شكلت الايام الدراسية لموظفي وأعوان مخابر التعليم العالي والبحث العلمي التي احتضنتها مدينة الحمامات طيلة ايام 19 20 و 21 سبتمبر 2012 فرصة لهذه النقابة الناشئة والفتية لاستكمال ما بدؤوه في مؤتمرهم الأول بتاريخ 28 جانفي 2012 فبعد انجاز المؤتمر وانتخاب النقابة العامة شرعت القيادة في استكمال هيكلة القطاع من خلال تأسيس نقابات جديدة في عديد المعاهد بالجهات ورفع عدد المنخرطين في جميع الاسلاك وقد واكب هذا الحراك النقابي المتميز بالحماس والاصرار على الارتقاء بأبناء القطاع ماراطون من المفاوضات مع سلطة الاشراف لم يكلل بالنجاح نظرا الى مماطلة الوزارة وتسويفها لكنه دفع النقابة العامة الى الاستفادة منه لرصّ صفوف النقابيين والعمل على مزيد التوعية النقابية بمشاغل القطاع من خلال الارتقاء بالزاد النظري للنقابيين لتملك تقنيات التفاوض وأساليبه، وذلك من خلال الندوات التكوينية والورشات التطبيقية العملية الحل الجذري في مراجعة المنظومة الجامعية مداخلة الاستاذة سعاد موسى كانت بعنوان «السلك المشترك لموظفي التعليم العالي والبحث العلمي : الاشكاليات القانونية وفرص التطوير» وجاءت في شكل جملة من الملاحظات حول الاشكاليات التي يطرح على القطاع حيث انطلقت من فكرة رئيسية تتمثل في محاولة القطاع الخروج من التهميش الذي تعيشه أسلاكه والذي يعكسه الالتباس في تسمية النقابة، معتبرة ان القطاع تتشابك فيه عدة اسلاك مشتركة على المستوى الافقي والعمودي، فعلى المستوى الافقي لا يقتصر السلك على قطاع التعليم العالي بل هو مشترك بين التعليم العالي وقطاعات اخرى مثل التربية وربما يعود ذلك الى أسباب تاريخية عندما كان قطاعي التعليم العالي والتربية يتبعان لوزارة واحدة، كما توجد اسلاك مشتركة مع قطاعات اخرى من الوظيفة العمومية والجماعات ذات الصبغة العمومية، أما المستوى العمودي فهو سلك مشترك يجمع بين اعوان تعمل في وزارة التعليم العالي سواء في شكل معاهد او كليات او مؤسسات بحثية او جامعات اضافة الى الحالة الخصوصية لأعوان مدينة العلوم بتونس، وهو ما يجعل السلك غريبا بثلاث مرحعيات مرة تكون قانون الوظيفة العمومية في التصنيف والرتب وسلم التأجير ومرة يجعل من مجلة الشغل مرجعا وفي موقع ثالث يكون المرجع هو قانون 85 الذي وقع تعديله مرات عديدة وهو المتعلق بأعوان الدواوين والمنشآت العمومية وهذا التعقيد يميز وضع الوظيفة العمومية بشكل عام والذي لا مبرر له سوى كونه ناشئ عن تراكمات باعتباره لم ينشأ عن تصور واضح منذ البداية بل انه كان محصلة تجريبية لسياسات معينة تدبيرية. هذا الوضع المتشابك دفع النقابات الى الدفاع عن مصالحها الفئوية الضيقة في ظل غياب حوار اجتماعي حول السياسات العمومية المتعلقة بالنشاط داخل المؤسسات العمومية وبالتالي كانت المحصلة كلما كانت موازين القوى النقابية لصالح فئات ونقابات مهنية معينة الا واستطاعت ان تفرض بعض المكاسب في شكل قوانين وأنظمة أساسية خصوصية وما يرافقها من بعض المكاسب المادية المتصلة بذلك النظام وهو ما خلق عقلية نقابية تقوم على رهن العمل النقابي بوجود أو توفر نظام اساسي خاص باعتباره الوسيلة الوحيدة التي يستطيع من خلالها فرض الاستحقاقات المادية والمعنوية المتصلة بالنظام الاساسي واختصار المكاسب المعنوية في الجانب الترتيبي. هذا المشهد حسب سعاد موسى أدى الى تعقيد الوضع الاجتماعي لقطاع التعليم العالي وخاصة بالنسبة الى سلك الموظفين وهو ما خلق جيوبا من التوتر داخل المنظومة بين الفئات المهنية والسلطة المشغلة وبين الفئات المهنية فيما بينها وقد تكون هذه التوترات مفتعلة من قبل السلطة حتى تلهي مختلف الفئات عن مشاكلها الحقيقية ويتحول الصراع بين الاعوان فيما بينهم ومن جهة وبينهم وبين الاساتذة من جهة اخرى وهو ما يتطلب يقظة وفهما شاملا للوضع لمعرفة اصل الداء وردت الاستاذة المحاضرة هذا الوضع الى الشعور بالتهميش وخاصة في السلك الاداري أما على مستوى الاسلاك الاخرى فاعتبرت موسى ان التهميش ناتج عن وضع نشأ تاريخيا بتراكم تجارب أدت الى ظهور فوارق في معاملة اسلاك متشابهة من حيث طبيعة العمل ولكنها غير متساوية من حيث الامتيازات فما الفرق بين تقني مخابر في التعليم العالي وتقني مخابر في وزارة الصحة؟ وخلصت في الأخير الى السؤال هل أن بعض المقترحات التي انتهت اليه النقاشات والمتمثل في مشروع القانون الاساسي للأسلاك المنضوية في القطاع يمكن ان تمثل حلاّ جذريا لهذا الوضع الذي يمرّ به القطاع والمتسم بالتهميش؟ خاصة ان الجامعة عموما محتاجة الى اعادة نظر وهيكلة جديدة في اطار تصلبت المنظومة الجامعية، ولا أتصور اي تغيير ممكن الا في اطار هذا التنقيح الذي يجدد فيه ما هو عاجل متعلق بالادارة الانتقالية وما هو آجل يستوجب رؤية جديدة لابد ان يشارك فيها القطاع مع بقية الاطراف الجامعية التأطير البيداغوجي والعلاقة المهنية تناول الاستاذ عبد الستار السحباني في مداخلته قضية التأطير البيداغوجي لا بوصفه وظيفةً يقوم بها الاعوان في اطار عملهم كتأطير الطلبة وانما باعتباره ممارسة عامة داخل الفضاءات المهنية ودور التأطير في اجتثاث كل اسباب وانواع العنف والتوتر داخل فضاء العمل من اجل تحويل هذا الفضاء الى مكان مريح ومناسب للعمل ثم تناول مفهوم التأطير وعرفه بالتكوين عموما في كل المجالات التي لها علاقة بالفضاء المهني والهدف منه توفير الشروط المناسبة للتكيف مع هذا الفضاء للحد من الغربة والتحكم في العلاقات، أما مجال التأطير فكل مكونات الفضاء المهني، فضاء الانتاج. واعتبر ان الغاية من التأطير هي الاحاطة الاجتماعية والنفسية بالعامل او الموظف وذلك بقصد تيسير التواصل داخل فضاء العمل وهو ما يخلق حالة من الانتماء. أما المهمة الثانية فتتمثل في التوعية والاعلام بكل ما له علاقة بالعمل من مصاعب ومخاطر ونقاط القوة والضعف داخل المؤسسة، كما تعني التوعية التشريك وتطوير العلاقة بين العامل وفضاء العمل حتى يكون فاعلا اساسيا، وتظهر أهمية التوعية في انه اثر الثورة تمكنت عديد المؤسسات من الصمود نتيجة دور العملة والموظفين في حمايتها من النهب والسرقة والحرق وهي مسألة مهمة تؤثر على احساس عالٍ بالانتماء. كما يعني التأطير الحماية القانونية من خلال معرفة العامل بقوانين الشغل بكل دقة وتبسيطها حتى تكون في متناول العامل والموظف، وهو ما يتطلب حلقات تكوينية دورية بفضاء العمل يتولاها مختصون في الغرض ونشرها على لوحة الاعلانات أما التوجيه والارشاد فيعني انه في حالة التوتر أو النزاعات الشغلية تتولى هياكل قادرة على القيام بهذا الدور في كنف الاستقلالية والحرية والعمل القانوني هذا بالاضافة الى دعم روح الانتماء الى المؤسسة والعمل على تحسين ظروف العمل لتجنب ما من شأنه ان يخلق حالة من التوتر والمشاكل. وخلص الاستاذ عبد الستار السحباني اثر مداخلته الى الاساليب الواجب اتباعها لمعالجة التأزم داخل فضاء العمل من خلال رزنامة ضرورية للوصول الى الحلول الممكنة تساؤلات واستفسارات طبيعة المداخلتين النظرية استوجبت من المحاضرين الاجابة عن عديد الاستفسارات والتساؤلات التي وجهها اعضاء الهيئة الادارية حول ضرورة التأكيد على أهمية القوانين الاساسية في ظل غياب اي ممكنات لاصلاح المنظومة الجامعية ومراجعة قوانين الوظيفة العمومية، كما مثلت مسألة التأطير مجال اختلاف بين المتدخلين الذين رأوا على خلاف ما ذهبت اليه الاستاذة سعاد موسى انه من مشمولات موظفي التعليم العالي رغم عدم التنصيص القانوني عليه، وقد نجحت ردود الأستاذين على التساؤلات في تبديد الغموض ومزيد تقريب المعلومات والمعطيات التي وردت في المداخلتين الحق النقابي وتقنيات التفاوض مداخلتا الاخ نبيل الهواشي عكستا أهم انتظارات اعضاء الهيئة الادارية المتعطشين الى التكوين النقابي وامتلاك المهارات والمناهج التفاوضية التي تمكنهم من خوض غمار المعارك اليومية التي تعترضهم في طريق الدفاع عن منظوريهم وتحقيق مطالبهم المشروعة في مداخلته الاولى بعنوان «الحق النقابي» قسم الاخ نبيل هذه الحقوق الى ثلاثة اصناف: الصنف العام من الاتفاقيات الدولية المكرسة للحق النقابي، والصنف الخاص من الاتفاقيات الدولية المجسدة للحق النقابي، أما الثالث فهو الحق النقابي من خلال التشريع الوطني أما الصنف الاول فتضمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان : كالتنصيص على الحق في العمل والحق في اختيار العمل والحق في الحماية من البطالة والحق في الحماية الاجتماعية والحق في الأجر العادل الذي يكفل للعامل ولأسرته عيشة تليق بكرامة الانسان والمساواة في الأجر دون أي تمييز. كما أقرّ هذه الحقوق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصنف الثاني من الاتفاقيات الدولية يتمثل في الاتفاقية عدد 87 والاتفاقية عدد 98 والاتفاقية عدد 135 وخلص في آخر المداخلة الى الحق النقابي من خلال التشريع الوطني المؤكد على تأسيس المنظمات النقابية للموظفين وحرية الانخراط وبقية الفصول التي تنضم الحق النقابي وأهمها حماية الممثلين النقابيين والحق في التفاوض، والاعتراف بحق الاضراب في الوظيفة العمومية المداخلة الثانية للأخ نبيل الهواشي تناولت بالتحليل «تقنيات التفاوض ومناهجه» قسمها المحاضر الى خمسة عناوين كبرى هي على التوالي مفهوم التفاوض، الاستعداد للتفاوض، اعداد الفريق التفاوضي، مبادئ التفاوض وتكتيكات التفاوض. عرّف التفاوض بكونه عملية ارادية اختيارية تقوم على الحوار والمناقشة او تبادل المقترحات يجري عادة بين طرفين او اكثر يتمتعان بالاهلية القانونية ويرتبطان معا بحاجات او مصالح مشتركة يشوبها شيء من التوتر بهدف التوصل الى اتفاق يكفل تسوية النزاعات والخلافات. أما الاستعداد للتفاوض فيقوم بحسب المحاضر على تحليل القضايا وتجزئتها وتصنيفها والتعرف على حاجات الخصم وتحديد مستوى طموحه وضبط الاهداف وتحديد قائمة التنازلات وتقوم المرحلة الثالثة على اعداد الفريق التفاوضي الذي يتضمن على الاقل ثلاثة أدوار مهمة، وهي المتحدث والمقرر والموجه، المرحلة الرابعة تتمثل في مبادئ التفاوض أما الاخيرة فترتكز على التكتيكات المتمثلة في الخطط القسرية وخطط الاقناع. الاخ نبيل الهواشي حرص على تضمين محتوى المحاضرة الثانية في كراس تم توزيعه على اعضاء الهيئة الادارية وقد اعتبروا ذلك الكراس بمثابة المرجع التعليمي وشكروا الاخ نبيل على مجهوده وقدرته على تبسيط المعلومة ودعمها بأمثلة لتقريب الفكرة ورشات لمناقشة مشاريع القوانين النقابة العامة أعدت كتابا تضمن مشاريع القوانين الاساسية للأسلاك المنضوية بالقطاع وتم توزيعه على اعضاء الهيئة الادارية ناقشت كل مجموعة منها الجزء المتعلق بسلكها من القانون قصد تعديله وتطويره واضافة مقترحات، وقد مكنت هذه النقاشات من الاستفادة من الملاحظات التي قدمها النقابيون الملتصقون بهموم الاعوان في المعاهد والكليات والجامعات ومن المنتظر ان تأخذها النقابة العامة بعين الاعتبار