احتضنت القاهرة يومي 25 و26 أوت 2012 أشغال الجلسة العامة الثالثة للمنتدى النقابي الديمقراطي العربي برئاسة الأخ عبد السلام جراد رئيس المنتدى وقد تميّزت هذه الجلسة العامة بالحضور الدولي والعربي المكثّف من خلال مشاركة الرؤساء والأمناء العامين للمنظمات المنضوية تحت لواء هذا المنتدى ووفود نقابية عن منظمتي العمل العربية والدولية والكنفدرالية النقابية الدولية والمعهد العربي لحقوق الانسان والمنظمة العربية لحقوق الانسان وشبكة المرأة النقابية العربية وعدّة منظمات إقليمية عربية غير حكومية وذلك في إطار ما نصّ عليه البيان التأسيسي للمنتدى حول ضرورة تشريك المجتمع المدني العربي في أنشطة المنتدى. وقد تميّزت هذه الجلسة العامة بإستضافة عدد من الخبراء في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية العربية للاستماع إلى تقييماتهم فيما يتعلّق بالأزمة المالية العالمية الحالية وانعكاساتها على المجتمعات العربية اقتصاديا واجتماعيا. وقد افتتح الأخ عبد السلام جراد، رئيس المنتدى النقابي الديمقراطي العربي أشغال هذه الجلسة العامة بكلمة نزل فيها اللقاء ضمن مسيرة البناء والتوحيد وتدارس الخطط لتقوية منظماتنا العربية. فالمنطقة العربية تمرّ بمراحل تعتبر في اطار التطوير لكنّها حرجة ولابد أن نواكب ونتابع هذه المراحل من أجل الانتعاسة السياسية والديمقراطية وبناء المؤسسات الدستورية التي تضمن الحياة الكريمة للمواطن. وقال لابد أن نتعاون ونتكاتف من أجل أن نجعل المنظمات النقابية قادرة على أخذ الحقوق ونضمن لها استقلالية قرارها الذي انبني عليه مستقبل العمل النقابي ولابد أن تكون لدينا فكرة عامة عن كل ما يدور في أقطارنا العربية ولابد أن نشعر الحكومات بأنّ هناك سفارات عن طريق المنظمات التي تربطنا بها علاقات وروابط قوية وأن نبلغ هذه المنظمات صوتنا لتحقيق التضامن الدولي. وأكّد أنّ هذا المنتدى يكرّس شعورنا بمصير بعضنا البعض خاصة في هذه الفترة الحسّاسة حيث أنّ العمل النقابي يتعرّض لبعض الضغوطات وبعض الأهداف قد لا تتحقق نتيجة هذه الضغوطات مثل استقلال القضاء وحرية الصحافة إلى جانب اهتمامنا بالعمل النقابي وملفاتنا الاجتماعية. وجاء في تدخل الأخ حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل: بقدر ما استمعت بكثير من الانتباه للاخوة المتدخلين وتعرّفت على الواقع الاقتصادي للدول العربية بقدر ما صدمت بالنقاش، فالخبراء قدموا لنا الواقع العربي بالصورة التي عليها، وهذا المنتدى هو فضاء لتبادل الآراء وإذا تحدثنا عن الثورة التونسية نجد أنّها قامت بسبب انعدام عدالة توزيع الثروة وإهمال الجانب الاجتماعي لذلك نريد أن نؤسس لعمل مشترك وننكب على تحديد أهم المعوقات والمخاطر التي تتعرّض لها الطبقة العاملة، نريد تحقيق المطالب الاجتماعية، فلابد أن يكون لدينا كنقابات عمّالية دور سياسي واجتماعي في نفس الوقت، نريد أن نخرج بمجموعة من النتائج تؤكد دور العمّال وتوحدهم ومحافظتهم على استقلاليتهم وأن يتكاتفوا من أجل تحقيق دور ايجابي لمنظماتهم النقابية. والتأمت جلسة تحت عنوان الوضع النقابي قطريا، تناوب فيها الأمناء العامون ورؤساء المنظمات النقابية لعرض الوضع النقابي ببلدانهم، وقد تميّزت هذه الجلسة بالصراحة الكبيرة التي انتهجها جلّ المتدخلون. وجاء في تدخل الأخ حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل التأكيد على أنّ هناك هجوما على اتحاد العمّال العرب تمّ تنفيذه في حين كان لهذا الاتحاد تاريخ مشرف قاد قضايا ضد الحكام العرب، وهناك خطّ مانع حول هيمنة الحكومات على هذا الاتحاد، لابد أن نقرأ واقعنا ونفهمه وندرسه ونحاول أن نغيّر منه ونطوّره ونعمل على استشراف الواقع وفهم متطلّباته ومتناقضاته. وصدر عن هذا المنتدى بيان أكّد على أهميّة الانجازات التي تحقّقت في أقطار الربيع العربي في مجال حق التنظيم وحرية التعبير والانتخابات التي شهدتها عدد من هذه الأقطار والتي اتّسمت باحترام الحد الأدنى من الشفافية ومثّلت خطوة أساسية على درب البناء الديمقراطي وإتاحة الفرصة للشعوب للمشاركة في اختيار ممثليها بكل حرية وعبّر أعضاء المنتدى في نفس الوقت على مخاوفهم إزاء ما يواجه إقامة الدولة المدنية من مخاطر، خاصة بعد تعدّد المؤشرات المهدّدة للحريات والمكاسب الشعبية . واعتبر أعضاء المنتدى أنّ السياسات الاقتصادية والاجتماعية الرّاهنة، بما في ذلك ببلدان الربيع العربي ماتزال الى حدّ الساعة تمثّل امتدادا لخيارات وأنماط التنمية المعتمدة من قبل الأنظمة الساقطة والتي أدّت إلى تنامي الفقر وارتفاع معدّلات البطالة وتدهور الأحوال المعيشية للعمّال والفقراء عموما وكانت سببا مباشرًا لقيام ثورات الربيع العربي. وعلى المستوى النقابي أكّد البيان إنّ عجز الأنظمة على توفير البدائل التنموية الهادفة إلى توفير فرص العمل اللائق وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع وفئاته الاجتماعية يضع النقابات العربية أمام تحدّيات كبيرة من أجل حماية حقوق الطبقة العاملة والدفاع عن مصالحها ويضعها في مواجهة محاولات التدجين والوصاية عليها والهيمنة على قرارها والتصدّي لتحركاتها المطلبيّة المشروعة باستعمال نفس الذرائع والأساليب من تهديدات ومحاكمات واعتقالات ومحاولات لشق صفوف النقابيين والتدخل في شؤونهم الداخلية لضرب استقلالية قرارهم. إنّ هذا الوضع المرشّح لمزيد من المصاعب والتوترات يتطلّب تعزيز استقلالية التنظيم النقابي والمزيد من الإحاطة بالقواعد العمّالية وبمشاغلها الحقيقية والمثابرة على تنظيم وتأطير نضالاتها من أجل تطوير واقعها الاقتصادي والاجتماعي. كما يتطلّب كسب هذه التحديات المزيد من التضامن النقابي العربي وتعزيز التضامن النقابي الدولي وتطوير آلياته ومضامينه. ودعا الى دعم كافة النقابات العربية المناضلة من أجل استقلالية تنظيمها وحرية قرارها بعيدا عن كل تدخل أو توظيف من أي طرف. ودعا إلى الوقوف أمام كل محاولات المساس بالحقوق والحريات النقابية بما في ذلك حق الاضراب أو التراجع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المكتسبة كما يؤكد على أهمية الدور الذي تضطلع به المرأة العربية اليوم من أجل التغيير الديمقراطي والتقدّم الاجتماعي. كما يدعو الى مزيد الإحاطة بالشباب وفسح المجال أمام تمكينه من المساهمة في صنع القرار النقابي باعتباره شريكًا أساسيا عبر آلية الحوار الاجتماعي المؤسساتي. يجدّد المنتدى النقابي الديمقراطي العربي دعمه للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه المحتلة وإقامة دولته المستقلة. يعبّر المنتدى مجدّدا عن دعمه ووقوفه إلى جانب الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين ويدعو إلى حوار جدّي يفضي إلى اصلاح ديمقراطي. كما يعبّر عن تضامنه الكامل مع الاتحاد العام التونسي للشغل إزاء ما يتعرّض له من محاولات لإضعافه وإلهائه عن لعب دوره الكامل في التأسيس لعمليّة انتقال تونس إلى الديمقراطية ولتكريس المساواة والعدالة الاجتماعية وتحقيق أهداف الثورة التونسية.