فذي كوّة تحمل الروح نحو الجبالْ ولونها أخضرْ.. ألا هيّا فانظرْ إلى غفوة في الم كان الفراغ وفي ضيق كلّ المسافات في غفلة الوقت وردها أزهرْ ألا هيّا فانظرْ.. ألا يا فتى.. هيّا فانظر إلى هدبها... إلى ألق يفتح الأفق موجا وعنبرْ إلى جيدها... إلى قدّها فيه لوز وزعترْ ألا هيّا فانظرْ إلى بسمة جاء فيها الصباحُ طريّا.. وذا الوعد نذرٌ لآلهة ذات عرشٍ وهيكلْ.. وإنّ لها.. في الورى سرَّ خفق الرّياحِ إلى سعة في المدى.. وإنّ لها.. ذاب جمرٌ على قلبها.. وإنّ لكَ.. قمقمًا فيه تُمضي السّنين العجافَ طوالا.. وإنّ لها.. طلّةً تكسر القلب إذ يتحجّرْ وإن لها لمعةَ البرقِ إن ينزعْ في السّما.. وإن تتلوّى تعاريجه بين خطف وخطفٍ يهزّ السماء ويفلقها فهي تمطرْ وإنّ لك.. إن هيّ سحّت الدّمعَ قلبٌ... ونهرٌ تفجّرْ ألا هيا فانظرْ ألا يا فتى هيّا فانظرْ تأمّل طويلا.. وكن حذرا... كيّسا.. ولا تخبر الناس أنّك تنظرْ ولا تخبر العسس الأدعياء بأنّك تنظرْ ولا تأت أيّة رفّة جفن إذا كنت تنظرْ ولا تتحرّك ولا تفضح القلب يخفقْ إذا كنت تنظرْ ولا تخبر الجدران المنيعة أنك تنظرْ... لأنّك إن لم تكن كيّسا تفضح الوردَ يجمعْ شذاه ويرحلْ تمنع الأمل المتسرّب من شقّ نعشٍ فيُهدَرْ وتظلم نوّارةً في رصيف أليمٍ فتذبُلْ ألا هيّا فانظرْ.. ألا يا فتى هيّا فانظرْ لأنّ العيون إذا لم تر الحسنَ تخبو.. وتُطمَرْ وأنّ القلوب إذا لم تعالَجْ بإكسير هذي الحياةِ تشيخ وتكبُرْ وإن هي لم تأخذ الحظّ من عيشها مات نملٌ فما عاد من يشعل الأرض سعيا فتعمرْ.. وإن هي شاخت بكت نبتةٌ تُركت للصّقيع فأزّ وزمجرْ.. وإنّ جمال الأنوثة عقّارنا ضدّ عدوِ الزّمان وضدّ عتاةِ الظلام إذا ما رمى في القلوب سهاما تغلّ وتقهرْ ألا هيّا فانظرْ ألا يا فتى هيّا فانظرْ وخذ من سراج الحياة شذى حالما وخذ جذوة ضعها في القلب حتى تشعّ وتسعَرْ ألا هيّا فانظرْ وقبّل تراب العيون لأنّها تبصرْ وقبّل أديم القلوبِ لأنّها تشعرْ فإن العيون كما القلب إن أبصرت فتحت في المغاليق معنى وجوهرْ وقل إنّها ذي الحياة فلا تقتلوها.. بشيخ ومئزرْ ولا تقتلوها.. بأكفان سودٍ تلملمُ غمّازةً عند خدٍّ فيُطمرْ ولا تُرغموها على أن تظلّ على حافة القبر تُعصَرْ ولا ترغموها على أن تضيق البلاد عليها فترحلْ إلى نقطة في القرار السّحيق فتأفَلْ ولا تضجروها.. فإنّ البراري إذا لم يحِرْ فيها طرفٌ وإن هي ضاقت على كل رجعٍ تئنّ وتضجرْ وإن القلوب إذا لم تطف في ترانيم كل المواويل تغفو وتغبُرْ وتبقى على ضفّة ذات لون بغيض ... على أمل أنّ يوما طويلا بطول الزّمان بأسره فيه... ألا هيّا فانظرْ إذا كنت يا سيّدي ذا عيونٍ إلى ذي السماء البعيدة تنظرْ فإنّ عيوني مولعة بغديرٍ وضفدعةٍ وبشرنقة فيها ينمو تراب الحياة رويدا ونرجسةٍ شعّ لونها أزهرْ.. فهات نكنْ أبرياءَ كما غيمة بين جاراتها وهات نكنْ أصفياء كزيتونة فيها حبّاتها وخذ ما بدا لك من ذي السماء ودعني إلى ذا التراب المدنّس بالرّغبات وبالأمنياتِ فإنّي أريد لذا الشوق أن يشرئبّ ويطفُرْ.. وإنّ التراب الذي في دمي من سمائكْ وإنّ سماءك في المنتهى من ترابي فلا تتكبّرْ ولا تترك الرّوح والقلب يُهدَرْ ألا هيّا فانظرْ.. ألا هيّا فانظرْ ولا تنسَ يا ذا الفتى أن تغيّرْ زوايا سقوط الشّعاع فإن الزوايا إلى أبدٍ تتغيّرْ وفي كلّ زاوية .. ثم نبعٌ وثمّ بريقٌ به رعشةٌ تتحيّرْ ألا هيّا فانظرْ مكثر ( أكتوبر 2011)