منذ أربع سنوات تقريبا انقطعت وسائل الاعلام عن ذكر وفاة المناضل النقابي الكبير المرحوم حسن فتاح العكرمي الذي غيبه عنا الموت في سن تناهز الثمانين من عمره قضّى أكثر من ثلثيها في الجهاد الوطني والكفاح النقابي كان رحمه ا& من خيرة الشبان المتحمسين لقضية بلاده وخاصة بعد اندماجه في صفوف العملة الكادحين بمنجم المظيلة وعيشه المباشر مع ابناء أهله في مواجهتهم للحرمان والمحسوبية وقد أهله ذلك للتمتع باحترام الجميع وتقديرهم له والبروز والريادة وحسن المعاملة حتى استقطبه المرحوم أحمد التليلي ضمن المجموعة الاولى المرسم لتأسيس الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة صحبة ثلة من الشباب المتحمسين والواعين منهم وفي سنة 8491 انتخب كاتب عام لنقابة المظيلة وهنا ارتوى من التكوين الوطني وتغذّى بوازع الحق والصدق، والجهاد فكان رحمه ا& كالبلسم للجميع في شواغلهم الشخصية ومشاكلهم المهنية حتى حظي بثقة الجميع وتعلقهم به أخا ورائدا ومعينا. وفي عملية نقابية كبيرة بالمناجم الأربع سنة 9491 كان الفقيد صحبة رفاقه العمود الاساسي لإنجاح هذا الاضراب العمالي والذي دام بصفة خاصة بمنطقة عمله بالمظيلة أكثر من ثلاثة أشهر وبرزت فيه قيمة الفقيد وما يحظى به وسط مدينة قفصة من تقدير واحترام حيث أوجد فرصة جو من التأزر والتعاون والتضامن وماديا ومعنويا والوقوف الى جانب إخوتهم المضربين فكون بين الأهالي مجموعات استقطاب لعائلات المضربين الفاقدين لجرايتهم وعندما تبين للزعيمين فرحات حشاد وأحمد التليلي من ذكائه غير العادي وقدرته على تحمل مسؤوليات كبيرة، كُلّفَ من قِبل حشاد والتليلي بقيادة الثورة المسلمة سياسيا وعسكريا اذ كان المسؤول الأول عن الايصال في القيادات السياسية والمقاومين والمناضلين للجنوب ولذكائه الكبير وغير العادي كما أسفلنا الذكر، خطط رحمه ا& لأغلب العمليات ان لم يكن كلها ضد الاستعمار الفرنسي صحبة الزعيم احمد التليلي وخاصة منهم العمليات الكبيرة والمعقدة بكل كفاءة واقتدار بشهادة كل من عملوا وتعاملوا معه اثناء الحركة التحريرية ومازال منهم البعض على قيد الحياة وكان رحمه ا& أول من جلب المواد الكيمياوية من المناجم لصنع المفرقعات لضرب مصالح الاستعمار الفرنسي تعرض رحمه ا& للسجن والنفي والاضطهاد وَوُضع تحت المراقبة الادارية اثر تفجير السكة الحديدية الرابطة بين المتلويوقفصة، وبين المظيلةوقفصة وتفجير كابلات الهاتف وكان رحمه ا& العقل المدير لهذه العملية المعقدة فأُلقي عليه القبض ووضع في سجن المراقب المدني ثم زُجّ به في محتشد زعرور صحبة الزعيم احمد التليلثي وثلة من رفاق دربه وبعد الافراج عنه من هذا المحتشد نفي من قِبل شرطة الاستعمار الى سيدي بوزيد وبعد عودته وعندما ظهرت بوادر الحوار بين الاتحاد وسلطة المستعمر اختاره الزعيم احمد التليلي ليكون على رأس الفريق المكلف بالتعاون مع المقيم العام حول المسائل المنجمية. لقد أعطى الفقيد كل شيئا لهذا الوطن ولم يأخذ شيئا واحدا إيمانا منه بأن كل ما قدمه هو واجب وطني أداه نحو وطنه العزيز وللشهادة عرفت من بعض من عملوا وتعاملوا معه اثناء الحركة التحريرية الذين مازالوا على قيد الحياة بأن الفقيد كان يمتلك القدرة في بداية الاستقلال وكانت كل الظروف مهيأة له في تلك الفترة بأن يصبح في حالة اجتماعية جيدة جدا ومن أصحاب الأملاك الكبيرة لو استغل سلطاته في بداية الاستقلال رفض القبول لأي امتيازات غير اخلاقية وحتى منحة المناضلين التي كلف بإسنادها الى المقاومين والمناضلين سنة 0891 بصفته رئيس لجنة الجلاء ورئيس لجنة التسليح في بداية الاستقلال حرمها على نفسه ليبقى عمله لوجه ا& فتحية لروح هذا الفقيد العزيز الذي عرف منه الصدق والأمانة ونظافة العقل ونظافة اليد رحمه ا&. أيها القفصي الشريف والقفصي النظيف أكيد سيجازيك ا& سبحانه وتعالى على أعمالك الخيرية التي شرفت البلاد والعباد. أردت ان أدوّن هذا للنشر لإطلاع الشباب على رموزهم ووفاء مني لروحه الزكية واعترافا مني ايضا لكل المناضلين الصادقين الذين آمنوا وعملوا مع المبادئ السامية والنزعة الوطنية الصادقة رحم ا& حسن فتاح العكرمي الرجل الطيب والمناضل الصادق والوطني الأصيل أسأله ا& أن يسكنه فراديس جنانه.