كثيرون منهم لا ندري من أين جاؤوا..ولا نعرف كفاءاتهم ولا ممتلكاتهم..هم حزبيون جيدون لا أكثر..ولكن لا يملكون القدرة على تسيير بلاد عقب ثورة على الفساد العارم الذي شلّ كل الملفات بفعل فاعلين أصليين وثانويين مازال كثير منهم يمارس علينا رجولته باسم الثورة بعد أن كان يتكلم باسم عساس التغيير وحامي حمى الدين.. وزراؤنا بلا اختصاص وكأنهم موظفون في إدارة التجهيز أو في شركة الماء. كلهم متخصصون في كل شيء..لذلك يصبح وزير النقل مثلا مختصا في حقوق الإنسان..ووزيرة البيئة في سب المعارضة..ووزير الخارجية مختصا في الدفاع عن الخيارات السياحية..ووزير العدالة الانتقالية في ملف التشغيل..ووزير الزراعة في المالية العمومية..وطبعا كل من يعارضهم يصبح في صف أعداء الثورة وكأنهم من مفجريها ومن صناعها ومن قادتها... صديقي وزير العدل محامي من الطراز الرفيع..علمت انه مارس السياسة لما ابتعد عنها عقب محاكمات العار وميثاق الولاء لبن علي..وأصبح حقوقيا شعاره الوحيد في وجه الطغاة استقلال القضاء عن السلطة السياسية..وكتب نصوصا جميلة جدا من خلال المرصد الوطني وجادل عديد القضاة الفاسدين حول شرعيتهم وشرعية مجلسهم الأعلى المرؤوس من قبل طاغية قرطاج..وحبّر عديد الأوراق حول أن تكف الحكومة تدخلها عبر سيء الذكر بشير التكاري في شان القضاء والقضاة في التسميات والترقيات والنقل وساند جمعية القضاة في محنتها فكان طبيعيا أن يمتاز في القسمة بنصيب وزارة العدل .... لكن يبدو أن للسلطة طعم آخر وحلاوة من طراز لا نعرفه..فمنذ اليوم الأول أظهر العداء لجمعية القضاة المستقلة وأعطى للنقابة مرتبة الشريك الممتاز مقابل الموافقة على كل القرارات الفردية التي تتنافي مع كل ما كتبه المناضل السابق والوزير الحالي. لست ضليعا في ملفات وزارتكم ولا مطلعا كثيرا على قراراتكم الأخيرة فهي تهم أصحابها ولكن قرار الإبقاء والترقية في خصوص مهندس محاكمات قيادات الحوض المنجمي والتي كلّفه بها التكاري ومن وراءه القصر..هذا القرار وحده يطرح استفهاما كبيرا..مجلسكم النيابي يناقش حقوق ضحايا الرديف وام العرايس والمظيلة وحكومتكم توسم وتجل جلادي أبطال المناجم.... ولأن الخرق أوسع من ذهن التارزي دخل صديقي نورالدين معترك السباب والشتم لكل معارض لسياسته ملتحفا بشرعوية يعرف محدوديتها رافضا التراجع عن فلسفة فلاحية قديمة ترتكز على مقولة - بالقفيز وإلا ما نجمعوش- عيب..أو أكثر قليلا...