عمليات سبر الآراء في تونس تشبه إلى حدّ بعيد الانتخابات في السودان او في قطر... نتائج مدفوعة الثّمن وأسماء تسقط وتصعد كل اسبوع وارقام في وادي وهموم الشعب التونسي في وادي آخر... كانت تلك الدكاكين تعطي للجنرال بن علي كل نوايا التصويت وتمدّه حتى بنوايا المقاطعة... وكانت تقبض من المال العمومي والخاص مقابل تدليس النوايا في حين تستكمل مصالح الداخلية عمليات التدليس الفعلي للارقام تاريخيا وهذا لا ينكره احد كان التونسيون دوما في صفوف المقاطعة الفعلية لكل عمليات الانتخابات وذلك لمعرفتهم الدقيقة باللاعبين وبالحكم وبقانون اللعبة الموضوع على القياس.. فمنذ 56 دلّس الدساترة ارادة التوانسة وصوّتوا عوض المواطن ولم يتغير سوى لون الورقة الرابحة فماذا ننتظر من حكامنا الجدد حسّا مدنيا جديدا او استفاقة ديمقراطية؟ إيمان بالارادة الشعبية يا تُرى من اين لهم بكل هذا وهم يؤمنون بانهم رُسل بعثها الله على الارض من اين لهم بكل هذا وهم يحلمون بالخلافة السادسة من اين لهم بكل هذا وهم ينطقون باسم الملائكة! وحتى الجزء المتحرر قليلا (أو يكاد) فإنّه تربّى في مدرسة التدليس وقلب الحقائق، في لجان التنسيق الحزبية ايام بورقيبة وبن علي والامن الرئاسي... ولان اليمين بشقيه الديني والدستوري وجهان لعملة واحدة فان لقاءهما غير مستبعد وتحالفهما من اجل تمرير شروط صندوق النقد الدولي وتعليمات قطر والبنك الدولي أمرٌ غير بعيد وسوف يجدون في عمليات الانتخاب فرصة رائعة لزواج متعة بينهما، على ظهور التونسيين الباقين الذين يبحثون عن موعد شاغر للقاء وجبهة جاهزة للنضال الفعلي...