اختفاء طائرة عسكرية تقل نائب رئيس ملاوي    أخبار المال والأعمال    البنك المركزي .. تقديرات بتطوّر النمو بأكثر من %2 سنة 2024    مدير التجارة بتونس: تراجع ملحوظ لأسعار لحوم الضأن    اتهم بالاعتداء على عون أمن .. سجن الأستاذ زقروبة .. يتواصل    حماس ترحّب بقرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار    وزيرة التربية من القصرين .. حالات الغشّ... تتراجع    يعرض مساء اليوم بقاعة الكوليزي .. فيلم «إخفاء صدام حسين» مع العيد... لماذا؟    وزير الداخلية يستقبل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمهمات السلام الأممية    الصفعات تتتالى والسقوط بات وشيكا...الاستقالات تعصف بمجلس حرب نتنياهو    عاجل/ الحوثيون يعلنون إلقاء القبض على شبكة تجسس أمريكية صهيونية..    بلعاتي: على الدول الصناعية تحمّل مسؤولياتها    عاجل/ رئيس وزراء هذه الدولة يقدم استقالته..    نابل: حريق يأتي على 21 هكتار من ضيعات القوارص بمنزل بوزلفة    الإبقاء على مهدي زقروبة تحت مفعول بطاقة الإيداع بالسجن    الجبل الأحمر: ينزلون تلميذا عنوة من المترو.. يعنّفونه.. ويسلبونه هاتفه    فيلم Furiosa في قاعات السينما التونسية: إعادة تعريف للبطلات النسائيات في صناعة السينما"    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    مونديال الأندية : ريال مدريد ينفي و يوضح    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    نقابة الصحفيين تطالب بالإطلاق الفوري وغير المشروط لكل الصحفيين المودعين بالسجن    السن الواجب مراعاته في الأضحية    سوسة: تواصل أشغال تنظيف الشواطئ    عاجل/ "حزب الله" يُسقط مسيّرة لجيش الاحتلال بصاروخ أرض جو    رسميا: تحديد موعد كأس السوبر بين الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي    الخريف المقبل: عملية إستمطار بهذه المناطق في تونس    نصائح لمطبخ صحي ونظيف في عيد الإضحى    المحافظة على نفس سعر قبول الحبوب واسناد منحة تشجيعية خاصة بصابة 2014    عاجل/ حادث اصطدام سيارة بعربة مترو بهذه الجهة..وهذه حصيلة الجرحى..    المهدية: ينهار عليه التراب وهو بصدد الحفر    مطار قرطاج : ضبط أكثر من 1.5 كغ من المعدن الأصفر لدى مسافرتين    نقل تلميذة إلى المستشفى لاستكمال إجراء امتحان البكالوريا..وهذا هو السبب..#خبر_عاجل    الكشف عن مذبح عشوائي للدواجن في أريانة    توزر: تحول سوق الدواب إلى سوق يومي مع ارتفاع العرض    عيد الاضحى : ما هي أضرار شواء اللحوم ؟    وزارة الداخلية تستعدّ لعودة التونسيين في الخارج    لقاح للقضاء على السرطان ماالقصة ؟    الحماية المدنية: 18 حالة وفاة في يوم واحد    قفصة: موظّف متورّط في ترويج أقراص المخدّرات    في حادثة صادمة: سيجارة إلكترونية تتسبب في انفجار رئة مراهقة..!!    تونس: إقبال كثيف على أضاحي العيد بالميزان    عاجل : ارسين فينغر في تونس و هذه التفاصيل    خبر غير سار لأحباء لاعبة التنس أنس جابر    إيطاليا تهزم البوسنة 1-صفر في المباراة الودية الأخيرة لها قبل بطولة أوروبا    شركة'ميتا' تطلق ميزة جديدة للمحادثات عبر 'ماسنجر'    حالة الطقس: الحرارة بين 25 و45 درجة مع ظهور الشهيلي بالجنوب    فرنسا تتعادل سلبيّا مع كندا في اختبارها الأخير لكأس أوروبا    دليل الأسبوع    قصّة قصيرة    تعرف على 20 عيباً تمنع ذبح الأضحية    تصفيات كأس العالم: المُنتخب الوطني يتعادل مع ناميبيا    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تراجع الحوار الوطني بعد أحداث مصر؟؟الاتحاد مازال مصرّا على الحوار الجدّي...
والاطراف السياسية منشغلة بالبحث عن البدائل .... والمرزوقي يحاول انقاذ مركب الترويكا بكلّ الطّرق هل تراجع الحوار الوطني بعد أحداث مصر؟؟
نشر في الشعب يوم 20 - 07 - 2013

تحدث الكثيرون في الفترة الاخيرة عن حلول وتوافقات وتحالفات وحتى عن وعود وتقاسم للأدوار وغيرها من تلك الصيغ السياسية التي بدا يالفها المشهد السياسي بعد عامين ونصف من الثورة، لكن الذي بدأ البعض يتناساها هو بلا شكّ الحوار الوطني، الذي دعا له الاتحاد، والذي يبدو أن عقارب ساعته بدات تتوقف، أو هو ظلّ يراوح مكانه، في ظل مستجدات طغت على الساحة، وجعلت الجميع يبحث في الاحتمالات القادمة، دون العودة الى الثوابت القائمة، ومن أهمها الحوار الوطني.
واذا كانت كلمات الامين العام لاتحاد الشغل السيد حسين العباسي عقب لقائه أول أمس بالرئيس المؤقّت منصف المرزوقي، لا تنمّ الا على يأس واحباط بدأ يساور القيادة النقابية، وشكوك حول النوايا الحقيقية للفاعلين السياسيين، خصوصا في ظلّ المحاولات التي صارت مكشوفة للتنصّل من الالتزامات، وخرق الاتفاقات. فهي بالتأكيد تنمّ أيضا على قناعة راسخة بأن هذا الحوار هو المسلك الوحيد للخروج من حالة الاحتقان الحالية، وتجاوز المطبات التي كثرت على طريق الانتقال الديمقراطي.
فجلسات الحوار الوطني، التي كادت أن تُنسى في خضمّ المستجدات على الساحتين الوطنية والدولية، والتي بدت وكأن جميع الاطراف نفضت يدها منه وركنته على جانب، حتى تتفرّغ لمواجهة التحديات الطارئة التي لم تكن تحسب لها أي حساب، يبدو أنه لازال الهاجس الاول للمنظمة الشغّيلة، والتي تعتبره الحلّ الوحيد الكفيل بإخراج البلاد من دائرة التوتّر والاحتقان الى دائرة التوافق وانجاز بقية استحقاقات الانتقال الديمقراطي.
لكن المتباعين للشأن الوطني يرون أن مسالة الحوار الان لن تكون ذات جدوى، أو ذات أهمية، طالما لم يلتزم الطرف السلطوي بما تم الاتفاق بشأنه في الجولات الاولى التي رعاها الاتحاد أو حتى في تلك التي دعا لها الرئيس المؤقت واحتضنها قصر الضيافة.
وما طرحه النقابيون كان يتمحور بالخصوص في ضرورة الالتزام بخارطة طريق للانتخابات القادمة، تكون واضحة وصريحة وذات تواريخ محددة لا يتجاوزها او يتراجع عنها اي طرف من الاطراف، اضافة الى لجان الانتخابات والاعلام والقضاء، وحل رابطات حماية الثورة، وتحييد الادارة والمساجد، وغيرها من الشروط الضرورية لانجاح أي استحقاق وطني قادم، يُراد له ان يكون شفّافا وأن يمثّل بحقّ الثورة التونسية.
ويبقى الاشكال ليس في اشتراطات النقابيين، بقدر ما يكمن في التملّص الظاهر لدى الطرف الآخر، الذي سرعان ما تبيّن أنه لم يأخذ ببعض التوافقات التي حصلت في الشوطين الاول والثاني من الحوار، والتي لم تكن متوافقة مع رغبته في تجسيد بعض الرؤى داخل الدستور، حتى وان تعارضت مع هذه التوافقات التي التزم بها، وحتى ان كان يعرف أنها ستثير كثيرا من ردود الافعال التي ستتهمه بالانقلاب على ما تم الاجماع عليه خلال مختلف مراحل الحوار الوطني.
وهذه الرغبة في اضفاء طابع حزبي ايديولوجي على كثير من فصول الدستور لم تكن الوحيدة التي عطّلت الحوار الوطني، بل هناك عديد المؤشرات التي توحي بأن الحوار لم يكن خيارا استراتيجيا لبعض الاطراف مثلما كان بالنسبة لاتحاد الشغل، فجميع الاحزاب تقريبا، وبالاخص منها التي في السلطة، بدت وكأنها تنتظر بفارغ صبر متى تنتهي من هذا الواجب الثقيل حتى تتركه وراءها وتستمر في نفس الممارسات السابقة.
فالحرص على الظهور التشريفاتي الاستعراضي، سواء في افتتاح الحوار أو خلال جلساته الاولى، لم يتوّج بنفس الحرص على مواصلته والخروج منه بنتائج، بل كان وكأنه ظهور لمجرّد رفع العتب، أو كفّ اللوم، والظهور بمظهر من لا يعطّل الحوار، لكن في المقابل لم يلمس اتحاد الشغل اي رغبة فعلية في مواصلة الحوار حتى مراحله الاخيرة، ولم يلمس ايضا أي تجسيد عملي للاتفاقات المبدئية للحوار، سواء تلك التي طرحها الاتحاد أو تلك التي تقدمت بها أحزاب المعارضة، وهو ما جعل الشكوك تحوم حول مدى جدية الحكومة وتحديدا حركة النهضة في مواصلة هذا الحوار وفي تبني نتائجه والالتزام بها.
ولئن لم تعرب الحركة عن اي موقف يتعارض مع أهداف هذا الحوار، الا أن الانشغالات الاخيرة، دفعت بالحوار بعيدا الى الوراء في سلّم الاهتمامات الوطنية، وجعلته يتراجع الى الخلف فاسحا المجال أمام عديد التحركات السياسية التي من شأنها أن تتجاوزه أو تحيد عن أهدافها، رغم أنه قد لا يكون مقصود بها.
فالرجّة التي أحدثها الزلزال المصري، والتي دفعت بحركة النهضة، وهي الحزب المدني الحاكم في تونس، الى حشد كل طاقاتها وأنصارها وقياداتها للتظاهر في شارع بورقيبة، دعما لحزب الاخوان المسلمين المخلوع في مصر، في حركة سياسية تعبوية تحشيدية لا هدف لها الا استعراض القوة الجماهيرية أمام خصوم سياسيين، كما رأى كثير من المتابعين للشأن السياسي الوطني.
في حين كان الاجدى بحركة النهضة أن تسارع، حال حصول الخلع في مصر، الى دعوة كل مكونات المشهد الوطني الى استئناف الحوار، والبحث عن مزيد التوافقات، والاستماع الى جميع الاطراف، واعطاء دفع لكل الملفات، حتى وان تطلّب بعضها شيئا من التنازلات، حتى تستطيع تأمين المركب من الغرق، وتجنّب البلاد هزّة كتلك التي ضربت قلب القاهرة واسقطت مرسي وحكم الاخوان بالضربة الشعبية/العسكرية القاصمة.
وعلى العكس من حركة النهضة، التي يبدو أن غياب رئيسها وقائدها الشيخ راشد الغنوشي، وانشغاله بما يهمّ الامة عمّا يهم الوطن، وشعورها بالاستهداف والمحاصرة، وصدمتها من بيانات المعارضة الداعية الى حل الحكومة، قد جعلها تركن الى خيار الشارع وتحشّد أنصارها في محاولة للظهور بمظهر القادر على حماية مشروعه بنفسه دون اللجوء الى الخصوم او الجلوس معهم، بدى الرئيس محمد المنصف المرزوقي، أكثر حرصا على البحث في طُرق قد تساعد الترويكا الحاكمة على تجاوز محنة المطالبة بحلّها، أو حتى تلك التي تذهب الى حدّ التمرّد والمطالبة باسقاط الحكومة بكلّ الطرق.
فهو يعرف جيّدا أن الرياح الدولية قد تغيّرت لغير ما تشتهي مراكبه ومراكب حلفائه بالخصوص، ويعلم ايضا أن الدول الداعمة والراعية قد تخلّت أو هي على وشك التخلّي، ويدرك جيدا ان الحلّ لا يكون الا وطنيا، ومن الداخل، عن طريق محاولة جمع أكبر ما يمكن من الفرقاء السياسيين حول خطوط دنيا من التوافق، الذي يمكّن من العبور الى برّ الامان، ويجنّب تونس سيناريوهات تبدو مرعبة لكل ذي حكمة وبصيرة.
واذا كان المرزوقي قد سارع الى استقبال الكثير من الامناء العامين وممثلين للأحزاب السياسية، من مختلف التوجهات، الا أن السؤال المطروح يبقى عن الجدوى من هذه اللقاءات، وعن الهدف الاساسي منها، هل هو البحث الجاد فعلا عن التوافق الوطني على نفس الاسس والمقاييس التي التزم بها الجميع، وانجاح الحوار الوطني الذي يبدو وحده الكفيل بإخراج البلاد من حالة التوتر والاحتقان، أم هو محاولة منه لفكّ الحصار عن حليفته النهضة، التي وجدت نفسها فجأة في مرمى كلّ السهام بعد سقوط شقيقتها الكبرى من فوق كبري ستة أكتوبر؟
تلك هي أهم سمات الحوار الوطني الذي يبدو أنه صار بالنسبة للبعض مشجبا تُعلّق عليه الحسابات السياسية بصوابها وخطئها، وصار بالنسبة للبعض الآخر ملجأ للتخفيف من الضغط، وكان في الاصل بالنسبة للبعض الآخر مجرد طريقة من طرق كسب مزيد من الوقت ليس الا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.