أحيي الاتحاد الجهوي للشغل بتونس ذكرى يوم الأرض وذلك يوم الجمعة 29 مارس 2013. انطلقت فعاليات هذه التظاهرة في دار الثقافة ابن رشيق منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة بالاستعدادات الحثيثة وبداية توافد النقابيين من كلّ القطاعات المنتمين إلى جهة تونس. والبارز في الحضور هو توافد القطاعات العمّالية ممّا يدلّ على تغلغل القضية الفلسطينية في عمق الشعب التونسي ويثبت الدور الكبير الذي لعبه الاتحاد العام في نشر الوعي بالقضايا الوطنية وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية وعمله الميداني الدؤوب لنصرة شعبنا عبر كلّ المحطّات التاريخية منذ تأسيسه. وقد افتتح النقابيون، وسط حضور إعلامي هام، التظاهرة بنشيد الاتحاد الذي ردّده الحاضرون بحماس وتفاعل كبيرين. ثمّ تناول الأخ فاروق العيّاري الكلمة باسم المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل ليحيي الحاضرين ويترحّم على أرواح الشهداء ويعبّر عن الفخر والاعتزاز بإحياء ذكرى يوم الأرض. هذه الذكرى العظيمة ذات الرمزية الكبيرة في تاريخ الوطن العربي وتاريخ الانسانية عموما. وأبرز الأخ العيّاري مكانة القضيّة الفلسطينية في النضال النقابي صلب الاتحاد ودور النقابيين في دعم النضال الوطني الفلسطيني معتبرًا ذلك واجبا من الواجبات المقدّسة والتزامًا بمبادئ الاتحاد وسيرا على درب حشاد الخالد الذي لم يتردّد في تجنيد المتطوّعين للمقاومة في فلسطين منذ بدايات التأسيس ولم ير تعارضا بين الكفاح الوطني من أجل استقلال تونس أو تحرير فلسطين وبين النضال الاجتماعي للدفاع عن حقوق العمّال وضدّ الاستقلال. كما ندّد الأخ فاروق العيّاري كاتب عام الإتحاد الجهوي للشغل بتونس، بشدّة العدوان الصهيوني المستمرّ على الأراضي الفلسطينية واغتصاب الأراضي وتوسّع الاستيطان مقابل الصّمت العربي الرّهيب حيال ما يدور حوله من الطمس التدريجي للمعالم الفلسطينية. وقال الأخ العيّاري في مداخلته التي تلت نشيد الاتحاد، إن الإتحاد العام التونسي للشغل كان ولازال دعمًا مستمرّا للقضية الأم فلسطين. داعيًا الفصائل الفلسطينية إلى إنهاء الانقسام من أجل فلسطين.. ثمّ فسح المجال للكاتب والديبلوماسي الفلسطيني ناجي جمعة، أكد هذا الأخير على أن ذكرى يوم الأرض تنطوي على معاني قوية: أولها حماية الشعب الفلسطيني لهويّة الأرض وتشبثه بالوحدة الوطنية وحق اللاجئين في العودة والبالغ عددهم 6 ملايين لاجئ من جملة 11 مليون فلسطيني. وقال ناجي جمعة إن الأرض هيّ أساس القضية الفلسطينية لأنها المكوّن الرئيسي للدّولة. لكن الأرض الفلسطينية مغتصبة حاليًا لأن الاستيطان والتهويد والاحتلال متواصل ودون توقف. وأن 85 بالمائة من المياه الفلسطينية سلبها الاحتلال. وأضاف أنه رغم الحصار والقهر والظلم الذي يتعرّض إليه الفلسطينيون، إلا أن الشعب ظلّ صامدا في وجه الاحتلال وأنه لن يتنازل عن الأرض رغم الدّعم الأمريكي للكيان الصهيوني. وحذّر جمعة من أن انشغال الدول العربية التي شهدت ثورات بمشاكلها الداخلية، قد يفسح المجال أمام الكيان الصهيوني لمواصلة مشروعه الاستيطاني. محمّلا المسؤوليّة إلى بعض النخب السياسية العربية التي «توارت عن القضية الفلسطينية». ودعا الكاتب الفلسطيني الفصائل الفلسطينية إلى انهاء الانقسام وبأسرع وقت ممكن. كما حث حركة حماس على «التصرّف بمسؤولية في موضوع الانقسام وأن لا تفتعل في كل مرحلة معوّقات». وأن تكرّس الوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال لا «لاقتسام حقائب وزارية». ومقاطعة الكيان الصهيوني ومنتجاته والتصدّي لكل أشكال التطبيع وتجريمه. واعتبر ناجي جمعة أنه ينبغي على الشعوب العربية أن تلعب «ورقة ضغط» على حكامها من أجل تفعيل المقاطعة الكلية للكيان الصهيوني. وندّد بشدة بأقدام بعض القادة العرب على انفاق «مئات المليارات من الدولارات» على الثوار في سوريا ومن قبلها أفغانستان. مقابل تهميشها للقدس والمسجد الأقصى اللذين يُعدّان عرضة للتهويد وطمس المعالم الفلسطينية. وتساءل إن كانت «كابل» (العاصمة الأفغانية) أغلى وأثمن من القدس. ورافق إحياء هذه الذكرى، وصلات موسيقية وغنائية ملتزمة أمّنتها فرقة أولاد المناجم. كما عزفت المجموعة أيضًا ايقاعات من التراث الفلسطيني تكريما لفلسطين ووفاءً للذكرى. لقد كانت هذه التظاهرة بعنوانها البارز الدفاع عن الأرض، مناسبة جدّد فيها الاتحاد الجهوي للشغل بكلّ هياكله ومنخرطيه تعلّقهم بالقضايا القومية، كما كان مناسبة التقت فيها أجيال متفاوتة وقطاعات مختلفة تحت راية واحدة هي راية الاتحاد ووراء مبدأ موحّد هو نصرة فلسطين، وأثبت الاتحاد الجهوي للشغل بتونس مرّة أخرى قدرة كبيرة على التنظيم والتعبئة وتشبّثا لا مشروطا بالمبادئ وإلتحامًا كبيرًا بمنخرطيه.