التأمت يومي 21 و22 جانفي 2008 الدورة الرابعة للملتقى الدولي في الجهود النقدية المعاصرة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإنسانية بمدينة قسنطينةالجزائرية. وتُعتبر الجهود النقدية المعاصرة في الجزائر موضوعا مهما وحقلا خصبًا في الدرس الأدبي لصلته بالمسار الإبداعي والنقدي، ولاشك ان اختلاف المقاربات وتنوّع الرؤى وتعدّد القراءات يُفرز نوعًا من التكامل ويحقّق جزءا من الموضوعيّة ويميط اللثام عن التجارب النقدية التي اقتحمت المعترك النقدي المعاصر بما يعتمله من اشكالات حول المنهج والمصطلح. وقد طُرحت جملة من المقاربات والمحاولات الجادة في هذا النسق حيث تمّ التطرّق إلى تاريخانيّة هذه الجهود النقديّة، وأهم آلياتها ومعالمها خاصة في نقد الخطابين الشعري والسردي، وأي موقع تحتله بالنسبة للنقد العربي وأي عثرات تعترض هذا المشروع. وقد تشكّلت محاور الدورة الرابعة لهذا الملتقى الدولي بالخصوص حول النص الأدبي الجزائري وموقعه بين النقد الصحافي من جهة والنقد الأكاديمي من جهة ثانية، كما طُرحت مسألة الاتجاهات النقدية في الجزائر وكذلك اشكالية المنهج والمصطلح في النقد الأدبي. وكرّمت هذه الدورة الناقد عبد الملك مرتاض حيث قُدّمت بشأن تجربته النقديّة جملة من المداخلات العلميّة والمقاربات الأكاديميّة، وضمن هذا التكريم قدّم التونسي كمال الرياحي صاحب رواية «المشرط» الحائزة على جائزة الكومار الذهبي في دورتها الأخيرة، مداخلة علميّة بعنوان «عبد الملك مرتاض أو الناقد الشمولي في عصر التخصص الدقيق» وقد تميّزت بطرافة طرحها وجدّية مقاربتها خاصة أنّ الناقد والروائي كمال الرياحي يُعتبر من القلائل المطلعين على المدونتين الأدبية والنقديّة في عاصمة الأمير عبد القادر وهو مهتم بالأدب المغاربي عموما، وقد قدّم بحثا معمّقا نال به شهادة الدراسات المعمّقة حول تجربة الروائي الجزائري واسيني الأعرج، كما حفل كتابه النقدي الصادر بالأردن منذ سنتين «حركة السرد الروائي ومناخاته» بتجارب روائية جزائرية أهمها لعمارة الأخوص، الجزائري المقيم في ايطاليا وكذلك بتجربة المغربي محمد شكري والتونسي محمود طرشونة. وتمحورت مداخلة الناقد كمال الرياحي حول ما أسماهُ الأداء النقدي الأركسترالي لعبد الملك مرتاض، حيث عدّه من النقاد العرب القلائل الذين نهضت أعمالهم على معالجة المتن الأدبي العربي، قديمه وحديثه، واعتبره ناقدًا يطير بجناحين، جناح الثقافة العربية الشرقية وجناح الثقافة الغربية العقلانية، مؤكّدا أنّ عبد الملك مرتاض لم يسقط في ترديد أدبيات النقد الغربي بشكل انبهاري بقدر ما سعى إلى تأصيله.