بالتعاون بين الاتحاد العام التونسي للشغل واللجان العمالية الإسبانية نظّم قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي بالحمامات يومي 30-31 مارس 2012 ندوة حول «الانتقال الديمقراطي ودور الاتحاد» أشرف على افتتاح أشغالها الأخ محمد المسلمي الأمين العام المساعد المسؤول عن التكوين النقابي والتثقيف العمالي وحضر إلى جانبه الاخوة أنور بن قدور الأمين العام المساعد المسؤول عن الدراسات والتوثيق وعبد الرحمان عزيز نيابة عن الأخ قاسم عفية الأمين العام المساعد المسؤول عن العلاقات الدولية والأخ مصطفى بن أحمد منسّق برنامج التعاون والرفيقة أوفيليا دي فيليبي، حيث قدّم هذان الأخيران هدف برنامج التعاون المتمثل في تطوير القدرات النقابية لمواجهة سياسات العولمة وذلك بالتنسيق مع أقسام الدراسات والتكوين والشباب العامل والمرأة وبداية توسيعه للانفتاح على قطاعات عمالية كالنسيج والمعادن وعلى قطاع التربية والتعليم... حيث يتم الاستعداد لتنظيم ملتقى هام بين نقابات الجانبين، كما قدما توضيحات حول الاضراب العام الذي يتم حاليا في إسبانيا احتجاجا على إجراءات التقشف التي استهدفت بالدرجة الأولى الشغالين بتجميد الأجور وتراجع الدور الاجتماعي للدولة، هذا وقد نوّه الأخ عبد الرحمان عزيز بمستوى التعاون القائم بين المنظمتين في إطار الأهداف المشتركة للحركة النقابية العالمية، كما نوّه بحرص القسم على تقديم إجابات للقضايا التي تطرحها مرحلة الانتقال الديمقراطي وفي هذا الإطار أكد الأخ محمد المسلمي توجّه القسم إلى الملاءمة في مجال التكوين بين حاجيات الاتحاد وبرنامج التعاون النقابي الدولي، وعلى رأس هذه الحاجيات ملامسة مسألتي العقد الاجتماعي ومنوال التنمية في علاقة باستحقاقات الانتقال الديمقراطي، مؤمّلا في نفس الوقت أن تتحول هذه المضامين إلى مواد تدريبية.(**) وقدم استاذ الاقتصاد محجوب عزام مداخلة: بعنوان «العقد الاجتماعي: رؤى تمهيدية» انطلق فيها من ضرورة تجسيم أهداف الثورة من خلال الشعارات التي رفعتها وهي الكرامة التي تعني الحق في الحقوق والحرية التي تؤسس للدولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي تعني تحقيق الانصاف، وهي مبادئ يتعيّن التأسيس لها عبر آلية إدراجها في الدستور، وهو الدور الذي يسعى الاتحاد لتحقيقه من خلال مشروعه في الغرض، هذا وقد لاحظ المتدخل بأن العقد الاجتماعي تبنيه العناصر التالية: علاقة بين الفرد والدولة على أساس المواطنة بما يعني ذلك من مساواة بين كل المواطنين وعدم التمييز بينهم على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو المعتقد تحديد طبيعة منوال التنمية وتشخيصه بتنزيل الحق في التنمية بغاية تجسيم وإفعال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بحيث تكون المنظومة الاقتصادية وسيلة للتنمية عبر حدّ أدنى – وفي مختلف الظروف- من تدخل الدولة في المجال الاجتماعي لإفعال حدّ أدنى من العدالة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبذلك تتحقق الشعارات التي جاءت بها الثورة. ج- تحديد ضوابط فيما يتعلق بالالتزامات الدولية على أساس ايجاد معادلة في تعاملنا مع الفضاءات الجغرا سياسة لبلادنا( الفضاء الافريقي- العربي الاسلامي المشرقي-المتوسطي). وتحديد شروطنا في التعامل مع هذه الفضاءات في ضوء منظومة اقتصادية وتشريعية واضحة وطبقا لمعايير لا تتناقض مع مصالح البلاد ومبادئ الثورة والخيارات الاقتصادية والاجتماعية بحيث يعكس منوال التعاون منوال التنمية الذي نريد. وكانت مداخلة استاذ الاقتصاد عبد الجليل البدوي حول « دور الاتحاد في رسم منوال تنمية يستجيب لاستحقاق الانتقال الديمقراطي» اعتبر في مقدّمتها بأن دور الاتحاد كان محوريا في تصور وتحقيق عملية التنمية سواء من خلال حرصه – تاريخيا – على عدم الفصل بين السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي على اعتبار أنها أبعاد مترابطة ومتقاطعة الأمر الذي تجلى في كثير من مؤتمراته منذ سنوات التأسيس بالتأكيد على إجبارية التعليم وعلى إصلاحات سياسية في اتجاه «إرساء برلمان منتخب وتعيين حكومة بصفة ديمقراطية تكون مسؤولة عن أفعالها»، وقد تجلّى هذا الدور المحوري للاتحاد سنة 1956 حيث كان الشغالون الفئة الاجتماعية الوحيدة التي تقدمت ببرنامج اقتصادي ينص على إصلاحات جوهرية في كل ميادين الحياة تتم بآليات تطبيقية تمكّن من الانتقال من نمط استعماري إلى وضع شعب مستقل وكذلك الشأن سنة 1972 بمناسبة الانتقال من نمط اقتصادي تهيمن عليه الدولة بصفة مشطّة إلى إعادة التركيبة الوطنية في اتجاه الانفتاح الاقتصادي عبر سعي الاتحاد إلى إقرار الدولة بوجود أطراف اجتماعية وسن سياسة تفاوضية وتعاقدية، وكذلك مواجهته لبرنامج الإصلاح الهيكلي سنة 1984 بمحاولة العمل على فرض برنامج يخدم مصالح الشغالين والفئات الضعيفة وبناء سياسة تعاقدية مبنية على تضارب المصالح، ثم توقف المحاضر عند السياسات التي أدت إلى الثورة والتي كان قوامها إعطاء الأولوية للنمو على حساب التنمية وذلك بتقديم حوافز للقطاع الخاص رعم قصوره عن تحقيق استراتيجية نمو في الجهات الداخلية فكان انسحاب الدولة نكبة جرّاء تطور الديناميكية الهيكلية دون انسجام فتعمّقت الفوارق بين الجهات والطبقات وكان سلب حق الأجيال القادمة في التنمية وتوقف تدعيم الطلب الداخلي بأجر متعير تعديلي واستفحلت البطالة مما أخلّ بالمنظومة التشريعية في مستوى العلاقات المهنية فضلا عن الاغراق الجبائي والاغراق المالي بالتخفيض المتواصل للدينار والاغراق البيئي بالاستغلال العشوائي للمحيط. وقد شعر الاتحاد بفشل المنوال التنموي فانبرى يعدّ دراسات حول التنمية في الجهات الداخلية المحرومة، وكان دوره محوريا في الدفع نحو انتصار الثورة وهو اليوم مطالب بالعمل على تحقيق استحقاقاتها عبر: الحرص على التشبّث بدولة مدنية ونظام جمهوري يضمن الحقوق والحريات والمواطنة بصفة يتحقق معها مناخ الابتكار والإبداع – طبقا لما ورد في مشروع دستور الاتحاد-. إعطاء الأولوية للاندماج الوطني قبل الاندماج العالمي بتقليص مركزية الدولة والانطلاق من حاجيات المواطن في مختلف الجهات وهو استحقاق يقتضي تدعيم الديمقراطية المحلية. تضمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية نص الدستور. إعادة توزيع الثروة في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية. تعديل التوازن بين الطلب الداخلي والطلب الخارجي. بناء برنامج اقتصادي واجتماعي يحقق طموحات الشعب ويستجيب لاستحقاقات المرحلة والعمل على خلق موازين قوى تساعد على تمريره. هذا وقد شهد اليوم الثاني مداخلة للأستاذ أمين الغالي مدير البرامج بمركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية استهلها بتعريف الانتقال الديمقراطي وخاصياته ومدته طبقا للمعايير الدولية متخلصا إلى دور المجتمع المدني في فترة الانتقال الديمقراطي، فهو فضاء لتأسيس سياسات الدولة بفضل ما له من خبرات وكفاءات وبفضل ما له من ثقافة ديمقراطية فيكون دوره التأسيس لثقافة جديدة، فهو قوة اقتراح وقوة تعبير عن الفئات الاجتماعية المهضومة الحقوق، وهو قوة ضغط للحد من تسلط الدولة، وعليه أن يسدّ الثغرة القائمة في سياسة الحكومة بتقديم خبراته وتوجيه القرار السياسي. وقد فضل المحاضر تقديم المجتمع المدني مقترحات وخبرات في كافة المجالات على تقديم مشاريع متكاملة وجاهزة، كما أشار إلى أن الاتحاد واصل دوره الريادي والتاريخي في الذود عن الحريات السياسية والحرية الاجتماعية والبناء الديمقراطي بعد الثورة على اعتبار دوره المحوري صلب المجتمع المدني، فهو همزة الوصل بين مبادرات المجتمع المدني وأجهزة صنع القرار ويظهر ذلك من خلال جمع قوى المجتمع المدني حول مشاريعه مما يساهم في تسريع عملية الانتقال الديمقراطي. هذا وقد شفعت المداخلة بنقاش تمحور تحول موقع الاتحاد في نسيج المجتمع المدني مما سمح له عبر تجربته التاريخية وإمكانياته المادية والجماهيرية من ريادة منظمات المجتمع المدني خاصة تلك التي لها نظم ومبادئ تلتقي مع نظم ومبادئ الاتحاد وقيمه. هذا وقد ثمّن المشاركون والمشاركات المداخلات الثلاث باعتبارها تتنزّل في عمق دور الاتحاد في مرحلة الانتقال الديمقراطي داعين إلى نشر مضامين الندوة ومتابعة التوصيات المنبثقة عنها من أجل تحقيق أهداف الاتحاد في هذه المرحلة وذلك بالتوفيق خاصة بين الإصلاحين السياسي والاجتماعي. كما شكر الأخ محمد المسلمي النقابات الإسبانية على تعاونها مع منظمتنا، معبّرا في نفس الوقت عن تضامنه مع عمال إسبانيا بمناسبة تصديهم بالإضراب العام للإجراءات التي تستهدف المكاسب الاجتماعية للشعب الإسباني، معتبرا في كلمته فعاليات الندوة والنقاشات التي واكبتها ستشكل أرضية لتطوير أداء القسم والاتحاد.