في اطار مشروع التعاون التونسي الاسباني في مجال تنمية التكافؤ بين الجنسين والوقاية من مظاهر العنف ضدّ المرأة، نظم الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري يوم الأربعاء 4 أفريل ورشة عمل وطنية حول الموضوع نفسه وقد حضر اللقاء في قسميه الصباحي (الندوات) والمسائي (الورشات) جمهور غفير يتألف في غالبه من المختصين والمهتمين بالشأن لسيولوجي والتربوي وقد افتتحت الدكتورة نبيهة قدانة المديرة العامة لديوان الاسرة هذه الورشة صحبة الاستاذ «بينيتو ألفارس» ممثل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي وقد أشارت الدكتورة قدانة إلى أن موضوع العنف من النقاط البارزة في أجندة المنظمات الدولية وعلى رأسها الجمعية العامة للأم المتحدة، إذ يمثل العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي أكثر انتهاكات حقوق الانسان انتشارا وقبولا من المجتمع فالدراسات أثبتت أن امرأة من كل خمس نساء في العالم ستكون ضحية للاغتصاب أو لمحاولة الاغتصاب وستتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للضرب أو للإكراه على ممارسة الجنس أو للإيذاء على نحو آخر وفي الغالب على يدي واحد من الأقرباء أو المعارف، والعنف مازال يقتل ويسبب اعاقة عدد من النساء بين سن 15 سنة، إلى 44 سنة وهذا يفوق عدد النساء اللاتي يقتلهنّ السرطان أو حوادث المرور، كما أن تكلفة العنف في البلدان فادحة : تطبيب وتراجع في نسبة التمدرس وانخفاض الإنتاجية الاقتصادية. وللعنف اشكال خفية للإكراه تعيشه المرأة دون أن تعتبره عنفا لأنها تبرره وتدافع عنه وكأن بُنى الهيمنة من المسلمات والثوابت. ثم استعرضت الدكتورة قدانة جهود الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في هذا الاطار مشيرة الى المشاريع المقامة لمكافحة العنف ضد النساء، مستعرضة بعض ملامح علاقات التشبيك بين الديوان وبعض منظمات المجتمع المدني الحكومية وغير الحكومية. وقد أكدت الدكتورة أيضا على أن خدمات الصحة الانجابية تمثل سبيلا استراتيجيا لتشخيص العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي ولتقديم الدعم للنساء من الحمل غير المرغوب فيه والأمراض المنقولة جنسيا وغيرها من المشاكل الصحية. السيد بينيتو ألفارس، أكد في كلمته الترحيبية الافتتاحية على أن علاقة الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي بالديوان الوطني للأسرة والعمران البشري هي علاقة شريكين متقاربين يعملون ويتشاورون في ما بينهم من أجل تحقيق هدف مشترك بتبادل الخبرات والتجارب وهذا هو جوهر الشراكة. وبعد هذه الكلمات التقديمية تولت الباحثة نبيلة حمزة المنسقة الوطنية للمشروع تقديم برنامج تنمية التكافؤ بين الجنسين والوقاية من مظاهر العنف الموجّه ضد المرأة. واستعرضت الخطوات المقطوعة والخطوات المأمولة، ثم تولت السيدة ايران لوبو أخصائية النوع الاجتماعي بالوكالة الإسبانية تقديم التجربة الاسبانية في مجال مقاومة العنف ضد المرأة. وقبل اختتام الحصّة الصباحية، قدمت الدكتورة درّة محفوظ نتائج الدراسة التحليلية للبحوث وبرامج العمل في المجال مستعرضة أهدافها ومقارباتها التحليلية ومقترحات العمل وبعض التعريفات الاصطلاحية لبعض المفاهيم، وفي إطار جردها للمحطات الدولية التي اهتمت بمجال مكافحة العنف ضد المرأة بدأت بنقطة اليقظة سنة 1980 حين تم التطرق للمشكلة في مؤتمر كوبنهاقن مرورا بسنوات التسعينات وسنوات بداية الألفية الثانية ثم أشارت الدكتورة محفوظ الى أن العنف يجعل المرأة تخسر من 3 الى 4 سنوات من سنوات الصحة الجيدة، وأضافت أن المرأة المعنفة تكلف المجموعة مرتين ونصفا أكثر من المرأة العادية، ثم أن الجهود المبذولة من أجل دفع النساء الى الإفصاح عن مشاكلهن والجهود المبذولة في التوعية وفي تطوير القوانين والتنسيق بين الجهات المختصة وفي تشريك الرجال والشباب في التوعية من مخاطر هذه الظاهرة، جهود جيدة ولكنها قليلة. وبعد هذا قدمت الدكتورة محفوظ بعض الأرقام لتنامي ظاهرة العنف وظهور مقاوميه كالسابحين ضد التيار ولكن بلا يأس، 30 من نساء المملكة المتحدة معنفات من قبل شركائهن من الرجال ،52 من نساء الأردن معنفات من قبل محيطهن الاسري و29 في كندا و22 في أمريكا، وهناك مليونا طفلة تنتهك حقوقهنّ في العالم بكل الأشكال. ثم تساءلت عن الكيفية التي سنعرف بها العنف مع تعقد هذه الظاهرة في العالم. فكيف نقيسه ونرصد عوامله وأسبابه المؤثرة خصوصا مع عدم ثباتها، فالشبكة المجتمعية عموما مسؤولة عنه فهناك العنف النفسي المادي، التهديد، الحرمان من الحرية، الانتهاكات الاقتصادية، الحرمان من العلاج، الأكل ... ثم استعرضت في الاخير الأسباب الفاعلة في نشوء هذه الظاهرة وتفاقمها من خلال الدراسات مشيرة الى أن العنف ينمو في الفضاءات الاجتماعية الأقل نماء ويكثر في حالة الصعوبات المالية أو في حالة تفاوت الاجر بين الأزواج وخصوصا عندما يفوق أجر المرأة الرجل ويتحول العنف الى عنف معنوي ولفظي عند تقارب المستوى الثقافي والعلمي بين الشريكين. وقد استخلصت الباحثة أن المجتمع هو الذي يبلور مفهوم العنف لدى الرجل والمرأة لأن الرجل لا يولد عنيفا بل يتربى على ذلك والمرأة لا تولد مستضعفة بل تتربى على ذلك، فالعنف ليس ممارسة فردية بل هو ظاهرة يصنعها المجتمع في اطار سعيه المتواصل للسيطرة على المرأة ... إذن لا مفر من عرض هذه الظاهرة للنقاش العمومي وللدراسات ولحملات التوعية المكثفة. وبعد أن أنهت الدكتورة محفوظ عرضها الثري والشائق فتحت شاهية الجمهور للنقاش الذي شارك بكثافة وخاصة الباحثين والمعنيين بهذه الظاهرة بشكل مباشر، فشارك ممثلو بعض الوزارات والجمعيات ورجال الدين... في الحصّة المسائية من هذا اليوم التحسيسي الدراسي التكويني انطلقت الورشات ودرست الأولى اطر وآليات الشراكة مع منظمات المجتمع المدني ... وقبل الاختتام تم تدارس حاجيات الشركاء من اجل ضمان مزيد النجاعة للتدخلات المقاومة لهذه الظاهرة .