قف أيها المعلم ولا تخجل قف أيها النخل السامق يا ناحت العقول قف واصرخ عاليا في وجه من تنكر لدورك ومن تجاهل تضحياتك في الأرياف التي تشهد لك بصبرك وعنائك في ظروف قاسية لا يقدر على تحملها الا من تشبع بالوطنية ومحبة أطفال قصر تقاسمت معهم شظف العيش وقساوة الطيبعة وراهنت على قدراتهم وانتشلت الآلاف منهم وزرعت فيهم عزما لا يعرف الهزيمة وسلّحت هذا الوطن بكفاءات في كل المجالات ولكنك تذوب كالشمعة وانت تعمل في صمت لان واجبك يفرض عليك ان تنهض ببني وطنك وتعطي من عمرك للآخرين عملا ب «غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون». لقد غرست أشجارا مثمرة وبنيت جسورا اسمنتية جعلت من هذا الوطن منارة مضيئة تدفع بعجلة التطور الى الامام ألم تعمل ايها المعلم 35 ساعة في الاسبوع في اقسام مكتظة فاقت 40 تلميذا؟ ألم تعمل على ضوء الشمع ألم تقطع المسافات الطويلة مشيا على الأقدام بين الأودية والجبال وعلى ظهر الحمير والبغال لتصل الى مدرسة نائية لا تتوفر فيها أبسط مقومات العمل وتعلم أطفالا ترى على وجوههم الفقر وسوء التغذية فتبعث فيهم الأمل وتشحذ عزائمهم وتدغدغ مشاعرهم فيقبلون على الدرس وفي عيونهم امل وتطلع الى الى مستقبل افضل. ورغم هذه التضحيات وما تعيشه اليوم من تدحرج الى قاع السلم الاجتماعي وتدهور لمقدرتك الشرائية ها هي الحكومة المؤقتة تنكر عليك كل هذا وتطلب منك مزيدا من الصبر والتضحيات وتؤلب عليك الرأي العام ولسان حالها يقول «إن المعلم متكالب على المادة يسعى لنيل مرتب يساوي او يفوق مرتب اعضاء المجلس التأسيسي ولا علاقة له بمصلحة التلميذ بل هو في حاجة الى دروس في الوطنية» مقامك سام يا سيد الجميع وقدرك عال في وطن ليس للبيع او المبادلة. ان الوطني هو الذي يطالب بحقوقه ولا يتنازل عنها ويقوم بواجبه ولا يقصر في حق الآخرين فلا يستحق الحياة من لا يدافع عن كرامته. وكرامتك يا سيدي في الحصول على حقوقك وفي النضال من اجل نيل مستحقاتك في كنف الشرعية التي يضمنها لك الدستور تحت راية منظمتك العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل هذه المنظمة العتيدة التي كانت حاضرة في كل المحطات المضيئة والمعارك الحاسمة لأبناء شعبنا ولتؤكد يا سيدي المعلم للآخرين ان هذه المنظمة صعبة الاختراق مهما تنوعت أساليب التخريب والمغالطات. ان النضالات التي خاضها النقابيون شاهدة على عراقة هذه المنظمة وعلى خطها النضالي الذي ترك إرثا حافلا بالبطولات. فمن حقك اليوم ان تفخر بنفسك انك معلم وانك تعتز بالانتماء الى الاتحاد العام التونسي للشغل هذه المنظمة الجماهيرية التي كانت ولا تزالل وستظل الى جانب الفقراء والمهمشين والى جانب العمال بالفكر والساعد فمن الوهم اخضاع هذه المنظمة لضرب مصالح الفقراء والحياد بها عن المبادئ التي أسست من أجلها. وأكد لهم انك غيور على مستقبل هذا الوطن وعلى ابنائه الذين يكنون لك التقدير والاحترام.