انخفاض في جرحى حوادث المرور    مناقشة مقترح النظام الاساسي للصحة    مصطفى عبد الكبير: "معلومات شبه مؤكدة بوجود المفقودين في مركب هجرة غير نظامية غادر سواحل صفاقس الاثنين الماضي، في التراب الليبي"    بوعرقوب: انطلاق موسم الهندي الأملس    مصر تعلن تَأَثّرها بالهجوم السيبراني على مطارات أوروبا    رابطة الأبطال ...الترجي بخبرة الكِبار والمنستير لاسعاد الأنصار    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    تونس تشارك في بطولة العالم لألعاب القوى لحاملي الاعاقة بالهند من 26 سبتمبر الى 5 اكتوبر ب11 متسابقا    منوبة : انتشال جثتى شقيقين حاولا انقاذ كلبة من الغرق    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    في تظاهرة غذائية بسوسة ...«الكسكسي» الطبق الذي وحّد دول المغرب العربي    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    وزير خارجية ألماني أسبق: أوروبا مجبرة على التفاوض مع تونس بشأن ملف الهجرة    عاجل: إنهيار سقف اسطبل يتسبب في وفاة شاب وإصابة آخر    عاجل: الأمطار تعمّ أغلب مناطق تونس خلال الفترة القادمة    العائلة والمجتمع: ضغوط تجعل الشباب التونسي يرفض الزواج    الكاف.. معرض لمنتوجات المجامع الفلاحية    شبهات فساد تُطيح بموظّفين في بنك الدم بالقصرين: تفاصيل    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    جمال المدّاني: لا أعيش في القصور ونطلع في النقل الجماعي    كل نصف ساعة يُصاب تونسي بجلطة دماغية...نصائح لإنقاذ حياتك!    التيار الشعبي يدعو الى المشاركة في اضراب عالمي عن الطعام دعما لغزة    التنس: تأهل معز الشرقي الى نهائي بطولة سان تروبيه للتحدي    كرة اليد: منتخب الصغريات يتأهل إلى نهائي بطولة افريقيا    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    مسرحية "على وجه الخطأ تحرز ثلاث جوائز في مهرجان صيف الزرقاء المسرحي العربي    "أمامكم 24 ساعة فقط".. كبرى الشركات الأمريكية توجه تحذيرا لموظفيها الأجانب    تحذير هام: تناول الباراسيتامول باستمرار يعرّضك لهذه الأمراض القاتلة    عاجل: وفاة عامل بمحطة تحلية المياه تابعة للصوناد في حادث مرور أليم    هذا ما تقرّر ضد فتاة أوهمت شبّانا بتأشيرات سفر إلى الخارج.. #خبر_عاجل    معاناة صامتة : نصف معيني مرضى الزهايمر في تونس يعانون من هذه الامراض    زغوان: غلق مصنع المنسوجات التقنية "سيون" بالجهة وإحالة 250 عاملا وعاملة على البطالة    سليانة: وضع 8 ألاف و400 قنطار من البذور منذ بداية شهر سبتمبر    رابطة الأبطال الافريقية: الترجي الرياضي والاتحاد المنستيري من أجل قطع خطوة هامة نحو الدور الثاني    كتائب القسام تنشر "صورة وداعية" للأسرى الإسرائيليين إبان بدء العملية في غزة    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    الاحتلال الإسرائيلي يغتال عائلة مدير مجمع الشفاء في غزة    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    بنزرت: حجز أطنان من اللحوم والمواد الغذائية المخزّنة في ظروف غير صحية    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    عاجل/ ترامب يُمهل السوريين 60 يوما لمغادرة أمريكا    لكلّ من فهم بالغالط: المغرب فرضت ''الفيزا'' على هؤلاء التوانسة فقط    صرف الدفعة الأولى من المساعدات المالية بمناسبة العودة المدرسية في هذا الموعد    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    أكثر من 100 ألف تونسي مصاب بالزهايمر ومئات الآلاف من العائلات تعاني    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    "يوتيوب" يحظر حساب مادورو    عاجل/ عقوبة سجنية ضد الشاب الذي صوّب سلاحا مزيّفا تجاه أعوان أمن    بعد موجة من الانتقادات.. إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها وتكتفي بالاحتفال العائلي    اليوم: استقرار حراري وأمطار محدودة بهذه المناطق    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    عاجل/ البنك التونسي للتضامن: إجراءات جديدة لفائدة هؤلاء..    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقف اتحاد الشغل من الصراع البورقيبي اليوسفي لم يكن عاطفيا...
أحمد بن صالح في سيمنار الذاكرة الوطنية (2): أيدنا « السياسة القومية» وبذلنا جهودا للمصالحة
نشر في الشعب يوم 08 - 09 - 2007

رحلة الاستاذ أحمد بن صالح الوزير المتعدد الحقائب سابقا مع «تصحيح أخطاء» المؤرخين وعديد الصحافيين شملت ما قيل عن نشاطه ب «السيزل» وما أشيع عن علاقته مع اليهود، وقد انتهز فرصة استضافته من طرف مؤسسة التميمي للبحث والمعلومات لتسليط الأضواء على الفترة الصعبة من العمل السياسي والنقابي ، وذلك بعد أن خصصنا حلقة الاسبوع الفارط لتجربة التعاضد كما تحدث عنها مهندسها الاساسي.
مدخل «الضيف المحاضر» كان بالاشارة الى ما اثارته بعض وسائل الإعلام التونسية والأجنبية عن علاقات مفترضة لقيادات تونسية بالدولة الصهيونية الاسرائيلية، وقد أوضح في هذا الاطار انه كان يجتمع مع عديد الاصدقاء من المفكرين العرب في باريس على غرار المفكر والفيلسوف المصري عبد الرحمان بدوي، ومن بين المواضيع التي عادة ما تقع إثارتها ما يجري في الوطن العربي الكبير ومن بينه فلسطين حيث كون اليهود «الكيبوتزات» فضلا عن التقدم الملحوظ في نشاط «الهستدروت».
وأبرز ان ذلك الحديث كان بين سنتي 1946 و1948 اي انه لم تكن اسرائيل موجودة أصلا في حين تفاجئه «جون أفريك» بالحديث عن ميله (أي أحمد بن صالح ) لليهود ولاسرائيل وما الى ذلك من كلام لم تقع فيه مراعاة الظروف التاريخيةوالملابسات الحقيقية التي قيل فيها هذا الموقف أو ذاك، ثم تطرق إثر ذلك الى ملابسات انخراط الاتحاد العام التونسي للشغل في السيزل من ناحية وظروف تمثيله للاتحاد في هذه المنظمة النقابية العالمية مبرزا ان المرحوم فرحات حشاد «جرني وأقنعني بالدخول الى هذه المنظمة، فقد كنت في البداية ضد الانضمام الى « السيزل» حيث اقترحت تكوين جماعة أو منظمة نقابية تبدأ بشمال افريقيا ليقع تطويرها وتكون مواقفها مبنية على الحياد الايجابي.
وأردف قائلا إنه كثير الاعتزاز باستعمال عبارة او مصطلح «الحياد الإيجابي» واستنباطه قبل مؤتمر باندونغ، علما أن المؤتمر كان لتأسيس حركة عدم الانحيازبزعامة كل من جمال عبدالناصر وجواهر لال نهرو والماريشال تيتو.
حكايات من «السيزل»
الانضمام للسيزل لم يكن محل إجماع في البداية، وقد تجلى ذلك في ما عبر عنه بن صالح «بضرب البونية»(أي التنافس الكبير وليس التصادم والتشابك بالأيادي) في المؤتمر الذي اتخذ قرار «الدخول» . المواقف تباينت الى حد كبير، ولما رصد المرحوم فرحات حشاد هذا الاختلاف الذي ظن في البداية انه موقف أربعة أو خمسة أشخاص فقط بادر بإتخاذ موقف قال عنه بن صالح لم ير مثله في الزعامات التونسية فعوض أن يلجأ الى الخيار المعتاد وهو التصويت برفع الأيادي دعا الى التصويت السري نظرا لأهمية القضية بالنسبة الى المنظمة الشغيلة ومستقبلها ، وكما هو معلوم فان التصويت السري يكفل شفافية اكبر في اتخاذ الموقف وتحمله للمسؤولية من كل فرد سيجد نفسه أمام ضميره وليس امام التوازنات والحسابات وما الى ذلك.
وكانت نتيجة التصويب رفض حوالي 100 شخص للانضمام وقبول 400 نقابي للموقف الذي سانده حشاد (اي الانضمام للسيزل)، وبتلك الطريقة تعرف كل النقابيين على حجم المعارضة الحقيقية للمسألة، وأعطوا درسا في الديمقراطية التي ينبغي أن يقبل الجميع بمقتضياتها وقراراتها.
ومن الغد يواصل أحمد بن صالح حديث الذكريات اتصل به فرحات حشاد ليعلمه بأنه اختاره لتمثيل اتحاد الشغل في السيزل وان عليه حزم حقائبه في اقرب الآجال للسفر الى بروكسال.
بن صالح تمسك بالرفض لعدة اسابيع، ثم اتصل به حشاد مجددا يوم 4 أوت 1951وتحديدا في سوسة وذلك لإقناعه أمام النقابيين، لكن لم يغير المتحدث موقفه.
حشاد لازم بن صالح الى أن خرج كل النقابيين، من الاجتماع ثم اصطحبه في سيارته الى الواحدة صباحا حيث تواصلت رحلة الاقناع التي عبر عنها بن صالح بالقول حشاد «مرجني» وتمكن في النهاية من اقناعي عندما قال تخيل لو يمثل اتحاد الشغل شخص لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة، فما كان من المتمنّع إلا ادخال «صحة ليك» علما أن حشاد استعمل عبارات عامية وصف فيه الشخص غير الكفء بطريقة حادة نوعا ما.
وكشف من ناحية اخرى ان بحوزته عديد الرسائل التي بعث بها اليه المرحوم حشاد تمنى «أن يجد يوما من يقبل بإصدارها» وعبر في ذات الاطار عن اعتزازه بزعامة حشاد وإخلاصه وتضحيته.
كما كشف عن انه صاحب اقتراح نقل جثمان المرحوم الشهيد فرحات حشاد الى العاصمة ، وأكد انه كان شاهد عيان على بقاء جثة الشهيد سليمة لم يمسها أي سوء وذلك بعد 3 سنوات من استشهاده ودفنه وكأنه دفن أمس.
في المشرق العربي
خلال حديثه عن الشهيد فرحات حشاد عرّج بن صالح على أزمة الصراع البورقيبي اليوسفي في تلك الفترة، وقد طلب صالح بن يوسف حضور الجنازة، لكن عددا من النقابيين أقنعوه بعدم الحضور وقد تفاعل إيجابيا مع هذه الدعوة ووصف بن صالح ما قيل من أن فرحات حشاد دخل القبر وحده (أي دون القيام بالإجراءات العادية للدّفن ودون حضور زملائه) ب «قلة الحياء» وأردف قائلا ب «أننا قمنا باللازم».
التأبين قام به كل من الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وقد ذكر عبد العزيز العروي في حصته الإذاعية التي تم بثها بعد الدفن بيوم واحد بأن التأبين الذي قام به أحمد بن صالح كان استثنائيا ووصفه بأنه «أحسن ما سمع من القول» وعلّق المتحدث في مخبر التميمي على الحادثة قائلا إن تلك الكلمات التي ذكرها العروي سأظل معتزا بها ما حييت».
وعن ذكرياته في بدايات نشاطه ب «السيزل» ذكر انه بعد سفره الى بروكسال قامت الثورة المصرية، فما كان من بن صالح إلا أن طلب من الكاتب العام ان يسمح له بالقيام بجولة في مصر خصوصا وفي المشرق العربي عموما لاستقطاب النقابات المصرية والمشرقية ، وقد كان الرّد بالموافقة سريعا وفوريا.
النقابي أحمد بن صالح روى بعض «الطرائف» التي كان شاهد عيان عليها في رحلته المشرفية في مصر ولبنان وسوريا، وذكر أنه دخل بجواز سفر مزيف الى سوريا وذلك بسبب انتهاء صلاحيته كاشفا ان عملية التزييف أمنها صديق تشيكي هارب من حكم ستالين. السوريون كشفوا التزوير لكن مرت الامور بسلام رغم كل شيء، علما أن السلطات البلجيكية حجزت جواز السفر واحرقته مع إلزامه بدفع خطية قدرها 100 فرنك، وللاشارة فان التزوير كان لتمديد الصلاحية ب 6 أشهر، وقد كان ل « تدخلات الاصدقاء» اثر ايجابي لاحتواء القضية في بلجيكيا.
وروى أحمد بن صالح انه اطلع في تلك الزيارة الى سوريا ولبنان على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، فما كان منه إلا أن أعدّ تقريرا مفصلا وموثقا بالصور وطلب بأن يكون التقرير على جدول أعمال مؤتمر «السيزل» المنعقد بستوكهولم في جويلية سنة 1953.
الكتابة العامة للسيزل وافقت على عرض قضية اللاجئين على المؤتمر علما أن التقرير تضمن تشنيعا بالمسؤولين الاسرائيليين وكان إعداده بالتعاون مع أمين المال...
ولمّا وصل بن صالح الى بروكسال سأله بعض المسؤولين في المنظمة كما اذا كان يقبل لقاء رئيس النقابات الاسرائيلية الهستدروت (اسرائيل دخلت السيزل في ذلك المؤتمر، وقد دخل لبنان السيزل في نفس الوقت وهو ما اعتبره بن صالح مكسبا هاما ) ... بن صالح اتجه نحو النقابي الاسرائيلي الذي بادر بأن مسكه من يده ثم قال «أنت الشاب التونسي الذي يريد بناء مستقبله السياسي علي ظهر اليهود»... وعلق بن صالح على ذلك بالقول أنه قطع اللقاء ثم رجع «والسم يتقاطر منه».
ووجد النقابي التونسي الشاب نفسه أمام مفاجأة كبرى حيث غاب موضوع اللاجئين عن جدول الأعمال، كما أنه لم يجد أيّ أثر للتقرير الذي كان من المفترض عرضه على المؤتمر فضلا عن اخفاء النسخة الثانية والوحيدة منه والتي تركها في مقر المنظمة ببروكسيل !!!ولم تفته الاشارة الى أنه كان الموظف العربي والافريقي الوحيد في السيزل في ذلك الوقت، وهو ما يؤكد صعوبة العمل التأسيسي وجسامة المهام الملقاة على عاتقه...
مؤتمر «السيزل» بتونس
ونفى أحمد بن صالح خلال مداخلته الرئيسية في مؤسسة التميمي للبحث والمعلومات أن تكون له أية علاقة فضلا عن التنسيق مع اليهودي كوهين حضرية وشدد على أنه لا صحة لما قيل عن أنه (أي بن صالح) قبل بعقد مؤتمر السيزل بتونس في بداية الخمسينيات على أن تحضره اسرائيل دون ان يرفع وفدها علم الدولة الصهيونية وأشار الى أنه عندما تم اتخاذ قرار عقد المؤتمر بتونس لم يدخل بعد المكتب التنفيذي، كما أن تعيينه ناطقا رسميا باسم المؤتمر كان بمبادرة من مسؤولي السيزل أنفسهم ولاعتبارات لا صلة لها بمسألة عقد المؤتمر في حدّ ذاته أو بحضور الاسرائيليين.
كما شدد على أنه قام بأدوار هامة واساسية لإدخال اتحاد العمال الجزائريين الى السيزل، فضلا عن الجهود المضنية والمعاناة التي واجهها خلال الدفاع عن القضايا والمصالح الكبرى للعرب ، من ذلك أنه نجح بفضل شبكة علاقاته من قبر دعوة الفرنسيين «الناتو» للدخول في مواجهة الثورة الجزائرية وقمعها تحت ذريعة أنها ثورة بولشيفية.
وأضاف أنه كان سندا «وواسطة» لعديد الدول العربية والافريقية سواء لدخول السيزل أو للدفاع عن قضاياها خاصة انه كان رئيس لجنة إفريقيا والشرق الأوسط.
دعم القضية الفلسطينية
وفي إطار سرد مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية ذكر أن عديد مشايخ العرب كانوا ضد التقسيم في حين أن الزعيم الحبيب بورقيبة كان مع التقسيم بل دعا الى حمل السلاح من أجل تطبيق القرار الأممي في هذا الشأن وتحدث عن أنه في أحد إجتماعات المجلس الوطني للاشتراكية الدولية كان جالسا باعتباره ممثلا لحركة الوحدة الشعبية الى جانب الطيب السحباني ممثل الحزب الاشتراكي الدستوري في ذلك الوقت وقد تكلم جنرال اسرائيلي بعنجهية وصلف، فما كان من رئيس المجلس الوطني إلا أن أرسل كاتبته لبن صالح ناقلة اليه طلبا بالتدخل للرد، وبالفعل كان الرد وكان التصفيق في كل أرجاء القاعة بالرغم من أن التصفيق في مثل تلك اللقاءات لم يكن من التقاليد أو من الممارسات المألوفة.
بن صالح استشهد بمواقف بورقيبة بالرغم من أنه كان في المنفى، وقد بادر السحباني بشكر بن صالح فرد عليه بالتأكيد على أنه لا دخل بين القضايا الداخلية والشخصية من ناحية والقضايا القومية من ناحية اخرى.
وكشف الاستاذ أحمد بن صالح أنه كان وراء إلقاءالزعيم ياسر عرفات خطابا في «منظمة الاحزاب الاشتراكية الدولية...» وقد تولى بن صالح شخصيا إبلاغ الشهيد عصام السرطاوي بموافقة رئيس الاشتراكية الدولية حضور عرفات ، علما أن اغتيال السرطاوي كان بعد لقائه ببن صالح بفترة وجيزة للغاية، كما أن بن صالح لم يرد حضور ذلك الملتقى حتى لا يقال بأنه عمل على إقناع الاشتراكية الدولية بفسح المجال امام الزعيم الفلسطيني ليظهر في الصورة.
وصحح بن صالح ما يقال عن ان الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران هو أول زعيم غربي بستقبل عرفات، فالصحيح هو أن المستشار النمساوي برونو كرايسكي هو أول من التقاه، لكن الدوائر الاعلامية والسياسية الغربية ضللت الرأي العام باللعب على وتر التباين بين عبارتي الرئيس والمستشار.
العرب وأوسلو
وأوضح السياسي والنقابي التونسي انه إثر توقيع إتفاقية اوسلو بين الاسرائيليين والفلسطينيين تم عقد مؤتمر قومي عربي حضرته 120 شخصية عربية، وكان هاني الحسن أول من تكلم حيث شنّ حملة على ياسر عرفات ثم سار شقيق الحوت في نفس المسار وكان الجميع ضد أوسلو ... وعندما جاء دور بن صالح تحدث بما لم يتحدثوا به حيث انطلق من التجربة التونسية مشددا على ضرورة أن نعتبر أوسلو مجرد معركة وليست نهاية للمطاف مع ضرورة ضمان حق المعارضة في النشاط والتعبير عن رأيها من ناحية وضمان عدم هرولة الدول العربية نحو التطبيع، وذكر بن صالح أن بلاغ الجامعة العربية الصادر بعد يوم واحد من هذااللقاء جاء مطابقا لما قاله حرفيا فيما يتعلق بعدم الهرولة نحو التطبيع.
أحمد بن صالح بدا معزولا في قاعة اللقاء وحتى خارج النزل، لكنه فوجئ بهاني الحسن الذي شن حملة على أوسلو يتصل به ويقول له بأنك (أي بن صالح) على صواب، ثم طلب رقم الهاتف ليتصل به... وعلق المحاضر بالقول أنه لا يزال الى هذه اللحظة في انتظار الاتصال وأضاف بأنه فوجئ بهاني الحسن في غزة ثم فوجئ به وزيرا للداخلية معتبرا ذلك صدمة.
الموقف من اليوسفية
ووصف الوزير متعدد الحقائب في ستينيات القرن الماضي ما تناقلته بعض الصحف والمجلات في الفترة الاخيرة عن موقف اتحاد الشغل من اليوسفية بدد العيب حيث اعتبرته موقفا عاطفيا. فالاتحاد العام التونسي للشغل عقد مجلسا وطنيا ونظر في الاتفاقيات (الحكم الذاتي). وصوت الجميع ما عدا واحدا فقط على تأييد السياسة القومية الوطنية الحالية...
وأكد بأن علاقته بصالح بن يوسف كانت جيدة وكشف عن انه خلال تلك الفترة استدعى بن يوسف ممثلين عن الاتحادات المهنية الثلاثة وذكر ان الاستدعاء كان بصفته صديقا وليس ككاتب عام للحزب ، وقد كان الفرجاني بلحاج عمار (اتحاد الاعراف) على يمينه وبن صالح (اتحاد الشغل) على يساره.
وعندما طلب بن يوسف من بن صالح الحديث قال أنه لا يوجد في تونس من لا يقول بأن الاتفاقيات ثوب ضيق ، وعلينا ان نمزقه بوحدة صماء وببرنامج اقتصادي واجتماعي حوله اجماع ، وأضاف بأنه ليس رجل قانون لكنه يكتفي بالقول انه لو وجد في الاتفاقيات فصل واحد ينص على إمكانية تنظيم انتخاب لمجلس تأسيسي نصوغ فيه دستوا للبلاد فإنني لن اتردد في القبول بها.
وبعد أن انفض الاجتماع اتصل محمد جراد من اتحاد الاعراف ببن صالح ليعانقه قائلا «متعتنا».
وشدد على أنه لم يقل كلمة سوء وحيدة في بن يوسف، وأنه تقابل معه في ستوكهولم ولم يترك بن يوسف يغادر الى بروكسيل حتى يحضر لقاء «الاشتراكية الدولية» وأعطاه فلوس لشراء كسوة!
وروى بن صالح تفاصيل لقاء جمعه بالحبيب بورقيبة قبل صدور قرار طرد بن يوسف من الحزب . اللقاء انعقد في منزل بورقيبة بالبلفيدير وحضره الفرجاني بالحاج عمار وحسن عبد العزيز وكان أحمد الزاوش الى جانب بورقيبة.
استقبل بورقيبة ضيوفه وهو جالس في السرير، وبعد أن سلم على الزائرين توجه الى بالحاج عمار وقال له «العب كارطة بورقيبة يا فرجاني « ثن تدخل بن صالح ليطلب من بورقيبة تأجيل إصدار بلاغ طرد صالح بن يوسف وذلك ليعطي لهم فرصة الاجتماع به، وقد كان لهم ما أرادوا ، لكن مسعاهم باء بالفشل، علما أن السيد عمر فضة تدخل ليذكر أنه عند لقاء بن صالح ببورقيبة كان بلاغ الطرد جاهزا وممضى من أعضاء الديوان السياسي وقد كتبه علي المزوغي في حين نفى بن صالح ذلك نفيا كليا.
نقل الاحداث بأمانة
السيد أحمد بن صالح اوضح في ردود على بعض التدخلات بأن العديد من المؤرخين لم ينقلوا الاحداث بأمانة واعتمدوا الكذب، منتقدا اعتمادبعض الصحفيين على رواية كاتب يهودي، مشددا على أنه لا يتحذ موقف ضد اليهود ، بل إن كل تحركاته كانت على أساس إيجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس القانون الدولي ، أما إذا تكلم الناشط النقابي أو السياسي بطريقة مختلفة فلن ينصت اليه أي شخص في المنظمات الدولية.
وللإشارة فإن أحد المتدخلين دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الى تعليق صورة أحمد بن صالح مع بقية الزعماء النقابيين، وذلك في اطار العمل الذي انطلق فيه الاتحاد والمتعلق بإعادة الاعتبار الى كل الزعماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.