مع انطلاق السنة الجامعية الجديدة تسارعت الأحداث وتعقّدت الأوضاع وأصبحت الأطراف المكوّنة للمنظومة التربوية في التعليم العالي والبحث العلمي تواجه مشكلات جمّة. ومن بين هذه الأطراف الأساسية التي يقوم على دورها الحرم الجامعي ليلا نهارًا هم عملة التعليم العالي والبحث العلمي الذين يقدمون جليل الخدمات ان للأستاذة أو للادارة أو للطلبة في تسجيلهم ودراستهم وفي طعامهم أو في مبيتهم. ورغم أنّ نقابتهم العامة حرصت كلّ الحرص على تسوية العديد من مشكلاتهم إلاّ أنّ بعضهم وخاصّة في جهة القيروان باتوا عرضة للتهم الكيدية يقفون أسبوعًا بعد آخر أمام القضاء وذلك جرّاء سوء ادارة مدير المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية الذي أكّد في أكثر من مناسبة أنّه لا يلتزم حتى بمقرّرات وزير التعليم العالي والبحث العلمي ويضرب عرض الحائط بالتراتيب الادارية وكأنّ العمق السياسي والارتباط العضوي بقوى فاعلة قد تساعدانه على المُضي قُدما في سياسة انتهاك حرمة الجامعيين. حول هذا الملف وغيره من الملفات انعقدت الهيئة الادارية لعملة التعليم العالي والبحث العلمي لتخرج بالقرارات التالية التي يكشف عنها الأخ محمّد ثابت الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي في منبر «الحوار النقابي» لهذا الأسبوع. كيف تشخّص حال التعليم العالي حاليا؟ سأتحدّث من الناحية المنهجية حول حال عملة التعليم العالي والذي لا يختلف عن حال بقيّة القطاعات التي شهدت تدهورًا واضحًا بعد الثّورة. فحالة الاضطراب التي نعيشها قد زادت تعكّرًا بتصرّف بعض المسؤولين على المؤسسات حيث يعمد البعض إلى تجريم العمل النقابي وإحالة النقابيين على القضاء على غرار ما وقع في المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بالقيروان، فعلى اثر تحرّك نقابي شرعي رفض السيد محمّد قمر التعامل مع الطرف النقابي رغم تدخل الجهات الرسمية ليجد نفسه يوقع على اتفاقيات سرعان ما تراجع عنها. وقد أحال 11 نقابيا على القضاء وقد صدرت ضدّهم أحكام قضائية غيابيا وصلت إلى ستة أشهر. وبعد الاستئناف تمّت تبرئة 8 أعضاء في حين تمّ الحكم بشهر على بقيّة الأعضاء. وإضافة إلى ذلك قام نفس المدير باحالة 3 أعوان على القضاء بعد أن تولّى تركيز كاميرات مراقبة التي أزاحها الطلبة وسلّموها إلى الكاتب العام. كما وجّه تُهمًا إلى 19 عاملا ستقع احالتهم على القضاء يوم 21 أكتوبر على أساس أنّهم عطّلوا سير العمل. ورغم تدخلنا لدى سلط الاشراف فقد رفض التوقيع على الاتفاقيات رغم حرص السيد رئيس ديوان وزير التعليم العالي. وكيف ترى وضع السنة الجامعية الجديدة؟ نحن جزء مهم في توفير الظروف الملائمة لعودة أبنائنا الطلبة سواء إلى مدارج العلم والمعرفة أو إلى السكن الجامعي الذي يوفّر طاقة استيعاب بنحو 60 ألف طالب مثلما نوفّر حوالي 16 مليون وجبة سنويا. وذلك رغم قلّة الأعوان وقلّة التجهيزات. وبتعلّة العفو التشريعي العام تمّ انتداب العشرات بدون اختصاص رغم أنّ عديد المؤسسات تشهد شعورات في اختصاصات محدّدة مثل المطعم الجامعي ببرج السدرية الذي تمّ فتحه هذه السنة بتجهيزات جديدة لكنّه ظلّ إلى حدّ الآن بدون اخصائيين في الطبخ. وما الذي يرفعه القطاع اليوم من مطالب تراها شرعية؟ أوّل مطلب شرعي وقانوني لا غبار عليه، هو تطبيق الاتفاقيات حتى نعطي للحوار ولنتائجه المصداقية اللازمة. فاتفاقية منحة الخطر ومنحة المسؤولية ومنحة الترفيع في معلوم الساعات الليلية كلّها ظلّت حبرًا على ورق. ونحن نحرص اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن نكون شركاء فاعلين مع بقيّة الأطراف الممثّلة في الطلبة والأساتذة لتحديد التوجه القادم وتوفير كلّ سبل النجاح للمؤسسة التربوية. فعلى مستوى تسيير مؤسسات التعليم العالي، نطالب بتشريك الأعوان والعملة في انتخاب عميد أو رئيس الجامعة نظرًا للعلاقة العضوية التي تجمعنا على مستوى الأداء والتسيير. ومن جانبا حرصنا على تشريكنا في اختيار مدراء المبيتات والمطاعم الجامعية حتى نعطي للمسؤولية مكانتها وندعّم مبدأ الاختيار للأكثر جدارة وكفاءة. توفّق القطاع في تحقيق العديد من المكاسب، غير أنّ التنفيذ ظلّ معطّلا، كيف السبيل مستقبلاً لدفع الوزارة الأولى ووزارة المالية لتحقيق هذه الاتفاقيات؟ أوّلا لابدّ من الاشارة الى أنّ النقابة العامة قد توفقت في ترسيم كافة المتعاقدين والوقتيين، كما تكوّنت لجنة مشتركة بين النقابة العامة ووزارة التعليم العالي مهمّتها إعادة النظر في ملفات المطرودين بشكل تعسفي، وكذلك تشريك ممثلي النقابة في الترسيم وفي مناظرات الانتدابات والامتحانات المهنية وتشريك أيضا النقابة العامة في تعيين مدراء المطاعم والمبيتات الجامعية وتعميم مادة الحليب على كافة أبناء القطاع ودون استثناء، والاتفاق على منحة المسؤولية ومنحة السماعة على موزّعي الهواتف ومنحة الخطر والترفيع في منحة الساعات الليلية. وتوفقت النقابة في تحقيق مكسب لا يقلّ أهميّة عن بقيّة المكاسب المذكورة ويتعلّق أساسا بتوفير السكن لرؤساء المطاعم وكذلك إعفاء أبناء القطاع من معاليم التسجيل الجامعي وتمتيع أبناء العملة من السكن الجامعي طيلة السنوات الجامعية. وتمّت أيضا تسوية وضعيات العاملين وفق الآلية والبالغ عددهم 220 حالة وتمّ الترفيع في منحة التنقل اليومي. إن كان هذا الاتفاق، قد حقّق مكاسب جمّة لأهل القطاع فبماذا تفسّر قرار الهيئة الادارية بالدخول في اضراب يومي 29 و30 أكتوبر الجاري؟ إنّ هذا القرار يرتبط عضويا بقرار المجلس القطاعي السابق فضلا عن كونه لا يعدّ هدفًا في حدّ ذاته، بل لحلحلة الاتفاقيات المبرمة منذ 2011 والتي لم تجد طريقها إلى التنفيذ. ورغم أنّ وزارة التعليم العالي قد أعربت عن استعدادها لصرف الميزانيّة غير أنّ الأمر معطّل على صعيد تنزيله بالرّائد الرسمي. ما لاحظته هو غياب العنصر النسائي في الهيئة الادارية فما مردّ ذلك؟ إنّ تمثيليّة المرأة في قطاعنا تصل إلى نسبة عالية على صعيد النقابات الأساسية، ونحن نحرص كلّ الحرص على تعزيز تواجد زميلاتنا في الهياكل العليا للقطاع. ولعلّ وجود احدى الأخوات بجهة القيروان تحت طائلة الأحكام القضائية من أجل العمل النقابي والدفاع عن منظوري القطاع بالجهة لأكبر دليل على دور زميلاتنا في العمل النقابي. على ذكر القيروان، كيف ستتعاطون مع القضايا المرفوعة ضدّ زملائكم؟ رغم ايماننا باستقلالية القضاء لكن لاحظنا في جهة القيروان ان تواتر القضايا ضدّ زملائنا مصدره واحد وهو مدير المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية. مع العلم أنّ المخوّل الوحيد للتقاضي في حق الدولة هو قسم النزاعات بوزارة التعليم العالي. ونحن نأمل أن ينصف القضاء زملاءنا وأن يتحمّل السيد وزير التعليم العالي كامل مسؤولياته مع السيد محمّد قمر، والذي ضرب عرض الحائط حتى بالقرارات والتوصيات والاتفاقيات التي وقعت عليها سلطة الاشراف مع الطرف النقابي.