الرابعة على التوالي: الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 35    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    نتنياهو: "إغتيال خامنئي سيُنهي الصراع".. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    حالة الطقس هذه الليلة    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    تظاهرة يوم الابواب المفتوحة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة .. فرصة للتعريف ببرنامج التكوين للسنة التكوينية المقبلة وبمجالات التشغيل    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    "صباح الخير يا تل أبيب"!.. الإعلام الإيراني يهلل لمشاهد الدمار بإسرائيل    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننظر بتفاؤل حذر لمستقبل تونس
في انتظار المصادقة على الدستور وتنظيم الانتخابات السفير الفرنسي بتونس « فرانسوا غويات» للشعب :

حملت الزيارة الأخيرة التي أداها الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» إلى تونس مفاجأة سارة للاتحاد العام التونسي للشغل والقوى التقدميّة والديمقراطيّة ولعموم الشغالين والشعب التونسي تمثلت في إعلانه أن فرنسا ستفتح الأرشيف الخاص باغتيال الزعيم فرحات حشّاد من أجل كشف تفاصيل جريمة اغتياله، معتبرا أنّ ذلك يمثّل أبسط تكريم لرائد من روّاد حركة التحرر الوطني في تونس. السيّد فرانسوا غويات الذي استقبلنا الجمعة الفارط في مقرّ السفارة الفرنسيّة بتونس عبّر اعتبر أن زيارة الرئيس هولاند لضريح الزعيم فرحات حشّاد وتكليله بالزهور ولقاء ابنه وأرملته ومدهما بملف حول القضيّة يعتبر لحظة بالغة الرمزيّة حول أهميّة الاعتراف بالماضي وما حدث فيه خاصة ما يرتبط بالذاكرة الجماعيّة».
حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع والقضايا المتعلقة بالعلاقات الفرنسيّة التونسيّة على جميع المستويات التاريخية والإنسانية والسياسيّة والاقتصادية وعن آفاقها المستقبليّة في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بها تونس خلال فترة الانتقال الديمقراطي، تحدثنا مع سعادة السفير «غويات» لنمرّ بعدها للحديث عن السياسة الخارجيّة الفرنسيّة في ظل واقع اقليمي ودولي متغيّر وبالغ التعقيد. لنختتم معه حديثنا الشيّق - الذي نازعنا فيه تملك وإتقان لغة الضاد- بالتساؤل عن مصير ما سمي «بالربيع العربي» وعن المستقبل الذي ينتظر المسار الانتقالي في تونس.
العلاقات التونسية الفرنسية قديمة ومتجذرة، فكيف تراها فرنسا اليوم بعد التغيرات الحاصلة في تونس؟
بالتأكيد هي علاقات جيدة وتاريخية بل يمكن أن نقول إن ما يربط فرنسا بتونس هي قرابة غير عادية ولا تقارن بعلاقة فرنسا ببقية البلدان، وذلك بمقتضى الترابط الإنساني والعائلي والجغرافي، والسيد الرئيس «فرانسوا هولاند» ركّز في كلمته أمام نواب المجلس الوطني التأسيسي على هذا العامل من خلال الإشارة إلى ال 700 ألف تونسي الموجودين بفرنسا وكذلك إلى الجالية الفرنسية المقيمة في تونس وهما جاليتان اختلطتا بمجتمعي الإقامة من خلال الحصول على الجنسية ومن خلال العلاقات الأسرية وهو عامل ترابط واختلاط وتقارب. وفرنسا مازالت الشريك المهم اقتصاديا لتونس من حيث حجم المعاملات والصادرات والواردات والاستثمارات ومن حيث عدد السياح الفرنسيين اللذين يقضون عطلهم في تونس، فلتونس مكانة متميّزة لدى فرنسا.
بعد 14 جانفي 2011 حدث بعض سوء الفهم النابع عن بعض التصريحات والمواقف ولكن أعتقد أنّه أمر طوي الآن لأن النيّة في الدفع بالعلاقات بين البلدين إلى الأمام موجودة وقد كانت موجودة حتى مع السفير السابق فقط هو المناخ الذي لم يكن مُناسبا، ومباشرة بعد انتخاب السيد هولاند وُجّهت إلى تونس إشارات واضحة من أجل تجاوز الماضي وبناء أسس تعامل جديدة وذلك تمّ أوّلا من خلال دعوة رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي لفرنسا 40 يوما فقط بعد تولي السيد هولاند الرئاسة الفرنسية كما تمّت دعوة السيد المنصف المرزوقي بعده ثم السيد بن جعفر خلال الاحتفالات بعيد 14 جويلية وهذه أمور بالغة الدلالة تؤكد أهمية ومتانة العلاقة بين البلدين التي تدعمت أيضا من خلال تتالي زيارات الوفود الرسمية الفرنسية لتونس (رئيس مجلس الشيوخ عدد من الوزراء) وهاهي تتوّج بزيارة الرئيس الفرنسي لتونس، وأعتقد أن الأصداء الطيّبة والايجابية لهذه الزيارة وخاصة كلمة فخامة السيد هولاند أمام نواب المجلس الوطني التأسيسي وقبولها من الجميع تؤكد أن العلاقات بين البلدين على ما يُرام.
هذه العلاقات المتينة التي تحدّثتم عنها سعادة السفير سمحت للتونسيين بانتظار الكثير من فرنسا لمساعدة تونس خلال فترة الانتقال الديمقراطي ودعم اقتصادها وتسهيل عودة أموال الشعب المنهوبة ولكن..؟
ارتفاع سقف الانتظار من فرنسا مفهوم وهذا يجعلني أؤكد أن فرنسا ومنذ قمة الثماني الكبار ربيع 2011 التزمت بمساعدة تونس على تجاوز فترة الانتقال الديمقراطي وهذا مع كل رؤساء حكوماتكم منذ 14 جانفي 2011، وأعتقد أنه في سياق الأزمة الاقتصادية العالمية وما تعيشه أوروبا من اهتزازات اقتصادية يمكن اعتبار تحويل 60 مليون يورو من الديون التونسية لدى فرنسا إلى مشاريع تنموية خطوة لا باس بها في طريق التعاون، وهي مبادرة تعكس مدى التزام فرنسا بمساعدة تونس، إضافة إلى ما تمّ الإعلان عنه من وجود مشاريع تقدر ب 500 مليون يورو منها مشاريع لدعم الأحياء الفقيرة في تونس قدّرت ب 217 مليون يورو ستوفرها الوكالة الفرنسية للتنمية مع البنك الأوروبي للاستثمار وذلك لإيصال الماء الصالح للشراب لعدد من التجمعات السكنية وتهذيب مساكنها وتوفير ما يلزمها من البنية التحتية... أمّا ما يتعلق بالأموال التونسية المنهوبة فالرئيس هولاند أعلن أن فرنسا ستتعاون مع تونس في هذا المجال دون تحفظ بل انه أمر بتعيين قاضٍ فرنسي يتولّى مهمّة التنسيق بين العدالة التونسية والعدالة الفرنسية في هذا المجال ويكون مقرّه سفارة فرنسا بتونس مع تأكيد الرئيس على التزام بلادنا بمنح كل التسهيلات الممكنة من أجل استرجاع الشعب التونسي لأمواله التي نُهبت منه.
تغييرات واضحة عرفها الموقف الفرنسي من ملف مهمّ لكل التونسيين هو ملف حقيقة اغتيال الزعيم الوطني والرائد النقابي فرحات حشاد، فهل يرتبط هذا برفع التحفظات القانونية «الزمنية» عن الأرشيفات الفرنسية أم هي رؤية جديدة للسياسة الفرنسية.
إعلان رئيس الدولة أن فرنسا ستفتح الأرشيف الخاص باغتيال الزعيم فرحات حشاد من اجل كشف تفاصيل جريمة اغتياله يندرج في إطار إرادة سياسية لتكريم رائد من روّاد التحرّر الوطني في تونس وزيارة الرئيس هولاند لضريح هذا الزعيم وتكليله بالزهور ولقاء ابنه وأرملته ومدّهما بملف حول هذا الأمر يعتبر لحظة بالغة الرمزية حول أهمية الاعتراف بالماضي وما حدث فيه خاصة ما يرتبط بالذاكرة المشتركة. هذا أمر مهمّ لفرنسا إذ علينا الاعتراف بالأحداث التاريخية للتصالح معها. ولعلّ زيارة الرئيس هولاند لضريح الزعيم فرحات حشاد وخطابه أمام المجلس الوطني التأسيسي هما من أهم محطات هذه الزيارة لتونس فقد أعلن أيضا عن إمكانية تشكيل لجنة مشتركة تونسية فرنسية من الخبراء والباحثين والدارسين في التاريخ لمزيد التعمّق والتدقيق في الكشف عن ملابسات هذا الاغتيال.
لننتقل للحديث عن السياسة الخارجيّة الفرنسيّة في ظلّ واقع إقليمي ودولي متغيّر وبالغ التعقيد، ولنبدأ بالتعقيدات التي يعيشها الوضع في ليبيا الشقيقة اثر إنهاء حكم العقيد معمر القذافي، هل أعادت فرنسا تقييم سياساتها هناك خاصة وقد كانت صاحبة الضربة الجويّة الأولى؟
- نحن ندعم السلطات التي انبثقت عن الانتخابات الحرة التي تم تنظيمها في ليبيا، صحيح أن الوضع ليس سهلا فيما يخصّ الأمن وقد عبرنا عن استعدادنا لمساعدة السلطات الليبيّة على تمتين وضعها الأمني. فالمهم بالنسبة إلينا أن تستعيد الدولة مكانتها، غير أن الوضع يتطلب مزيدا من الجهود. فرنسا تقف مع الشعب الليبي وقد أظهرنا استعدادنا للمساعدة في المجال الأمني وفي كل المجالات الأخرى ونتمنى أن تستعيد ليبيا مكانتها في المنطقة نظرا لأهميتها.
كنت سفيرا في ليبيا قبل 2011 وأعتقد أن الوضع وصل درجة من التأزم بعد اندلاع الثورة الليبيّة فقد كان النظام مصمما على قمع الانتفاضة بشكل دموي لولا تدخل فرنسا بإذن من مجلس الأمن لمنع المذبحة.
- لكن الضربة الأولى كانت قبل صدور قرار مجلس الأمن
- لا أبدا لم نتدخل دون سقف وموافقة مجلس الأمن، هذا غير صحيح، أتذكّر أنّه وفي 19 مارس 2011 تم تنفيذ أوّل ضربة وكانت بعد صدور قرار مجلس الأمن -أتذكر ذلك تماما- لأنني كنت المسؤول عن الملفّ الليبي في باريس آنذاك ولولا تدخل فرنسا حينها لتمت تصفية الآلاف من سكان بن غازي. بعد ذلك حدث ما حدث ولكن المهم ما يحدث اليوم. وبهذه المناسبة أؤكد مرّة أخرى أن السلطات التي انبثقت عن الانتخابات الحرة سلطات شرعيّة نتعامل معها ولدينا نيّة لتقديم المساعدات إليها إن أرادت ذلك.
من أوّل استتباعات ما وقع في ليبيا هو ما حدث في مالي، لكن المفارقة في الموقف الفرنسي أن نفس المجموعات المسلحة التي ساندتها فرنسا في ليبيا قاتلتها في مالي، هل من تفسير لذلك؟
- التدخّل الفرنسي كان ضروريا في مالي لتجنّب استيلاء القاعدة على «باماكو» وأنت تعرف -سيدي الكريم- ماذا كانت ستكون نتائج سقوط «باماكو» وتأثيراتها على كافة دول المنطقة، كما أنّ هذا التدخل كان مباركا من جميع الدول المسؤولة حيث رحبت به جميع البلدان المجاورة لمالي دون استثناء. ولعلّك تذكر ظاهرة انتشار الأسلحة والمقاتلين الذي تطلّب تعاونا إقليميا فالأمر لم يقتصر على مالي. لكن الوجود العسكري الفرنسي لن يطول لفترات غير محدودة، بل على خلاف ذلك برمجنا السحب التدريجي لقواتنا وتغييرها بقوات حفظ سلام افريقيّة، كما أنّنا ندعو إلى إجراء انتخابات في أقرب وقت بمالي. لقد كان التدخل مملى علينا فرضته الظروف ونزول الجماعات الإرهابية إلى جنوب مالي.
وسط هذه الموجة من التغيّرات التي عصفت بالمنطقة بقيت الجزائر الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا بمنأى عن هذه التحولات، رغم الصراع الذي تخوضه ضدّ بعض الجيوب الإرهابية المسلحة في الجبال والمناطق الحدوديّة منذ سنوات ورغم تنامي حالة الضغط السياسي المسلط عليها وهي محاصرة بأنظمة إسلامية خاصة في ظل توعك الحالة الصحيّة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فماهو موقف فرنسا من الوضع الجزائري ؟
- علاقتنا مع الجزائر مهمة جدا و هي علاقات تاريخيّة قويّة وإستراتيجية، وقد كانت الزيارة التي أجراها السيّد هولاند في 20 ديسمبر الماضي للجزائر ناجحة ومكنتنا من التأكيد على متانة وعمق وترابط العلاقات بيننا. أمّا فيما يخص المخاطر الإرهابية فتواجه جميع بلدان المنطقة، وصحيح أن للجزائر الدور المهمّ والمكانة المتميزة في الوضع الأمني وفي استقرار المنطقة. وكل الجهود المبذولة لمحاربة الظواهر الإرهابية تمرّ عبر تعاون وثيق مع الجزائر، ولنا في هذا الصدد علاقات واتصالات جيدة مع الجزائريين.
فرنسا ساندت الحراك الثوري في سوريا منذ انطلاقه وراهنت على المعارضة السوريّة ومارست شتّى أنواع الضغوط على النظام السوري، لكن يبدو أنه واثر معركة القصير تغيّرت موازين القوى ميدانيا وأصبحت الأمور تميل نحو حسم المعركة لصالح الجيش العربي السوري ، فكيف ستتعامل فرنسا مع المستجدات الأخيرة وقد وضعت كل أوراقها في سلّة المعارضة السوريّة ؟
- أولا أريد أن أذكّر أنّ فرنسا تقف إلى جانب الشعب السوري الذي يواجه قمعا وحشيا من النظام منذ أكثر من سنتين، حيث وصلت حصيلة القتلى تقريبا 100 ألف قتيل، ولا شكّ في أنّ المسؤوليّة الرئيسية عن القتلى تلقى على كاهل النظام السوري، لذلك قررت فرنسا مساعدة المعارضة السوريّة ودعت إلى توحيد صفوفها خلال المؤتمرات المتتالية التي عقدت في عواصم مختلفة. أمّا بخصوص الجماعات المتطرفة فقد قلنا بوضوح أن إبعاد هذه الجماعات المسلحة الإرهابية الأصولية ضروري بالنسبة لفرنسا وهو من مسؤوليات المعارضة السوريّة.
لكن سعادة السفير أنتم تعرفون أن هذه الجماعات المسلحة الإرهابية هي المسيطرة ميدانيا وليست المعارضة والمال والسلاح الذي يسلّم للمعارضة ينتقل إليها، ممّا يجعل الدعم الفرنسي أو الأمريكي في المحصلة النهائيّة يصل إلى هذه الجماعات المسلحة.
أكرّر ما قلت سابقا. إن فرنسا تصرّ على ضرورة إبعاد التيارات المتطرفة.
تشهد جمهوريّة مصر العربيّة اليوم تحولات كبرى يعتبرها الموالون انقلابا عسكريا على الشرعيّة والمعارضون تصحيحا لمسار ثورة 25 يناير واستجابة لإرادة الشعب، ماهو موقف فرنسا ممّا وقع في مصر يوم 30 جوان ؟
- الرئيس هولاند استعمل لفظة فشل المسار الانتقالي، واعتبر أن الأزمة المصريّة تعكس حالة فشل، أولا لأنّ الرئيس المنتخب وقعت إقالته، وثانيا لأنّ ملايين المصريين تظاهروا احتجاجا على سياسة هذا الرئيس المنتخب. ، وتدعو فرنسا الجميع إلى ضبط النفس والتحلّي بروح المسؤوليّة، وتطلب من القوى السياسيّة الالتئام حول جدول أعمال يقضي بالشروع في مسار انتخابي يتمّ تنظيمه في أقرب وقت ممكن.
هل ترون أن هذه الانتخابات التي دعت إليها فرنسا يجب أن تتمّ بعد عودة الرئيس المصري المقال محمد مرسي أو من دون عودته ؟
كلّ هذا مجال للنقاش بين القوى السياسيّة المصريّة، لكن المهم بالنسبة لفرنسا العودة إلى المسار السياسي والانتخابات.
أستحضر بعضا من الرومانسية الفرنسيّة لأسألك: هل ذبلت أوراق الربيع العربي ؟
- نحن نستعمل عبارة الربيع العربي وكذلك عبارة الانتقالات العربيّة، وقد عبّر الرئيس أثناء زيارته لتونس عن رؤية ايجابيّة عندما قال إن المسار الانتقالي في تونس يعطي آمالا حتى لا يتحول الربيع إلى خريف. وكما قال « لوران فابيوس» إذا نجح الربيع العربي فسوف ينجح أولا في تونس لأن كل المعطيات متوفرة وموجودة لضمان هذا النجاح، مجتمع مدني متطور ومتحرك ومستوى تربوي عالي ووعي مدني وتجربة سلميّة بالمقارنة مع ما يحدث في بلدان أخرى، باستثناء بعض الظواهر مثل الاغتيال المأسوي لشكري بلعيد. وقد لاحظتم إثناء السيّد هولاند على شكري بلعيد في مداخلته أمام المجلس الوطني التأسيسي ولقائه بأرملته بسمة الخلفاوي ومطالبته السيّد « ديلانوي» بوضع باقة ورد على قبره . لقد كان اغتيال شكري بلعيد صدمة حقيقيّة للجميع ولكن، ولحسن الحظ، لم نشهد في المسار الانتقالي التونسي موجات من العنف الدموي وهو ما يشجّع على الاعتقاد بأن تونس تستطيع أن تسير إلى الأمام لبلوغ أهدافها في المصادقة على دستورها وتنظيم انتخابات جديدة في أجل ليس ببعيد.
اشتغلتم طويلا في المنطقة العربية ممثلا للدبلوماسية الفرنسية ومن منطلق خبرتكم هذه نسألكم عن الكيفية التي تقرؤون بها مستقبل تونس؟
يمكن أن أقول إن فرنسا تنظر بتفاؤل حذر لمستقبل تونس لأن الانتقال هو مسار معقّد وهشّ ولكن لدينا ثقة في الشعب التونسي الذي يتمتع بروح عالية من المسؤولية والحرص على استقرار بلاده والفترة الانتقالية يجب أن تتوج بالمصادقة على الدستور وتنظيم الانتخابات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.