لم يكن مساء الخميس الخامس عشر من مارس يوما عاديا. كان يوما استثنائيا بجميع المقاييس، لأن النور انتصر على الظلام واندحرت الرجعية امام حاملي المشاعل ومؤسسي المستقبل. لقد راهن الأوباش والسفلة ومحترفو الصيد في المياه العكرة على انتصار الفكر الرجعي في انتخابات المجالس العلمية بالجامعات التونسية، لكن خاب ظنهم وباؤوا بخسران مبين. فقد قرر طلبة الجامعات التونسية اختيار من يمثلهم من المناضلين الحقيقيين (الاتحاد العام لطلبة تونس). ورغم الجريمة السياسية القذرة والمخزية التي قام بها الحكام الوقتيون ومِن ورائهم عصابةُ السراق فقد انتصر المناضلون اصحاب الشرعية النضالية والتاريخية والتنويرية. إنها جريمة بشعة ان يحددوا انتخابات المجالس العلمية يومين فقط قبل بداية العطلة حتى يخلو لهم الجوّ وبالتالي يُفشلون الانتخابات ويستحوذون على المقاعد بطرق جمهنية، مثل حصولهم على مقاعد التأسيسي بطرق جهنمية وآلة جبارة جبانة. فقد شارك عشرون بالمائة من الطلبة المزاولين لدراستهم في الانتخابات بينما يقارب عدد طلبة الجامعات أربعمائة ألف طالب. فلماذا أصرّ وزير التعليم العالي المؤقت على إجراء انتخابات المجالس العلمية يومين فقط قبل بداية العطلة والطلبة المتعبون بأثقال أيامهم يفكرون في زيارة أهاليهم؟ لماذا تتدخل الحكومة وتستهزئ بمستقبل شعب يراهن على نصف مليون عقل، وعلى أهم ثروة بشرية ورمزية نملكها في هذا البلد!؟ ورغم كل التدخلات السافرة في شؤون نقابية تهم الطلبة دون سواهم، فقد نجحت القائمات المناضلة في كل الأجزاء الجامعية. لأن طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس هم الذين حاربوا الدكتاتورية النوفمبرية وصرخوا في كل المحطات«يسقط حزب الدستور، يسقط جلاد الشعب» ونالوا من اجل صرخاتهم تلك الهرسلةَ والملاحقاتِ والضربَ والسّجنَ والنفيَ والتعذيبَ والتشريدَ من قِبَلِ كلاب بن علي المسعورة دوما. نجمة الاتحاد العام لطلبة تونس مضيئة ألف عام ولو كره الكافرون من مصّاصي الدماء والمختبئين في جحورهم ومن الانتهازيين والوصوليين وأبناء آوى. شكرا لمناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس الذين كانوا شموعا تضيء ظلامنا تحت نير سياط وهراوات ورصاص جنود بن علي (في السماء والأرض والبحر). شكرا لمناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس الذين أنجزوا الثورة التونسية وكانوا شرارتها التنويرية الأولى ومنحوها مذاقا خاصا بدمائهم الشابة على الدوام. شكرا لمناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس الذين حررونا من الخوف واليأس وأعادوا البسمة إلى هذا الشعب الأعزل البسيط المفقّر. شكرا لأنهم كانوا وقود الثورة وطليعة الشباب الذي يستكمل مهامّ الثورة، شكرا لأنهم كانوا أبطال اعتصاميْ القصبة (1) والقصبة (2) اللَّذيْن أفضيا الى إسقاط حكومة الغنوشي وحلّ التجمع والمرور الى المجلس التأسيسي. فعندما كان أبناء الاتحاد العام لطلبة تونس يصرخون عاليا في وجه بن علي كان الكتاب والصحافيون والجامعيون والحربائيون (الا من رحم ربك) يكتبون التقارير ويزينون المشهد ويشربون الجعة في الحانات ويصفقون ويناشدون... فالمجد لكل مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس والموت للجبناء! _ _ _ وليس على الحكومة هذا اليوم سوى عزل وزير التعليم العالي ووضع وزير تنويريّ مستقلّ ينهض بوزارة متعبة مثقلة بملفات السرقة والرشوة والمحسوبية. وإذا لم يستقل وزير التعليم العالي أو لم تقع إقالته حالاّ.. فسيرفع أربعمائة ألف طالب في وجهه «ديڤاج» للبدء مباشرة في إصلاح منظومة تعليمية متخلفة عن الركب ألف عام!