المدرسة الابتدائية سيدي احمد زروق: الدور النهائي للانتاج الكتابي لسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي.    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتحاد لا يرنو إلى السلطة ولا تغريه الكراسي لكن عليه الا يلدغ مرتين
الأخ سعيد يوسف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير
نشر في الشعب يوم 24 - 08 - 2013

قليل الكلام، هادئ الطبع، مسكون بحب الاتحاد حدّ النخاع، يرفض الحديث عن البطولات والتضحيات، مثلما يرفض الحديث عن المكاسب والمنجزات، انه رجل عاش في القيادة الجهوية لاكثر من ربع قرن لم ترهبه السجون ولا عنجهية منصور السخيري ومازال يشق طريق نضالاته صلب الاتحاد العام التونسي للشغل وكأنه الامين العام للمنظمة الشغيلة!!
والشيء الوحيد الذي أصرّ على قوله انه يحب المنظمة الشغيلة اكثر من حبه لابنائه، لان مبادئ الاتحاد علمته الا يقفز على جراحات ومدارات الشغالين والمقهورين والمهمشين ولا يساوم في قضايا شعبه ووطنه.
ان عائلته الحقيقية هي عائلته النقابية التي يطل من خلالها على آلام عائلته وشعبه وعلى احلامهم في الآن ذاته.
لقاء سعيد يوسف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل في هذا الحوار يمكن القارئ من معرفة هذا الرجل حينما يجيب على اسئلتنا التالية:
لئن شكلت ولايات الساحل عامة وولاية المنستير خاصة، ثقلا سياسيا هاما على مدار العقود الماضية، فإنها لم تكن كذلك على الصعيد النقابي، فما رأيك؟
هذا ليس صحيحا بالمرّة، فتلازم النضالين السياسي والنقابي في الساحل عامة وفي المنستير خاصة لم ينفصل ولم يفتر ولم ينتف، بل قد يتراجع من عقد إلى آخر نتيجة اسباب موضوعية وبالعودة الى التاريخ، فإن الساحل عامة والمنستير على وجه الخصوص قد عرفت عديد الزعماء النقابيين الذين قدموا زخما سياسا واجتماعيا ووطنيا للحركة التحريرية كما للحركة النقابية.
وان كان المجال هنا لا يتسع لسرد عديد الاسماء والامثلة والمحطات، فإنه عليه التذكير، ههنا، بالتضحيات الجسام التي قدمها النقابيون في ولاية المنستير اثناء ازمة 1978 حيث طالت العديد منهم احكام قاسية فاقت في غالب الاحيان العشرة سنوات.
وبتواضع النقابيين وبموضوعية المناضلين أقول إن نقابيي المنستير قد ضحوا بالغالي والنفيس من أجل منظمتهم ومن أجل وطنهم، غير ان ولاية المنستير يمكن الا نقارنها ببعض الجهات الاخرى التي لها تاريخ ضارب في القدم وتقاليد كبيرة في الكفاح الوطني والنضال النقابي.
ومهما يكن من أمر، فإن التاريخ وحده قادر على انصاف هذه الجهة ومناضليها.
تمركز اهداف السياسات التنموية المتعاقبة حول ولاية المنستير، كان من المفروض ان يحوّلها الى قاطرة اقتصادية وقوّة اجتماعية هائلة، غير ان هذه السياسات لم تخلق غير قطاعين قابلين للتأثر الشديد وهما السياحة والنسيج، فما انعكاس ذلك على العمل النقابي؟
ان الشطر الأوّل من سؤالك فيه نوع من المبالغة، هذه المبالغة تعود ربما إلى وزن القيادات السياسية التي خرجت من ولاية المنستير وتولت الحكم، لكن الحقيقة، ان التنمية بولاية المنستير قد بدأت مع قطاع النسيج الذي عرف محيطا جغرافيا مساعدا بحكم المواني والسواحل، ثم تلته المشاريع السياحية غير ان هذين القطاعين قد اتصفا بالهشاشة وبشدة المنافسة الخارجية كما تأثر بالعوامل الداخلية والخارجية، وهو ما أفرز هشاشة في سوق الشغل ومشاكل شغلية ارهقت العمل النقابي واستنزفته.
وشخصيا، كنت أتمنى لو تم بعث مشاريع صناعية كبيرة وثقيلة تساهم في تنمية الجهة وتقوية النسيج الاجتماعي وبالتالي، فإن العمل النقابي وسط هذا المحيط الاقتصادي سيكون اكثر فاعلية واكثر اشعاعا على غرار ماهو موجود مثلا بولاية صفاقس.
وبالمحصلة، فإنّ العمل النقابي بما انه هو عمل اجتماعي يتأثر بنوعية النشاط الاقتصادي الموجود بكل جهة، وعليك الوقوف اليوم على الحقائق المرّة التالية:
بعد ان كانت شركة سوماتاكس للنسيج تشغل حوالي 700 عامل، اغلقت ابوابها وكذلك الشأن بالنسبة الى شركة تيس موك للنسيج التي كانت تشغل اكثر من 500 عامل وكذلك مصنع صقانس اثاث الذي كان يشغل اكثر من 600 عامل، ونفس الشيء حصل هذه الايام مع مصنع ماراطون للنسيج بجمّال الذي كان يشغل اكثر من 800 عامل.
كما عرفت سلسلة G.B.G بقصر هلال التي كانت تشغل اكثر من 4 آلاف عامل مصيرًا مجهولاً.
اما مصنع آجر جمّال الذي كان يشغل اكثر من 500 عامل، فقد أقفل ابوابه وذلك دون نسيان عمليات التسريح والغلق الاخرى.
تنفرد ولاية المنستير بارتفاع نسبة التمدرس وبارتفاع نسبة التسيس، فماهو انعكاس هذه المميزات على الحراك السياسي والاجتماعي في هذه الولاية وفي هذه المرحلة بالذات؟
بالفعل، فإن غالبية سكان المنستير متعلمة ومتسيسة وقد يكون ذلك لاسباب تاريخية ايضا ولذلك الاستعداد الكبير للاولياء للتضحية من أجل تعليم ابنائهم.
فالتعليم شيء مقدس للفقير كما للغني، كما ان التسيس بما هو اهتمام بالشأن العام كانت درجاته مرتفعة مقارنة بالعديد من الولايات الاخرى، فالسياسة بالضرورة تتطلب تعليما ومعرفة وذلك زيادة على الرصيد التاريخي لنضالات أجيال من الساسة والزعماء الذين انجبتهم هذه الولاية والذين قدموا تضحيات واجتهادات خدمة لبلدهم سواء اثناء معركة التحرير الوطني او اثناء بناء الدولة الوطنية.
وبالمحصلة، فإن الامر الذي تفخر به هذه الولاية هو رهانها العام على التعليم واستعدادها المتواصل لخدمة الشأن العام على الصعيد السياسي او على صعيد المجتمع المدني.
مادمنا نتحدث عن المرحلة الرّاهنة، بماذا تفسر عودة الاتحاد الجهوي الى رقم كبير وصعب في ولاية المنستير حاليا؟
الكل يذكر، كيف كان العمل النقابي مجرّما خاصة في مرحلة السبعينات، لكن اصرار المناضلين وتضحياتهم من أجل تحرير العمل النقابي وفرضه في الجهة خاصة مع انعقاد مؤتمر 1984 حيث ازداد الزخم وتدعم الفعل النقابي بالرغم ممّا قامت به السلطة من اعتداءات وضرب لهذا العمل حيث انطلقت عملية الاعتداء على المنظمة الشغيلة من المنستير.
ودون الخوض في التفاصيل، فقد عرفنا العمل السرّي مثلما عرفنا المضايقات والمحاكمات والمصادرات ومع ذلك يمكن القول، ان المكان الطبيعي للاتحاد الجهوي هو بين العاملات والعمال وداخل عموم شرائح شعبنا وذلك تأكيدا لمبادئ المنظمة الشغيلة وتكريسا لاهدافها وترجمة للمقولة الخالدة لحشاد «أحبّك يا شعب».
فعودة التوهج للاتحاد الجهوي صلب المنظومة السياسية ونسيج المجتمع المدني، وان كانت تقف وراءه معطيات موضوعية فان ما يحرّكه هي تلك الارادة الكبيرة للنقابيين وما يتمتعون به من مصداقية لدى العمال بالفكر والساعد كما لدى الرأي العام الجهوي ومن ورائه التنظيمات السياسية والاجتماعية المدنية.
وعلينا التذكير ان انعقاد مؤتمرنا سنة 1984 لم يتجاوز 5000 منخرط فضلا عن أنه لم يكن بامكاننا الحصول على مقرات.
أمّا اليوم فقد بلغ عدد المنخرطين 26 الف وذلك بالرغم من غلق المؤسسات وتسريح العمال وما تعيشه الجهة من ازمات اقتصادية خانقة مثلما اسلفنا الذكر في هذا المجال تحديدًا.
سعيد يوسف نقابي بامتياز وسياسي بلا ضجيج، كيف يقرأ حالة الاحتقان على الصعيد الوطني، وهل يستشرف بدائل للازمة الخانقة التي تمر بها بلادنا؟
لقد بدأت العمل النقابي وسني لم يتجاوز العشرين سنة في قطاع المعادن بساحة محمد علي وكنت مشاكسا للأخ الحرباوي الكاتب العام للقطاع انذاك. وقد نشأت وترعرت على حب الاتحاد وتكونت وتعلمت الكثير منه ويمكن القول ان حبي للاتحاد يفوق حبي لذاتي ولعائلتي، وانا مهما قدمت له من تضحيات، فإني لن أفي له بما يستحق.
أما الجانب السياسي، فإني سياسي مستقل وغير متحزب، فالنقابي هو بالضرورة سياسي لان الاهتمام بالشأن العام هو فعل سياسي.
وأرى ان تجاوز المرحلة الراهنة يقتضي تنازلات من هذا الطرف وذاك، لان الثورة صنعها المهمشون والعاطلون والعمال المفقرون.
وعلى الاطراف السياسية التي اوصلتها دماء وأرواح وتضحيات العاطلين والعمال التنازل من أجل مصلحة الوطن ومن اجل عزة هذا الشعب الذي ضاق ذرعا بالتجاذبات السياسية وبغلاء المعيشة وبتفشي ظواهر العنف والارهاب.
ففاتورة النضال التي وصلت الى سبعة أشهر و20 يوما سجنا وثلاث سنوات بطالة، لم تكن بالغة التأثير لأنها محاكمات باطلة وظالمة. كم كنت أود ان احاكم من أجل حرية العمل النقابي غير ان السلط في ذلك الوقت كانت توجه للمناضلين تهما اخرى وتعرضهم على محاكمات زائفة وقاهرة.
لكن بالمحصلة قد تذوب كيانات سياسية وقد تنهار حكومات لكن المبادئ السامية والمناضلين الاشاوس يظلون كالنسور فوق القمة الشماء فخورون بتضحياتهم ومعتزون بانتمائهم إلى العمل النقابي وإلى هذه المنظمة العتيدة التي ولد من رحمها رجال ونساء ابطال خدموا الشغالين وعموم الشعب مثلما ضحوا من أجل وطنهم دون ان تكون لهم مطامع ولا غايات شخصية.
توزعت الرقعة السياسية حاليا على أربعة أقطاب كبرى: نداء تونس، الاحزاب الدستورية النهضة والجبهة الشعبية، فأي قطب تراه أقرب إلى صورة التونسي وأحلامه وهو الاقدر على قيادة البلاد خلال المرحلة القادمة؟
دون مجاملة ودون مجانبة للحقيقة ودون مغالاة اعلامية في الصحافة المكتوبة او في الصحافة المرئية، فإنه لا احد اليوم يملك العصا السحرية لحلحلة الازمة المعقدة والخطيرة لبلادنا، غير ان مبدأ الوفاق وتغليب المصلحة الوطنية وتكريس التعددية العقلية هي المداخل الرئيسية لملامسة الحلول الأولية للمشاكل المتراكمة من هنا التقي بالضرورة مع ما يطرحه الاتحاد العام التونسي للشغل من مبادرة علي كل الاطراف السياسية للخروج من عنق الزجاجة.
صحيح ان الاتحاد لا يرنو إلى الوصول إلى السلطة ولا تغريه المناصب السياسية ولكن المسافة التي تفصله عن الاحزاب تحدّدها برامج هذه الاحزاب ومدى احترامها للحق النقابي وايمانها بالعدالة الاجتماعية وبالتنمية العادلة وبالديمقراطية الحقيقية وبالمساواة الفعلية بين المواطنين، وبين الجهات.
هل ترى انه مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي القادم، ستجد الاحزاب الدينية نفسها في مواجهة وحدة صمّاء من الليبراليين واليساريين والقوميين والدستوريين؟
انها ليست مواجهة دموية او تصفوية، وانما هي مواجهة من أجل المنافسة الديمقراطية، وبطبيعة الحال، فإن الصراع اليوم الذي يدور داخل الساحة السياسية، هو صراع انتخابي بامتياز يقوم علي التحالفات وبناء الجهات. علينا ان نوفر مناخات سليمة وشروط اجراء انتخابات ديمقراطية وشفافة من أجل التداول السلمي على السطة من أجل تحقيق اهداف الثورة وتحقيق التنمية والتقدم.
رغم مبادراته الوطنية العديدة ورغم سعيه الدؤوب لحلحلة الازمات والمشاكل المتراكمة، ألا تعتقد معي ان الاتحاد العام التونسي للشغل هو اكبر المرهقين من الهم الجماعي المشترك واكبر الخاسرين من الحكومات المتعاقبة؟
بالفعل، انه اكبر المتضررين واكثر الاطراف التي تقدم التضحيات وهي في حقيقة الامر معادلة دأب عليها الاتحاد منذ حركة التحرير الوطني وصولا الى ثورة 14 جانفي 2011 حيث أطّر الحراك الاجتماعي وفتح مقراته. لكن استمرار الازمة السياسية والاقتصادية سيرهق الاتحاد بما سيفرزه من تراكم لاعداد العاطلين والمسرحين والذين سيتوافدون على الاتحاد وليس على مقرات الاحزاب.
وعلينا ايضا ان نقر ايضا بالتضحيات والصعوبات التي تواجه شركاءنا في اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
هذان الطرفان هما اللذان سيدفعان اكبر الفواتير وسيواجهان اصعب الظروف.
امام تعنت حركة النهضة من ناحية وتمسك جبهة الانقاذ بمواقفها من ناحية ثانية، كيف تتعاطى الهيئة الادارية الوطية القادمة مع هذه التجاذبات؟
لهذه الاسباب ولغيرها، يتمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بالحوار الجاد بين كل الفرقاء ويدعوهم الى التنازل خدمة لمصلحة البلاد والشعب الذي ارهقته الازمات السياسية والاقتصادية وموجات العنف والارهاب وبالتالي الحرص على تفادي ما قد يؤول اليه الوضع من خطورة وتعقيد.
اننا لا نملك الحل المطلق ولكننا ندفع كل الاطراف لايجاد حل جماعي مشترك يخرجنا من هذه المرحلة الدقيقة.
 منذ زهاء العقدين لم تسجل المنستير حضورها في قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، فلماذا يعود ذلك حسب رأيك؟
(يضحك)، ثم يقول انها أحكام الصندوق، ولكن مهما يكن من أمر، فإن مصلحة الاتحاد تبقى فوق مصلحة الجهات والقطاعات والشخصيات والاسماء. المهم ان نحافظ على قوة المنظمة وتماسك هياكلها خدمة للشغيلة، وشخصيا قد تم اقتراحي في مؤتمر جربة لكن رفضت، لأنني أؤمن ان المناضل يمكن ان يقدم اكثر الى المنظمة حسب موقعه وحسب قناعاته. وهي لعمري الشخصية الحقيقية لسعيد يوسف الذي لم يتخل عن الصفوف الامامية ايام الجمر وايام النضال المرّ ولم يتخل عن قضية عادلة ولم يساوم بمأساة مناضل.
أنا مستمر في نضالي من هذا الموقع الذي شرفني به النقابيون من خلال تجديد ثقتهم في شخصي خلال المؤتمر الاخير.
منذ 17 ديسمبر 2010، غلب على أداء الاتحاد الدور الوطني على حساب الدور الاجتماعي، فما هي ابرز الموضوعات الحارقة التي يجب ان تطرح على مداولات المجلس الوطني القادم؟
هي طبيعة المرحلة التي فرضت اهتماما اكثر بجانب على حساب الآخر، فضلا عن مبادئ الاتحاد العام التونسي للشغل ونضالات آلاف مناضليه الذين يقدمون الملف الوطني على الملف الاجتماعي والذي يشهد بدوره حراكا جهويا كبيرا عبر الاضرابات والحركات الاحتجاجية القانونية.
وقد يكون هذا الموضوع أول نقاط جدول اعمال المجلس الوطني يليه موضوع اعادة الهيكلة بكل جزئياته.
ألا ترى معي ان عدم مشاركة الاتحاد في الحكم وفي المؤسسات الانتخابية والمؤسسات الاستشارية، هي خسارة كبرى للطبقة الشغيلة، كما هي خسارة فادحة لعموم الشعب والبلاد؟
حقيقة لم أكن ارغب ولم أكن أتمنى ان يضطلع اي نقابي بمسؤولية سياسية في هذه المرحلة رغم ما يتعرض له الحق النقابي من اعتداء ومن تجاهل على صعيد صياغة الدستور.
وتبقى هذه القضية محل جدل بين النقابيين وبين شرائح واسعة من الرأي العام السياسي والمدني الذين يثقون في الاتحاد العام التونسي للشغل ويؤمنون بما لديه من كفاءات عالية.
منذ الزعيم النقابي والسياسي أحمد بن صالح، فرت الامانة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل من زعامة المنستير، ألا ترى معي ان وصول القيادة الى القيروان هو في الآن نفسه اقتراب من المنستير؟
لا تنس انه بعد أحمد بن صالح تولى الاخ الطيب البكوش الامانة العامة وان كنت لا أميز بين الانتماء الجهوي للأمناء العامين للاتحاد، فإني أقر بأهمية التوافق وبشفافية صندوق الاقتراع.
ان هذه الثنائية هي مصدر قوة الاتحاد وتماسكه، وحسين العباسي هو ابن تونس قبل ان يكون ابن القيروان وبالمحصلة فأنا اعتبره من الساحل لأن القيروان كانت تاريخيا مدينة ساحلية وتتبع الساحل (قال ذلك بفذلكة).
يشكل الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير وزنا كبيرا داخل المنظمة الشغيلة ألا ترى ان هدوء طباعك ورفعة اخلاقك يمثلان عائقا امام درجة توهج الجهة نقابيا ودرجة تأثيرها في القرار النقابي؟
ان العيب الوحيد الذي لم اتجاوزه هو عدم التجائي الى الفزاعات واحراج القيادة يوميا، فأنا لست بكاء ولا شكاء، أنا اعتمد على نفسي وعلى خبرتي الطويلة في حلحلة المشاكل ربما اتصرف وكأنني أمين عام في جهتي وعلى تحمل كامل مسؤولياتي دون خرق القانون ودوس المبادئ أو اتصرف كأخ أكبر في عائلة كبرى داخل المنستير حتى ان اخطأت أو قصرت دون قصد.
مع عودة أغلب الكتّاب العامين لقيادة جهاتهم خلال المرحلة القادمة، من خلال مؤتمرات ديمقراطية، كيف ترى دور عامل الخبرة في تعزيز دور الطموح المقرون بغالبية اعضاء المكتب التنفيذي من الشبان؟
أولا، لقد تم تجديد المكتب التنفيذي الجهوي بأكثر من 60٪ وثانيا، فإننا بقدر ما نؤمن بالتشبيب، فإننا نبقى في حاجة الى عامل الخبرة خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد وفي ظل التحديات المطروحة على الاتحاد.
فقيادة الاتحاد في حاجة الى خبرة الكتاب العامين للجهات وللقطاع مثلما هي في حاجة الى الطاقات الشابة، وهو لعمري من اسرار قوة المنظمة الشغيلة ومن استمراريتها.
كيف لمنظمة عتيدة، ديمقراطية ومفعمة
بالقيم الانسانية السامية من عدالة اجتماعية وحقوق انسان ومساواة فعلية بين المرأة والرجل ان نقصي نصفها الفاعل من هياكلها القيادية والجهوية والقطاعية؟
انه مشكل حقيقي لا يمكن غض النظر عنه خاصة امام ما نؤمن به من مبادئ تتعلق بالمساواة وحقوق الانسان وخاصة تضحياتنا الكبرى من اجل المرأة.
ان الصندوق وحده لا يكفي لانصاف المرأة النقابية والمناضلة، بل لابد من دعائم اخرى، وانا انظر الى المستقبل بتفاؤل خاصة امام نجاح بعض الاخوات في الوصول الى المكتب التنفيذي الجهوي وفي العديد من القطاعات وعلى المجلس الوطني القادم ان يعالج هذه المشكلة خاصة وان عدد المناضلات يصل الى نصف عدد المنخرطين في المنظمة الشغيلة.
لان من ينظر الى تمثيلية المرأة في الهياكل النقابية يتخيل له ان الاتحاد معادٍ للمرأة وغير مؤمن بالمساواة وغير مقدر لنضالاتها وكفاءاتها لكن الواقع عكس ذلك تماما.
بعد اكثر من 30 سنة من العطاء والتضحية بماذا استفدت من العمل النقابي وماذا أضاف إليك وإلى عائلتك؟
فضائل الاتحاد العام التونسي للشغل ومزاياه الرمزية لا تحصى ولا تُعد، لقد مكنني الاتحاد من أغلى الاشياء وأثمنها وهي محبة الناس ومحبة شرائح واسعة من ابناء بلدي ومن ابناء شعبي، لقد مكنني الاتحاد من ان اساهم في الدفاع عن المظلومين والمقهورين وعن المبادئ الكونية السامية من مواقع متقدمة.
صحيح لقد حرمت عائلتي وابنائي من الألفة العائلية ومن العلاقات الابوية القوية غير ان مبادئ الاتحاد تجعلك لا تفضل قضايا شعبك وهمومه وآلامه وجراحاته عن قضايا وهموم وآلام وجراحات عائلتك.
الاتحاد يجعلك تشعر ان العمال والنقابيين هم عائلتك الموسعة، نعم لقد ظلمت عائلتي، لكنّ ابنائي وفقهم ا& في مسيرتهم الحياتية وحققوا النجاحات التي يأملها كل أب وكل نقابي من ابنائه، ولكن التمس منهم المعذرة فإني على يقين بأنهم فخورون بنضالات والدهم وتضحياته من اجل الوطن والشعب، واعتقد ان المبادئ تورث الاجيال القادمة مثلما تورث الممتلكات فإبني اليوم يقطع طريقه في النضال النقابي دون وصاية ودون دعم من اي كان.
انه على خطى والده الذي احب الاتحاد كما لم يحبه أحد ولم يدخر حبة عرق من أجله ولم يتوان لحظة واحدة في الدفاع عن مبادئه.
وكل ما اتمناه ان ينقذ ا& هذا الوطن وان يتولى النقابيون واتحادهم العظيم المهمة الجسيمة في ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.