على اثر انتفاضة الشعب التونسي المجيدة على حكم بن علي اختفى أزلام النظام النوفمبري من الساحة وخاصة التجمعيون، الا ان خطاب التسامح والمصالحة التي أوغلت فيه حركة النهضة فسح المجال لبيادق بن علي وآل الطرابلسي للظهور مجددا عن طريق تكوين بعض الاحزاب التجمعية تحت يافطة الفكر البورقيبي. الا ان هذا الاسلوب لم ينطل على الشعب التونسي الذي حسم نهائيا مع كل ما له صلة بالنظام السابق، فانعدم التفاعل مع هذه الاحزاب المشبوهة، فعملوا على تغيير سياستهم لترويض الشعب التونسي والقوى الخارجية على قبولهم، فكانت الطريقة الامثل هي التشجيع على انخرام الامن عن طريق العنف والفوضى. فانخرام الامن يفقد المواطن التونسي الثقة في سلطة الحكم القائمة ويجعله غير مطمئن على حاضره ومستقبل ابنائه بل يكفر بهذه التجربة الديمقراطية التي جلبت له الخوف والرعب وتجعله يطالب بالامن حتى وان كان عن طريق أزلام النظام السابق. اما اذا اقترنت هذه الفوضى بالسلفيين الذين يمثلون خطرا على بناء الدولة المدنية فان القوى الغربية ستضطر الى مراجعة حساباتها في دعم الحرية الديمقراطية التونسية وذلك بالعمل على ايجاد بديل للسلطة القائمة ومعاضدة الاطراف التي تحمي مصالحها في هذه البلاد، ولن تكون هذه الاطراف الا التجمعيون بالضرورة. كما أن هذا الوضع سيؤثر بالضرورة على دول الخليج التي لا يمكنها تدعم تجربة مغضوب عليها من طرف الغرب. وعليه فانه يمكن التأكيد على ان الانفلات الأمني الذي شهدته تونس مؤخرا يخدم في الكثير منه أجندة تجمعية صرفة.