اعتبر الأخ محمد علي بوغدير الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس أن المديونية تؤثر سلبا على واقع العمال وتزيد في تعقيد أوضاعهم الاجتماعية. وذكر الاخ بوغدير في الكلمة التي ألقاها بمناسبة الندوة التي نظمها الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس بالتعاون مع المنظمة التونسية من أجل المواطنة يوم السبت 31 مارس 2012 حول المديونية ان الديون الخارجية تمثل ثقلا على الشعوب وتؤثر على مستقبلها وبرمجة سياساتها وأعتبر ان المديونية في تونس تؤثر على من يتحمل المسؤولية في تسطير السياسات. وأشار الاخ بوغدير الى ان واقع العمال في جهة بن عروس سيء خاصة مع ارتفاع الاسعار وانخفاض الاجور التي تتراوح بين 200 و 250 دينار بالنسبة الى الالاف من الأجراء في الجهة ورأى الكاتب العام ان الدول تسعى الى الضغط على الأجر لخلاص ديونها الخارجية وذكر في هذا الصدد لجوء الدولة الى الاقتراض من الصندوق الوطني للتقاعد لتغطية العجز في ميزانيتها وهو ما يهدد الآلاف من المتقاعدين في المستقبل بسبب توظيف أموال هذه المؤسسة لغايات أخرى.(*) وعبر الاخ بوغدير عن استيائه من تواصل نفس المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بعد الثورة خاصة مع تواصل استغلال العمال والارتهان للمستثمر الأجنبي الذي يشغل في أغلب الاحيان دون احترام أدنى شروط العمل معتبرا ان على المستثمر الاجنبي ان يحترم القانون وان يعطي للعمال حقهم اذا ما قرر الاستثمار في تونس. وفي اشارة الى حضور وفد عن المنتدى الاجتماعي العالمي تحضيرا لعقد المنتدى في تونس في السنة المقبلة اعتبر الاخ الكاتب العام ان معركة الانسان من اجل العيش الكريم واحدة ومشتركة ضد كل أدوات الاستغلال وفي مواجهة الامبريالية. ورأى الباحث فتحي الشامخي اثناء نقاش حول فيلم وثائقي عرض خلال الندوة ان الاطاحة ببن علي كانت امام ما ينتظر الجماهير من معركة ضد نظام عالمي فرض علينا تحمل مسؤولية سياساته واعتبر الشامخي ان البنوك خاطرت وخسرت ولكن الجماهير هي من تحمل الخسارة حيث أنقذت الدول البنوك بعد افلاسها لتحول بذلك أزمة البنوك الى ازمة الشعوب اي الانتقال من ازمة خاصة الى ازمة عامة. ورأى الشامخي ان الوضع الاقتصادي التونسي لا يعد وضعية ميؤوسا منها لأن هناك بدائل دائما. واعتبر الباحث المغربي ميمون الرحماني من منظمة أتاك المغرب ان غلاء المعيشة ناتج عن مخلفات المديونية مؤكدا ان الجوع والمديونية سلاحان يستعملهما أسياد العالم لاخضاع شعوب العالم واستغلال ثرواتها (زيقلار) معتبرا أن الديون آلية لتحويل الثروات من الجنوب الى الشمال وهي ايضا تمثل فرصة للدكتاتوريات للاستغناء عبر تحويل أموال القروض الى حساباتهم الخاصة. ورأى الباحث المغربي ان مسألة الديون مرت عبر سلسلة من المراحل انطلقت منذ الستينات عبر ما يسمى بالقروض دون فوائض لتمر عبر برامج الاصلاح الهيكلي وصولا الى تحويل الديون الى استثمارات لتتم بذلك السيطرة المطلقة على اقتصادياتنا واختتم الرحماني بذكر بعض الارقام الدالة على خطورة المديونية واستنزافها لثروات شعوب الجنوب أهمها ان دول الجنوب دفعت في شكل تحويلات صافية الى دول الشمال منذ 1985 الى سنة 2009 : 660 مليار دولار أي ما يعادل 65 مرة ميزانية مخطط «مارشال». على هامش الندوة التقت «الشعب» السيد محمد الجزيري عن المنظمة التونسية من اجل المواطنة والسيد كريستوف أڤيتون عن أتاك فرنسا وعضو المنتدى الاجتماعي العالمي فكان الحواران التاليان: السيد كريستوف أفيتون: العولمة تفرض نضالا معقدا ومشتركا السيد كريستوف ما هي أهداف المنتدى الاجتماعي العالمي؟ لدينا الآن اجتماع لمنظمات أتاك من مختلف انحاء العالم علما ان أتاك قوية في أوروبا وآسيا وشمال افريقيا ونحن هنا للاعداد للمنتدى الاجتماعي العالمي الذي سيكون في الثلاثية الأولى من سنة 2013، ويمثل هذا المنتدى أهمية لدينا لسببين الاول هو فهم تأثيرات الثورة في تونس على باقي الدول في العالم العربي ومن المهم لدينا فهم ما حصل في تونس خلال هذه المرحلة الأولى من الثورة لأن الامور لم تنتهي بعد ونعتقد أنه من المهم للتونسيين الآن ان يكونوا أكثر اتصالا بالحركات الاجتماعية العالمية. أما السبب الثاني فهو ما فرضته العولمة من تعقيدات خاصة مع تواجد الشركات العابرة للقارات وهو ما جعل الصراع الاجتماعي والنقابي أكثر تعقيدا ويستوجب تنسيقا بين مختلف الأجراء في مختلف أنحاء العالم من اجل توحيد المطالب والنضال المشترك لذلك فانه من الضروري والمهم ان نعقد هذا المنتدى الذي سيجمع عددا من النقابيين والمناضلين الاجتماعيين، اضافة الى هيئات حقوق الانسان ومنظمات الدفاع عن المرأة من أجل وضع خطط عمل تكون في مصلحة الأجراء. هل يمكن حقا الغاء الديون بالنسبة الى العالم النامي؟ نعم أعتقد أن ذلك ممكن خاصة وان أغلب هذه الديون غير شرعية ولم تخدم العمال وبل كانت في خدمة الدكتاتوريات من ناحية ولأن وزن هذه الديون على الصعيد العالمي ليس مهما من ناحية أخرى. ماذا عن ديون دول الشمال؟ الحقيقة ان ديون الشمال اهم بكثير من ديون دول الجنوب وقد تضاعفت هذه الديون بعد الازمة المالية العالمية لسنة 2008 حيث دفعت الدول الكثير من المال لانقاذ البنوك مقابل تدنٍّ في مواردها المتأتية من الضرائب بسبب الازمة الاقتصادية. وهذا ما سبب انفجارا في الديون العمومية وكانت ردود الافعال مختلفة فكانت ردة فعل الولاياتالمتحدةالامريكية بسيطة وهي طبع مزيد من الدولارات. أما بالنسبة الى أوروبا فالأمور اكثر تعقيدا حيث رفضت الدول الغنية وخاصة المانيا طبع مزيد من الأورو لتجنّب التضخم واتجهوا سياسة التقشف وهو ما زاد في تعقيد الاوضاع وأثقل كاهل العمال والمتقاعدين الذين لا دخل لهم في مسألة الديون وبالنسبة إلينا فان الحل يمر عبر اجراءات عاجلة في الحاضر وفي القطع مع الانموذج الرأسمالي في العالم. محمد الجزيري: المنظمة التونسية من أجل المواطنة: تبسيط فكرة المديونية يجعلها قضية شعبية ما هي أهداف هذه التظاهرة؟ تأتي هذه التظاهرة كأول حدث نقوم به بالتعاون مع مكونات المجتمع المدني وقد اخترنا العنوان: «المديونية: علاش غلاّت علينا العيشة؟» وقد أردنا تبسيط الفكرة التي انحسرت في مستوى النخبة وقد وجدنا ان عرض فيلم وثائقي مشفوع بنقاش قد يسهل على المواطن والعامل فهم علاقة غلاء المعيشة بالمديونية، والحقيقة ان المديونية مدخل الى فرض الاختيارات الاقتصادية من قبل الدائنين بما لا يتماشى مع مصلحة الشعب خاصة اذا ما عرفنا أن اغلب الديون لم توظف لخدمته انما كانت في خدمة فئة معينة تستغلها في اطار الفساد المالي، غير ان المواطن هو من سيدفع في الاخير هذه الديون ليتحمل بذلك نتيجة اختيارات لا علاقة له بها. ما هو رأيكم فغي المطالبات بالغاء الديون؟ في الحقيقة هناك أكثر من تمشٍّ فهناك من يرى ضرورة الغاء الديون الكريهة التي لم يستفد منها الشعب وهناك من يرى الغاء المديونية ككل ونحن مع فكرة الغاء المديونية ولكن نرى انه من الافضل ان يفهم المواطن هذا الطرح قبل المطالبة به. وقد لاحظنا في هذا السياق ان المطالبين بالغاء الديون من الاحزاب والمنظمات أقلية بل اكثر من ذلك فان الحكومة ترى المديونية حلاًّ للمشاكل الاقتصادية التي تعرفها بلادنا.