رفع 8000 متر مكعب من الفضلات ب133 شاطئا    المرصد الوطني يكشف: 3 من كل 10 سواق يسوقوا وهم فوق النسبة القانونية للكحول!    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    تقارير: نصف ثروة ترامب من العملات الرقمية    اليوم.. 4 مقابلات والعيون على المنستيري والبقلاوة    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    طقس الأحد: أجواء صيفية صباحًا وأمطار بعد الظهر بهذه المناطق    الأحد.. طقس صاف مع بعض الأمطار المحلية    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    بلدية مدينة تونس: حجز 37 حاجزا حديديا و3 ثلاجات و27 كرسيا و8 طاولات    المنستير: وزير السياحة يعاين مشاريعا سياحية تقوم بتنفيذها بلدية المنستير    نجوى كرم تُشعل قرطاج بعد غياب تسع سنوات: ليلة حنين وأغانٍ خالدة أمام جمهور غصّت به المدارج    مهرجان "أفلام تونسية قصيرة" أيام 3 و4 و5 أكتوبر القادم بدار الثقافة ابن رشيق    عرض المحفل التونسي ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرحان صفاقس الدولي ... حفر في مخزون التراث الغنائي الشعبي التونسي    مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة    قتلت 10% من سكان غزة".. تقرير عالمي عن تفوق إسرائيل على النازيين في قتل المدنيين    إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    تاريخ الخيانات السياسية (41) .. تسميم الخليفة المعتمد    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    بين «الشفافية» و«التأثيرات الخفية» من يتحكم في منظومة التوجيه الجامعي...؟    اكتشاف جديد    كيفاش مناشف الحمام تولي بؤرة ميكروبات؟ وشنوة الحل؟    "لوموند": فرنسا تصدر مذكرة اعتقال دولية بحق دبلوماسي جزائري    تحذير من سمكة الأرنب السامة بشاطئ المريقب في منزل تميم    انخراط 425 مؤسسة في موسم التخفيضات الصيفي    عاجل: ألسنة النار تلتهم قمة جبل الفراشيش والحماية المدنية تحارب النيران    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة1): النتائج والترتيب    طقس الليلة: ضباب على الساحل وريح شرقية وهكا باش تكون السخانة    عاجل: موسم الحصاد 2025 يتصدر أفضل خمس سنوات في تونس    كرة اليد: منتخب الاصاغر يفشل في بلوغ الدور الرئيسي للمونديال    عاجل/ سمير الشفّي: لسنا مع تأجيج الأوضاع لكننا لن نصمت..    تونس تدين قرار الكيان الصهيوني إعادة احتلال قطاع غزة    جامعة النقل تعلن تأجيل إضراب المطارات    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    رابطة أبطال إفريقيا .. الترجي يواجه القوات المسلحة من النيجر والاتحاد المنستيري يصطدم بأسود الشرق السيراليوني    ساقك فيها القلب الثاني... إهماله يسبب جلطات ومضاعفات خطيرة كيفاش؟    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    كأس الاتحاد الإفريقي .. النجم الساحلي يواجه الأهلي مدني السوداني والملعب التونسي يصطدم بسنيم نواذيبو الموريتاني    أربع مواجهات قوية في افتتاح الموسم الكروي التونسي...التوقيت والقنوات    قبل بداية البطولة: تغييرات كبيرة في القوانين... وتنقيح جديد في مجلة العقوبات...شنيا صاير؟    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    الشابة: القبض على مروج مخدرات    قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    زيلينسكي: لن نترك أراضينا للمحتل.. #خبر_عاجل    استراحة صيفية    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يؤشر إخفاء حقيقة ما جرى عن تورّط جهات رسميّة ؟
سنة على أحداث 9 أفريل:
نشر في الشعب يوم 06 - 04 - 2013

منذ سنة خلت وعلى اثر الأحداث التي شهدها شارع الحبيب بورقيبة بمناسبة أحياء ذكرى عيد الشهداء يوم 9 أفريل، لا يزال الغموض يكتنف ملابسات ما وقع، ولا يزال ضحايا ذلك اليوم الأسود والمتضررين من التدخل الأمني العنيف مدعوما بمجموعة من الميليشيات ينتظرون معرفة الحقيقية. ورغم مسارعة رئيس المجلس الوطني التأسيسي ورئيس الحكومة ورئيس الدولة إلى الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق في الأحداث وشروعها في النظر في التجاوزات والانتهاكات التي تم تسجيلها فإنّ الحقيقة قد تمّ تغييبها نهائيا ولن يكون بمستطاع الرأي العام معرفة نتائج التحقيقات بعد أن ذهبت أصوات المنادين باستجلاء الحقيقة أدراج الرياح وطوى الأحداث النسيان.
الإجهاز على لجنة التحقيق لإخفاء الحقائق
لقد تأخر بعث لجنة التّحقيق في أحداث 9 أفريل قرابة 4 أشهر من تاريخ وقوع الأحداث وترأسها عضو المجلس التأسيسي لكتلة حركة النهضة زياد العذاري، وارجع أعضاؤها ذلك التأخير إلى خلافات حول تحديد صلاحياتها. وقد أكّدت في إبانه كلّ من النائبة نادية شعبان والنائبين إياد الدهماني وأزاد بادي أعضاء اللجنة كونها جاءت بلا صلاحيات ومعطلة ولم يتمكن أعضاؤها من مجرد جمع المعلومات والمعطيات اللازمة حول الأحداث فضلا عن عدم اجتماعها منذ مدة وهو ما يؤكد عدم جديّة الحكومة ووزير الداخليّة في معرفة ملابسات ما وقع والسعي إلى طمس آثاره وهو ما يعتبر التفافا على مطلب قوى المجتمع المدني والمنظمات والأحزاب السياسيّة ومحاولة لحجب حقيقة ما وقع يومها وتحديد الطرف المسؤول عنه على الرأي العام. وهو ما عبّر عنه وزير الداخليّة السابق ورئيس الحكومة الحالي علي العريّض عند مساءلته في المجلس التأسيسي عن تأخر التقرير النهائي حول الأحداث بالقول بأنّه قد مرّ عليها وقت طويل وكأنّ جرائم التنكيل بالمواطنين وتجاوز القانون بالاستعمال المفرط للعنف ضدّ الخصوم السياسيين من قبل الحزب الحاكم والاستقواء بميليشيات حزبيّة موالية للحكومة باسم حفظ النظام يسقط بالتقادم ومرور الزمن.
أحداث 9 أفريل كانت تتويجا لسلسلة من التجاوزات
قبيل أحداث 9 أفريل شهدت التحركات الاجتماعيّة والسياسيّة التي نظمتها عديد الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من نقابيين وصحافيين وفنانين عديد الاعتداءات من قبل جماعات كانت في كل مرّة تتخذ مبررا لاستهداف حريّة التعبير، حيث عمدت إلى اتهام النقابيين والسياسيين بتعطيل عمل الحكومة وقامت بشيطنتهم واتهامهم بأنهم من بقايا النظام واتخذت من ذلك مسوغا للاعتداء عليهم ومنعهم من ممارسة حقهم في التظاهر أو الاعتصام، كما اتهمت الصحافيين بكونهم يعبرون عن «إعلام العار» ويسعون إلى إسقاط الحكومة والانقلاب على الشرعيّة وبكونهم يحرضون ضد الحزب الحاكم (النهضة) وهو ما دفع مجموعة من المواطنين الذين عرف لاحقا ارتباطهم بما سمي بروابط حماية الثورة إلى تنظيم اعتصام بداية من 2 مارس 2012 تواصل لمدّة شهر تحوّل كما وصفه العاملون بالتلفزة إلى « فضاء للشتم والتشهير والتجريح للطاقم الصحافي العامل بقسم الأخبار» ووصل حدّ الاعتداء بالعنف الجسدي على عديد العاملين بالمؤسسة من تقنيين وصحافيين، كما تمّ استهداف الوقفة التي نظمتها نقابة الصحافيين بساحة الحكومة بالقصبة ومحاولة منعهم من المطالبة بمطالبهم المشروعة المتمثلة في تفعيل المرسومين 115 و116 وبعث الهيئة العليا المستقلّة للإعلام. وعديدة هي المناسبات التي تمّ فيها التعرّض للفنانين من خلال التهديد المباشر أو من خلال منع عديد العروض المسرحية والغنائيّة والسينمائيّة.
غير أن ما وقع يوم 7 أفريل مثّل مؤشرا خطيرا وتعبيرا فاضحا عن التحوّل النوعي في عمليات العنف من طابعها العفوي وتحولها إلى ظاهرة ممنهجة تستهدف كتم كلّ صوت ينتقد حكومة الترويكا وخاصة حزب النهضة من خلال العودة إلى سياسة القبضة الأمنية المشددة تحت مسمى بسط الأمن والاستقرار وإعادة هيبة الدولة وظهور مجموعات ميليشاويّة منظمة تدعي حماية الثورة، وقد كانت ساحة محمد علي بالعاصمة مسرحا لأحداث تمثلت في تعرّض أنصار إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل لاعتداءات همجية ووحشية وشرسة من قبل قوات البوليس التي منعتهم من القيام بمسيرة سلمية انطلاقا من ساحة محمد علي في اتجاه شارع بورقيبة وذلك يوم 7 أفريل 2012. و قد كانت حصيلة هذه الاعتداءات إصابات عديدة و حادة في صفوف مناضلات و مناضلي و أنصار الإتحاد بلغت 28 إصابة.
وقد أصدر إثرها اتحاد المعطلين بيانا حمل فيه الحكومة تبعات هذه الأحداث وعبّر عن تمسكه بحقه في ملاحقة المعتدين قضائيا و على رأسهم وزير الداخلية ودعا منخرطيه و أنصاره إلى الالتفاف حول منظمتهم ومواصلة النضال حتى الحصول على حقهم في الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية.
ما بعد أحداث 9 أفريل
بعد أحداث 9 أفريل بدأ مؤشر العنف في التصاعد مؤكدا ما ذهبت إليه عديد التحليلات الصحافيّة والسياسيّة من كونه لم يكن مجرد حدث عابر بقدرما مثّل توجها انتهجته بعض القوى السياسيّة لإسكات صوت خصومها وإقصائهم من المشهد السياسي. سواء من خلال التشويه والتشهير أو عن طريق التكفير والتخوين، ولم يعد العنف والاعتداءات مجرد دعاوى وفتاوى تصدر على صفحات التواصل الاجتماعي ومن على منابر المساجد وفي الاجتماعات الحزبيّة العامة والمضيقة بل صارت خطابا سياسيا معلنا لا يتردد في الكشف عن غاياته، كما شهدت أحداث العنف بعيد 9 أفريل تحولا من ناحية الفاعلين الرئيسيين ليتحوّلوا من مجرد أفراد معزولين إلى جمعيّات قانونيّة سمت نفسها روابط حماية الثورة ووجدت الدعم والقبول من قبل سلطة شرعيّة كان من المفروض أن تتحمل مسؤوليّة فرض الأمن وتفكيك كلّ الميليشيات التي تشكّل قوى أمنيّة موازية للقوات الشرعيّة بل بلغت بها الثقة في النفس حدّ منازعتها دورها الذي يكفله لها الدستور والقوانين المنظمة للسلط العموميّة. لقد تحولت هذه الأدوات العنفيّة إلى جزء من المشهد السياسي تلقى احتراما وتبجيلا من قبل الرؤساء الثلاثة والأمناء العامين لأحزاب الترويكا.
كل هذه المؤشرات جعلت من العنف السياسي يتصاعد بأشكال مرعبة وصلت ذروتها مع اعتداءات 4 ديسمبر حين قامت مجموعة من المحسوبين على روابط حماية الثورة وبعض أنصار النهضة بمهاجمة مقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة إحياء ذكرى استشهاد الزعيم فرحات حشّاد والاعتداء على النقابيين بكل همجيّة بتقصير يصل درجة التواطؤ من وزارة الداخليّة التي اكتفى أعوانها بمتابعة الأحداث في غياب التعليمات من وزير الداخليّة علي العريض وهو ما أكدته تقاريرهم المقدمة إلى لجنة تقصي الحقائق في الاعتداءات. ولم يقف الأمر عند حدود إرهاب الخصوم ودفعهم إلى الاستقالة السياسيّة ليتعداه إلى دخول العنف موجة من التصفيات المباشرة للمعارضين ابتدأت بعمليّة السحل الهمجيّة التي تعرّض إليها الناشط بحزب نداء تونس الشهيد لطفي نقض من قبل العشرات المحسوبين على حزب النهضة وروابط حماية الثورة وانتهت بالاغتيال المأساوي الذي تعرّض له أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد وأحد مؤسسي الجبهة الشعبيّة الشهيد المناضل شكري بلعيد يوم 6 فيفري 2013.
هل أصبح العنف السياسي الخبز اليومي للتونسيين؟
يبدو أن ظاهرة العنف آخذة في الاستفحال والتراكم على المستوى الاجتماعي أو السياسي، لكن يبدو أن العنف الاجتماعي بدا في التحول من أشكاله الاحتجاجية البسيطة ليلتبس بخلفيات ثقافيّة ودوافع دينيّة أخلاقويّة كتنامي حالات الاغتصاب في الآونة الأخيرة التي ضربت بقوّة كل الشرائح الاجتماعية دون استثناء، أمّا العنف السياسي فقد عرف هو الآخر تحولا في أدواته ووظائفه وأهدافه الخفيّة والمعلنة من خلال تبلوره في عديد الجمعيات والروابط التي رغم ثبوت تورطها في العنف فإنّها لا تزال تجد من يحميها ويبرر وجودها داخل حزبي النهضة والمؤتمر وكذلك في صفوف حكومة علي العريّض وهو ما يستدعي التساؤل حول العلاقات بينها وبين الحكام الجدد والغايات من الإبقاء عليها والتغطية على جرائمها، والتنظيمات الجهاديّة التكفيريّة المتشابكة العلاقات التي أصبحت جزءا من الجماعات الجهاديّة المقاتلة في سوريا ومالي تنسج خيوط شبكة من العملاء المحليين الذين يقومون بتجنيد الآلاف من الشباب التونسي للقتال في حرب إقليمية ودوليّة قذرة تدور رحاها في سوريا. هذه التنظيمات لم تتردّد في عديد المرّات في رفع السلاح في وجه قوات الأمن والجيش التونسيين وهو ما يطرح السؤال حول حقيقة أجندتها في تونس بعد ثبوت تورطها في تخزين الأسلحة بكل أنواعها في عديد المدن التونسيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.