاتحاد مع الحكومة المستقبلية في سبيل انجاز مشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية تعود بالفائدة والجدوى على الشغالين والشعب بأسره.
) ان يكون في مقدمة اهتماماتنا الحد من تفشي ظاهرة البطالة بطمأنة المستثمرين على ان النقابات لا يمكن ان تكون عدوّا لهم وانما هي قناة قانونية ضرورية للدفاع عن مصالح منظوريها ووسيلة لتوعيتهم بأنه لا تقدم ولا رقي خارج التعاون المتبادل والحوار السليم المدعم بالحجة والبرهان.
هذه كلها بديهيات الا ان في خدمتها والتذكير بها خيرا عميقا لمن جف خياله وقصر نظره... اذ ان هناك من يعتبر التعاون النزيه تحريفا لثورية العمل الجماهيري ولا «غنم» يرتجي من ذلك.
اذا الامر في هذا الشأن لا يخلو من احتمالين اثنين.
فإما ان نعمل وفقا للرصيد التاريخي وللمذكرات الخالدة لرمز الكفاح الوطني والاجتماعي فقيدنا حشاد ووفقا لمقتضيات عصرنا بمراعاة تطلعات شبابنا الذي يبحث عن حقه المقدس في الشغل ويتحتم اذا التفكير الجدي في ارساء المصالحة الوطنية التي يتمناها كل نقابي وطني والتخلي عن الممارسات التصفوية والحسابات الفئوية والجهوية الضيقة.
واما ان نترك العنان للمزايدات وللتحالفات الغريبة وان نتجاهل التوازن الضروري للمحافظة على وحدة الصف العمالي وينعدم الانضباط والتآخي وتستفحل المناورات التي لن تؤدي الا الى طريق مسدود مخلفة وراءها قواعد عريضة غاضبة وجاهزة لشفاء غليلها وابراز تطلعاتها في الانضمام لمنظمات عمالية ثابتة وتكون الهزيمة لمن لا يملك استراتيجية محكمة لمن لم يتعظ بمامضى.
هكذا تعلمت كيف اصدع بالحقائق وفقا للظرف الذي أعيش فيه، ومن اجل الحقيقة اخترت ومعي ثلة من المناضلين النقابيين الاحرار أن نسلك الطريق الواجب سلوكه والتي يجب ان تتضافر الجهود لتعبيدها وصيانتها كي تتنجنب الكوارث ونتحاشى ما من شأنه زرع بذور الشر.
من اجل الحقيقة نحن سائرون على درب العمل والبذل متحملين مسؤولياتنا تجاه الشغالين بالساعد والفكر متحمسين لصيانة مناعة تونس واستقلالها السياسي والاقتصادي.
● كان المال السياسي نعمة على البعض ونقمة على البعض الآخر، كيف تفسّرون هذه المفارقة؟
-ولكن قد يكون مصدر المال هو المعضلة كما أنّ التمويل العمومي وان كان حقّا فإنّه غير كافٍ.
لايمكن أن نتصوّر أحزابا ذات موارد مالية متطابقة، فالتمويل الذاتي مهم جدًّا، وهذه حقيقة تبرهنها التجارب الحزبية في بلدان الديمقراطية (فرنسا، ألمانيا، ايطاليا).
الشفافية في التمويل وطرق صرفها مهمّة أخلاقية وقانونية كي لا يتحوّل المال السياسي إلى نقمة تفسّد الحياة السياسية وتجعلها في قبضة المال.
● تتحدّث أكثر من جهة في تونس عن التدخل المالي والاقتصادي والسياسي والديبلوماسي في نتائج الانتخابات، فما موقفكم من هذه المسألة خاصة أنّكم في حلّ من أي التزام تنظيمي؟
الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات ومختلف هيئات الرّقابة لم تثبت عمليا هذه الفرضية. هذا على المستوى القانوني أمّا ما تحت القانون، فإنّه حديث قد ينطبق وقد لا ينطبق، ولكن المجتمع المدني مدعو في محطّا ت انتخابية قادمة إلى أن يتولّى من موقع المشاركة في فضح هذه التجاوزات الخطيرة ان حدثت.
علينا أن ننسّب هذه الفرضية والكل يعلم أنّ حزبا من الأحزاب توهم أنّه بالمال يستطيع تحقيق نتائج مذهلة، فكانت النتيجة مخيّبة.
● مع تقدّم أشغال المجلس التأسيسي من ناحية وتأخّر الاعلام عن تشكيل الحكومة من ناحية أخرى، ظهر اعتصام باردو (I) واعتصام كلية الاداب والعلوم الانسانية بمنوبة. فما علاقة الاعتصامين بافرازات الانتخابات وبطبيعة أشغال المجلس الوطني التأسيسي؟
أعتقد أنّ ظاهرة الاعتصامات ظاهرة ايجابية في حكومة تعد بأنّها ستحافظ على حرية الفضاء العام وجميع الحقوق المتعلقة بالتظاهر ولا يمكن في اعتقادي أنّ أطرافًا دعمت القصبة (I) و(II) أن تناهض باردو (I).
وأنا أستبعد فرضية الأجندة، فقد تكون بعض الأطراف قد دعمت اعتصام باردو وهذا حقّها، والمجلس التأسيسي إلى حدّ الآن تعاطى بايجابية مع كلّ مظاهر الاعتصام، ولكن علينا أن نفرّق أيضا بين الاعتصامات، إذ لا يمكن أن يستمرّ الانفلات الاجتماعي خصوصا إذا ما تعلّق باعتصامات مهنية تعطّل آلة الانتاج الوطني.
الاعتصام السلمي حقّ ولكن الاعتصام الذي يشلّ المصالح (المؤسسات الكبرى، المرافق الحيوية) يحتاج إلى إعادة نظر استنادًا إلى الحوار.
● في ظلّ التأزّم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي تمرّ به بلادنا اليوم تنامت ظاهرة السلفية وتنوّعت أشكال حضورها. فما علاقة الأزمات بالسلفية؟
لقد اشتغلت على الظاهرة السلفية في العشرية السابقة، وكانت هناك عدّة مؤشرات على تناميها في ظلّ مناخ اقليمي مُواتٍ وقبضة أمنية محلية خانقت وغياب بدائل ثقافية معتدلة ومنفتحة، كان ذلك يحدث في قاع المجتمع ولم يكن مُتاحًا للاعلاميين والأكاديميين الانكباب على الظاهرة بعد سقوط النظام، أصبحت هذه الظاهرة على سطح المجتمع وكثر مشهدية.
لا أعتقد أنّ الحل الأمني هو المقاربة الصائبة في التعاطي معها حلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية العالقة وثقافة وطنية مدنية، من شأنها أن تحدّ من فاعلية هذا التيّار، كما أنّ اسلام منفتح ومتنوّر قد يساهم في تطويق الظاهرة.
● من زاوية علم النفس الاجتماعي، كيف تفسّرون أسباب ظهور النقاب كإشكال مجتمعي في تونس؟
يُعدُّ النقاب تعبيرة ثيابية عن انتماء ايديولوجي.
ظهر كردّ فعل سياسة أمنية تدخلت في الحميمي بشكل سافر كما أنّ هاته الثقافة قد تغذّت من اعلام افتراضي في ظلّ فراغ قيمي عانى منه المجتمع التونسي.
علينا أن نفصل بين المعالجة الثقافية والمعالجة السياسية لظاهرة النقاب فمع التأكيد على حرية المعتقد، أرى أنّ النقاب نشاز علينا أن نعالجه بكثير من الحكمة والهدوء.
● مادمنا في باب علم النفس الاجتماعي، بدأت بعض القراءات والتأويلات السياسية، تتحدّث عن ولادة الدولة الباتولوجية. فماهي حدود التقائكم؟ مع هذه المقاربة وحدود ابتعادكم عنها؟
لقد بيّنت الأشهر الأخيرة كبيرة للطبقة السياسية على التحلّي بالحكمة والاعتدال في التعامل الملفات الحسّاسة، فلم نشهد عمليات تأثر وانتقام وتشفٍّ تجاه رموز التعذيب والفساد، واحتكمنا الى القانون، ولعلّ رغبة المجتمع في الذهاب إلى عدالة انتقالية، كلّّها توحي الى أنّ الدولة لن تكون «باتولوجية» تحكمها عقد الماضي وجراحاته.
● في تفسيراتهم لما حصل يوم 14 جانفي وبعده، هناك من يؤكد على أنّ الثورة لم تكتمل مثلما لم يكتمل الانقلاب، وهناك من يقول ان من كانوا في السجون قد اعتلوا دفّة الحكم ومن كانوا في الحكم ادخلوا الزنزانات، ماهي رؤيتكم المخصوصة في هذا الباب؟
كلّ تجارب الانتقال الديمقراطي، تعطي مثل هذا المشهد الذي ذكرته في سؤالك. من الزنازين والمعتقلات خرج مانديلا وليش فاليزا وقونزاليز وحكموا دون أن تسجّل حالات من الانتقام والتشفّي، وهذا مرتهن بقدرة الضحية على التحكم في ارادته حتى لا يعيد انتاج الجلاد (نظرية carpman).
● بعد زهاء عام ونصف ستجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية، هل ترون أنّ حركة النهضة قادرة على مزيد الاستمرار في قيادة القاطرة السياسية خلال العقد القادم؟
هذا مرتهن بقدرة حركة النهضة على ادارة هاته المرحلة الانتقالية بمعية حلفائها والاخفاق لا قدّر اللّه سيكون موزّعا بين هذا الثالوث بدرجات متفاوتة والملف المعضلة سيكون الاقتصاد والاجتماع.
● هل من مصلحة حركة النهضة أوّلا ومن مصلحة بقيّة القوى الوطنية، ان تتفرّد هذه الحركة بالمناصب السياسية؟
وان كان هذا السؤال من مشمولات حركة النهضة في الإجابة عنه، فإنّني أعتقد ملاحظًا وباحثًا أنّ مصلحة التجربة برّمتها، تقتضي اشتراك أكبر طيف سياسي ممكن، حتى تكون الحكومة حكومة اجماع وطني يكون فيه المعيار الوطنية والكفاءة، مع استحقاقات العملية الانتخابية، ولكن خيّرت عدّة أطراف ان لا تشارك في الحكومة، وذلك خيار يحترم وان كنت أودّ أن يتمّ تعديل هذا الموقف. فليس من مصلحة التجربة الاستئثار بالمواقع الحكومية.
● وكأنّ حركة النهضة تعيش مخاضًا داخليا يتوزّع فيه الوجع بين الرغبة في التحديث والرغبة في التقوقع، مع من تراها أنجح من هاتين الرغبتين؟
سأجيبك عن هذا السؤال باعتباري باحثًا يستند في تحليله إلى نظرية التنظيمات. حركة النهضة ليست حلقة دينية إنّما هي حركة سياسية تخترقها توجهات، مواقع، أجيال رؤى تختلف أحيانا وتتفاقم أحيانًا أخرى، في حركة النهضة طبقات وأجيال تلقت ثقافات سياسية دينية مختلفة دمّرت بتجربة مريرة أفرزت مجموعات الدّاخل الخارج مجموعة السجن مجموعة خارج السّجن وأعتقد أنّ انسحابها مرتهن بالقدرة التنظيمية لهذه الحركة على ادارة الحوار وترشيد القرار. وهذا أمر لا يرتبط فقط بحركة النهضة إنّما ينسحب على جميع الحركات السياسية.
● يبدو أنّ حركة النهضة غير متوجسة من التيارات اليسارية والقومية والليبرالية بقدر توجسها من انتشار المدّ الشيعي في تونس، ماهي أسباب هذا التوجس في نظركم؟
حركة النهضة يفترض فيها أن تكون يقظة داخل محيطها السياسي بمختلف مكوّناته، التقليدية وغير التقليدية، ما حدث في السنوات الأخيرة في الساحة الدينية، كان غير مألوف من حيث ظهور تعبيرة دينية من خارج المشترك الديني بالمعنى الانثروبولوجي، وهي التشيّع وذلك ما سيربك انسجام المعطى الثقافي الديني التونسي (السنية المالكية) ومع تأكيدنا على حرية المعقد، فإنّ التعاطي الجدّي مع هذا المعطى يعدّ في اعتقادي مهمّة على النخب الثقافية أن تنجزه.
● هل تعتقدون أنّ الحلفاء السياسيين لحركة النهضة قادرون على تعزيز صلابة بنيانها في غياب التفاعل الايجابي معها لقوى المجتمع المدني وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشغل والرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان واتّحاد الصناعة والتجارة وهيئة المحامين والهيئات القضائية؟
على الحكومة المقبلة أن تتصرّف باعتبارها حكومة وليس باعتبارها ترويكا سياسية، فاستحقاقات الحكم جسيمة ومن المهم جدّا مدّ جسور التواصل مع الأطراف الحزبية التي ظلّت خارج الحكم ومع المجتمع المدني كالاتحاد العام التونسي للشغل ومختلف النقابات لأنّ الحوار معها وتشريكها سيكون مستمرّا حتى وان ظلّت في موقف المعارضة، انّها قوّة مقترح قد تصوّغ القرار الحكومي وهذا في اعتقادي مهم جدّا في ظرف انتقالي حسّاس.
● هل تعتقدون أنّ تحقيق العدالة الانتقالية ممكن بدون قوّة المؤسستين الأمنية والعسكرية وتماسكهما؟
أعتقد أنّ العدالة الانتقالية هي ملف عالق إلى حدّ الآن، وهناك استراتيجيات متعدّدة لتحريكه ضمن أجندات مختلفة ومتباينة وسيكون من المهم، اجراء حوار وطني حوله وسيلعب المجتمع المدني وجمعياته المختصة دورًا في رسم خارطة طريق خاصة به.
وستحتاج العدالة الانتقالية الى موافقة طرفين أساسيين الأوّل الطرف وهو الذي توجّّه إليه الاتهامات (المؤسسة الأمنية الجهات المتنفذة في الفساد الحالي) حتى تقدّم كلّ أوجهه الحقيقة.
أمّا الطرف الثاني فهو الضحايا، حتى يتخلّوا على رغبة التشفّي والانتقام ويرتهن كلّ ذلك إلى مهنية جهاز القضاء ومساندة السلط التنفيذية.
● يتردّد في بعض الأوساط والكواليس أنّ الدكتور المهدي مبروك مرشّح بارز لتولّي وزارة الثقافة، فبماذا تردون؟
ان كلّ ما وقع هو بمثابة مشاورات جرت بين أكثر من طرف سياسي حول الملفات الثقافية الكبرى التي على الحكومة المؤقتة معالجتها، وقد قضيت 15 سنة بين مختلف الادارات المركزية لوزارة الثقافية.
كنت قد أبديت رأيي في أولويات الملفات مع ابداء رأي شخصي في المبادئ التي يكون من الأفضل تبنيها كالتخلّي عن وهم أن تكون وزارة الثقافة عقلاً منتصبًا على المجتمع.
ثمّ ضرورة الحرص على حرية المبدع وفسح المجال للديناميكيات المجتمعية لافراز الخيارات الثقافية في جميع حقول الثقافة والابداع في مناخ من الحرية والعدالة في التمويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.