اصدار بطاقة ايداع في حق سنية الدهماني    الداخلية: "الإجراء" ضد أحد المحامين جاء بعد معاينة جريمة "هضم جانب موظف عمومي أثناء آدائه لمهامه"    مجلس وزاري مضيق حول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    المعهد الوطني للاستهلاك: توجه الأسر 5 بالمائة من إنفاقها الشهري إلى أطعمة يقع هدرها    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    صفاقس: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب عُثر عليه ميّتا في منزله بطينة (الناطق باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 2)    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    مصالح الحرس الديواني تحجز خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024 كميات من البضائع المهربة ووسائل النقل قيمتها الجملية 179 مليون دينار    تشكيات من تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    في معرض الكتاب بالرباط.. احبها بلا ذاكرة تحقق اكبر المبيعات    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    إيران تعلن عن مفاوضات لتحسين العلاقات مع مصر    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    المالوف التونسي في قلب باريس    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقف اتحاد الشغل من الصراع البورقيبي اليوسفي لم يكن عاطفيا...
أحمد بن صالح في سيمنار الذاكرة الوطنية (2): أيدنا « السياسة القومية» وبذلنا جهودا للمصالحة
نشر في الشعب يوم 08 - 09 - 2007

رحلة الاستاذ أحمد بن صالح الوزير المتعدد الحقائب سابقا مع «تصحيح أخطاء» المؤرخين وعديد الصحافيين شملت ما قيل عن نشاطه ب «السيزل» وما أشيع عن علاقته مع اليهود، وقد انتهز فرصة استضافته من طرف مؤسسة التميمي للبحث والمعلومات لتسليط الأضواء على الفترة الصعبة من العمل السياسي والنقابي ، وذلك بعد أن خصصنا حلقة الاسبوع الفارط لتجربة التعاضد كما تحدث عنها مهندسها الاساسي.
مدخل «الضيف المحاضر» كان بالاشارة الى ما اثارته بعض وسائل الإعلام التونسية والأجنبية عن علاقات مفترضة لقيادات تونسية بالدولة الصهيونية الاسرائيلية، وقد أوضح في هذا الاطار انه كان يجتمع مع عديد الاصدقاء من المفكرين العرب في باريس على غرار المفكر والفيلسوف المصري عبد الرحمان بدوي، ومن بين المواضيع التي عادة ما تقع إثارتها ما يجري في الوطن العربي الكبير ومن بينه فلسطين حيث كون اليهود «الكيبوتزات» فضلا عن التقدم الملحوظ في نشاط «الهستدروت».
وأبرز ان ذلك الحديث كان بين سنتي 1946 و1948 اي انه لم تكن اسرائيل موجودة أصلا في حين تفاجئه «جون أفريك» بالحديث عن ميله (أي أحمد بن صالح ) لليهود ولاسرائيل وما الى ذلك من كلام لم تقع فيه مراعاة الظروف التاريخيةوالملابسات الحقيقية التي قيل فيها هذا الموقف أو ذاك، ثم تطرق إثر ذلك الى ملابسات انخراط الاتحاد العام التونسي للشغل في السيزل من ناحية وظروف تمثيله للاتحاد في هذه المنظمة النقابية العالمية مبرزا ان المرحوم فرحات حشاد «جرني وأقنعني بالدخول الى هذه المنظمة، فقد كنت في البداية ضد الانضمام الى « السيزل» حيث اقترحت تكوين جماعة أو منظمة نقابية تبدأ بشمال افريقيا ليقع تطويرها وتكون مواقفها مبنية على الحياد الايجابي.
وأردف قائلا إنه كثير الاعتزاز باستعمال عبارة او مصطلح «الحياد الإيجابي» واستنباطه قبل مؤتمر باندونغ، علما أن المؤتمر كان لتأسيس حركة عدم الانحيازبزعامة كل من جمال عبدالناصر وجواهر لال نهرو والماريشال تيتو.
حكايات من «السيزل»
الانضمام للسيزل لم يكن محل إجماع في البداية، وقد تجلى ذلك في ما عبر عنه بن صالح «بضرب البونية»(أي التنافس الكبير وليس التصادم والتشابك بالأيادي) في المؤتمر الذي اتخذ قرار «الدخول» . المواقف تباينت الى حد كبير، ولما رصد المرحوم فرحات حشاد هذا الاختلاف الذي ظن في البداية انه موقف أربعة أو خمسة أشخاص فقط بادر بإتخاذ موقف قال عنه بن صالح لم ير مثله في الزعامات التونسية فعوض أن يلجأ الى الخيار المعتاد وهو التصويت برفع الأيادي دعا الى التصويت السري نظرا لأهمية القضية بالنسبة الى المنظمة الشغيلة ومستقبلها ، وكما هو معلوم فان التصويت السري يكفل شفافية اكبر في اتخاذ الموقف وتحمله للمسؤولية من كل فرد سيجد نفسه أمام ضميره وليس امام التوازنات والحسابات وما الى ذلك.
وكانت نتيجة التصويب رفض حوالي 100 شخص للانضمام وقبول 400 نقابي للموقف الذي سانده حشاد (اي الانضمام للسيزل)، وبتلك الطريقة تعرف كل النقابيين على حجم المعارضة الحقيقية للمسألة، وأعطوا درسا في الديمقراطية التي ينبغي أن يقبل الجميع بمقتضياتها وقراراتها.
ومن الغد يواصل أحمد بن صالح حديث الذكريات اتصل به فرحات حشاد ليعلمه بأنه اختاره لتمثيل اتحاد الشغل في السيزل وان عليه حزم حقائبه في اقرب الآجال للسفر الى بروكسال.
بن صالح تمسك بالرفض لعدة اسابيع، ثم اتصل به حشاد مجددا يوم 4 أوت 1951وتحديدا في سوسة وذلك لإقناعه أمام النقابيين، لكن لم يغير المتحدث موقفه.
حشاد لازم بن صالح الى أن خرج كل النقابيين، من الاجتماع ثم اصطحبه في سيارته الى الواحدة صباحا حيث تواصلت رحلة الاقناع التي عبر عنها بن صالح بالقول حشاد «مرجني» وتمكن في النهاية من اقناعي عندما قال تخيل لو يمثل اتحاد الشغل شخص لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة، فما كان من المتمنّع إلا ادخال «صحة ليك» علما أن حشاد استعمل عبارات عامية وصف فيه الشخص غير الكفء بطريقة حادة نوعا ما.
وكشف من ناحية اخرى ان بحوزته عديد الرسائل التي بعث بها اليه المرحوم حشاد تمنى «أن يجد يوما من يقبل بإصدارها» وعبر في ذات الاطار عن اعتزازه بزعامة حشاد وإخلاصه وتضحيته.
كما كشف عن انه صاحب اقتراح نقل جثمان المرحوم الشهيد فرحات حشاد الى العاصمة ، وأكد انه كان شاهد عيان على بقاء جثة الشهيد سليمة لم يمسها أي سوء وذلك بعد 3 سنوات من استشهاده ودفنه وكأنه دفن أمس.
في المشرق العربي
خلال حديثه عن الشهيد فرحات حشاد عرّج بن صالح على أزمة الصراع البورقيبي اليوسفي في تلك الفترة، وقد طلب صالح بن يوسف حضور الجنازة، لكن عددا من النقابيين أقنعوه بعدم الحضور وقد تفاعل إيجابيا مع هذه الدعوة ووصف بن صالح ما قيل من أن فرحات حشاد دخل القبر وحده (أي دون القيام بالإجراءات العادية للدّفن ودون حضور زملائه) ب «قلة الحياء» وأردف قائلا ب «أننا قمنا باللازم».
التأبين قام به كل من الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وقد ذكر عبد العزيز العروي في حصته الإذاعية التي تم بثها بعد الدفن بيوم واحد بأن التأبين الذي قام به أحمد بن صالح كان استثنائيا ووصفه بأنه «أحسن ما سمع من القول» وعلّق المتحدث في مخبر التميمي على الحادثة قائلا إن تلك الكلمات التي ذكرها العروي سأظل معتزا بها ما حييت».
وعن ذكرياته في بدايات نشاطه ب «السيزل» ذكر انه بعد سفره الى بروكسال قامت الثورة المصرية، فما كان من بن صالح إلا أن طلب من الكاتب العام ان يسمح له بالقيام بجولة في مصر خصوصا وفي المشرق العربي عموما لاستقطاب النقابات المصرية والمشرقية ، وقد كان الرّد بالموافقة سريعا وفوريا.
النقابي أحمد بن صالح روى بعض «الطرائف» التي كان شاهد عيان عليها في رحلته المشرفية في مصر ولبنان وسوريا، وذكر أنه دخل بجواز سفر مزيف الى سوريا وذلك بسبب انتهاء صلاحيته كاشفا ان عملية التزييف أمنها صديق تشيكي هارب من حكم ستالين. السوريون كشفوا التزوير لكن مرت الامور بسلام رغم كل شيء، علما أن السلطات البلجيكية حجزت جواز السفر واحرقته مع إلزامه بدفع خطية قدرها 100 فرنك، وللاشارة فان التزوير كان لتمديد الصلاحية ب 6 أشهر، وقد كان ل « تدخلات الاصدقاء» اثر ايجابي لاحتواء القضية في بلجيكيا.
وروى أحمد بن صالح انه اطلع في تلك الزيارة الى سوريا ولبنان على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، فما كان منه إلا أن أعدّ تقريرا مفصلا وموثقا بالصور وطلب بأن يكون التقرير على جدول أعمال مؤتمر «السيزل» المنعقد بستوكهولم في جويلية سنة 1953.
الكتابة العامة للسيزل وافقت على عرض قضية اللاجئين على المؤتمر علما أن التقرير تضمن تشنيعا بالمسؤولين الاسرائيليين وكان إعداده بالتعاون مع أمين المال...
ولمّا وصل بن صالح الى بروكسال سأله بعض المسؤولين في المنظمة كما اذا كان يقبل لقاء رئيس النقابات الاسرائيلية الهستدروت (اسرائيل دخلت السيزل في ذلك المؤتمر، وقد دخل لبنان السيزل في نفس الوقت وهو ما اعتبره بن صالح مكسبا هاما ) ... بن صالح اتجه نحو النقابي الاسرائيلي الذي بادر بأن مسكه من يده ثم قال «أنت الشاب التونسي الذي يريد بناء مستقبله السياسي علي ظهر اليهود»... وعلق بن صالح على ذلك بالقول أنه قطع اللقاء ثم رجع «والسم يتقاطر منه».
ووجد النقابي التونسي الشاب نفسه أمام مفاجأة كبرى حيث غاب موضوع اللاجئين عن جدول الأعمال، كما أنه لم يجد أيّ أثر للتقرير الذي كان من المفترض عرضه على المؤتمر فضلا عن اخفاء النسخة الثانية والوحيدة منه والتي تركها في مقر المنظمة ببروكسيل !!!ولم تفته الاشارة الى أنه كان الموظف العربي والافريقي الوحيد في السيزل في ذلك الوقت، وهو ما يؤكد صعوبة العمل التأسيسي وجسامة المهام الملقاة على عاتقه...
مؤتمر «السيزل» بتونس
ونفى أحمد بن صالح خلال مداخلته الرئيسية في مؤسسة التميمي للبحث والمعلومات أن تكون له أية علاقة فضلا عن التنسيق مع اليهودي كوهين حضرية وشدد على أنه لا صحة لما قيل عن أنه (أي بن صالح) قبل بعقد مؤتمر السيزل بتونس في بداية الخمسينيات على أن تحضره اسرائيل دون ان يرفع وفدها علم الدولة الصهيونية وأشار الى أنه عندما تم اتخاذ قرار عقد المؤتمر بتونس لم يدخل بعد المكتب التنفيذي، كما أن تعيينه ناطقا رسميا باسم المؤتمر كان بمبادرة من مسؤولي السيزل أنفسهم ولاعتبارات لا صلة لها بمسألة عقد المؤتمر في حدّ ذاته أو بحضور الاسرائيليين.
كما شدد على أنه قام بأدوار هامة واساسية لإدخال اتحاد العمال الجزائريين الى السيزل، فضلا عن الجهود المضنية والمعاناة التي واجهها خلال الدفاع عن القضايا والمصالح الكبرى للعرب ، من ذلك أنه نجح بفضل شبكة علاقاته من قبر دعوة الفرنسيين «الناتو» للدخول في مواجهة الثورة الجزائرية وقمعها تحت ذريعة أنها ثورة بولشيفية.
وأضاف أنه كان سندا «وواسطة» لعديد الدول العربية والافريقية سواء لدخول السيزل أو للدفاع عن قضاياها خاصة انه كان رئيس لجنة إفريقيا والشرق الأوسط.
دعم القضية الفلسطينية
وفي إطار سرد مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية ذكر أن عديد مشايخ العرب كانوا ضد التقسيم في حين أن الزعيم الحبيب بورقيبة كان مع التقسيم بل دعا الى حمل السلاح من أجل تطبيق القرار الأممي في هذا الشأن وتحدث عن أنه في أحد إجتماعات المجلس الوطني للاشتراكية الدولية كان جالسا باعتباره ممثلا لحركة الوحدة الشعبية الى جانب الطيب السحباني ممثل الحزب الاشتراكي الدستوري في ذلك الوقت وقد تكلم جنرال اسرائيلي بعنجهية وصلف، فما كان من رئيس المجلس الوطني إلا أن أرسل كاتبته لبن صالح ناقلة اليه طلبا بالتدخل للرد، وبالفعل كان الرد وكان التصفيق في كل أرجاء القاعة بالرغم من أن التصفيق في مثل تلك اللقاءات لم يكن من التقاليد أو من الممارسات المألوفة.
بن صالح استشهد بمواقف بورقيبة بالرغم من أنه كان في المنفى، وقد بادر السحباني بشكر بن صالح فرد عليه بالتأكيد على أنه لا دخل بين القضايا الداخلية والشخصية من ناحية والقضايا القومية من ناحية اخرى.
وكشف الاستاذ أحمد بن صالح أنه كان وراء إلقاءالزعيم ياسر عرفات خطابا في «منظمة الاحزاب الاشتراكية الدولية...» وقد تولى بن صالح شخصيا إبلاغ الشهيد عصام السرطاوي بموافقة رئيس الاشتراكية الدولية حضور عرفات ، علما أن اغتيال السرطاوي كان بعد لقائه ببن صالح بفترة وجيزة للغاية، كما أن بن صالح لم يرد حضور ذلك الملتقى حتى لا يقال بأنه عمل على إقناع الاشتراكية الدولية بفسح المجال امام الزعيم الفلسطيني ليظهر في الصورة.
وصحح بن صالح ما يقال عن ان الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران هو أول زعيم غربي بستقبل عرفات، فالصحيح هو أن المستشار النمساوي برونو كرايسكي هو أول من التقاه، لكن الدوائر الاعلامية والسياسية الغربية ضللت الرأي العام باللعب على وتر التباين بين عبارتي الرئيس والمستشار.
العرب وأوسلو
وأوضح السياسي والنقابي التونسي انه إثر توقيع إتفاقية اوسلو بين الاسرائيليين والفلسطينيين تم عقد مؤتمر قومي عربي حضرته 120 شخصية عربية، وكان هاني الحسن أول من تكلم حيث شنّ حملة على ياسر عرفات ثم سار شقيق الحوت في نفس المسار وكان الجميع ضد أوسلو ... وعندما جاء دور بن صالح تحدث بما لم يتحدثوا به حيث انطلق من التجربة التونسية مشددا على ضرورة أن نعتبر أوسلو مجرد معركة وليست نهاية للمطاف مع ضرورة ضمان حق المعارضة في النشاط والتعبير عن رأيها من ناحية وضمان عدم هرولة الدول العربية نحو التطبيع، وذكر بن صالح أن بلاغ الجامعة العربية الصادر بعد يوم واحد من هذااللقاء جاء مطابقا لما قاله حرفيا فيما يتعلق بعدم الهرولة نحو التطبيع.
أحمد بن صالح بدا معزولا في قاعة اللقاء وحتى خارج النزل، لكنه فوجئ بهاني الحسن الذي شن حملة على أوسلو يتصل به ويقول له بأنك (أي بن صالح) على صواب، ثم طلب رقم الهاتف ليتصل به... وعلق المحاضر بالقول أنه لا يزال الى هذه اللحظة في انتظار الاتصال وأضاف بأنه فوجئ بهاني الحسن في غزة ثم فوجئ به وزيرا للداخلية معتبرا ذلك صدمة.
الموقف من اليوسفية
ووصف الوزير متعدد الحقائب في ستينيات القرن الماضي ما تناقلته بعض الصحف والمجلات في الفترة الاخيرة عن موقف اتحاد الشغل من اليوسفية بدد العيب حيث اعتبرته موقفا عاطفيا. فالاتحاد العام التونسي للشغل عقد مجلسا وطنيا ونظر في الاتفاقيات (الحكم الذاتي). وصوت الجميع ما عدا واحدا فقط على تأييد السياسة القومية الوطنية الحالية...
وأكد بأن علاقته بصالح بن يوسف كانت جيدة وكشف عن انه خلال تلك الفترة استدعى بن يوسف ممثلين عن الاتحادات المهنية الثلاثة وذكر ان الاستدعاء كان بصفته صديقا وليس ككاتب عام للحزب ، وقد كان الفرجاني بلحاج عمار (اتحاد الاعراف) على يمينه وبن صالح (اتحاد الشغل) على يساره.
وعندما طلب بن يوسف من بن صالح الحديث قال أنه لا يوجد في تونس من لا يقول بأن الاتفاقيات ثوب ضيق ، وعلينا ان نمزقه بوحدة صماء وببرنامج اقتصادي واجتماعي حوله اجماع ، وأضاف بأنه ليس رجل قانون لكنه يكتفي بالقول انه لو وجد في الاتفاقيات فصل واحد ينص على إمكانية تنظيم انتخاب لمجلس تأسيسي نصوغ فيه دستوا للبلاد فإنني لن اتردد في القبول بها.
وبعد أن انفض الاجتماع اتصل محمد جراد من اتحاد الاعراف ببن صالح ليعانقه قائلا «متعتنا».
وشدد على أنه لم يقل كلمة سوء وحيدة في بن يوسف، وأنه تقابل معه في ستوكهولم ولم يترك بن يوسف يغادر الى بروكسيل حتى يحضر لقاء «الاشتراكية الدولية» وأعطاه فلوس لشراء كسوة!
وروى بن صالح تفاصيل لقاء جمعه بالحبيب بورقيبة قبل صدور قرار طرد بن يوسف من الحزب . اللقاء انعقد في منزل بورقيبة بالبلفيدير وحضره الفرجاني بالحاج عمار وحسن عبد العزيز وكان أحمد الزاوش الى جانب بورقيبة.
استقبل بورقيبة ضيوفه وهو جالس في السرير، وبعد أن سلم على الزائرين توجه الى بالحاج عمار وقال له «العب كارطة بورقيبة يا فرجاني « ثن تدخل بن صالح ليطلب من بورقيبة تأجيل إصدار بلاغ طرد صالح بن يوسف وذلك ليعطي لهم فرصة الاجتماع به، وقد كان لهم ما أرادوا ، لكن مسعاهم باء بالفشل، علما أن السيد عمر فضة تدخل ليذكر أنه عند لقاء بن صالح ببورقيبة كان بلاغ الطرد جاهزا وممضى من أعضاء الديوان السياسي وقد كتبه علي المزوغي في حين نفى بن صالح ذلك نفيا كليا.
نقل الاحداث بأمانة
السيد أحمد بن صالح اوضح في ردود على بعض التدخلات بأن العديد من المؤرخين لم ينقلوا الاحداث بأمانة واعتمدوا الكذب، منتقدا اعتمادبعض الصحفيين على رواية كاتب يهودي، مشددا على أنه لا يتحذ موقف ضد اليهود ، بل إن كل تحركاته كانت على أساس إيجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس القانون الدولي ، أما إذا تكلم الناشط النقابي أو السياسي بطريقة مختلفة فلن ينصت اليه أي شخص في المنظمات الدولية.
وللإشارة فإن أحد المتدخلين دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الى تعليق صورة أحمد بن صالح مع بقية الزعماء النقابيين، وذلك في اطار العمل الذي انطلق فيه الاتحاد والمتعلق بإعادة الاعتبار الى كل الزعماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.