بعد سنة ونصف من انعقاد مؤتمر طبرقة تحت شعار «أحبّك يا شعب» يحقّ لي بوصفي نقابية ان أطرح تساؤلات عدّة حول وضعية المرأة داخل المنظمة، خاصة بعد النتائج المخيّبة للآمال والتي افرزت صعود تشكيلة لمكتب تنفيذي لا يضمّ نقابية واحدة»! فهل ستبقى لوائح مؤتمر طبرقة حبرا على ورق خاصة مع تأخر انعقاد المجلس الوطني الذي من المفروض ان ينعقد وجوبا خلال سنة من تاريخ انعقاد المؤتمر اي في ديسمبر 2012 والذي سيسعى إلى تنقيح القانون الاساسي في سبل تطوير هيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل لتجاوز مجموعة من الثغرات؟ ثمّ اذا كان هذا التأخير في انعقاد المجلس الوطني هو التعقل والتعمق والجدية في طرح هيكلة جديدة تستجيب بالقدر الكافي لتطلعات وانتظارات النقابيين فلماذا العجلة في عقد مؤتمرات الاتحادات الجهوية والمحلية والمؤتمرات القطاعية في ظلّ نظام سيخضع إلى قوانين قدمية لا تخضع إلى أيّ تغيير وما الجدوى اذن من رفع شعارات لا تطبق طالما ان الاتحادات المنتخبة حديثا لن تخضع إلى أي تطوّر أو تغيير؟ لنعترف اننا الى حدّ اليوم مازلنا نعاني من أساليب العمل النقابي التقليدي بكل أنماطه الكلاسيكية التي قد تعييد انتاج اشكال ومضامين لا تتماشى مع ما تطمَحُ اليه المرأة النقابية؟ مازالت المرأة اليوم في كافة انحاء العالم وخاصة في الدّول العربية عرضة اكثر لمختلف انواع واشكال العنف مثل الاغتصاب والحرمان من الميراث والإكراه على الزواج والتشغيل المبكّر والاتجار بهن وتفيد الاحصائيات ان النساء لا يشغلن الا 11,5٪ من المقاعد البرلمانية الوطنية بينما ترتفع نسبهنّ في الفقر حيث يمثلن من 60٪ إلى 70٪ من فقراء العالم ويشكلن ثلاثة ارباع الأميين فيه اضافة الى ان المرأة هي الضحية الاولى لبرنامج العولمة اذ انها اكثر عرضة لفقدان العمل والتهميش خاصة مع غياب التوازن بين حقوقها وحقوق الرجل اضافة الى دورها المهمّش في الحياة الاجتماعية والذي يحصر دورها ربّة بيت وأُمًّا محرومة من حقها في النضال والمشاركة الفاعلة كل هذه المعطيات تجعل من انتساب المرأة إلى العمل النقابي صعبا ان لم يكن مستحيلا حيث لا تعكس نسبة النساء المشاركات في موقع القرار والمسؤولية وزنهن صلب الهيكل العام لقوى العمل بل الادهى والأمر ان الصورة لحضور المرأة في الهياكل النقابية عموما لا تتناسب بالمرة مع حجم انتسابها وانخراطها في صلب المنظّمة ثم ان النوعية الموجودة من النقابيات المناضلات في صلب الاتحاد هي في أغلبها ليست نسيج استقطاب منظّم يكرّس استراتيجيا الاتحاد للتعبئة النسائية بقدر ما هو اندفاع شخصي وتواصل والتزام سابق في حركات تلْمذية وطلابية مرتبط بظاهرة اجتماعية وثقافية معيّنة من تاريخ تونس ومع تطور نسبة العاملات والمنخرطات كان لابد ان يأتي التغيير المنتظر والذي طال انتظاره من داخل المركزية النقابية وجاء مؤتمر طبرقة ليجسّد هذا التعبير وليكرّس هذا المبدأ من خلال رؤية جديدة للعمل النقابي اكثر فاعلية وجدوى ولكن هل ينجح الاتحاد في فرض التغيير في الزمن المناسب وبالصورة المناسبة؟ ان التحدي الرئيسي الذي يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم يتمثل في عدّة نقاط لعلّ أهمها: تفعيل النقاط التي نصت عليها اللائحة الداخلية لمؤتمر طبرقة خاصة من حيث ايجاد آلية تضمن تمثيل المرأة والشباب في الهياكل الاساسية والجهوية والقطاعية والوطنية. تأسيس ديمقراطية حقيقية شاملة وممثلة لجميع الناس والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات على حدّ السواء، ان هذا المشروع الديمقراطي لا يمكن ان يتعدى مرحلة الرغبة والامل والتّمني الا بتفعيل جملة من الآليات كاعتماد التدابير التي نجحت في بلدان اخرى مثال نظام الحصص. اللجان المعنية بسلطة القرار.. اعتماد جدولة زمنية تدريجية يقصد بها نوع من التمييز الايجابي الذي يمنح المرأة فرصة اكثر للمشاركة باعتماد الكوتا والاهم من كل هذا أن يكون الحلم حقيقيا لا مجرد مشاريع تبني لمستقبل بعيد وكأن لسان حالها يقول يبقى الحال علي ما هو عليه في انتظار ماهو آت لذلك ومن مبدأ العقلانية والواقعية لابد ان تتزامن المؤتمرات مع التغيرات والتنقحيات التي لا أعتقد انها ستتأخر أكثر من هذا حتى لا تتهم المركزية بالتناقض بين القول والعمل.