احتضنت دارالثقافة ابن رشيق يوميْ السبت والاحد الماضيين المؤتمر التأسيسي الأوّل، الذي انتظره الكتاب الأحرار بعد سنوات طويلة من المنع والحصار في ظلّ دكتاتورية دمّرت الفعل الثقافي. إثر معرض للمنشورات والكتب والصحف تمّ الافتتاح مساء السبت على الساعة الرّابعة والنصف بكلمة للاستاذ والروائي محمد الجابلّي ثم كانت كلمة للأخ الاستاذ جلول عزونة الذي تحدّث في شجن ونخوة بصمود رابطة الكتاب التونسيين الأحرار عن أنّ هذا اليوم التأسيسي حلّ بفضل الثورة. وطلب دقيقة صمت مرّت بليغة ومؤثرة ترحّما على شهداء الحرية في تاريخ تونس وصولاً إلى الثورة وترحّما على الكتاب الأحرار الذين غادرونا طيلة هذه السنوات علي غرار عبد القادر الدردوري وعبد الحفيظ المختومي والطاهر الهمامي وعلي العزيزي. عدّد الأخ جلول عزونة رئيس رابطة الكتاب الأحرار كلّ المنظمات والاتحادات والجمعيات والشخصيات الوطنية التي دعمت الرابطة عبر مسيرتها النضالية مثل منظمة «ألطايير» والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد العام التونسي للشغل وجمعية النساء الديمقراطيات والمجلس الوطني للحريات والجمعية التونسية للمحامين الشبان والاتحاد العام لطلبة تونس ومنظمة العفو الدّولية ومنظّمة «PEN» العالمية واتحاد الناشرين العالميين ونشرية الكاتب الحرّ ومنتدى الجاحظ ومنتدى الموقف ودار نشرسحر وغيرها من الجمعيات والمنظمات التونسية والدولية كما ذكّر حلول عزونة بالصحف الوطنية التي دعمت رابطة الكتاب الاحرار مثل «الموقف» و«مواطنون» والشعب والطريق الجديد و«صوت الشعب» السرية (حزب العمال الشيوعي التونسي) والصّدى وغيرها من الصحف. كما أثنى على شخصيات وطنية كابدت من أجل حضور أنشطة رابطة الكتاب الأحرار أيام المنع مثل محمد الطالبي وهشام جعيط وتوفيق بكار ومحمد رشاد الحمزاوي. كما أكد الأخ عزونة على أن الرابطة قامت على ثلاثة أسس هي الاستقلالية والصّمود ووضوح الرّؤية وأن رابطة الكتاب التونسيين الاحرار قامت بقرابة تسعين نشاطا (دراسات وبيانات وندوات ومحاضرات...) وقع عرقلة نصفها من بوليس بن علي كما ساهمت الرابطة في انجاح مسار هيئة 18 أكتوبر للحريات الذي جمع الاحزاب والمنظمات في ظلّ دولة القمع كما كان للرابطة دور فعّال في مجلس حماية الثورة وفي كل المحطات النضالية الوطنية وكذلك مساندة قضايا الشعوب المضطهدة والتائقة الى الحرية ومساندة الحريات والثورات العربية فالخلاص حسب رؤية الرابطة في حرية المعتقد وإعمال العقل وفي فصل الدين عن الدولة وفي تكريس وتدعيم مكتسبات المرأة باعتبارها شريكا أساسيّا للرجل في كلّ مجالات الحياة. ثم أحيلت الكلمة إلى السيد وزير الثقافة المهدي المبروك الذي جاء فيها أنّ ارادة المثقف لا تُقهر فللصمود ثمن باهظ وللانحناء ثمن بخس وأن الكاتب ضمير المجتمع و. فبفضل الثورة لم يعد لنا كتاب ممنوع أو كاتب مسجون لكنه اعترف بأنّ المسار الثقافي لم يكتمل بعد وأنّه ثمة نقائص ستعمل وزارته على تلافيها منها دعم الكاتب ماديا ومعنويا ودعم حقوق النشر والتمويل العمومي وحركة النشر تكريس كرامة الكاتب كما أكّد وزير الثقافة على أنّ رابطة الكتاب الاحرار شريك فاعل وأساسي في كلّ ما يتعلق بالفكر والابداع والنشر والكتاب. ثم جاءت كلمة السيد جمعة ناجي سفير فلسطينبتونس الذي أكّد ان رابطة الكتاب الاحرار كانت منذ تأسيسها سنة 2001 نصيرًا للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية عادلة. ثم كانت للاخ عبد الستار بن موسى كلمة فأكّد من جهته ان الرابطة مكوّن فاعل ومهمّ من مكوّنات المجتمع المدني آمنت بالحرية والعدالة والكرامة. أما الاخ لسعد بن حسين الكاتب العام لنقابة كتاب تونس فقد أكّد انّ الكتاب الاحرار كانوا صفّا واحدًا وداعمًا كبيرا في محنة الكتّاب التونسيين أيام القمع وأنّ الرابطة كانت حاضرة وفاعلة في المؤتمر التأسيسي لنقابة كتاب تونس في 4 جويلية 2010. وانّ نقابة كتاب تونس في تكامل وانسجام مع الرابطة واهدافها في المستقبل. أمّا الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد المكلّف بالاعلام والنشر في الاتحاد العام التونسي للشغل ومدير جريدة الشعب فقد أكّد انّّه في غاية السعادة بحضوره بين نخبة كتاب تونس وأنّ الاتحاد العام التونسي للشغل سيكون دومًا ماضيا وحاضرًا ومستقبلاً سندًا للكتاب الاحرار وفضاءاتُهُ مفتوحةٌ لهم دومًا. وجريدة الشعب فضاءً اعلاميّا حرًّا مفتوحةٌ أبوابُها للكتّاب الاحرار كما كانت دومًا. كما أكد أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل ستكون له محطّات مشتركة مع رابطة الكتاب الأحرار في كلّ المحطات الثقافية والنضالية من اجل الابداع والفكر ومن أجل بديل ثقافيّ حقيقي يقطع مع الثقافة السائدة وضدّ كلّ ما يعرقل المسألة الثقافية لانها مسألة ملحة ذات خصوصية ولا مجال لتهميشها أو إقصائها. وإثرذلك تمّ تكريم السيدة «كورين كومار» رئيسة منظمة «ألطايير» وتكريم منظمة العفوالدولية والأخ جلّول عزّونة لصموده وصبره ونضاله مع إخوانه من الكتاب الأحرار والشرفاء. واختتم اليوم الأول بأمسية شعرية قرأ خلالها شعراء مختلفون قصائدهم احتفالاً بالحرية مثل محمد الخالدي وعادل المعيزي وسمير طعم اللّه وعلالة حواشي... أما في صبيحة الاحد فقد بدأت اشغال المؤتمر برئاسة الاخ عبد الرحمان عبيد حيث تمّ تداول عديد الاسئلة التي تتعلق بالقانون الاساسي والنظام الداخلي وتمت قراءة التقريرالادبي من قبل الاخ محمد الجابلي والتقرير المالي من قبل الاخ نورالدين الشمنقي وتمت قراءة القانون الأساسي والنظام الداخلي من قبل الأخ عادل المعيزي وقراءة اللاّئحة العامة من قبل الاخ شكري لطيف وتمت المصادقة على القوانين واللّوائح والتقارير ثمّ تم تقديم الترشّحات للهيئة الجديدة وعددها اثني عشر ترشحا وقع التصويت عليها باعتبار أن الهيئة تضمّ اثني عشر عضوًا (على أن تكون هذه الهيئة التأسيسية مُسيّرة للرابطة لمدة عام في انتظار جلسة عامة انتخابية تحدّد لاحقا) أمّا الكتّاب الأحرار الذين ترشّحوا للهيئة المديرة فهم على التوالي: جلّول عزونة ومحمد الجابلّي والحبيب الحمدوني وسليم دولة ونور الدين الشمنقي وكمال الزغباني ورشيدة الشارني وحفيظة قارة بيبان والأزهر الصحراوي وشكري لطيف وسمير طعم الله وعلالة حواشي. وقد حضر من الشخصيات الوطنيّة الدكتور يوسف الصديق ومدير بيت الشعر الاستاذ محمد الخالدي وعديد الوجوه الاخرى من شتى مجالات الفن والاعلام والثقافة. وكانت الكلمة الختامية بليغة ومؤثرة قدّمها الكاتب الحرّ «سليم دولة» لأنّه يرفض كلّ أنواع الرّئاسات وأنّ الكتابة في زمن الرئاسات بطعم الحنظل وأكد أنّ الكاتب حُرٌّ أبدًا. يومان فقط للمؤتمر التأسيسي للكتاب التونسيين الأحرار كان الجميع يتمنّى أنّهما كانا دهرًا فهما يومان مليئان بالحبّ والنزاهة والصدق، يومان مرّا لن ينساهما كاتب حرّ تحت شعارات ثلاث «حرية الفكر والتعبير والإبداع» و«حرّية الإبداع والمعتقد والضمير» و«ثقافة وطنية تقدّمية ذات توجه إنساني».