الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا" في برلين    تونس.. زيادة في عدد السياح وعائدات القطاع بنسبة 8 بالمائة    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    توزر: إمضاء اتفاقية بين ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية لتحسين إنتاجية وجودة المنتجات الحيوانية    نقابة الصحفيين تندد بحملة تحريض ضد زهير الجيس بعد استضافته لسهام بن سدرين    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    القيروان: انتشال جثة طفل جازف بالسباحة في بحيرة جبلية    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    أسعار الغذاء تسجّل ارتفاعا عالميا.. #خبر_عاجل    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    النادي الصفاقسي: 7 غيابات في مباراة الترجي    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    عاجل/ في بيان رسمي لبنان تحذر حماس..    عاجل/ سوريا: الغارات الاسرائيلية تطال القصر الرئاسي    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    جندوبة: سكان منطقة التوايتية عبد الجبار يستغيثون    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عبد الواحد طرد" (رئيس جمعية الشفافية لمكافحة الرشوة والفساد : أنا "وليّ نعمة الطرابلسية".. لكن ليلى جازتني "جزاء سنمّار" "وعبد الفتاح عمر " تلقى قبل وفاته تهديدات وكان خائفا
نشر في التونسية يوم 30 - 03 - 2012

هو رئيس جمعية الشفافية التونسية لمكافحة الرشوة والفساد التي رفض الرئيس السابق منحها تأشيرة فظل صاحبها ينشط في الخفاء ثم منحت تأشيرة قد تكون الأولى بعد الثورة أي يوم 17 جانفي. ضيفنا اليوم هوعبد الواحد طراد شخصية مشاكسة ولا يتوانى في كشف التجاوزات مهما كان حجمها. أصيل القيروان ونهل من المدرسة القرآنية وهو متشبع بقيمها وشغوف بمطالعة الكتب إلى حد الإدمان. أسس جمعية لاحتواء المهاجرين في إيطاليا لكن النظام السابق حال دون تحقيق الحلم. يقول إنه كان سينجز أضخم مشروع سياحي في تونس بمعية مستثمر إيطالي ومصمم أزياء شهير يدعى «كارميلو بازيلي» لكن جشع ليلى الطرابلسي حال دون تحقيق المشروع.
التقينا السيد عبد الواحد في حوار دام أكثر من 4 ساعات حدثنا خلالها عن الجمعية وعن لقائه بالمرحوم عبد الفتاح عمر وأهم الملفات التي كان حدثه بشأنها ورأيه في الحكومة الحالية.
لو تقدم لنا جمعية الشفافية التونسية لمكافحة الرشوة والفساد؟
هي جمعية تونسية انطلقت في العمل منذ 2008 لكن بلا ترخيص. فبالرغم من أن بن علي وقّع اتفاقية طبقا للمعاهدة الدولية لمكافحة الرشوة والفساد فإنّه رفض منحنا ترخيص النشاط وأثناء حضوري في مؤتمر «دافوس» وهو مؤتمر يقيّم «التجاوزات» المرتكبة في مختلف البلدان برئاسة «بيتر ايقن» رئيس الشفافية السويسرية وبحضور سويسريين ورئيس حزب يساري سويسري اغتنمت اللقاء وقلت له إن تونس ملزمة بتطبيق الاتفاقية الموقعة والتعامل مع مكونات المجتمع المدني وبالتالي فإنّ الحكومة ملزمة بفتح مكتب في تونس فطلبوا مني متابعة الموضوع والإشراف على المكتب لكن للأسف حتى المنظمات العالمية تتآمر مع الحكام وبعضها تقتات من الأنظمة ومن المكاتب المفتوحة في عدة دول عربية. وللأسف هي تقول إنها تتعامل فقط مع «المتحصلين» على تأشيرة من الحكومات فهل يعقل أن يسلم «النظام» الموغل في الفساد ترخيصا لجمعية تراقبه وتصبح ملفاته تحت أنظارها ؟وبالرغم من أن وزير العدل اقترح تمكيننا من رخصة وتعيين أتباعهم ممن يثقون فيهم فإنّ بن علي رفض منحنا الترخيص وقال حرفيا «ستصبح فرصة للتدخل في شؤوننا» ...وبالإضافة إلى التخوف من الجمعية ومن شخصي كانت هناك عدة أسباب لها علاقة بليلى زوجته.
لو توضح لنا ماذا تقصد وماذا حدث ؟
هي حكاية طويلة قد لا تكفي هذه الصفحات لسردها بالتدقيق لكن سأعرّج على الموضوع: فقد كنت أنشط في مجال التوريد والتصدير ولديّ عدة شركات وأتعامل مع رجل أعمال إيطالي يعد من أثرى أثرياء إيطاليا وهو مصممّ أزياء شهير يدعى «كارميلو بازيلي» دعوته لتونس عدة مرات وعرفته بعديد المناطق وقد أعجب بها كثيرا واقترحت عليه فكرة إنشاء مشروع سياحي كان سيكون الأضخم في بلادنا حتى أن الصحافة المحلية كتبت كثيرا عن زيارته لتونس وعن المشروع المنتظر و أراد أن يجعل من منطقة غار الملح «فينيس» تونس (نسبة الى مدينة البندقية الإيطالية الشهيرة) وكنا سننجز قرية فوق الماء و17 نزلا و عدة فيلات ومركبات تجارية و مطاعم وأراد إحداث مطار فوق الجبل بالمنطقة ليحطّ بطائرته في رأس الجبل وحتى «كازينو» للأثرياء. والحقيقة انه عندما توجهت لوزارة السياحة وكان ذلك في 1992 رحبوا بالفكرة وكان لديهم «صدفة» مشروع شبه جاهز كان من المفروض أن ينجزه «الكويتيون» في إطار صفقة مع تونس لكن نظرا لعلاقة بن علي بصدام حسين في ذلك الوقت فقد غضب «الكويتيون» وألغي المشروع و قال لي وزير السياحة حرفيا «جئت في الوقت المناسب» لدينا نموذج جاهز كان سينجز في منطقة غار الملح وانطلقنا في الإعداد وقمنا حتى بتحليل المياه والشروع في الدراسات وجلبنا خبراء من الخارج لتجسيد المشروع كانت كلفة المشروع الأولية تقدر ب 370 مليارا وبعت آلاف الهكتارات منها270 هكتارا وأرض ب160 هكتارا وفرطت في كل أرزاقي وخاصة أراض تركها الوالد في عدة مناطق كالسرس وفيلا في المنزه وعدة عقارات لأننا اتفقنا أن نكون شركاء وكان المشروع يستحق التضحية وبعت كل ما أملك لكن...
(تنهد محدثي وكانت الدموع وحدها عنوان حسرة لا تزال كاتمة على أنفاس الرجل ومن فرط الشعور بالألم والمعاناة بكى الرجل وخنقته العبارات لم يكن من السهل أن يبكي رجل في مثل هيبته ووقاره وهو الذي جاوز السبعين من عمره لكن يبدو أن حجم المصاب كبير والجرح عميق، جالت ببالي الكثير من الأسئلة ماذا يمكن أن يحدث لشخص وهب كل ما يملك من ثروة لإنجاز مشروع القرن والاستثمار في بلده ؟ أخذ جرعة من الماء وواصلنا الحوار وسألته) :
ماهي العراقيل التي واجهتكما؟
بحكم انحداري من عائلة ميسورة كنت أعرف الشقيق الأكبر ل «ليلى» ويدعى عبد الرزاق وهو على خلاف أشقائه إنسان مثقف و طيب ولولاه لما كنت على قيد الحياة، كان لديه محل صغير ب «الدبّاغين» يبيع الكتب وكنت مدمنا على المطالعة وكلما نزل كتاب للأسواق أسأل عبد الرزاق فيجلبه لي. عرفت « الطرابلسيّة» صغارا وكانوا «فقراء» لا يملكون شيئا وكنت وليّ نعمتهم في طفولتهم وكان لي عطف خاص على عبد الرزاق وكلما أقتني مشتريات أملأ القفة بالخضر والغلال واللحوم وأحملها لعبد الرزاق ليعطيها لوالدته ولا أبخل بالمساعدة وذات مرة سألت عبد الرزاق عما يشغل باله فقال لي أن ليلى شقيقته بدأت تكبر وكان عمرها 16 سنة وهو متضايق من سلوكها و بدأ يتخوف من انزلاقها في متاهات لا تحمد عقباها ولأنه لا يستطيع مراقبتها طوال اليوم اقترح علي أن أساعده في فتح محل للحلاقة لأن زوجته كانت حلاقة وأراد وضع ليلى معها في المحل لتتسنى له مراقبتها طوال اليوم فوافقت وطلبت منه اختيار المكان لأتكفل بكل المصاريف وجهزت المحل بالكرم من حيث الإنارة والتبليط (مدنا بوصولات الشراءات ووثائق تؤكد كلامه) ولأن بقية التجهيزات لصالون الحلاقة باهظة الثمن طلبت من عبد الرزاق أن يرسل زوجته وليلى إلى إيطاليا لاختيار التجهيزات اللازمة وكان ذلك سنة 1976 وعرّفتهما على صديقي «بازيلي» واستضافهما وأوصى بأن يقتنيا ما يريدان وقد جلبا أفضل المشتريات وحتى «الشامبو» وانطلقا في العمل. وقد طلب مني عبد الرزاق أن أدوّن وثيقة لضمان حقوقي وطلب اقتسام المرابيح ولكني لم أتسلم أي مليم أولا لأني كنت منشغلا بالتصدير والتوريد ولدي عدة مشاريع تجارية أخرى ولأن محل الحلاقة كان في بدايته وكانت ليلى تقول دائما إن المحل لا يدرّ مرابيح... ومرت السنوات وتزوجت ليلى وتزامن وصولها للسلطة مع بداية التحضير لمشروعنا الضخم الذي كنت أستعد لإنجازه صحبة صديقي الإيطالي بغار الملح وفي الوقت الذي كنا سننطلق في التنفيذ سافرت ليلى إلى «إيطاليا» واستضافت السفارة التونسية صديقي «بازيلي» في عشاء مع السفير وطلبت منه أن يتخلى عني في المشروع و قالت إنها ستنجزه معه فشكل كلامها صدمة للرجل وتخوف منها وهو الذي يعرف كيف قدمت لإيطاليا وكيف أرسلتها شخصيا لاقتناء أدوات الحلاقة وكيف ساعدتها فأجابها أنه لا يستطيع لأنه لو حصل إشكال معها فمن سيخاصم... زوجة رئيس؟ وقال لها إن أي خلاف بينهما سيكون لصالحها. ثم هاتفني وأطلعني على تفاصيل ما حصل وأبدى استغرابه من طلبها وبعد الحادثة سافرت إلى إيطاليا ووبخت السفير واتهمته بالتآمر ومباشرة بعد عودتي إلى تونس كان رجال الأمن السياسي في انتظاري بالمطار وبحكم عملي السابق في «الديوانة» فقد كنت أعرف المسؤول بالمطار وهو عبد العزيز شروده الذي استقبلني في مكتبه وأطلعني على ما سأتعرض له لاحقا وطلبت منه جهاز الهاتف وأشكره لأنه مكنني من ذلك واتصلت بعبد الرزاق شقيق ليلى ورويت له تفاصيل ما حدث ... جنّ جنون الرجل وهدّد بطعنها بالسكين وجلب والدته وأمرها بأن تتصل بها وتوعدها بأنها لو مست شعرة منيّ فإنه سيطعنها فخافت من تهديداته واتصلت بوزير الداخلية بعد أن وضعوني في مكتب تمهيدا لعقابي وطلبت منه الإفراج عني ومنذ تلك الحادثة قاطعها شقيقها عبد الرزاق وطلب أن لا تزوره حتى وهو في قبره. ورغم محاولات المخلوع التدخل للصلح بينهما ودعوته مرارا لعبد الرزاق ليزوره في القصر فقد رفض وظل هو وأبناؤه بعيدا عنها حتى أنهم لا يملكون شيئا ولديهم منزل صغير أخذه بقرض بنكي ولم يشاهدها طيلة السنوات الماضية إلى أن توفي في 2010 ولكنه أوصى أولاده بأن «يحموني» قدر المستطاع لأنه يعرف أنها لن تتركني بسلام وطيلة السنوات الماضية كانت سيارة الأمن لا تبارح منزلي واكتفت ليلى بمراقبتي من بعيد والتضييق عليّ ماليا حتى أني خسرت أغلب ثروتي لكن جسديا لم تكن تستطيع فعل شيء لأن عبد الرزاق توعدها وكانت تخاف منه.
وماذا عن المشروع؟
بعد تضييق الخناق عليّ تم منع صديقي «بازيلي» من دخول التراب التونسي وبالتالي ألغي المشروع واضطررت إلى تهجير أبنائي إلى سويسرا وتحصلوا هناك على اللجوء السياسي واخترت البقاء في تونس وكنت أنشط ضمن الجمعية في الخفاء واخترت مقاومتهم وكنت أرسل التقارير للمنظمات الدولية لفضح تجاوزات النظام، وما نرسله من تقارير سرية لمنظمة الشفافية العالمية يتم على ضوئه تصنيف تونس في الفساد .وأرسلت رسائل عن طريق «الفاكس» لبن علي وكانت لهجتي حادة ولا تخلو من النقد، تحدثت عن السرقات والخطف وكل التجاوزات التي يرتكبها أصهاره ومع ذلك لم يستطع بن علي فعل شيء واتهموني بالجنون وكنت لا أفوت مناسبة أو «فرصة» إلا وأنتقدهم خاصة عندما ينكلون بي .
فتحت مكتبا للهجرة في تونس وحاولت توفير عقود للمهاجرين السريين، كيف كانت التجربة ولماذا فشلت؟
أردت إنجاز فكرة جديدة لمساعدة أبناء وطني بحكم علاقاتي في إيطاليا وأسست وكالة الهجرة الدولية ولو طبقت في تونس لقضينا على البطالة حيث وقعت عدة اتفاقيات مع إيطاليين وفتحت مكتب الهجرة العالمية في تونس و مكتبا في إيطاليا وتحصلت على «باتيندة» للعمل وكانت جميع المسائل قانونية وتنص الاتفاقية على إرسال الشباب الراغبين في الهجرة من تونس وهناك يتم تشغيلهم مباشرة و توفير عقود عمل والعكس صحيح حيث نحتضن الشباب المهمشّ و«الحارق» في إيطاليا ممن لم يعثروا على عمل ونؤطرهم ونمنحهم عقود عمل قانونية سواء في الفلاحة أو المصانع وهذه التجربة كانت ستقضي على ظاهرة «الحرقان» والتي أدت إلى هلاك مئات الشباب...
لكنيّ فوجئت بالشرطة أمام مكتبي وطلبت مني رخصة من وزير الداخلية وهو ما يتناقض مع القانون لأن المشروع لا يتطلب رخصة من الداخلية والقابض هو الذي يحددّ إن كان المحل يقتضي ذلك أم لا وإن تم منح «باتيندة» فلا حاجة للرخصة وحتى نوعية المشروع لا تلزمها رخصة لكنها كانت مجرد وسيلة للتضييق عليّ وأغلق المكتب بضغوطات من ليلى. وفي بداية الاتفاقية وفرت 121 عقد عمل لتونسيين مهمشين في إيطاليا وتحصلوا على رواتب محترمة ولدي العقود إلى الآن وأنقذت عائلات بحكم هذا الاتفاق مع الإيطاليين، لقد أردت خدمة البلاد رغم التضييقات التي مورست علي.
بعد الثورة ألا يمكن إحياء مشروع غار الملح ومكتب المهاجرين من جديد؟
المستثمر الإيطالي كبر وحاليا إبنه تكفل بأعماله، هناك مساع من جانبي لإحياء المشروع من جديد والتفاوض مع الإبن لكن الكثير من الأمور تغيرت وحتى جزء كبير من ثروتي تبخر لكن المساعي موجودة، أما في ما يتعلق بالهجرة فالقوانين تغيرت ولم تعد لدي رغبة لإحياء المكتب من جديد.
هل كنت تتوقع أن ينتهي النظام ويسقط بتلك الكيفية؟
ما حصل في الثورة لم يكن متوقعا و لم أتخيل في يوم ما أن يسقط النظام لكن تحليلي للأمور يختلف عما ذهب إليه البعض. فيوم 13 جانفي لم يكن هناك «غليان» كما تحدث البعض و لم يكن هناك من ينتقد النظام في العلن ويجرؤ على محاربة بن علي وما حدث أنسبه فقط لله فالله هو الذي أنزل ذلك الخوف في بن علي ليهرب ويترك البلاد لحكمة إلاهية ولنصرة آلاف المظلومين، الثورة لم تكن مؤطرة فحادث حافلة مثلا قد يموت فيه أحيانا 300 شخص وبالتالي ما حدث كان "صدفة" .
أنت رئيس جمعية الشفافية التونسية لمقاومة الفساد ...فهلاّ حدثتنا عن أبرز الملفات التي وصلتكم واللقاء الذي جمعكم مع المرحوم عبد الفتاح عمر؟
وصلتنا الكثير من الملفات ووقعت الكثير من الأشياء وقد زارني المرحوم عبد الفتاح عمر قبل وفاته ببضعة ايام وأطلعني على بعض الملفات الخطيرة وكان مستاء جدا لأنه أوصل ملفات الفساد لعدة وزارات سيادة تتضمن أسماء المورطين وتفاصيل الصفقات المشبوهة ولم يتم النظر فيها. بل أكثر من ذلك كشف لي أنه متضايق جدا لأنه تلقى تهديدات. وقال إنه مورست عليه «ضغوطات» وقال لي حرفيا «عفت هذا المكان»، وصرح ان هناك عدة جهات تحول دون كشف هذه الملفات فعندما سلّم هذه الملفات للمعنيين لم يتحركوا وقال لي : «لو كنت مكانهم لقبضت على الأشخاص المورطين من الغد لكنه فوجئ بأن المساءلة لم تحدث ولم يتم إيداعهم السجن كما قال لي إنه "لم يكن مرحبا به في العدالة وهناك «صدّ» منيع له خاصة بعد تقديم الملفات» وعلى سبيل المثال وحسب ما كشفه لي قبل وفاته بأيام فإنّه لم يسمّ الأشخاص لأنه كان «خائفا» وقال لي حرفيا «الله غالب» فما يحدث خطير مع العلم أن جميع هذه الملفات سلمت للوزارات المعنية و هناك :
550 ملف فساد في الداخلية تتضمن الأسماء وجميع التفاصيل عن المورطين.
399 ملف فساد في وزارة العدل 200 ملف في وزارة أملاك الدولة
392 ملفا في وزارة المالية
98 ملف فساد في وزارة الفلاحة
89 ملفا في وزارة التجهيز
80 في الوزارة الأولى.
وهناك حوالي 400 رجل أعمال تم توثيق إدانتهم لكنه لم يتم إيقافهم وهم يعملون إلى الآن بصفة عادية.
وهناك قائمات في المحامين الفاسدين وقد حدثني عنها المرحوم عبد الفتاح عمر وقال إن لديه نسخا من هذه القائمات و أسماء محامي بن علي والتجمّع و«السيئين» كما أسماهم لكن أتساءل ما مصير هذه القائمات ولماذا يتم التكتم بشأنها؟
وبالنسبة للصفقات المشبوهة هناك صفقة مدينة الثقافة والتي تقدم إليها 5عارضين (الصين،تشيكيا،و3 من تونس) ورغم ترشح الصين فقد جاءت التعليمات لترشيح تشيكيا وتم الترفيع في مبلغ الصفقة وهي زيادات غير شرعية ثم التمديد في آجال الإنجاز ولا تزال المقاولات عاجزة عن إتمام المشروع وأحيلت على النيابة في 2011 ولم نسمع شيئا .
كذلك قامت وزارة النقل سابقا باقتناء سفينة نقل بين صفاقس وقرقنة بمبلغ 12 مليارا وتبين أن هذه الصفقة لا تتعدى 8 مليارات وثبت أن وزيرا سابقا استغل منصبه لإبرام الصفقة .
وأخطر ملف هو الديوانة فرموز الفساد الحقيقيون لا زالوا يسيطرون على إدارة «الديوانة» وقدموا 18 شخصا ككبش فداء لكن الرموز الحقيقية لم تحاسب وهي إلى الآن تباشر عملها. لقد أشار المرحوم إلى بعض الأشياء لكن خوفه دفعه إلى عدم كشف المزيد إلا أنه يعرف أني لا أخاف و ربما قد لا أسكت فرفض كشف المزيد.
هل تشك في موته؟
أبدا كنت معه وكان مريضا جدا وقال لي إن مرض السكري أنهكه وكان يشعر بالوهن، وقطع الحديث ليأخذ دواءه.
توجهت بنقد لسمير ديلو ولوزارة حقوق الإنسان ... لماذا؟
أنا ضد إنشاء وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، فماذا تفعل هذه الوزارة ؟أعتقد أن وجودها غير ضروري وهي موازية للقضاء، توجد عدالة وهذه الوزارة تفتك مهام القضاء ربما كان الأجدر إنشاء محكمة خاصة لمقاضاة الفاسدين تتكون من قضاة مستقلين ريثما يتم إصلاح المنظومة القضائية. وكجمعية للشفافية أعتبر وجود هذه الوزارة إهدارا للمال العام ولنا الحق في مقاضاتها. كذلك اقترح سمير ديلو إحداث هيئة عليا للعدالة الانتقالية، لماذا هيئة ؟ ومن سيعينها ومن فوضه لذلك ؟ وقال إنه سيتشاور مع المجتمع المدني وأقيم اجتماع في نزل بالعاصمة لكنه جلب 21 جمعية من 2000 جمعية أنشئت بعد الثورة أي ما يمثل 1 بالمائة واعتبروا ذلك تشاورا بين الحكومة والمجتمع المدني... هل عدنا للشعب التي يجمعها بن علي ويحدثها ؟كذلك أحدثوا وزارة الحوكمة والفساد! هذا خور وكان الأولى التوجه للجهات المنكوبة ماذا فعلوا؟ لقد منحناهم 100 يوم كما طلبوا ولم نر شيئا يتحقق وكاتبتهم وكاتبت الوزير الأول ووزير العدالة الانتقالية ...وكان الأجدر إحداث هيئة عليا للحفاظ على حقوق المواطنة .
فالوزارات تعج بملفات الفساد وقلنا لهم «يا أولادي» تحركوا لأن الوزارات تعج بملفات الفساد و مليئة بالخور و لكن صمتهم يخيفنا ونخشى ما نخشاه الصفقات و الأثرياء الجدد والمافيا الجديدة التي تريد الانقضاض على الشركات مع العلم أن لدينا 36 بالمائة من الشركات الضخمة التابعة للنظام السابق مصادرة أي أن 36 بالمائة من إقتصادنا يعتبر حاليا مصادرا وقد وصلتنا معلومات تفيد أن هناك تدخلات وضغوطات مورست في حكومة السبسي لحذف بعض أسماء الشركات المصادرة والمورطة وهذه الضغوطات تمت من فاعلين في الاقتصاد التونسي.
كأنك تقول إن الفساد كثر بعد الثورة؟
كنا في المرتبة 53 في عهد بن علي ثم 73 بعد الثورة والخوف كل الخوف أن نتقدم في الترتيب أكثر لنصل إلى 100 في 2012 لأنه ليست هناك إرادة قوية لمقاومة الفساد ونطالب بتفكيك الأسس القديمة حتى يعلم كل «مسؤول» أنه معرض للمحاسبة في ظل قضاء مستقل ومهاب.
صرحت أن هناك خطرا يحيط بنشاط الجمعيات... لو توضح لنا ماذا تقصد؟
بعد نقل نشاط الجمعيات من وزارة الداخلية للوزارة الأولى هناك خطر كبير لأن الوزارة الأولى تمثل الحكومة وستصبح هي صاحبة المشروع الحكومي وهي المتحكمة في نشاط الجمعيات وستحاول بذلك تمرير أجندتها عبر الجمعيات لتصبح داعما لها. وهذا عكس الدور المنوط بالجمعيات لأنها تلعب دور المراقب للحكومة والناقد لها لا دور المعاضد والحامي لأمن النظام . ومن الخور أيضا أن نجد ان الوزير الاول يترأس المجلس الوطني للمحكمة الإدارية أي أنه الخصم والحكم في ذات الوقت فعندما يتقدم المجتمع المدني بشكوى ضد الوزارة الأولى «يشكي بالوزير للوزير» لقد رأينا العجب في حكومتنا !
تقدمت بشكوى ضد منظمة عالمية للشفافية المالية لإعادة انتخاب فروعها؟
المكاتب القديمة للشفافية العالمية تتعامل مع الحكام العرب وهي مورّطة مع الأنظمة وبعد الثورة حان الوقت لإعادة هيكلة هذه المكاتب وتغييرها وقد تقدمت بمطلب «زعزع» المنظمات العالمية و تمت الاستجابة لطلبنا وسيتم في مؤتمر سيعقد قريبا في ألمانيا النظر في هذا الموضوع وستكون تونس ممثلة لتقديم مداخلة.
بحكم ترددك على سويسرا أين وصلت الأموال المنهوبة ؟
لقد جلبت سويسريين إلى تونس واتصلت بمنظمة الشفافية المالية السويسرية ولديهم استعداد كبير لمساعدتنا والتدخل لفائدتنا لكننا كجمعية لا يمكن أن نقوم بالإجراءات لأنها من مشمولات الحكومة ولولا تحركنا لما تقدم ملف جلب الأموال وتقريبا لدينا نحو 6 ملايين دينار في سويسرا وأموال في الأرجنتين والمكسيك ورومانيا والخليج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.