يشرفني ويسعدني أصالة عن نفسي وباسم العائلة الموسعة لأصحاب المؤسسات أن أتقدم في البداية بجزيل عبارات الشكل لأصدقائنا بالاتحاد العام التونسي للشغل على دعوتهم الكريمة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة في المشاركة في هذا الحوار الوطني الذي دعوا إليه وأن أثني على مبادرته التي جاءت من أجل تحقيق الوفاق بين مختلف القوى الحيّة في البلاد وخاصة في هذه الفترة الحساسة التي نمرّ بها وأن أسجّل أهميّة ما تضمنته هذه المبادرة من تأكيد على جملة من المبادئ والثوابت التي نتفق عليها جميعا وخاصة التمسك بمدنيّة الدولة والنظام الجمهوري والدعوة إلى إتباع جملة من الآليات لإنجاح المسار الديمقراطي في أحسن الظروف. حضرات السيّدات والسادة إنّ الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة المنظمة الوطنيّة التي ساهمت ولا تزال في النهوض بالاقتصاد الوطني يعبر عن استعداده الدائم في المساهمة في كلّ ما من شأنه أن يضمن الرقيّ والنمو لبلادنا والرفاه لشعبنا ويعتبر أن المجتمع التونسي بمختلف مكوناته من أحزاب سياسيّة ومنظمات وطنيّة ومجتمعا مدنيا في حاجة اليوم وأكثر من أيّ وقت إلى الحوار وإلى كل الجهود الخيّرة والمبادرات التي تسعى لتحقيق وفاق وطني يسهم في إنجاح المسار الانتقالي الذي تعيشه بلادنا وتنقية الأجواء سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وهو الإطار الذي تتنزّل فيه مبادرة لقائنا مع الإتحاد العام التونسي للشغل. وانطلاقا من قناعتنا بأهميّة دورنا ومسؤولية الرسالة الملقاة على عاتقنا جميعا منظمات وأحزاب ومكونات المجتمع المدني في بناء تونس جديدة، تونس وسطيّة، تونس المؤسسات الفاعلة، تونس القيم. ونظرا لأهمية المرحلة التي تمر بها بلادنا فإنّ الحوار يظلّ الطريق الأمثل لتجاوز خلافاتنا مهما كانت كبيرة، ويظلّ الوفاق سبيلنا الوحيد لتحقيق ما يتطلّع إليه شعبنا. هذا الوفاق هو أكثر ما ينتظره اليوم أصحاب المؤسسات والناشطين الاقتصاديين في كلّ المجالات من السياسيين ومن القائمين على تسيير شؤون البلاد، فنحن اليوم رجال ونساء الأعمال والاقتصاد والاستثمار في أمسّ الحاجة إلى وضوح الرؤية، وأعتقد أن الاتفاق بين مختلف القوى السياسية على دستور يستجيب لآمال وطموحات كل مكونات شعبنا وعلى الآليات التي تكرس الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات وعلى أجندا خاصة بمواعيد الاستحقاقات السياسيّة المستقبلية يساعد بشكل كبير على توضيح الرؤية أمامنا كمستثمرين وطنيين في سعينا لاستقطاب المستثمرين الأجانب وفي استعادة اقتصادنا لنسقه الطبيعي. حضرات السيدات والسادة إنّ وضعنا الاقتصادي اليوم صعب ولم يعد مسموحا لنا جميعا إضاعة المزيد من الوقت، ولا بدّ للملف الاقتصادي أن يأخذ موقعه في الحوار الوطني بمجرد الاتفاق على خارطة طريق سياسيّة وعلينا أن نعي تماما أن قطار الاقتصاد لا يتوقّف وأن كل تأخير ستكون له عواقب وخيمة يصعب تداركها مستقبلا. وإن كانت التجاذبات السياسيّة التي عشناها خلال الثورة مفهومة وطبيعيّة بعد حقبة الرأي الواحد والاضطهاد والاستبداد التي طالت كل فئات شعبنا دون استثناء ومن بينها أصحاب المؤسسات عكس ما يعتقده البعض. فقد حان الوقت اليوم لتوحيد جهودنا واستثمار تنوّع أفكارنا واختلافها في عمليّة بناء تونسالجديدة المتمسكة بهويتها العربيّة الإسلاميّة المتشبثة بانفتاحها على العالم والفاتحة ذراعيها لكلّ التجارب الناجحة غربا أو شرقا. حضرات السيدات والسادة إنّ الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة يعتبر أنّ كل هذا الحراك الذي تعيشه بلادنا يجب أن يصبّ في إطار بناء مشروع مجتمعي جديد يساهم فيه كل فرد من أفراد شعبنا على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم وفي ترسيخ قيم الاعتدال والتسامح والوسطيّة. مشروع تلتقي فيه كلّ الرؤى السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية على أرضيّة تحقيق كرامة المواطن ورفاهته وتقدّم الوطن وازدهاره، وإنّ أصحاب العمل والمؤسسات الاقتصادية الذين ساهموا في تشييد أسس الدولة بعد الاستقلال والذين عانوا كباقي فئات المجتمع من ويلات الفترة السابقة للثورة ملتزمون اليوم بمواصلة أداء واجبهم الوطني والقيام بدورهم في هذه المرحة والمساهمة مع باقي القوى الحيّة في بناء تونسالجديدة، تونس الكرامة، تونس التسامح، تونس الرقي الاجتماعي، تونس الحريّة والديمقراطيّة. نجدد بالغ شكرنا للإتحاد العام التونسي للشغل على منحنا هذه الفرصة لإبلاغ صوت أصحاب المؤسسات من هذا المنبر الهام وأتمنى أن يوفقنا الله جميعا لما فيه خير وطننا وشعبنا.