أمام تعنت وزارة التربية ورفض الاستجابة لمطالب المربين دفعت القواعد نقابتها الوطنية الي الاستماتة في الدفاع على حقوقهم المهدورة بالوسائل القانونية المشروعة معلنة الاضراب على العمل بيوم واحد على ان يتواصل النضال بالحوار وبالضغط في المواعيد القادمة اذا بقيت الوزارة على تعنتها وتجاهلها لحقوق هذا القطاع الحيوي الهام. لا يخفى على أحد ما يقوم به المعلم من جهد لصقل المواهب وايقاظ الهمم وانارة العقول مضطلعا بوظيفة شاقة يعطي فيها للناشئة عمره وصحّته فهو كالشمعة تتآكل وتذوب لتنير ما حولها مشيعة فيه الضياء لتبديد الجهالة هل ينكر الوزير والطبيب والقاضي والمهندس.. فضل المربي عليه؟ أيمكنه ان يكون على ماهو عليه لولا الاحاطة التي حباها به معلمه؟ الرّأي العام يساند رجال التعليم في نضالاتهم ويتفهم مطالبهم ويعزّ عليه ان يراهم يعيشون على الكفاف يأتي التلميذ الى المدرسة والمعهد رافلا في ابهى لباس وعلى متن «المرساداس» ويسير سيّده مترجلا ينهب «الكياس» المعلم صاحب السلطة المعرفية والأخلاقية والرسالة النبيلة اصبح في وضع اجتماعي سيء ومزر لعدم القدرة على مسايرة نسق الغلاء الفاحش في الاسعار واصبح المرتب الزهيد الذي يتقاضاه لا يفي بأبسط حاجياته الضرورية خاصة اذا كان العائل الوحيد لاسرته، اصبح عاجزا على توفير الغذاء واقتناء اللباس اللائق الذي يجلب له المهابة والاحترام «من الفريب»، المربي بحكم وعيه لم يضرب عن العمل إبان الثورة ولم يطالب بالزيادة في الاجر رغم الحاجة الملحة لذلك لانه يعرف ان الظرف عصيب ولا يرغب في مزيد ارباك الحكومة لكن صبره نفذ بعد عجزه على تلبية ابسط الضروريات في ظلّ تدهور مقدرته الشرائية حتى أحبط وهو يصارع لوحده الظروف في خضم منظومة تربوية فاسدة لا سند له فيها ولا معين.الرأي العام يساند المربين في الدفاع عن حقوقهم المشروعة ويتعاطلف معهم. كفى المربي غبنا وكفى البعض تجنيا عليه لانه كان الوحيد من يدخل على الملك دون استئذان اجلالا لسلطته المعرفية ومكانته العلمية في الحضارات الغابرة وحتى القريبة منها. وتجاهل مكانته اليوم دليل على الفساد المستشري في السلطة وتمشياتها الخاطئة فحادت التربية عن المسار المرسوم لها وانتجت جيلا يشكو عديد الاعاقات في التكوين المعرفي والاخلاقي فمتى يعود إلى المنظومة اعتبارها لاشاعة قيم الحق والمواطنة بعيدا عن التنافر والتباغض؟