ان المتتبع لواقع المستشفى الجامعي «الطاهر صفر» بالمهدية منذ الشروع بالعمل بالنظام التكميلي الخاص المسمى «A P C الذي يسمح لبعض الأطباء الاخصائيين بالعمل المزدوج في القطاعين العام والخاص وفق ضوابط يحددها القانون لم يتم احترامها اطلاقا نظرا لعجز الجهات المسؤولة الرسمية القادرة على ردع هذه التجاوزات وقد بلغ بالبعض منهم في اطار تماديهم في خرق القانون والاعتداء على قطاع الصحة العمومية حدّ توظيفهم لأعوان في الصحة للعمل على اقناع المرضي الوافدين على قسم الاستعجالي بالتوجه الى مؤسسات صحية خاصة معلومة بالجهة وذلك مقابل عمولة «على كل رأس» الأمر الذي أدّى الى تندّر الأوساط الطبّية وشبه الطبّية بقولها «تحويل وجهة». ان المؤسسات الاستشفائية العمومية التي بنيت من أموال دافعي الضرائب والتي هي ملك للمجموعة الوطنية هي حق مشاع لجميع التونسيين في ان يتلقوا فيها علاجا «مجانيا» الا أن ما يلاحظ في المهدية يتنافى مع ما يروج من أن القطاع العام هو مركز الاهتمام وان القطاع الخاصّ ليس الا مكمّلا له في الوقت الذي يعاني فيه المستشفى من نقص فادح في الاطار البشري وتاكل للتجهيزات يدل ببساطة شديدة على أن الدولة قد تخلّت عن دورها الاجتماعي وان القطاع العام يتعرّض الى تدمير منهجي منظم بهدف: 1) تحقيق صنفين من الخدمات الصحية بالبلاد : طب للأغنياء وآخر للفقراء. 2) تهديد مواطن شغل العاملين بالقطاع الصحي العمومي وتعريضهم للبطالة الفنية على المدى المتوسط. اننا بقدر ما نطالب بتحسين الظروف المادية والمهنية لجميع العاملين بالقطاع فاننا نرفض ان تسعى أقلية الى تحقيق إمتيازات مادية على حساب صحّة المواطن وكذلك حقّ بقية العاملين في القطاع في عمل قارّ تراعى فيه حقوقهم في تحسين ظروفهم المادية والمهنية. ان سكوت سلطة الاشراف على مثل هذه التجاوزات الخطيرة لا يرجى من وراءه إلا تهديد المناخ الاجتماعي بالمؤسسة والاستقرار بالبلاد.