سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعض المتورطين من رجال الأعمال لا يزالون نافذين عبر قربهم من الأحزاب الحاكمة وأصبحت الملفات التي تدينهم وسيلة لابتزازهم ولعقد صفقات «تحت الطاولة» عبد الواحد طراد للشعب رئيس جمعية الشفافية التونسية لمقاومة الرشوة والفساد:
في زخم البحث من جديد عن رئيس للحكومة ووزراء وعن شخصيات وطنية مهمتها الأولى محاولة إنقاذ البلاد التونسية من الأزمة السياسية والإجتماعيةوالإقتصادية التي تعيشها منذ اندلاع الثورة و مع تسابق الأحداث وتهافت الأحزاب السياسية لنيل رضاء رئيس الجمهورية بحثا عن منصب في الحكومةالقادمة، نفتح اليوم ملفات قديمة متجددة حول التجاوزات الحاصلة في مختلف المؤسسات التونسية سواء تلك التي حصلت في عهد المخلوع أو بعدالثورة. استقالة السيد حمادي الجبالي وحكومته لا تعني مطلقا أن نغض الطرف عن معرفة أسباب فشل هذه الحكومة في إدارة شؤون البلاد ولا عن محاسبتهاعلى التجاوزات والخروقات التي ما فتئ العديد من المسؤولين يطلقون بشأنها صيحات فزع و ينادون بقضاء مستقل ومحايد يحاسب المتورطين ويحميالمدّعين. تصريحات وملفات واكبناها في مختلف وسائل الإعلام وقدم معظمها لوزارة العدل ولبعض مكونات المجتمع المدني ولنا أن نسأل الآن عن الصدىالذي أخذته مختلف المشاكل التي طرحت لدى المسؤولين؟ وهل أن حكومة الجبالي قد تمكنت من التحقق من صحة هذه الملفات وإرساء الآليات اللازمةللحد منها وتطويق منظومة الفساد عموما؟. أسئلة كثيرة تتبادر للذهن وتشغل بال المواطنين وتحيرهم خاصة أمام التعتيم والضبابية حول العديد من المسائل التي تعتبر مصيرية في عملية الانتقالالديمقراطي. جريدة «الشعب اتصلت بالسيد عبد الواحد طراد، رئيس جمعية الشفافية التونسية لمقاومة الرشوة والفساد، الذي ناضل كثيرا لتكوين هذه الجمعية منذتوقيع تونس على الاتفاقية الدولية للشفافية سنة 2008 لكنها لم ترالنور إلا بعد الثورة في 19 جانفي 2011. السيد عبد الواحد بدأ مقاومة الاستعمار الفرنسي منذ سن الرابعة عشر وعايش النظام البورقيبي وناضل خلاله في صفوف اتحاد الطالب المسلم الذيتكوّن من طلبة الاتحاد العام وصوت الطالب الزيتوني. كلّفه نشاطه في هذه المنظمة أياما من الاعتقال والتعذيب في مكان كان يعرف «بصباط الظلام».بعد خروجه من المعتقل اتجه نحو الأعمال وكوّن شركة خاصة للنسيج والملابس مكنته من التعرف على المستثمر الايطالي كارميلو بازلي واتفق معهعلى انجاز قرية سياحية في غار الملح تحتوي على 17 نزل ومدينة عائمة تكون فنيس تونس. فكرة هذا المشروع لم تتبلور على أرض الواقع نظرالجشع زوجة الرئيس المخلوع ليلى الطرابلسي التي اتصلت بهذا المستثمر وقامت بمساومته لتكون هي شريكته الوحيدة وأمام رفضه لهذه الشراكة ألغيالمشروع ومنع المستثمر من الدخول إلى التراب التونسي. هذه الحادثة حزت كثيرا في نفس مخاطبنا وجعلته يبحث عن وسيلة للحد من هذه التجاوزات وفضحها ومن هنا انطلقت فكرة إنشاء جمعية «الشفافيةالتونسية لمقاومة الرشوة والفساد» حيث قدم السيد عبد الواحد ملفا في الغرض وطلبا رسميا لإنشاء هذه الجمعية لكن لم يقع الاستجابة لطلبه إلا بعدالثورة.هذا الأمر لم يثنه عن إعادة المحاولة الشيء الذي جعله يتصل بالهيآت الدولية ونخص بالذكر هنا السويسرية منها من خلال شخص بيتر هيقرئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي السوسري ورئيس المنظمة الدولية للشفافية واقترح عليه إنشاء فرع للشفافية في تونس لكن السلطات التونسية لمتوافق على بعثه. وعن سؤالنا حول الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه الجمعية خاصة مع وجود لجنة خاصة تكونت بعد الثورة لتقصي الحقائق والنظر في ملفات الفسادوالرشوة ومختلف التجاوزات، أجاب السيد طراد أنه كان قد عبر عن رفضه تكوين هذه اللجنة وذلك لضمان حيادتها واستقلاليتها كما رفض إحداثوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية واعتبر أن تواجدها يعني بالضرورة تدخلا في القضاء. أسباب تعطل استرجاع الأموال المهربة رغم أن البلاد كانت تعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقراراتصلت الجمعية بالوزير الأول آنذاك السيد محمد الغنوشي و طلبت منه تقديم طلب لتجميدالأرصدة في الدول المعنية ريثما تتمكن الدولة التونسية من إعداد وتقديم الملفات القانونية لكن هذه المبادرة لم تجد صدى خاصة مع تأزم الوضع الأمنيوالسياسي. حسب القرير السويسري، فإن أول اجتماع جمع كل من الخبراء التونسيين والسويسريين للنظر في هذا الموضوع كان يوم 26 جوان 2012 أي بعدأكثر من سنة ونصف على اندلاع الثورة وعلى إثره بدأت الإجراءات القانونية لمحاولة إيجاد حلول لاسترجاع هذه الأموال. هذا و أشاد محدثنا بالتعاون والتضامن اللذان أبدتهما سويسرا تجاه الشعب التونسي حيث قام الوكيل العام السويسري بالالتجاء لطريقة ذكية تضمن حقوقالتونسيين واتصل بمحامي بلحسن الطرابلسي وشركائه مطالبا إياهم بتقديم ما يثبت نزاهة ومصادر الأموال الموجودة في أرصدتهم وذلك في أجل أقصاهيوم 31 جانفي 2013 و إذا لم يتم ذلك فإنه سيضطر لتسليم هذه الأموال للشعب التونسي بشرط أن يقع إرساء نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان و ذلك عملا بالفصل 184 من الدستور السويسري. وقد كان هذا الشرط هو الحجة التي قدمها المحامي المعني بالأمر ليعترض على قرار الوكيل العامالسويسري. حسب السيد عبد الواحد فإن الأموال المهربة في سويسرا تقدر ب 60 مليون فرنك سويسري أي ما يعادل 105 مليار تونسي يعود أغلبها لبلحسنالطرابلسي والبقية لشركات أكبر المساهمين فيها سليم شيبوب. أما عن باقي الدول، أكد أن الكندا تحتكم على ما يقارب 30 مليارا وقطر على ما يناهز20 مليارا وتبقى قيمة هذه الأموال غير محددة في العديد من الدول على غرار الأرجنتين و البرازيل. صفقات «تحت الطاولة» و مقايضات لرجال الأعمال: تساؤلات عدة تطرأ على ذهن التونسيين حول تباطؤ محاسبة المتورطين في عمليات فساد ورشوة خاصة وأن العديد منهم لا يزال يعمل بصفة عاديةحتى بعد إعلان لجنة تقصي الحقائق عن أكثر من 1799 ملف فساد كان لوزارة الداخلية نصيب الأسد فيها بحوالي 550 ملف، وزارة العدل 399ملف،392 في وزارة المالية و 98 في وزارة الفلاحة...متورط فيها أكثر من 400 رجل أعمال تونسي. والخطير حسب رئيس الجمعية أن بعضالمتورطين من رجال الأعمال لا يزالون نافذين عبر قربهم من الأحزاب الحاكمة وأصبحت الملفات التي تدينهم وسيلة لابتزازهم ولعقد صفقات «تحتالطاولة» خدمة لأغراض عديدة كتمويل الحملات الانتخابية القادمة. هذا وقد أشار السيد عبد الواحد أن المرحوم عبد الفتاح بن عمر رئيس اللجنة قد نشر كتابا ذكر فيه العديد من التجاوزات مع الإشارة لأسماء مرتكبيهابحروف مثل م.ر.س أو خ.ق... لكنه صرح في نفس الوقت أن تفاصيل الملفات موضوعة على ذمة وزارة العدل. أما فيما يخص الإدارة التونسية فقد أفاد محدثنا أنها تعج بالفاسدين والبعض منهم من أصحاب القرار فيها. يعتبر السيد طراد أن عدم محاسبة المتورطين دليل على تواطؤ الحكومة معهم و أشار أن تركيبة مجلس الحكماء التي تم الإعلان عنها مؤخرا تمثل أحد أوجهه فالحكومة تجلس على نفس الطاولة مع العديد من المشتبه فيهم.. بؤر الفساد متغلغلة في كل المؤسسات: حسب محدثنا فإن الفساد السياسي قد تفاقم كثيرا بعد الثورة خاصة مع تعيين ولاة وممثلين في الإدارة متحزبين وما حدث في سليانة مؤخرا أكبر دليلعلى ما يقوله. هذه التعيينات الولائية تمثل خطرا حقيقيا على المسلك السياسي في تونس حيث يصبح المعينون في خدمة أحزابهم « كان الأجدر بالسيد حمادي الجباليأن يقترح تنصيب ولاة و معتمدين «تكنوقراط» و ليس حكومة «تكنوقراط» التي بينت الأحداث أنها مجرد مسرحية حاك خيوطها رئيس الحكومة ورئيسحركة النهضة راشد الغنوشي لامتصاص غضب الشعب اثر اغتيال الشهيد شكري بلعيد وكذلك لاستدراج المعارضة «الهزيلة» لصف الحكومة». وعن ختام المسرحية قال أنه سيتم الاتفاق على وزراء سياسيين يأخذ فيها الحزب الأكثر تمثيلا في المجلس التأسيسي النصيب الاكبر من الحقائبالوزارية. كما أضاف أن حركة النهضة قد اخترقت المعارضة فبعض من أعضائها انظم لأحزاب المعارضة وتوقع أيضا أن علي العريض ونور الدينالبحيري لن يكونا على رأس وزارتي الداخلية والعدل وسيقع تعويضهم بأعضاء من أحزاب أخرى هي في الحقيقة منتمية لحركة النهضة: «أقولها جازمالن يكون في الداخلية وزيرا غير متعاطف مع النهضة». تكتم و تعتيم حول مصادر تمويل الجملات الانتخابية : راج خلال الحملة الانتخابية أن حركة النهضة مولت حملتها الانتخابية عن طريق إعانات من دول الخليج خاصة قطر و بناءا على ما راج، اتصلتالجمعية معتمدة في ذلك على الأمر 31 وتحديدا الفصل 19 الذي ينص على تمكين الجمعيات من الدخول إلى مراكز المعلومة بمحافظ البنك المركزيالسابق السيد كمال النابلي للتثبت من صحة المعلومات ولاقت ترحيبا من ناحيته ووعد الجمعية أن يمدها بالمعطيات بعد القيام بالتحريات والأبحاثاللازمة لكن الأمر لم يتخطى هذه المرحلة. فتح ملفات الفساد و محاسبة المتورطين تعتبر من الأولويات لبناء دولة ديمقراطية تعتمد على الشفافية فلا بناء بدون إصلاح و السؤال الذي يطرح إلى متى سيتواصل التعتيم و الضبابية حول هذا الموضوع؟