احتضن أحد نزل العاصمة يوم 25 ماي 2007 فعاليات الندوة الوطنية ثلاثية الاطراف حول المسؤولية المجتمعية للمؤسسة يرئاسة السيد محمد الناصر وبمشاركة الأخ محمد السحيمي الأمين العام المساعد المسؤول عن الدراسات والتوثيق والسيد سامي السليني المدير المركزي للشؤؤن الاجتماعية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والسيد نورالدين بن فرحات مكلف بمهمة لدى وزير الصناعة والطاقة والسيد كمال عمران المدير العام للتفقدية العامة للشغل والدكتور منجي طرشونة العميد السابق لكلية الحقوق بسوسة الذي قدم محاضرة حول الحوار الاجتماعي «حدوده وآفاقه» أشغال الندوة، افتتحها السيد محمد الناصر بتسليط الاضواء على الاطار العام العالمي لهذا الضرب من النشاط الهادف الى دعم التصرف المسؤول والحوار الاجتماعي داخل المؤسسات مبرزا ان هذا المحور أصبح صلب السياسة الاجتماعية لدعم الوفاق والسلم الاجتماعية على اعتبار انه أداة لتطوير ظروف العمل وتنقية مناخاته الاجتماعية. واضاف السيد محمد الناصر ان اشغال هذه الندوة الثالثة التي تحتضنها تونس بعد المنستير وقفصة تدور في اطار غير رسمي يساعد على تفاعل كل الاطراف بعيدا عن ضغط التفاوض والنزاعات الشغلية وغيرها وهو ما من شأنه تقليص المسافات وتجاوز العقوبات ورسم أفق ارحب للعمال والمؤسسة وارباب العمل. ومن جانبه أعرب السيد كمال عمران عن مساندة تونس لهذه المبادرة العالمية التي تقدم بها الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر دافوس سنة 1999، موضحا في السياق ذاته ان تونس قد شرعت في تنفيذ هذا البرنامج منذ سنة 2004 على مستوى المؤسسات التونسية والمؤسسات الايطالية المنتصبة بتونس على حد السواء تحت اشراف منظمة العمل الدولية. ومن جانب آخر استعرض السيد كمال عمران جملة الاتفاقيات الدولية ومعايير العمل الدولية التي صادقت عليها تونس واحترمت تطبيقاتها على غرار الاتفاقية الدولية عدد 135 . واعتبر السيد كمال عمران ان الحوار في السياسة الوطنية يشكل مدخلا رئيسيا للتنمية والسلم الاجتماعية بعد أن أولت مكانة مرموقة للمنظمات واعتبرتها شريكا من خلال اسهاماتها في مناقشة العديد من الملفات الوطنية والاستراتيجية الكبرى. أما السيد نورالدين بن فرحات المكلف بمهمة لدى وزير الصناعة والطاقة، فقد أبرز ان البرنامج قد جرى العمل به منذ 2005. وأضاف ان هذا البرنامج وان كان ذا طابع دولي، فإن الوزارة على معرفة دقيقة ومباشرة حول واقع الحوار الاجتماعي داخل 60 مؤسسة تحت اشرافها وبيّن السيد نورالدين بن فرحات أهمية الزيارة الى ايطاليا وما وفّرته من اطلاع واسع على الخطوات المقطوعة في هذا البرنامج بما سيساعد حسب رأيه في توفير العناصر الضامنة لمزيد الارتقاء به في تونس بعد تحديد العوائق والمشاغل. واستهل الأخ محمد السحيمي الأمين العام المساعد المسؤول عن الدراسات والتوثيق كلمته بالتأكيد على رسالة الاتحاد العام التونسي للشغل المبنية على الرهان على التكامل بدل الصراع، مبرزا ان الحوار الاجتماعي والمفاوضة الاجتماعية وطريقة التصرف في الخلاف هو في حسن ادارته. ولئن نوّه الأخ محمد السحيمي بما تم قطعه الى حدّ الآن من أشواط على درب الحوار الاجتماعي فإنه قد توقف عندما تشكو منه الوظيفة العمومية من اخلالات في حرية العمل النقابي اضافة الى هشاشة المفاوضة في القطاع الخاص رغم ما تحمله من بذور قابلة للتحسين وأكد الأخ محمد السحيمي في وجه آخر من خصائص الحوار الوطني على ما يتميز به هذا العنصر من خصائص في القطاع العام. وتساءل الأخ محمد السحيمي عن امكانية عناصر هذا الميثاق حيث نقدر على تحويل نقاط الضعف الى قوة وكيف نحوّل تنافسية المؤسسة والعمل اللائق الى عنصرين منسجمين، وكيف ننمي الديمقراطية دون مضامين اجتماعية؟ وكأن الأخ محمد السحيمي بهذه الاشكاليات الحارقة يريد دعوة الدولة الى النزول بثقلها للحدّ من الانعكاسات السلبية للعولمة. واعتبر السيد سامي السليني المدير المركزي للشؤون الاجتماعية باتحاد الصناعة والتجارة الندوة تترجم قناعة كل الاطراف بضرورات تطوير المؤسسة وارتقاء بالحوار الاجتماعي باعتبارها عنصرا مساعدا على ضمان ديمومة الشغل والعمل اللائق وتحسين المردودية التي تعتبر بدورها عماد التنمية. واضاف السيد سامي السليني ان التكوين والتأطير وتطوير التكنولوجيا والخيرات والنفاذ الى الاسواق الداخلية والخارجية كلها مقومات تؤمن التقدم في التنمية بمفهومها الشامل. وانتهى السيد سامي السليني الى التأكيد على ان تطوير الحوار الاجتماعي مرتبط أشد الارتباط بروح المسؤولية والرغبة الجماعية في تفادي الصدام والمغالاة. ذلك ان الشركاء لهم بالغ الاثر في دفع مزيد تفعيل هياكل الحوار داخل المؤسسة. وفي اطار الاشكالية التي حددها نظريا وقانونيا حاول الاستاذ منجي طرشونة تفكيكها الى جملة من العناصر والاشكاليات الفرعية حيث شرع في النفاذ الى محددات اساسية مساعدة على تطويع الغموض والتدرج به نحو الفهم السليم فتناول الفرق بين الميكرو حوار والماكرو حوار وكذلك الحوار ثلاثي الاطراف حيث يتعلق الاول بالمؤسسة والثاني بالمحلي الوطني وحتي الدولي. واعتبر الدكتور منجي طرشونة ان قيمة الحوار تعد وسيلة مثلى لفض النزاع وتجاوز الخلاف داخل المؤسسة. ثم تناول التحديات المتعلقة بالحوار الاجتماعي في سياقات الفعل المعولم للاقتصاد في علاقة برهانات التطور داخل المؤسسة والتنمية داخل الوطن مضيفا ان الحوار يبقى في كل السياقات عنصرا هاما للاستقرار والديمقراطية الاجتماعية، بل لعله أبرز نفس ضروري للديمقراطية بشكل عام. ثم تعرض المحاضر الى المستويات الثلاثة للتمثيل الاجتماعي والنقابي على الصعيد العالمي متوقفا عند خصوصيات كل نموذج وركز المحاضر مداخلته العلمية على قانون الشغل ولا سيما على مستوى ما يتيحه أو ما يشرعه أو ينظمه من حوار اجتماعي داخل الهياكل. بعد هذه المداخلات تم فتح باب النقاش امام النقابيين والصناعيين ومتفقدي الشغل حيث تم تأثيث مناخ هام سيساعد مستقبلا على تجاوز المعوقات المنتصبة أمام مرحلة التفاوض في حلقتها القادمة.