من جديد يضرب الحق النقابي في أعرق المؤسسات الوطنية، وتأتي هذه التجاوزات في وقت كان يعتقد الجميع أنّ الأمور تسير نحو الأفضل نفّذ أعون ديوان البحرية التجارية والموانئ بتاريخ 26 و27 مارس 2013 اضرابا عاما تمّ خلاله قمع أعوان ونقابيي ميناء حلق الوادي وتعريضهم للخطر وذلك باستقدام ميليشيات عمدت إلى ترهيب الأعوان واستفزازهم مع تدخل الأمن مستعملا القوة والغاز المسيّل للدموع حاملا إيّاهم على مغادرة الميناء وأمام هذا الوضع المحتقن والتصعيد المتواصل من الإدارة العامة ذهب الأعون والنقابيون للإحتجاج مطالبين الرئيس المدير العام بتحمّل مسؤولياته في كلّ ما حدث غير أنّ الوضع تطوّر وعمد هذا الأخير إلى حضور مكثّف للأمن كما حصل في اليوم الأول من الاضراب، عقب هذا الاضراب موجة من الاستجوابات العشوائيّة والانتقائية وقع توزيعها على الأعوان أربعة منها فقط موجهة مباشرة من المدير العام والبقية من الرؤساء المباشرين واحتوت هذه الاستجوابات تهما ملفقة لتوريط الأعوان ونقابيي الاتحاد العام التونسي للشغل ولكن التصرّف الأكثر خطورة تمثّل في إيقاف عون عن مباشرة مهامه دون سبب ولفترة غير محدّدة في مقرّر الإيقاف ويعدّ هذا سابقة خطيرة وخرقا واضحا للقانون. ولقد كان هذا الإيقاف مرفوقا بحرمان العون من راتبه الشهري ومن وصولات الأكل والعلاج والمنحة وغيرها من الحقوق ولعلّ أهمّها العمل. سبق هذا التصرّف الخطير والجائر رفع شكاية بمركز الأمن بعضوي النقابة الأساسية لميناء حلق الوادي قصد إحالتهما على القضاء ومن بين هذين العضوين النقابية ثريا كريشان هذا إلى جانب إعفائهما من خطّتهما الوظيفية في خرق واضح للقانون ثمّ موافاتهما باستجواب. ولم يكتف الرئيس المدير العام بهذا الخرق والتعدّي على القوانين والمعاهدات الدولية بل وقع استدعاء النقابية ثريا كريشان وإحالتها على مجلس التأديب بتاريخ 9 ماي 2013 ورافق هذا الاستدعاء تقرير تضمن تهما ملفقة لا أساس لها من الصحة تمثّلت في: المسّ بحرمة الوظيفة وسمعة الديوان. الإخلال بالواجبات المهنية. صدور تهديدات من قبل العوان واستعمال العنف ضدّ الرئيس المدير العام. هذه التهم وهذا التّقرير يذكرنا بالنظام الاستبدادي الذي لا تزال آثاره محفورة في ذاكرتنا وهذا ليس غريبا عن مسؤول انتمى إلى منظومة العهد البائد. إنّ هذا التقرير يُراد به تسليط أقوى الأحكام على النقابية ومنها الطرد. كلّ هذا يجري بديوان البحرية التجارية والموانئ على مرأى ومسمع من سلطة الاشراف في تونس الحقوق والحرية التي جاءت بها الثّورة. فإلى متى ستواصل وزارة النقل استخفافها بحقوق الأعوان وبالعمل النقابي على يد أزلام النظام البائد الذي لا يمثّل البائد منه سوى الاسم؟ يدور كلّ هذا حول الضربة الممنهجة للاتحاد العام التونسي للشغل الذي ساهم من خلال الاضراب العام الذي دعا إليه في جانفي 2011 إلى إسقاط بن علي. وفي انتظار صدور نتائج مجلس التأديب فإنّنا نتمنى صادقين ان يتجاوز الجميع هذه المحن من أجل أن يعود للديوان اشعاعه.