.. ولا أحسب أنّ ثمّة من كتب سيرة النبيّ محمد صلى الله عليم وسلم شعرا في قيمة (البردة) لسيدي محمد البوصيري رضي اللّه عنه وأرضاه.. حيث أتى على كلّ كبيرة وصغيرة في سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.. وحيث تضمّنت تلكم القصيدة العصماء ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر لكم ببال. ولقد كتب السّيرة النبويّة لخير البريّة ( صلى الله عليه وسلم) الكثير من الأفذاذ والعلماء الجهابذة والأيّمة الفضلاء.. كما كتب في عصرنا الحديث (سيرة صلى الله عليه وسلم) نخبة من المستشرقين النّبهاء.. ومع ذلك وإلى يوم الناس لم أقرأ مثل يتيمة البوصيري بما حوته من لغة راقية ومنتقاة وما اتّسمت به من رؤية وإمعان وإلمام بتفاصيل صارمة في حدود الزّمان والمكان وأسلوب ملحميّ راقٍ أو تفوق ممّا توفّرت عليه المدوّنة بدءا بالجاهليّة إلى الإسلام من روعة وجمال ومقدرة في التّقريض والنّظم تذهب بالألباب.. وإنّه ليجدر بي في هذا الصّدد أن أذكر بإعجاب ما ورد في كتاب نثريّ بعنوان: (نفحات شذيّة في حياة خير البريّة من المولد إلى الهجرة)... والكتاب لفضيلة الشيخ العلاّمة سيدي (محمد رشاد السمّاري) رئيس شرفي بمحكمة التعقيب والذي فارقنا الى جوار ربّه منذ أعوام قليلة.. ويحتوي الكتاب على (162) صفحة من القطع المتوسط وليس ثمّة ما يشير إلى أيّ جهة ناشرة. وحيث كتب سيدي (محمد رشاد السمّاري) في كتابه النثريّ سيرة النبي القرشيّ صلى الله عليه وسلم بدقّة متناهية وتمحيص في الاستناد الى أشهر الرّواة وأهل الحديث.. ولعلّني إذ أتوقف قليلا إزاء الكتاب وعند رحلة مخصوصة كثر حولها الجدال وهي رحلة الإسراء والمعراج لكي أبدأ من حيث انتهت إليه الأستاذة الشهيرة والدكتورة في الأدب العربي على ما أظن السيدة (ألفة يوسف) من خلال قناة حنبعل الفضائية وبمناسبة شهر رمضان المعظّم حيث رجّحت أستاذتنا الفاضلة ما ذهبت إليه السيدة عائشة (عَرَضًا)... أي أنّ الإسراء والمعراج كرحلة تمّت عن طريق الرّوح فقط.. وبقي السّؤال في الواقع مطروحا على الاجتهاد... إلاّ أنّه وبالرّجوع الى كتاب سيدي (محمد رشاد السّماري) طيّب الله ثراه حيث قال: «البراق دابّة وإنّما من شأن الدّواب حمل الأجساد لا حمل الأرواح». كما كان البراق حسب وصف الرسول له: «دابّة بيضاء فوق الحمار ودون البغل يضع قدمه حيث ينتهي بصره».. وعن الشيخ السّماري عن ابن عباس في مجال آخر يتعلّق بالرسول صلى الله عليه وسلم أنّه كان نورا بين يدي اللّه تعالى قبل أن يُخلق آدم بألفي عام يسبّح ذلك النور وتسبّح الملائكة بتسبيحه فلّما خُلق آدم أُلقيَ ذلك النّور في صُلبه.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأهبطني الله الى الأرض في صلب آدم وجعلني في صلب نوح وقذف بي في صلب ابراهيم ثمّ لم يزل اللّه تعالى ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرواح الطّاهرة حتى أخرجني من أبوين لم يلتقيا على سفاح قطّ»... الشاعر: محمد لطفي بكري (من حيدرة)