الفاتيكان يُنَصّبُ البابا ليو الرابع عشر بحضور قادة العالم    شجرة نخيل تهوي على ضيف بمهرجان كان السينمائي نقل إثرها إلى المستشفى    الدبيبة.. الككلي كان يسيطر على 6 مصارف ومن يُخَالِفُهُ يدخله السجن او المقبرة    العدوان الهمجي وتدمير المستشفيات مستمر.. أكثر من 120 شهيدا في غزّة منذ فجر اليوم    السخيري هدّاف مع آينتراخت فرانكفورت ويضمن المشاركة في رابطة الأبطال    تعرض حافلة الجمعية النسائية ببوحجلة لحادث مرور خطير وتسجيل إصابات    غدا: غدا: إنطلاق رزنامة اختبارات الثلاثي الثالث للمرحلة الابتدائية    اليوم: الحرارة تصل الى 35 درجة    اليوم: إنطلاق أولى رحلات الحجيج من تونس    فضيحة "الشهائد المزورة" تهز المغرب.. شبكة فساد تطال حتى القضاء!    المعهد الفلكي المصري يكشف موعد عيد الأضحى    علي معلول يغادر الملعب غاضبا بعد هدف فوز الأهلي المصري على البنك الأهلي    الفرجاني يؤكد استعداد تونس للعمل مع منظمة الصحة العالمية في مجال تصنيع اللقاحات    وزير التجهيز من نابل ..تقدّم أشغال مشروع طريق قربص بأكثر من 80 %    في انتظار فكّ اللغز .. رفض الإفراج عن فتحي دمق    تونس تدعو لتعزيز التعاون العربي في قمة بغداد التنموية الاقتصادية الاجتماعية    القبض على تاجر مخدّرات محلّ 10 مناشير تفتيش..    يوم دراسي للترويج للسياحة بالقصرين    قريش بلغيث رئيس مجلس إدارة شركة التجميع بالقيروان ل «الشّروق» الأولوية لتخزين القمح    بعد طغيان المادة على كل المبادئ .. الربح السريع يسقط القيم    المهدية...حجز 500 قطعة حلوى مُسرطنة    الوقاية من الأمراض المعدية: خطوات هامة لحماية صحتك    بوعرادة تحت شعار تراثنا وهويتنا: ايام تثقيفية و ندوات فكرية    مجموعات غنائيّة هاوية بصفاقس ابدعت في آدائها ….الازهر التونسي    تحسّن الوضع المائي في تونس: سدود تقترب من مليار متر مكعّب بعد الأمطار الأخيرة    أسباب فقدان الوزن المفاجئ    صفاقس : الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" …دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    الرابطة 2 .. نتائج مواجهات الجولة 25 للمجموعة الأولى والترتيب    طقس الليلة    القصرين: وزير السياحة يعلن حيدرة بلدية سياحية    مدير تعداد السكان: نحو التشجيع على الإنجاب ومراجعة سياسات السبعينات.. #خبر_عاجل    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    عاجل/ قمة بغداد: عبّاس يدعو المقاومة الى تسليم سلاحها    قربص.. البحر يلفظ جثة امرأة مجهولة الهوية    النفيضة: سيدي سعيدان تحتفل بثروتها الخزفية    حادث مرور قاتل في القيروان.. #خبر_عاجل    تعداد السكّان: أبرز الأرقام.. #خبر_عاجل    تونس: شلل في حركة الميترو رقم 1 و 6    رسمي: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    عاجل/ تعداد سكّان تونس: الإناث يتجاوزن الذكور بهذه النسبة..    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يزور القيروان    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    القمة العربية في بغداد: حضور مكثف ووزير الخارجية التونسي ينوب قيس سعيد    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    الرابطة 2 (الجولة 25): شبيبة القيروان تواصل الصدارة في المجموعة الثانية، وصراع مشتعل على البقاء    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    أي مستقبل للمؤثّرين؟    صفاقس عرض "وشام" في افتتاح تظاهرة "جذور وأجنحة"    قرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    









مسيرة حاشدة تنديدا بوسائل الإعلام وتشكيل لجنة أزمة من الحقوقيين والنقابيين وحماية الثورة والمعطلين عن العمل
سجنان بعد أن حوّلوها إلى سجنانستان
نشر في الشعب يوم 21 - 01 - 2012

وهبتها الطبيعة كل عناصرها من مناجم غنية ومياه عذبة، وجبال شاهقات وبحر لا ينضب، وسهول ممتدة أبعد من الأبصار وبشر توّاق الى العشق المعرفي والى الحياة الكريمة، لكن السياسة بمقصها الناري نالت من جناحها الاول الممتد جمالا وفتنة الى طبرقة ومن جناحها الثاني المَرْمريّ الهدار المتدفق نحو شواطئ بنزرت، فحوّلتها كهوفا ترقد دون حراك، وسط الغابات وأوصالها ممزقة بتلك المسالك الريفية المهترئة..ثم رمتها في منطقة وسطى تعاني فيها من «سكيزوفرينيا» الانتماء ومن «ميناخوليا» الوجود، جرحها النازف وصوتها الخافت وقلبها النابض حالات تدل كلها على محدودية فرص انقاذها من حالتها السريرية واخراجها من غيبوبة العنف المسلط عليها منذ الصراع البورقيبي اليوسفي الى تنامي جشع الطرابلسية وريقهم السائل كلعاب القط عند مداعبة المبرد.
السجن الكبير
سجنان أو هي اكبر من سجن كبير لا تزال تبحث عن كنهِ «التسمية» ودلالات «المعنى» واستعارة «المبنى» تركيبا وتفكيكا، فهذا يرجع المصطلح الى سدّ جنان الذي تحول «بالادغام» الى سجنان وذلك يؤكد وجود نبتة اسمها «نان» سجنت في تلك ا لبقعة من يابسة الكون دون سواها فصارت بالزحاف «سجن نان» ثم تجنبا للثقل تحولت الى سجنان، سجن بورقيبة وسجن بن علي.
والبؤس المتولد من ثراثها علّم أهلها القول الفصيح من درجات الحكمة «ليس المهم للانسان ان ينجح» بل المهم ان يكدح، وليس الشرف للانسان ان يقول اني سجين، بل كل الشرف في ان يقول ها إني سجين في سجنان ولكني أقاوم للخروج من سجون فشل السياسات التنموية وبطش رغبة التشفي والاهمال.
دخلناها من عمق أوجاعها الممتدة بين بطونها الجبلية وبين اشعارها الوارفة على طريقها المقطعة وسط سهول غير منتجة الا لأحاسيس الرأفة والتآزر مع ما في الارض من بشر، انعطفنا يمنة وسرنا بين لسع القرّ نبحث عن خيط رفيع يوصلنا الى ما كنا ننشد معرفته بكل تجرد، لأن من يحدث عن «امارة سجنان» قد زاد في وجع أهلها بل وجردهم من حقهم الانساني في الشعور بالكرامة ونزع عنهم ثراء ثقافاتهم الفرعية التي تمتد من «الدحرة» المتناثرة بيوتها يمنة ويسرة.. بسكانها الذين يبدون بملامح جمالهم وبلوغهم بصناعة الطين كأنهم أحفاد «ماسينيسّا» أو ابناء «الكاهنة».
قبل ان نقع أنا وكمال في يمّ يوسف وفي زراديب المخاتلة توقفنا برهة من الزمن عند معهد «البْلاَكات» حيث ينتفي الشرط الاساسي للحياة «الماء» فزهاء 500 تلميذ بأساتذتهم واطارهم التربوي واعوان التنظيف والحراسة عطاشى والماء يجري من حولهم انهارا ويسكن جوف ارضهم سدودا: سد سجنان سد الزياتين سد القمقوم، سد الحركة، وادي المالح وصولا الى سد البراق الذي تصب فروعه في سجنان غير كافية كلها لاطفاء عطش صِبْية بات مرض قصور الكلى يهدد اجسامهم النحيفة وبعد المسافات يرهق طاقاتهم الفكرية وكأن اهل «البلاكات» مازالوا خلف «بلاكات» الحداثة الساحلية ينشدون «اذا متنا ضمأى فلا نزل القطر بعدنا».
سجنان بقُراها ظلت نسيا منسيا، فلا نقل «ريفي» ولا «لواجات» ولا «تاكسيات» ولا «حافلات» تدخل المدينة من تلك البوابة التي سدها عنا المعتصمون من عصمة الشعب السابح في ماء الفقر بين عرائض التنديد وقلة الخمر الذي لا يباع الا خلسة والذين ازدادت عطالتهم بعد ان تخلصت سياسة التفويت بديوان تنمية المراعي بالشمال الغربي من 7500 عمل عرضي و 500 عمل قار لم يبق منهما سوى 70 ٪ وسعدت واعادة الهيكلة بمنجم الظواهرية «بتمرة» برمي 1600 عامل عرض ملح عرق البطالة!
الفلاحون الفقراء والمزارعون البسطاء
وبعد سعي الطرابلسية الى وضع أياديهم على تبغ سجنان تعطلت عائدات زهاء 1500 مزارع وتراجع الانتاج من 600 طن الى 350 طنا في السنة بما حدا بالمصنع الى التوقف عند 100 عامل قار و 150 عاملا عرضيا.
ومن اين لمنتجي الطماطم من الفلاحين الفقراء والمزارعين البسطاء توفير ما يكفي من «مكنكة» وبذور وأدوية لزراعة 3 آلاف هكتار تدير الالات الثقيلة والصدئة لمصنع الطماطم.
فالاوضاع الاقتصادية المتردية وتعقّد الاوضاع الاجتماعية وافرازات سياسات الانتقام والتشفي وامتداد السهول والارتفاع الجبال وانخفاض «الشعاب» هل بامكانها ان تفرز حركة سلفية تقيم أول امارة بمدينة سجنان؟!
وفي المتون القديمة، ارتبطت عدالة عمر بن الخطاب بالامني، حيث يأتي السرد فيها عبر «العنعنة» ضعيفة السند «هلمّ» بنا يا صاحبي نرعى شؤون المسلمين ونرى خفايا أمورهم.
أما العلوم الانسانية الحديثة فقد تطورت بقطائعها «الابستمولوجية» من الماركسية التي تعتبر القاعدة الاقتصادية هي المحددة لوعي البشر مرورا «بقوفمان» الذي دعا الى رسم المسافات بين الباحث وموضوع البحث وصولا الى بيار بورديو الذي قوّض مفهوم الطبقة والصراع من خلال تحويلهما الى الفاعلين الاجتماعيين وابراز دور رأسمال الرمزي. ههنا استبد بنا السؤال الحارق الى اي منهجية تخضع عمليات البحث عن مقومات بناء «امارة في سجنان» والظاهرة سلفية في تجلياتها وسابقة في مضامينها لهذه الاطروحات، بل لعلها منفلتة من مناهجها، لكن مشروعية السؤال تكمن في: «هل ان السلفية هي دائما وعي مقلوب في اذهان البعض للقوى المادية والسياسية والاجتماعي التي تسيطر على وجودهم اليومي وتتحكم في مصائرهم ضمن انساق تجعل كل محاولة جادة لتفكيك سياجاتها التاريخية صعبة ومعقدة؟
الماء في سجنان مدمّر للحياة
قال الطاهر المشرقي مرشد تربوي ان منطقة البلاعات المتاخمة لسجنان ما انفكت تستورد براميل المياه منذ سنة 2003 ومياه سجنان تطفئ عطش 18 ٪ من احتياجات الشعب التونسي وبعبارة أدق من الموارد المائية لتونس عامة وبنبرة يلفها الأسى وتعمقها الحسرة، ترجم نور الدين السعيداني حزنه بما يشعر به سكان سجنان من الغبن، فماؤهم يصل ولاية صفاقس وسكان «البلاكات» بِصبْيتهم ورضعهم وثكلاهم وعاطليهم يموتون عطشا والمسافة التي تفصلهم عن سجنان المدينة لا تتعدى 13 كلم؟!
وفي سياق حديثه عن الوضع الاجتماعي ذكر محدثنا ان 61 ٪ من سكان سجنان تحت عتبة الفقر في حين ان مجالات التنمية الفلاحية تظل واعدة اذا ما تمت توسعة المنطقة السقوية والتشجيع على تربية الماشية واستغلال نحو 3 الاف هكتار من الاراضي الزراعية ببعث مناطق سقوية تتجاوز سقف 500 هكتار المستغلة حاليا وذلك بدعم المزارعين وايجاد تسوية عقارية شاملة.
وبيّن علي بن مصطفى المشرقي ان سجنان هي أفقر معتمدية في ولاية بنزرت، فبعد ان استنزفت خيراتها وعوقب أهلها في العهد البورقيبي، تم توظيف سكانها سياسيا في حقبة حكم بن علي، أما الآن فهم على استعداد كي يغرقوا تحت الماء من اجل ان تصل رسائلهم الى قصري قرطاج والقصبة، مبرزا كثافة الزيارات والتحقيقات الاعلامية الوطنية والعالمية، حول موضوع «السلفية» في حين لم تعرف هذه المنطقة منذ ما يزيد عن نصف قرن عمودا صحافيا واحدا يرصد نبض أهلها.
وأفصح عمر النفزي عن المحاولات المتعددة «للطرابلسية» الهادفة الى بسط نفوذهم على زراعة التبغ في الجهة وعلى الالتفاف على أجمل المساحات وأخصبها بما ضيق على الفلاحين الفقراء وصادر حقهم في الحياة حيث تجمد سعر التبغ نحو عقد من الزمن، وتراجع الانتاج وتعطل نشاط المصنع وبالتالي تضاعفت كلفة انتاجه خمس مرات عما كانت عليه!
ولذلك عمد «الطرابلسية» الى استيراد فصيلة رديئة من النباتات، اشتكى من رداءتها مستهلكو السجائر في الاسواق المحلية.
وتحدث منجي المعلاوي من التعليم الاساسي عن الحيف في الانتداب داخل هذا السلك حيث تطبق الجهات الرسمية فصول الامتياز الممنوحة للمناطق السياحية، متجنبة ربط الشغورات في المدارس الريفية بالعروض المحلية.
واستعرض انعكاسات ذلك على المناخ المدرسي الذي يسجل الغياب المتواصل للوالي والانقطاع المدرسي للفتيات وتنامي حالات الانتحار وفي المجال التربوي دوما، يغرق زهاء 200 عون حسب لطفي المعلاوي في خنادق الحظائر و 17 منهم تجاوزوا عتبة الخمسين من العمر، ويزداد وجع القطاع ألما لما خصت وزارة التربية جهة بنزرت بعرضين فقط من مجموع 1200 خطة شاغرة.
وأضاف سمير العياري (قيم) قائلا ان خمس مؤسسات تربوية ثانوية و 3 مؤسسات تربوية اساسسية، يفتقد جلها الى المرافق الاساسية والى التجهيز الضرورية فهي عبارة على نقطة عبور تربوية يكتنفها الاهمال ويكتفي بها العطش، فحتى الجمعيات المائية لم تهتد الى ما يطفئ ظمأ العطش من الاساتذة والمعلمين والاعوان.
الخطط الشيطانية وآيات الولاء المغشوش
وتعرض نبيل الطرابلسي الى ما وصفه بالخطة الشيطانية التي انتهجها القائمون على امر ديوان الشمال الغربي ضمن سياسة اعادة الهيكلة من ضغوطات وهرسلة على العمال والموظفين للخروج الى التقاعد المبكر مقابل نزر قليل من التعويضات المالية او الحصول على مقاسم.
وفسّر نبيل اسباب فشل أغلب الحاصلين على مقاسم، حيث لا يمكن للبنوك ان تقرضهم اكثر من مليون ونصف المليون من المليمات في حين ان الاحتياجات الجماعية المشتركة تتعدى ذلك المبلغ الى نحو 6 الاف دينار فالمقسم الواحد تصل مساحته الى 7 هكتارات وأقرب مقسم الى سجنان تتعدى مسافاته 150 كلم.
وبيّن عبد المجيد المعلاوي، ما يتعرض له اصحاب المقاسم من ضغوطات بنكية ومن ملاحقات ادارية، فهذا يطالبهم باسترجاع القروض وذلك يحاكمهم من اجل تسليم المقاطع! وبين هذا وذاك يتنامى الاغراء وتزداد الغواية وتكثر الوعود بالعودة الى العمل بالديوان.
هذه الاوضاع المعقدة دفعت اعوان وموظفي الديوان بالشمال الغربي (باجة، الكاف، سليانة، بنزرت) الى الدخول في اعتصام مفتوح تؤطره النقابات ويتبناه الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت، وفي باب متصل بالقطاع الفلاحي، يشتكي عبد العزيز المعلاوي الكاتب العام للنقابة الاساسية بادارة الغابات من غياب التغطية الاجتماعية منذ سنة 2000 ومن فقدان زي الشغل ومن مجمل الاوضاع المتردية للعاملات والعاملين الذين حموا الغابات من الحريق وتصدوا للمخارز بكفوفهم اليابسة حتى لا يطال التدمير تجهيزات الادارة ووسائل عمل الاعوان.
في مصنع ماكسي تاكس
تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها
تقول نجاة السحباني ان صاحب العمل لم يحترم اطلاقا ولو فصلا واحدا من فصول عقد العمل محددة المدة حيث لم يتعدَّ راتبها الشهري 40 د ينارا وتؤكد دوجة العباسي ان زهاء مائة فتاة تشتغلن ضمن اقسى ظروف العمل واعقدها تعاملا، فاذا كان عقد الشغل يحدد ساعة العمل ب 1562 مليما، فان صاحب العمل لم يتعد 70 دينارا شهريا.
وتبين سميرة المشرقي ان العاملات بمصنع ماكسي تاكس يبدأ يومهن من الساعة السابعة والنصف صباحا ولا يغادرن مواقع العمل الا على الساعة السادسة مساء فقد تم استغلالهن استغلالا فاحشا قبل الثورة وبعدها عمد صاحب العمل الى غلق المصنع والهرب قبل ان يسدد ما تخلد بذمته من رواتب العاملات وحقوقهن، حيث لم يجدن الى حد الآن غير تواطُؤِ التفقدية الجهوية للشغل ببنزرت مع صاحب العمل!
وفي ظل هذه الاوضاع الاقتصادية المعقدة والاجتماعية الآخذة في التردي وامام ما تعيشه المنطقة بسكانها من تهميش واقصاء وبطالة، كيف يبدو حال العاطلين من اصحاب الشهادات العليا؟
اتحاد المعطلين يعتصمون داخل المعتمدية
يقول الشاب نجيب العباسي صاحب اجازة في اللغات التطبيقية في «مولني ميديا» انه عاطل عن العمل منذ خمس سنوات كاملة وان التنسيقية المحلية لاتحاد اصحاب الشهادات المعطلين قد دخلوا في اعتصام مفتوح منذ يوم 28 نوفمبر الماضي حيث يناهز عددهم في معتمدية سجنان زهاء 12 الف منخرط!
وعبر ماهر القاسمي المتخرج منذ ثلاث سنوات في مدرسة التنشيط السياحي عن امتعاضه مما عمد اليه السيد عبد العزيز العابدي وزير التشغيل السابق من اقصاء للعاطلين عن العمل بجهة سجنان حيث لم يقع انتداب سوى خمسة شبان من مجموع 50 الف منتدب على الصعيد الوطني، مبرزا ان الشغورات المسجلة في المؤسسات العمومية بالجهة قد حددت ب 106 شغورا.
وبيّن ان اعتصامهم المفتوح بمقر معتمدية الجهة يأتي احتجاجا على تواصل سياسة التهميش والاقصاء التي تعاني منها سجنان عامة وشبابها على وجه التحديد، ذلك ان الوزير السابق قد عمد الى التفاوض مع جمعيات موازية ولم يشرك اتحاد المعطلين واتحاد الشغل على حدّ السواء!
سلفية الإعلام والسياسة أم إمارة وهمية في سجنان؟
يقول لطفي العسلي إن ما اصطلح على تسميته السلفية أو امارة سجان، لا يتعدى واقعيا وجود نوتات معزولة تمثلت الشكل السلفي وتقمصت دور السلفيين.
وهؤلاء السلفيون لا يتعدى عددهم 200 فرد في أقصى الحالات يسعون في الغالب الاعم الى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، حيث تصطدم تدخلاتهم احيانا بالعنف المتبادل الذي لم تتسع دائرته اطلاقا بحكم الروابط العائلية وتماسك البنية الاجتماعية والعائلية صلب مدينة سجنان.
وكشف لطفي العسلي عن الاسرار التي تشكلت على ضوئها «الامارة» وهما في أدمغة ما اسماه بالسلالات الهجينة من الوشاة المنحدرين من ثلاث عائلات تداولت على السلطة في الجهة وبسطت نفوذها على ينابيع مواردها وخصوبة أراضيها وثراء عقاراتها دون وجه قانوني، حيث عمدت عبر مكالمة هاتفية الى اخبار إحدى الصحف ثم التقدم بشكايات الى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
لكن القوى السياسية والاجتماعية وانسجة المجتمع المدني بنخبها الحقوقية والنقابية وبمثقفيها ومبدعين على وعي تام بالاسباب التاريخية التي تقف وراء تهميش الجهة بعد معاقبتها في العقبة البورقيبة لانها انحازت الى اليوسفية.
واضاف الكاتب العام للاتحاد المحلي بسجنان ان الجهة اليوم تعاني من أعلى نسب البطالة والتي تصل الى 56،8 ٪ وان 85 ٪ من سكانها تحت خط الفقر وان 12 ٪ منهم على عتبة الفقر، وان 3 ٪ من قواها النشيطة تتمركز في القطاعات المختلفة للوظيفة العمومية، بينما تنتصب نسب قليلة بحساب الانشطة التجارية.
وبيّن رضا العسلي تشكيل خلية ازمة من ابناء سجنان الغيورين عليها تتكون من نقابيين وحقوقيين واعضاء من لجان حماية الثورة واعضاء من اتحاد المعطلين عن العمل وممن لم يتورطوا مع النظام السابق ومن الاحزاب السياسية للتصدي لما اسماه ازمة إرباك للجهة ومحاولات لإفراغ مطالبها التنموية من شرعيتها التاريخية بالعمل على رفض الاحقاد وزرع الفتن.
وخلص رضا العسلي الى التأكيد ان السيارات التي خرجت يوم 13 جانفي 2010 تهليلا بخطاب المخلوع هي التي اعترضت وفد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان يوم زيارته الى سجنان، مبرزا في السياق نفسه ما لحق سجنان وسكانها من تشويه من قبل احدى الصحف على اثر مكالمة هاتفية من بعض ازلام النظام السابق ممن استفردوا بالمنطقة وتداولوا على مؤسساتها.
موقف السلفيين
على اعتبار ان الموضوعية تقتضي البحث عن الحقيقة الموزعة بين اطراف القضية وتمفصلات الاشكالية التقت «الشعب» مع ثلة من السلفين لرصد مواقفهم:
يقول علاء الدين الحمدي (أمام جامع سجنان) ان الامارة امر سهل وبيّن ولا يتطلب الكثير من العلات، لكن هناك اناس في سجنان من رجال الاعمال قد عرفوا بخلفياتهم التجمعية، قد نظروا في حال سجنان بعد الثورة فوجدوا اهلها يطالبون بالتنمية وبالتمسك بمصلحة البلاد دون العباد وهذا امر لا يخدم مصالحهم ولا يساعدهم على المحافظة على امتيازاتهم التي حصلوا عليها دون وجه حق، فسعوا الى بث بلبلة تشغل الناس عن ضروريات حياتهم وشرعية مطالبهم.
فظاهرة الاقو ام من اصحاب اللحي الذين يقومون بأعمال خيرية وبالنهي عن المنكر والتصدي للباطل قد شكلت أمرا لايعجبهم فكانت فزاعة ما يسمى «بالامارة» السلفية بسجنان.
ومن تحدث عن الامارة، أنا أسأله سؤالا واحدا وأنتظر منه إجابة صريحة، من هو الذي اعلن عن الامارة ممن تسمونهم بالجماعات السلفية؟!
ان من تحدّث عن امارة هم اناس لهم تاريخ أسود.
ويرى قيس المعلاوي ان الثورة لم تشمل جهة سجنان مما دفع بأزلام النظام السابق بمواصلة نشاطهم دون ان يتصدى لهم احد ودون ان يمنعهم أحد.
ومن يريد الحديث عن الامارة لابد ان يكون له العلم الكافي لذلك، فكيف يمكن للامارة ان تأتي لشخصين لا يملكان سوى دراجة نارية 103، بل ان أفضلهم يشتغل في الحظائر.
ان اسرار بث هذه الاشاعة ترتبط بأناس استولوا على أموال البشر وكسبوا الاراضي والعقارات واستفردوا بامكانيات البلدية وظلو بفسادهم ونسقهم يصولون ويجولون دون محاسبة الى ان اعلنوا حربهم على الدين!
أما على المستوى السياسي فان رمزي الحكيري يدعو الاعلام الى طرح سؤال على الاحزاب اليسارية الساعية الى الى «محاربة النهضة بالسلفية» اهكذا يتم الصراع مع النهضة وهل بتقديم 12 قضية عدلية ضدنا؟
واذا كنا قد تحصّنا بالجبال، فكيف تم تبليغ استدعاءات الشرطة الينا؟!
على التلفزة الوطنية وعلى وسائل الاعلام التي شوهت سجنان الاعتذار الى اهلها فلا واحدة منها غطّت المسيرة الحاشدة التي انضم اليها يوم 9 جانفي 7 آلاف مواطن تنديدا بوسائل الاعلام والدعوة الى التآخي والتآزر بين السكان لتفادي الانعكاسات الوخيمة لمن اراد زرع الفتنة بين اهلها وسكانها وعائلاتها العريقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.