خلافًا لكل دول وشعوب العالم، من الشيشان إلى جنوب أمريكا، مرورًا بجبال طورًا بورا، فإنّ بلادنا تمتلك فيما لا تمتلك رئاسات ثلاثة... ورغم الكثرة، لم تقدر هذه الرئاسات على حلّ أزمة البلاد، لأنّها لا تملك قرارها ولا تتحكم في أزرار السلطة الفعلية.. لذلك قال الشارع كلمته في الجميع. بالأمس رأيت صفّا طويلا من الوزراء في بلاط قرطاج.. وكنت أتصوّر أنّ الحشمة غلبت الجماعة فحملوا أوراقهم لرئيسهم ليمضي عليها ختم الرحيل من أجل إيجاد صيغة وسطى على قاعدة مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل. السيناريو الأقرب إلى الذهن يومها، هو أنّ الحكومة تسقط وهي ساقطة بطبيعتها بحكم استقالة وزرائها بمبادرة شجاعة منهم،، ثمّ بعدها تبدأ المفاوضات الجدية وصراع الإرادات. وطال الانتظار ليخرج علينا المهندس علي العريض يتحدّث عن الانقلاب والانقلابيين والأزلام والثورة المضادة.. وبقاء الحكومة في كراسيها إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها. وصمت الوزراء طبعا.. وصمت المسار الانتقالي.. وصمت رئيس المجلس وحاكم قرطاج. وبالطبع، تحرّكت الشُعب الدستورية بإذن ربّها.. وتحرّكت حافلات النّقل لتعود بالزائرين الذين أنهوا زردة القصبة.. وعاد أشباه الرجال يتطاولون على الرجال.. وأكمل الإرهابيون مهمّاتهم وعادوا إلى قواعدهم سالمين.. في انتظار الأزمة الحكومية القادمة.