مازالت سيدي بوزيدالمدينة والولاية تعيش على وقع الهزات والانتفاضات والتحركات والمصادمات التي ما ان تهدأ في مكان حتى تصطدم بآخر وهي الحالة التي استبدت بالمنطقة منذ انتحار احد ابنائها الذي أسس لثورة لم تجن منها «بوزيد» الا عربة صخرية صمّاء تنتصب اليوم شاهدة على ان كل شيء صار أصمّ لا بل صمت تقطعه بعض الصرخات التي سمعنا بعضها منادية «ما أبركك يا راجل أمي الأول» وهو ما معناه أن هذه الثورة جعلت من الناس مستجيرين بالرمضاء من النار! على رأي الاستاذ محسن الذي أكد انه لا مجال للطعن والشك في القول السائد اليوم في كل أرجاء الولاية بأن خطوات كبيرة قُطعت الى الوراء وهو ما يؤثر الى اندلاع أزمات لا طاقة لأحد بتحملها وهي أزمات ارتفعت حدتها طوال الايام الماضية الى درجة اعلان مدينة سيدي بوزيد منطقة عسكرية وهو ما لم يحدث على مدى خمس عقود اي فترتي بورقيبة وبن علي حسب رأي الناشط السياسي والنقابي الحقوقي الأزهر الغربي الذي يرى في الاحداث الاخيرة مؤشرا لشيء قادم بل تعتبر أمورًا عقباها غير محمودة... وهو ذات الموقف الذي عبّر عنه الاخ عبد الكريم بكاري عضو المكتب التنفيذي الجهوي للاتحاد بسيدي بوزيد وكاتب عام النقابة الجهوية للتعليم الثانوي والذي دعم موقف الحقوقي الازهر الغربي عنه أكد ان الامور تتعقد من يوم الى آخر بلا بارقة أمل يطمس الهواجس التي على وقعها الاهالي في مختلف انحاء الولاية وفي سائر القطاعات ضاربا على ذلك مثلا بهذا التجمع الهائل لعمال تلقوا «هدية» خاصة بعيد الاضحى متمثلة في تخفيض «محترم» لأجورها بلغ النصف مما حدا بهم الى الدخول في اضراب جوع مفتوح بمقر المعتمدية بالتزامن مع ما يحدث في المؤسسات الجامعية التي دخلت في اضراب عام والتي شهدت شللا كليا نتيجة اضراب عام دعا اليه الاتحاد العام لطلبة تونس مساندة لشرعية مطالب الطلبة على غرار أولئك المحرومين من الترسيم والتسجيل لبعض ابناء الجهة فضلا عن باقي المطالب المتعلقة بنقل الطلبة والاكلات الجامعية المتردية وهو ما أكد عليه السيد اشرف بوعزيري الذي صرح للزميلة «الشروق» ان الاضراب العام سيبقى مفتوحا الى حين تحقيق المطالب المرفوعة. مسلسل الأحداث الأخيرة شرارة الاحداث الاخيرة انطلقت بمنطقة العمران بعد ان تحول اعتصام سلمي الى اضراب جوع على خلفية المداهمات الأمنية وما شابها من عنف وتجاوزات تعرض لها الاهالي والتي أسفرت عن ايقاف اكثر من ثلاثين شخصا... اثر ذلك نفذ أهالي بوزيان اضرابا عاما كامل يوم السبت الماضي توج بمسيرة جابت شوارع المدينة التي تشكو من غياب كل مقومات الدولة (ادارات منشآت، أمن...) هذا التحرك ألقى بظلاله على اهم واخطر قطاع وهو التعليم الثانوي الذي شن رجاله اضرابا عاما تضامنا مع زميلهم الاستاذ عبد السلام الحيدوري عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي والاتحاد المحلي للشغل بمنزل بوزيان... مما أعطى المسألة بعدا جهويا وأدى الى انتظام مسيرة حاشدة بمركز الولاية انتهت بوقفة احتجاجية امام مقر المحكمة... هذا الحراك تواصل على امتداد ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس حيث تعززت التحركات بدخول موظفي الولاية في اضراب مفتوح احتجاجا على تعطل التفاوض وغياب لغة الحوار مع والي الجهة. الذروة هذا الاسبوع المتفجر عرف فصله الاخير نهار الجمعة الماضي الذي وصفه الاهالي باليوم المشهود حيث انطلقت «فعالياته» على الساعة الثامنة صباحا عندما تجمع آلاف المواطنين المنادين برحيل الوالي وتوجهوا الى مقر الولاية حيث جوبهوا بكثير من العنف والغازات مما ادى بل اضطرهم الى اقتحام المقر وطرد الوالي واعلان المكان منطقة عسكرية حسب شهادة الاستاذ الازهر الغربي. انتكاسة هذه التحركات والنضالات حققت جزءا من الاهداف التي طالب بها الاهالي وهي رحيل الوالي الذي عبر الجميع عن عدم الرضا عن آدائه وهو ما اعتبر خطوة من الحكومة المؤقتة في اتجاه الاصلاح الا ان قرار السلطات تعيين وَالٍ جديد من وجوه الزمن الحالك لسيدي بوزيد على رأس الجهة زاد في حجم المخاوف التي تنبئ بالعودة الى المربع الاول حيث ان هذا السيد كان اليد الطويلة للوالي بن عرب على ايام بن علي حيث كان السيد الثليجاني الوالي المعين مديرا للتنمية الجهوية بالوسط الغربي! وما يعنيه ذلك من علاقة بالشأن التنموي للجهة الذي كان الوالي السابق في عهد بن علي «بن عرب» بحكم قبضته عليه عن طريق السيد الثليجاني الذي عين على رأس الجهة.. والذي كان طرفا مباشرا في تجازوات يشهد عليها أهالي «الاسودة» و «أم العظام» وسيدي بوزيد وغيرها من مناطق الجهة... وهنا يتساءل الاخ عبد الكريم البكاري : هل خلت الجهة والبلاد من الكفاءات القادرة على كف الأذى والغبن عن الجهة. وأضاف مواطن آخر: «طالما طاحوا للمصروف لم لا يرجعوا فوزي بن عرب وينتهي الموضوع ونعود الى حيث كنا لأن ذلك افضل مما آلت اليه أمورنا اليوم»! وفي نفس الاتجاه وعلى نفس الوتيرة تحركت هيئة حماية ثورة 17 ديسمبر (وليس 14 جانفي) واصدرت بيانا الى الرأي العام مفاده ان «هذا التعيين حل مغشوش ومدسوس بالسم يتعارض مع مبادئ الثورة ويمعن في تشويه الجهة ومناضليها». الوصفة هذا السيل من الوقائع يرى الجميع، منظمات وأحزابا وأفرادا انه لا يمكن وضع حد لها على الاقل مؤقتا الا بالعمل على تحقيق المطالب التالية: (1) اطلاق سراح الموقوفين مع طي الملفات العدلية المشكوك في نزاهتها. (2) اقالة رئيس مركز الحرس ووكيل الجمهورية اللذين مثلا الذراع الأمنية للوالي المخلوع لإخماد الاحتجاجات ومحاولات ترهيب وتركيع الاهالي. (3) ضرورة فتح ملف التنمية الشاملة والعادلة وفق دراسات جادة لاستحقاقات المنطقة ومراعاة خصوصيتها. (4) عدم الاتكال على القطاع الخاص وتحييد دور الدولة كقطاع عام.