بدعوة من اتحاد النقابات الأمريكية AFL-CIO و»مركز تضامن» التابع له، سافر وفد عن الاتحاد العام التونسي للشغل مكوّن من الأخوة حسين العباسي الأمين العام وقاسم عفية وسامي الطاهري الأمينان العامان المساعدان ليتسلموا جائزة نقابية عالمية تسندها النقابات الأمريكية للنقابات والجمعيات التي تناضل من أجل الديمقراطية. وقد كانت هذه الزيارة مناسبة للالتقاء بعدد من المسؤولين النقابيين العرب من الجزائر والمغرب ومصر والبحرين وتبادل الخبرات معهم وكذلك من أمريكا ومنهم الصديقة كاثيفا بننجلود المسؤولة عن العلاقات الخارجية في AFL-CIO التي أكدت أن خلافا طويلا كان يحدث عند مناقشة إسناد الجائزة لكن هذه المرة كانت المناقشة سريعة وسهلة ولم يحدث خلاف لقوة حجة كل المدافعين عن الاتحاد العام التونسي للشغل. وقد تم التأكيد على أهمية التضامن العمالي في ظل هجوم راس المال العالمي وتوحش الليبيرالية الجديدة وسعيها إلى إضعاف العمل النقابي والقضاء عليه، كما كان لوفد الاتحاد لقاء مع الصديق بيتر بافيكس مدير مكتب واشنطن لاتحاد النقابات العالمي للحديث عن الوضع النقابي العالمي في ظل الأزمة العالمية وتأثيرها على عمال العالم وخاصة في بلدان الجنوب ومنها التي تشهد ثورات كتونس ومصر والبحرين، ودعا إلى ممارسة الضغط الجماعي من أجل إيصال مطالب العمال وتظلماتهم في الهياكل الإقليمية والدولية والاحتجاج على الشروط المجحفة وعلى فرض السياسات المثيرة للقلق عند إسناد القروض للعديد من الدول ومنها التي تفرض رفع أسعار المحروقات والحد من الإنفاق العام والتقليص من الدعم ومواصلة الإسراع بخوصصة المؤسسات العمومية ومراجعة أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد ومراجعة قوانين الشغل نحو مزيد من المرونة. وقد عرضت تقارير المؤسسات المالية العالمية بخصوص هذه البلدان للنقاش والتقييم وإعداد الردود عنها لما لها من تأثيرات سلبية على العمال بالأساس وعلى اقتصاديات هذه البلدان عموما خاصة أنها جربت ولم تنتج غير الكوارث الاجتماعية والاقتصادية عبر الهياكل النقابية المحلية والعالمية التي يتم الاعتراف لأول مرة بوجوب مشاركتهم في أي حوار. كما جرى لقاء هام مع الصديقة سيلاست دارك الخبيرة في الاقتصاد والتجارة في اتحاد النقابات الأمريكية لمناقشة اتفاقات الشراكة المزمع إبرامها بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وكل من المغرب وتونس والبحرين وغيرها من الدول العربية، وقد وضّح النقاش الأخطار المتوقعة من اتفاقات تبرم في إطار اختلال التوازن ودون مراعاة حقوق العمال واحترام قوانين البلدان المعنية والقوانين الدولية ودون تشريك النقابات وكل الأطراف الاجتماعية ودون ضبط التزامات البلدان والشركات المعنية بتلك الاتفاقات، فكل الاتفاقات السابقة كانت تبرم بسرية مطلقة ولا تحترم القوانين المحلية وتدوس حقوق العمال وتعطي للشركات حقوقا مطلقة ولا تفرض عليها التزامات ومنها الالتزامات تجاه البيئة والمحيط الاجتماعي وغيرها، كما يعطى لها حق التحكيم الدولي فتفلت من المحاسبة. كما انتظمت لقاءات أخرى مع عدة مسؤولين سياسيين وماليين واقتصاديين أبلغ فيها الاتحاد موقفه مما يجري على الساحات الوطنية والإقليمية والعالمية مشدّدا على وجوب احترام إرادة الشعوب وتطلعاتها مؤكّدا على التعويل على الذات لتحقيق التقدم وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاجتماعية في ظل دستور مستمد من التشريع المدني والتشريعات الكونية يحترم هوية تونس العربية الإسلامية ويبني عليها أسس التقدم والتنوير ويثبت الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ويحافظ على المكاسب ويطوّرها ومنها المكاسب الاجتماعية كالمساواة وحقوق المرأة والضمان الاجتماعي باعتبارها أهم التحديات الراهنة. كما نظمت النقابات الأمريكية للوفود العربية جلسة مفتوحة مع الطلبة في جامعة «جورج تاون» الأمريكية الشهيرة دار فيها نقاش هام وطرحت خلاله على النقابيين لأسئلة كثيرة تهم الأوضاع الدولية والإقليمية.