بدأنا نتطلع كأولياء ومنذ أوّل هذا الشهر الى نتائج أبنائنا في مختلف الامتحانات. وإننا إذ نأمل جميعا ان ينجح الجميع في نيل الشهادات الوطنية وتحقيق الإرتقاءات اللازمة لمواصلة الدراسة، فإننا نغتنم المناسبة لمحاسبة انفسنا كأولياء عمّا قدمناه لأبنائنا. وقد يتبادر لاذهان الكثيرين ان المقصود بما قدمناه هو الدعم المادي بما فيه من شراء مستلزمات ومعاليم نقل ومصروف جيب ودروس خصوصية. وعلى أهمية الدعم المادي، فليس هو ما نعنيه، بل المقصود هوالدعم الأدبي المتواصل والوقوف المستمر الى جانب الولد أو البنت حتى يباشر دراسته دون اضطراب أو إخلال أو تردد وتعهّده بمراقبة ذكيّة والاقتراب منه بالشكل الذي لا يعوق تقدّمه ولذي لا يجعل عطاءه حبيس الخوف من العقاب، والمراهنة على أنّ الواحد منّا لا «ينتج» فقط إبنا (أو بنتا) متعلّما، ناجحا، حاملا لشهادة بل إنّه «ينتج» مواطنا كامل الحقوق والتعلّم الى أرقى الدرجات أحدها واعيا بما عليه من واجبات وأوّلها واجب خدمة الوطن بالشكل والطريقة اللذين يتاحان له. لذلك، فإنّ نجاح أبنائنا بهذا الشكل، إنّما هو تكريم لنا نحن الاولياء الذين بذلنا جهدنا ومالنا وعقلنا خدمة لاولادنا وبالتالي خدمة لوطننا وهو في نفس الوقت تكريم لكافة المدرسين الذين علّموا أطفالنا من الروضة الى الجامعة ولكافة العاملين في الحقل التعليمي وبصورة عامة للمجموعة الوطنية التي تسخر منذ فجر الإستقلال نحو ربع ميزانية الدولة للتعليم والتربية. والحقيقة ان الجميع يشهد لبلادنا بهذا السبق الذي وجب علينا اليوم اكثر من أي وقت مضى أن نحميه من كل انتكاسة ممكنة، يقودنا في ذلك شعار خلاصته. وبديهي حينئذ ان يقابل اولادنا هذه التضحيات بالاجتهاد وبالتالي بتحصيل افضل النتائج والسعي الدائم الى الارتقاء بهذه النتائج الى ماهو أعلى دائما. ومتى ضمنّا اجتهاد أبنائنا وانقطاعهم بدعم منا مادي وأدبي للدرس والتحصيل وتحقيق اعلى النتائج، أصبح الامتحان لنا جميعا مناسبة كبرى للتكريم ولا شيء غير التكريم.