إثراء للمكتبة النقابية وسعيا لتوفير أدوات العمل الضرورية للنقابيين أصدر قسم القطاع الخاص بالاتحاد العام التونسي للشغل كتابا بعنوان «المفاوضات الاجتماعيةفي القطاع الخاص، حصيلة تجربتين « الذي يحتوي على أكثر من 360 صفحة تولى خلالها تجميع كل الاتفاقيات القطاعية المشتركة التي تمخضت عنها المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص بعنوان 2005 2007 . وقد انطلق الكتاب بمقدمة حاولت ابراز المبادئ الاساسية والاهداف الكبرى التي تقف وراء التمسك بسياسة المفاوضة الجماعية باعتبارها أحد عناصر الحوار الاجتماعي ككل وهي سياسة يدخلها الاتحاد بهدف «الاستجابة الى طموحات الشغالين» الذين تجاوز عددهم في القطاع الخاص المليون عامل. وتعتبر الاتفاقيات القطاعية الممضاة حصيلة مرحلة كاملة من الاستعداد والتفاوض والاسناد النضالي. اذ سبقت الدخول في المفاوضات مرحلة التحضير والاستعداد التي كانت شديدة الأهمية بالنسبة للنقابيين وفي اطارها نظم قسم القطاع الخاص بالاشتراك مع الاقسام المعنية كقسم التشريع والنزعات وقسم الدراسات والتوثيق سلسلة من الندوات الاقليمية التحضيرية في كل من صفاقس والمنستير وتونس ساهم فيها اساتذة وخبراء أكفاء في الاقتصاد والقانون الشغلي وحضرت فيها أعداد هامة من النقابيين الذين شكلوا لاحقا الوفود التفاوضية للاتحاد ضمن لجان التفاوض القطاعية. وقد أفرزت هذه الاستعدادات قراءات دقيقة للواقع الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي قطاعيا ووطنيا ودوليا وهي ذاتها القراءات التي انبنت عليها جملة التوصيات التي دعيت لجان التفاوض الى الاخذ بها عند ممارستها لمهمتها التفاوضية في مواجهة بقية الاطراف الاجتماعية. ولعل أهم تحول شهدته العملية التفاوضية خلال هذه الدورة السادسة من المفاوضات الاجتماعية هو تجذر الوعي عند النقابيين بالأهمية القصوى التي تكتسيها الجوانب الترتيبية والتشريعية باعتبارها المثبت والمقنن للمكاسب المادية ومن ذلك كان التفاوض في كل العقود المشتركة منطلقا من الجوانب الترتيبية وصولا الى الجوانب المالية. أما مرحلة خوض التفاوض فقد امتزجت وهو سلوك عاد للاتحاد بعد أن تراجع كثيرا في فترات سابقة بحالة راقية من النضال الذي أتى نتيجة للصعوبات التي تعرض لها النقابيون أثناء التفاوض فنظم العمال التجمعات كما خاضوا الاضرابات وحملوا الشارات الحمراء دفاعا عن مكاسبهم ومطالبهم التي اعتبروها مشروعة لاستنادها الى مرجعية علمية والى احصائيات ودراسات تجعل منهم المنتج الأكبر للثروة الوطنية والمساهم الأول في الجباية لكنهم بالمقابل المستفيد الاضعف من هذه الثروة الوطنية كما شهدت هذه الجولة التفاوضية ولأول مرة تكليف مسؤول عن الاعلام الموحد بقسم القطاع الخاص فوضعت استراتيجية اعلامية واضحة وضعت حدا للإنفلات الاعلامي إذ يتم اسبوعيا إعلام الاتحاد الجهوي عبر مراسلات خاصة بكل المستجدات المتعلقة بالمفاوضات بحصيلة عمليات التنسيق بين القطاعات الناتجة عن الاجتماع الاسبوعي لمجمع القطاع الخاص كما يتم ارسال ورقات إعلامية الى الصحف الوطنية كلّما اقتضت الحاجة في حين لعبت جريدة الشعب دورها الرائد في اسناد المفاوضات. فلم يكن الاعلام مجرد وسيلة تبليغ وإنما كان أيضا وسيلة ضغط ومناورة وهو ما تحقق بنجاح ملفت. أما المرحلة الأخيرة أو الجزء الأخير من الكتاب فقد احتوى على حصيلة الندوة التقييمية التي نظمها القسم والتي انتظمت خلالها مجموعة ورشات خلصت الى تقييم ايجابي لحصيلة الجولة السادسة من المفاوضات الاجتماعية بالنظر الى المكاسب المحققة لكنها اعتبرت بالمقابل أن عدة مطالب مازالت قائمة على غرار الحق النقابي والخصم المباشر وعقود الشغل ومراجعة مؤشر الأسعار وغيرها مما يمكن أن يكون مادة لحوار إجتماعي جاد ومسؤول على غرار ملف العدالة الجبائية. هذا ولم يفت القائمين على انجاز هذا الكتاب التنويه بالدور الكبير الذي قام به الأخ عبد السلام جراد الأمين العام أثناء المفاوضات من خلال المتابعة المسترسلة والدقيقة للمفاوضات وكذلك من خلال عديد التدخلات التي ساهمت في تذليل الصعوبات فضلا عما أظهره من مساندة للنضالات التي خاضها العمال اسنادا للمفاوضين كما ثمن الكتاب أيضا «الدور الذي لعبه المكتب التنفيذي في نفس هذا الاتجاه خصوصا قسم التشريع والنزاعات وقسم الدراسات والتوثيق وقسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي وقسم الاعلام وقسم الادارة والمالية لما قدموه من عمل مباشر لانجاح هذه المفاوضات. ... الكتاب يعتبر وثيقة هامة توضع بيد النقابيين وحتى بيد سائر المتدخلين في المسائل الشغلية من دوائر قضائية شغلية وتفقديات شغل وغيرهم .. دون أن ننسى أن هذا الكتاب هو في نسخته الثانية بعد أن كانت نسخته الأولى بمناسبة الجولة الخامسة من المفاوضات أي بعنوان 2002 2004.