ليس كل ما يتمناه أعداء منظمتنا الشغيلة يدركونه، وحين يتعلق الأمر بالنقابيين وبهبّتهم التاريخية العظيمة منذ أيام لتطهير بطحاء محمد علي من دنس الأزلام والميليشيات فالشيء يصبح عندها من مأتاه لا يستغرب. لقد راهنوا على فشل النقابية والعمالية التي جاءت في هذا السياق، نقابيون هرعوا صبيحة يوم السبت المنقضي منذ الصباح الباكر وهم يعدّلون ساعتهم على تجمع حاشد يختلف عن بقية التجمعات وعلى مسيرة قرروا ان تكون أفضل رد على كل من ستسول له نفسه مستقبلا مجرد التفكير في إيذاء الاتحاد أو التشويش عليه بالترهات والإشاعات. الكل يهتف في طريقه الى دار الشغالين بسوسة «لبيك يا اتحاد لبيك.. جئنا تهزنا الغيرة عليك» ولمحت في أعين النقابيين من مناضلات ومناضلي الاتحاد لحظة الشروع في الاستعداد للخروج في المسيرة قصيدة كتبت بدموع الإخلاص والوفاء لمنظمتهم العتيدة قد يكون مطلعها : نعم لبيك يا اتحاد لبيك..اليوم قررنا ان نحجّ إليك.. وان نجمل جدرانك بالفل والياسمين وعطر النارنج.. وان نخط بحناجرنا أروع كلمات.. قيلت وذكرت فيك وعنك..فاعذر لنا يا اتحاد عشقنا.. فنحن حين يطالنا القمع والتكميم.. لا نجد بدّا من الفرار إلا إليك.. الأخ مصطفى مطاوع الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة الذي افتتح هذا التجمع النقابي العمالي، كان يمسك بعلم تونس المفدى وباليد اليسرى علم الاتحاد العام التونسي للشغل، وكان يصرخ في حالة تخمر صوفية اليوم نثبت للأعداء الجبناء ان اتحاد حشاد العظيم سيظل عصيا على المناورين والمناوئين وكل من حاول استهداف اتحادنا العتيد الذي سيواصل دوره التاريخي في ان يكون شريكا فاعلا للتقدم بتونس الديمقراطية التقدمية والدفاع عن مصالح العمال، قال مصطفى مطاوع وهو يدرك تماما ماذا يقول نموت، نموت، ويحيا الاتحاد،قال أيضا نحن نقابيون تعودنا ان نكرم اليد التي تصافح بطهارة جدران مقرات الاتحاد وان نقطع في المقابل كل يد غادرة تمتد لنا متآمرة لتدنس وتخرب هذه المقرات فما بالك إذا كان هذا الذي تم الاعتداء عليه بطحاء محمد علي رمز عزتنا وانعتاقنا وتحررنا. مصطفى مطاوع قال أيضا لقد باركنا تشكيل الحكومة المؤقتة وفرشنا لها الأرض بالورود حتى تمضي سريعا في معالجة مشاكل القطر التي بلغت حدا ينذر بالخطر، ولكنها فرشت في طريقنا الأشواك وبدلا من ان تمد يدها للتعاون والتحاور حتى ننهض معا بالبلاد والعباد سارت في طريق مسدود وكانت تغني وحيدة وجناحها يرد عليها، لقد رفضت ان تستفيد بتجربتنا وخبرتنا في الحراك الاجتماعي في البلاد، والنتيجة أصفار من الانجازات علما أننا مازلنا كطرف نقابي نصر على تقديم العون لهذه الحكومة وغيرها لان ما يعنينا في نهاية المطاف هو تونس للجميع تستجيب بسرعة للاستحقاقات الحارقة والعاجلة وليس الأشخاص. من جهته جاء الأخ سمير الشفي عضو المركزية النقابية محملا ببرقيات حب واعتزاز بمناضلات ومناضلي الجهة، واستحضر البدايات الأولى للزعيم الخالد فرحات حشاد بدار الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة، وكان بين الحين والآخر يطلق تنهيدة استغراب من خفافيش الظلام الذين غادروا جحورهم المظلمة وانبروا بعد 14 جانفي يتحركون ويقدمون الدروس للمناضلين الحقيقيين الذين خبرتهم ساحة المواجهة في تونس واجبروا المخلوع على الفرار ذليلا منكسرا الى السعودية انطلاقا من الضغط الذي مورس على عصابة الاستبداد من بطحاء محمد علي. هذه البطحاء توقف سمير الشفي عند رمزيتها التاريخية في مناسبات عدة وذكّر الجماهير الحاضرة ان لها مع المعارضين السياسيين أيام الجمر في تونس ألف حكاية وحكاية وهو صادق بالتأكيد في ذلك بل ان شهادة المعنيين من هؤلاء المعارضين تغني عن مزيد التعليق، بطحاء بهذه القيمة وبهذه الطهارة والدرجة من النضالية قال سمير الشفي كان يفترض ان نغمرها بالورود والفل والياسمين وقد فعل النقابيون ذلك وليس بتدنيسها في إطار حسابات سياسوية من قبل خفافيش ميليشوية تعمل بمقابل من اجل طرف سياسي بعينه !! كان الاجتماعي في حديثه يتداخل بسلاسة منهجية مع السياسي، وكان السياسي في خطابه يفضح عن مكامن القصور في الاقتصادي، وشهدت واعترف بهذا للمرة الأولى تفاعل النقابيين في سوسة مع عضو مركزية نقابية بهذا الشكل الحميمي . سمير الشفي وهو يحيي بحرارة مناضلات ومناضلي جهة سوسة أبدى تفهم المركزية النقابية المطلق لحالة الاحتقان التي تملكت النقابيين بالجهة خصوصا بعد التصريح المجاني والهزلي لرئيس الحكومة الذي وصفهم فيه بالميليشيات فقط لأنهم حضروا بكثافة في مسيرة الاتحاد العام بتونس العاصمة ونددوا بالعصابات الإجرامية التي حاولت ضرب منظمتهم العتيدة وقال في هذا الإطار ان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي عانى أكثر من خمسة عقود من ميليشيات العهدين البورقيبي والنوفمبري في إشارة للسفاح بن علي لا يقبل بالمرة ان تكون الميليشيات جزء من تركيبته. وحول عدم الاستقرار الذي تشهده البلاد، أكد سمير الشفي ان الاتحاد كان هاجسه الأول ولا يزال منذ مؤتمر طبرقة التاريخي هو مساعدة الحكومة التي تستمد شرعيتها من صندوق الاقتراع وفتح الطريق واسعا أمامها للشروع في الإصلاحات والنهوض بالبلاد والعباد، ولكن هذه الحكومة كان لها رأي آخر حيث كانت الفردانية أهم خياراتها وشعاراتها وقتل التفرد بالرأي عندها كل امكانية للحوار والتحاور. وانتقد سمير الشفي توجه الحكومة فيما يتعلق بعديد المسائل التي يفترض أنها ثانوية ولكنها تحولت الى محاور جوهرية على حساب الاستحقاقات الحارقة للكادحين والمفقرين على غرار الارتفاع الصاروخي للأسعار وارتفاع معدل البطالة وغيرها من الاستحقاقات الأخرى التي غابت في زحام سياسة تونس الخارجية ومؤتمرات التدخل في شؤون دول عربية ذات سيادة وزيارات العباقرة الاسلامويين والسلفيين ممن زاروا تونس مؤخرا وغادرونا بعد ان بثوا الفتنة والانقسام بين شرائح المجتمع التونسي المعتدل والمتسامح بفعل فتاويهم المتخلفة والبائسة وثقافة التخوين والتجريم والتكفير التي نجحوا في ترسيخها وإرسائها. سمير الشفي قال ان اللحظة التاريخية اليوم هي لحظة وجود مفصلية تستدعي الحفر بعمق في بنية المصطلحات والمفاهيم والأشياء،واعتبر ان هذه اللحظة تحتاج من جملة ما تحتاجه الى أفعال وبناء وتشييد ومراقبة ومسائلة أكثر من الشعارات، وطمأن المد النقابي والعمالي بان المكتب التنفيذي الوطني سيظل النصير الأول والقوي لعمالنا بالفكر والساعد ولن يتخلى عن دوره التعديلي التاريخي وعن دوره في الانعتاق الاجتماعي سواء مع هذه الحكومة أو غيرها مؤكدا أيضا في هذا الجانب ان الحق النقابي هو خط احمر لن نسمح لأي كان بالتضييق عليه،كما لن نسمح بالالتفاف على حقوق الشغالين والسطو على مكتسباتهم فما بالك إذا كانت هذه الحقوق والمكتسبات مثبتة في محاضر جلسات واتفاقيات ومنشورة في جريدة الرائد الرسمي مثلما حصل مع أعوان البلديات. سمير الشفي ألح إلحاحا وطالب هذا الحشد النقابي والعمالي بمزيد اليقظة والتنبه وحث على الوحدة النقابية والاصطفاف حتى يظل اتحاد حشاد كما عهدناه منذ تأسيسه عصيا على الخونة والأعداء لا يكسر ولا يضعف حتى وان صبوا عليه نار جهنم.. سمير الشفي أنهى كلمته الثورية والحماسية باعتراف لفت الانتباه قال نعم لقد تحمست كثيرا ربما أكثر من الكثير فانا قدمت الى سوسة من اجل الإشراف والتأطير فإذا بي أمام انتفاضة حب شعبية قل نظيرها جاءت في إطار نصرة هذا الشعب العظيم للاتحاد لذلك فانا أقول لكم مثلما قال معلمنا الأول فرحات حشاد نعم احبك يا شعب ..